جدول المحتويات
سميت الخلافة الاسلامية بهذا الاسم لأن الخلفاء الراشدين خلفوا النبي ونابوا عنه بعد وفاته في إدارة شؤون الدولة الإسلامية، وعددهم أربعة؛ أولهم أبو بكر الصديق، وثانيهم الفاروق عمر بن الخطاب، وثالثهم عثمان بن عفان، ورابعهم وآخرهم علي بن أبي طالب، وقد أجمع المؤرخون على تسمية عمر بن العزيز بخامس الخلفاء الراشدين، على الرغم من أنه ثامن الخلفاء الأمويين، وذلك لأنه أرجع الخلافة لما كانت عليه أيام الخلاء الأربعة؛ من العدل، ورد المظالم، وإحقاق الحق بين الناس؛ سواء مسلمين أو غير مسلمين.
يسلط هذا المقال الضوء على الخلفاء الراشدين، ويشمل:
- التعريف بفترة الخلافة الراشدة، والسبب وراء تسميتها بهذا الاسم.
- التطرق لعدد الخلفاء الراشدين، ونبذة مختصرة عن كل منهم، وأبرز الإنجازات في خلافة كل منهم.
- مدة خلافة الخلفاء الراشدين، وأطول خلافة في عهد الخلفاء الراشدين.
- التطرق لخلافة عمر بن العزيز خامس الخلفاء المسلمين، والسبب وراء تسميته بهذا الاسم.
- مختصر عن آخر الخلفاء الراشدين.
الخلفاء الراشدين
الخلفاء الراشدين هم أمراء المسلمين الذين تعاقبوا على تولي شؤون الدولة الإسلامية بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اتخذوا المدينة المنورة عاصمةً لهم، إلى أن جاء آخرهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه واتخذ الكوفة عاصمةً له، وأكثر ما يميز حقبة الخلفاء الراشدين الفتوحات الإسلامية، وتوسع سيطرة الدولة الإسلامية إلى ما خارج حدود شبه الجزيرة العربية.
لماذا سمي الخلفاء الراشدين بهذا الاسم ؟
الخلافة لغةً مصدر خَلَفَ، أو يخلف، وتعني النيابة، فيقال أن فلان خلف فلان أي ناب محله في أمر معين، ومن هنا جاءت تسمية فترة الخلافة الراشدين باسم الخلافة الاسلامية، لأنهم خلفوا النبي صلى الله عليه وسلم، وتولّوا إدارة شؤون المسلمين والدولة الإسلامية في أمور الدين والدنيا نيابةً عنه بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.
كم عدد الخلفاء الراشدين ؟
حكم في فترة الخلافة الاسلامية أربع خلفاء راشدين؛ أوّلهم أبو بكر الصديق، وثانيهم الفاروق عمر بن الخطاب، وثالثهم عثمان بن عفان، وآخرهم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعًا، وبعض المراجع تضيف خلافة الحسن بن علي بن أبي طالب لفترة الخلافة الاسلامية؛ أول أسباط النبي وحفيده من ابنته فاطمة، ليكون خامس الخلفاء الراشدين، وقد استمرت خلافته بعد أن بايعه المسلمين بعد مقتل والده علي بن أبي طالب قرابة ثمانية أشهر، وبعدها تنازل عنها لمعاوية بن أبي سفيان، والبعض يضيف عمر بن عبدالعزيز للخلفاء الراشدين، وهو الثامن على التوالي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
كم مدة خلافة الخلفاء الراشدين ؟
امتدت حقبة الخلفاء الراشدين حسب اتفاق الجمهور على ثلاثين عامًا بدأت من العام 11 للهجرة، وانتهت في عام 41 للهجرة، والدليل على ذلك الحديث الذي رواه سفينة أبو عبد الرحمن مولى رسول الله، وفيما رواه الألباني في صحيح أبي داود قوله صلى الله عليه وسلم: “خلافةُ النبوةِ ثلاثون سنةً، ثم يُؤتي اللهُ الملكَ من يشاءُ– أو ملكَهُ – من يشاءُ” [الألباني| خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح]، وفيما يلي مدة خلافة كل خليفة من الأربع خلفاء:
الخلفية | مدة خلافته | فترة حياته |
أبو بكر الصديق رضي الله عنه | 11 هـ – 13 هـ | 50 ق.هـ – 13 هـ |
عمر بن الخطاب رضي الله عنه | 13 هـ – 23 هـ | 40 ق.هـ – 23 هـ |
عثمان بن عفان رضي الله عنه | 23 هـ – 35 هـ | 47 ق.هـ – 35 هـ |
علي بن أبي طالب رضي الله عنه | 35 هـ – 40هـ | 23 ق.هـ – 40 هـ |
أسماء الخلفاء الراشدين
أبو بكر الصديق اول الخلفاء الراشدين
هو صديق النبي صلى الله عليه وسلم الصدوق، ووزيره، ورفيقه في هجرته من مكة إلى المدينة المنورة، وأحب الناس إليه بعد زوجته عائشة رضي الله عنها، وأحد المبشرين العشرة بالجنة، ويعده أهل السنة والجماعة خير الناس بعد الأنبياء والرسل، ولقبه النبي عليه الصلاة والسلام بالصدّيق لأنه من أول وأكثر المصدقين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة زهدًا وإيمانًا، أمّا عن حياته رضي الله عنه فقد وُلد في مكة سنة 50 ق.هـ؛ أي في عام 573 ميلادي، أي بعد عام الفيل بسنة وستة أشهر، وكان رضي الله عنه من أشراف قريش وأثريائهم في الجاهلية، وعندما دعاه النبي للإسلام لبّى دعوته دون تردد، وعندها اشتدت ملاحقة المشركين للنبي، واتخذ عليه الصلاة والسلام قرار الهجرة إلى المدينة المنورة، وكان رفيقه في هجرته، وقد شهد مع النبي غزوة بدر، وكان ملازمًا لنبي الأمة في جميع أحواله، ومصدقًا له، وعندما مرض النبي عليه الصلاة والسلام مرضه الذي توفي على إثره، أمر أبو بكر أن يؤم الناس في الصلاة، وكأنه تلميح لرضى النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر في خلافة الأمة الإسلامية من بعده، وبالفعل بايع المسلمون أبو بكر لخلافة الدولة الإسلامية، وبعد شيوع خبر وفاة النبي ارتدت الكثير من القبائل العربية عن الإسلام، فلم يتوانى أبو بكر رضي الله عنه عن مقاتلتهم، وأطلق على تلك الفترة اسم حروب الردة، ولم تنتهي هذه الفترة حتى أخضع رضي الله عنه كامل الجزيرة العربية للإسلام، وبعدها تحرك بجيوشه لفتح العراق والشام، والتحق بالرفيق الأعلى يوم الإثنين الموافق 22 جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشرة للهجرة، عن عمر يناهز 63 عاماً، ومن أبرز أعماله رضي الله عنه:
حروب الردة
التي سبق وذكرناها أعلاه، فقد كان سبب تلك الحروب أنّ بعض القبائل العربية امتنعت عن دفع الزكاة، وهي ركن أصيل من أركان الإسلام، فاعتبرها أبو بكر ردّة عن الدين الإسلامي تقتضي قتال من امتنع عنها، وقال في هذا الخصوص: “والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا (الأنثى من ولد العنز) كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها”.
جهز جيش لقتال الروم
كان النبي عليه الصلاة والسلام أمر بتجهيزه قبل وفاته، وولى عليه أسامة بن زيد، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم أكمل مهمة تجهيز الجيش لإرساله لقتال الروم، وعالت بعض الأصوات من بعض الصحابة على تولي أسامة بن زيد قيادة الجيش لصغر سنه، ولكنه رضي الله عنه أصر على توليه قيادة الجيش نزولاً عند أمر رسول الله، وعدم مخالفته، وقال في ذلك: “والذي نفس أبو بكر بيده، لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته”.
جمع القرآن الكريم
كان القرآن الكريم محفوظاً في صدور المسلمين، ونتيجة لاستشهاد الكثير منهم في حروب الردة؛ أشار عمر بن الخطاب على أبو بكر بجمع القرآن الكريم وكتابته على الورق وتجميعه في كتابٍ واحد، وقد اقتنع أبو بكر وأمر بكتابة القرآن الكريم وجمعه في كتابٍ واحد، بعد أن كان مكتوباً على صحف متفرقة.
الفتوحات الإسلامية
واصل الصدّيق نهج حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم بنشر الدعوة الإسلامية، وإخضاع بقاع الأرض للإسلام، فبعث الجيوش لكل من العراق وبلاد الشام لدعوة أهلها للإسلام، وسمّيت تلك الفترة بالفتوحات الإسلامية، فقد بعث جيش بقيادة خالد بن الوليد إلى الكوفة بالعراق، وجيش آخر إلى حمص بقيادة أبو عبيدة بن الجراح أمين الأمة، وجيش ثالث إلى دمشق بقيادة يزيد بن أبي سفيان، ورابع إلى الأردن بقيادة شرحبيل بن حسنة، وخامس إلى القدس بقيادة عمرو بن العاص.
عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين
هو أبو حفص عمر بن الخطاب العدوى القرشي، من أبرز الشخصيات والقادة في التاريخ الإسلامي، ولُقب رضي الله عنه بالفاروق لعدله وشدته في الحق، ورد المظالم لأصحابها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وقد بشّره النبي عليه الصلاة والسلام بالجنة؛ فكان أحد المبشرين العشر بالجنة، تولى رئاسة المسلمين والدولة الإسلامية بعد وفاة أبو بكر الصديق في يوم 22 جمادى الآخرة من سنة 13 للهجرة، أي في سنة 634 ميلاديًّا، وكان رضي الله عنه ذو حنكة عسكرية وعبقرية سياسية فذة، فقد نجح في الحفاظ على وحدة الدولة الإسلامية مترامية الأطراف، على اختلاف الأعراق والأديان للقاطنين فيها، وأكمل مشوار الصدّيق في الفتوحات الإسلامية، إذ استطاع أن يُخضع الأراضي التي كانت تابعة للحكم الفارسي والساساني والبيزنطي للدين الإسلام خلال سنتين فقط من توليه الخلافة، فقد بعث الجيوش الفاتحة إلى العراق، ومصر، وليبيا، والشام، وفارس، وخراسان، وشرق الأناضول، وجنوب أرمينية، وسجستان، ومن أهم انجازاته فتح القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لحكم الإسلام.
عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين
هو أبو عبدالله عثمان بن عفان الأموي القرشي، وأحد المبشرين العشرة بالجنة، استلم خلافة المسلمين بعد وفاة عمر بن الخطاب لمدة 12 عام، وفي عهده ظهرت أحداث الفتنة التي أنهت فترة خلافته بمقتله شهيدًا رضي الله عنه، كما أخبره النبي الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، في يوم الجمعة الموافق 18 ذي الحجة من عام 35 هـ، عن عمر يناهز 82 عاماً، ودفن في المدينة المنورة في البقيع، أمّا عن بداياته في الإسلام قبل تولّيه الخلافة رضي الله عنه؛ فقد كان من أوائل المهاجرين للحبشة، وبعدها هاجر هجرته الثانية إلى المدينة المنورة، واشتهر بين المسلمين بشدة حيائه، وحسن عشرته، وقد كان من أثرياء قريش وسادتهم، ولم يتوانى عن نصرة الإسلام بماله، وله الكثير من المواقف في هذا الشأن، وقد لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بذي النورين لأنه تزوج من ابنتيه عليه الصلاة والسلام رقية، وبعد وفاتها تزوج من أم كلثوم، ومن أشهر إنجازاته:
- جمع القرآن الكريم.
- توسيع المسجد الحرام، والمسجد النبوي.
- متابعة الفتوحات الإسلامية؛ فقد أخضع للدين الإسلامي كل من أرمينية، وخراسان، وكرمان، وسجستان، وقبرص، وإفريقيا.
- أول من أسس أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطىء الإسلامية من هجمات البيزنطيين.
علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين
هو أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وثاني أو ثالث الداخلين في الإسلام، وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها، ووالد سبطي الرسول الحسن والحسين، وأحد المبشرين العشرة بالجنة، وأحد كتاب الوحي، وتذكر بعض المراجع والمصادر التاريخية إلى أن ولادته رضي الله عنه كانت في مكة في جوف الكعبة، وقد هاجر إلى المدينة المنورة بعد هجرة النبي بثلاثة أيام، وكان رضي الله عنه يتميز بقوته الجسدية، ومهارته في القتال، ولم يتوانى عن استخدام قوته في خدمة الإسلام، فقد شارك في جميع غزوات النبي عدا غزوة تبوك، إذ أمره النبي بخلافته بتولي شؤون المدينة المنورة، وبعد أحداث الفتنة التي أدت لمقتل عثمان بن عفان، بايعه المسلمون على إمارة الدولة الإسلامية، واستمرت فترة خلافته خمس سنوات وثلاثة أشهر، وصفها المؤرخون بعدم الاستقرار السياسي، وذلك لأنها تلت أحداث الفتنة في عهد عثمان، وما أدته من تفرق المسلمين إلى فريقين؛ الأول من شيعة عثمان بن عفان الذين كان رأيهم الاقتصاص من قتلة عثمان وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان، وكان منهم عائشة بنت أبو بكر، وطلحة بن عبدالله بن الزبير بن العوام، والفريق الثاني من شيعة علي بن أبي طالب الخليفة الشرعي، وكان رأيهم لوأد الفتنة عدم الاقتصاص من قتلة عثمان، وشهدت فترة خلافته أيضًا ظهور جماعات تعاديه وتخالفه مثل النواصب والخوارج الذين قاتلهم في النهروان وهزمهم، حتى انتهت فترة خلافته بمقتله ليلقى خالقه شهيدًا على يد عبدالرحمن بن ملجم في رمضان من سنة 40 للهجرة، وبمقتله انتهت فترة الخلفاء الراشدين.
خامس الخلفاء الراشدين
خامس الخلفاء الراشدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، وُلد في المدينة المنورة، واشتهر بصلاحه، وطلبه للعلم، وتقواه، فقد تتلمذ على يد كبار فقهاء المدينة وعلمائها، وكان شديد الحرص على التخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، والتحلي بصفاته، وقد بايعه المسلمين لخلافة الدولة الإسلامية وهو كاره لها، واستمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام حتى قُتل مسمومًا، وخلفه في تولى شؤون الدولة الإسلامية ولي عهده يزيد بن عبد الملك.
لماذا لقب عمر بن عبد العزيز بخامس الخلفاء الراشدين ؟
لُقّب عمر بن عبد العزيز بخامس الخلفاء الراشدين لشدة عدله، وتحريه الإنصاف في الحكم، حتّى أن بعضهم أطلق عليه لقب عمر الثاني؛ نسبةً لعمر بن الخطاب الذي اشتهر بعدله، فقد كان يرى أن مسؤولية الخلافة التي تولاّها تتمثل بأداء حقوق الرعية، والخضوع لشروط بيعتهم، وتحقيق مصالحهم المشروعة، ورد المظالم سواء للمسلمين أو غير المسلمين، وقد بدأ بنفسه في رد المظالم عندما رد أهل بيته وبنو عمومته عمّا كانوا قد أدخلوه من ترف وبذخ الحكم، فعندما تولى الخلافة أهديّ الكثير من الثياب والعطور الثمينة؛ فأمر ببيعها وضم ثمنها لبيت مال المسلمين، وقد جرّد الكثيرين من بني أمية ممن استولوا على أموال المسلمين بغير حق، وردها لبيت مال المسلمين، فكانت فترة خلافته شبيهة من حيث العدل وإحقاق الحق والزهد ما كانت عليه فترة خلافة الخلفاء الراشدين، وهو السبب وراء أن يطلق عليه اسم خامس الخلفاء الراشدين.
اخر الخلفاء الراشدين
علي بن أبي طالب هو آخر الخلفاء الراشدين، وفي هذه الفقرة سنتطرق لحياته بالتفصيل:
- نسبه: هو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي الهاشمي، أمه فاطمة بنت أسد الهاشمية، وكان يُكنى بأبي الحسن أبي تراب، وحيدرة، وأسد الله.
- نشأته: وُلد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مكة قبل الهجرة النبوية بقرابة 23 سنة، وكان أبوه عبد مناف أبو طالب بن المطلب، وهو عم الرسول وكافله عندما مات جده، وقد آمن برسول الله وصدق برسالته وهو ما زال صبيًا يافعًا، فقد كان ثاني أو ثالث من دخل الإسلام.
- افتداءه لرسول الله: عندما اتخذ المشركين قرار قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، ووصل الأمر لمسامع الرسول وصحابته القلائل، كان الرأي أن يهاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، وقد اقترح علي كرّم الله وجهه أن ينام في فراشه الطاهرة عليه الصلاة والسلام، حتى يوهم المشركين بعدم خروج النبي من مكة، وبالفعل نام في فراشه، وعندما جاء المشركين لفراش النبي لقتله وجدوا عليًّا، ففشلت خطتهم، ولحق بالرسول وهاجر إلى المدينة بعد ثلاثة أيام من هجرته صلى الله عليه وسلم.
- أخلاقه: كان رضي الله عنه عالمًا وفقيهًا في الدين، وطالب علم مجتهد، وزاهد في الدنيا مدبر عنها، ومقبل على الآخرة دار البقاء، وكان رضي الله عنه دمث الأخلاق، ومتواضع.
- أهم إنجازاته: التي يذكرها له التاريخ ما يلي:
- طمس آثار الجاهلية: بعث أبا الهياج الأسدي لتحطيم التماثيل، وتسوية القبور لمنع البعض من عبادة هذه التماثيل، أو تقديس تلك القبور.
- إبطال الاعتقاد بالكواكب: عندما خرجت عليه مجموعة الخوارج، وكان يهم بالخروج لقتالهم، جاءه أحد المنجمين ونصحه وفقًا لنصيحة النجوم والكواكب أن لا يخرج لقتالهم لأنه سيهزم، ولكنه رضي الله عنه أخذ بالأسباب، وتوكل على الله، ورفض أن يأخذ برأي المنجم، وقد خرج لقتال الخوارج وانتصر عليهم.
- تنظيم أمور الحسبة: طبق رضي الله عنه تعاليم الدين الإسلامي في التعاملات التجارية، واهتم بالاحتساب في الأسواق، وتنظيم شؤونها، وأمر التجار بعدم الحياد عن شرع الله في تجارتهم.
- بناء السجون: كانت وظيفة الشرطة من الوظائف المعروفة في خلافته رضي الله عنه، فقد بنى سجن نافع في الكوفة التي اتخذها عاصمةً له أثناء خلافته.
- نزاهة القضاء: استمر على نهج من سبقه من الخلفاء الراشدين في تطبيق شرع الله في أمور القضاء، وقد ارتأى أن يُدخل بعض التعديلات بما يتفق مع الشريعة الاسلامية، ليتناسب مع ما طرأ من تطورات في المجتمع الإسلامي، ولكنه أجله لحين استتباب الاستقرار الداخلي للدولة الاسلامية.
اطول خلافة في عهد الخلفاء الراشدين
أطول خلافة في عهد الخلفاء الراشدين كانت من نصيب عثمان بن عفان، الذي تولى الخلافة كما ذكرنا بعد وفاة عمر بن الخطاب، واستمرت لمدة 12 عام، وتولاّها على مبدأ الشورى، إذ أوصى الفاروق بأن تنحصر الشورى بمدة ثلاثة أيام لاختيار الخليفة بعده بست من الصحابة واشترط عليهم أن يكون الخليفة أحدهم، وهم: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وقد أجمع هؤلاء الصحابة على تولي عثمان بن عفان الخلافة بعد عمر بن الخطاب، وقد كانت خلافته راشدة، إلى أن حصلت الفتنة في آخر عهده، وكان سببها أن من تولى عليهم عثمان غير من تولى عليهم عمر بن الخطاب، فقد اتسعت رقعة الدولة الاسلامية، ودخل بالاسلام من كان صادقًا لوجه الله تعالى، ومن كان موتورًا حاقدًا على الاسلام، يبقى أن يشق الصف الاسلامي، ويقضي على الدين، وقد كان عمر بن الخطاب شديدًا في حكمه، وساد لأي فتنة قد يفتعلها هؤلاء الموتورين، ولكن بعد وفاة الفاروق، وتولي عثمان الخلافة كان يرى أن يتبع مبدأ المداراة واللين مع من يخالفونه، ويكثرون من الشكوى، وقد نصحه ولاته بأخذهم بالشدة، ولكنّه رد عليهم قائلاً: ” والله إن رحى الفتنة لدائرة، فطوبى لعثمان إن مات ولم يحركها، كفكفوا الناس، وهبوا لهم حقوقهم، واغتفروا لهم، وإذا تعوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها”، ولكن لينه ورأفته بهؤلاء جعلتهم يتمادون على عثمان بافتراء الأكاذيب، وأخذوا يطعنون في ولاته، وهو صابر عليهم، حتى تحرك عبدالله بن سبأ اليهودي المنافق المعروف بان السوداء إلى البصرة، الذي أكثر بالطعن بعثمان، وكان يدعوا بالسر لأهل البيت، حتى جمع حوله نفر أعلنوا العصيان على عثمان، وخرجوا عليه، وأدت الفتنة لمحاصرته رضي الله عنه في بيته، وهب للدفاع عنه عدد من الصحابة ولكنه أمرهم بالرجوع، ومنهم الحسن بن علي، فدخلوا عليه أهل الفتنة وقتلوه في منزله وهو صائم ويقرأ القرآن الكريم، ليلقى ربه شهيدًا، مبشرًا بالجنة كما بشره الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.