جدول المحتويات
من القصص المعبرة والمثيرة التي رواها لنا القرآن الكريم قصة ابنيّ آدم عليه السلام، تلك القصة التي حدثت مع بداية الوجود الإنساني على هذه الأرض، والتي انتهت أحداثها بقتل الأخ لأخيه.
من هم قابيل و هابيل؟
ذُكرت قصة قابيل وأخيه هابيل في القرآن الكريم وتحديداً في سورة المائدة، ووقعت أحداثها في عهد سيدنا آدم عليه السلام بعد أن أنزله الله سبحانه وتعالى إلى الأرض التي توصف بأنها زائلة وبائسة، غير خصال الجنة، عاش مع زوجته حواء على الأرض، وأنجبت أمنا حواء توأمان أحدهما قابيل وأخته والآخر هابيل وأخته، في سُنة الله سبحانه وتعالى لتواصل من نسل آدم حتى يتمكن قابيل من الزواج من أخته توأم هابيل والعكس صحيح، وقد أنجبت حواء عليها السلام 40 ولداً لآدم، جميعهم توأمان ذكر وأنثى، وأول التوأم قاييل وأخته إقليما، وبعد خمس سنوات أنجبت حواء لهابيل وأخته في نفس الرحم، وسمحت الشريعة في ذلك الوقت بزواج الأخ من أخته التي لم تولد بعد معه في نفس البطن، بسبب قلة النساء ولكي يتكاثر الناس، وعندما بلغ قابيل وهابيل سن الزواج، أراد آدم وحواء الزواج بهما، لذلك أراد هابيل الزواج من أخت قابيل وكانت هي أجمل من اخته، وأن آدم طلب من أبنائه أن يقتربوا من الله بالتضحية، قدم هابيل كبشاً أو بهيمتاً سمينًا لله سبحانه وتعالى، وأما قابيل فقد قدم صرة آذان من الزرع، وقبل الله تعالى عرض هابيل لحسن نيته وصدقه، ولم يقبل عرض قابيل لسوء نواياه وافتقاره إلى التقوى.
معلومات عن قابيل وهابيل
تتحدث روايات العهد القديم عن قصة قابيل وهابيل، وأنهما كانا أول الذكور من بني آدم عليه السلام، ومن اهم هذه المعلومات ما يلي:
مهنة قابيل وهابيل
كان لكل من هابيل وقابيل مهنة مختلفة، وكانت وظيفة هابيل الرئيسية؛ هي رعاية الأغنام، بينما كانت وظيفة قابيل؛ هي زراعة الأرض وحرثها.
اسم أخت قابيل وهابيل
ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير أنّ حوّاء ولدت أربعين ولداً في عشرين بطناً، وقيل مئة وعشرين بطناً وفي كلّ بطن ذكر وأنثى، أوّلهم قابيل وأخته إقليماً، وآخرهم عبد المغيث وأخته أمّة المغيث، وقد ذكر أهل التاريخ أنّ آدم -عليه السّلام- لم يمت حتى رأى أولاده وأولاد أولاده وعددهم أربعمئة ألف، ومن الجدير بالذكر أنّ النبيّ شيث هو من أبناء آدم عليه السّلام، الذي أقام الشّريعة وبثّ الدّعوة في الأرض.
زواج قابيل وهابيل
عندما بارك الله سيدنا آدم والسيدة حواء بأبنائهما، أدركوا أنه لا يوجد حل بديل إلا أن يتزوج أبناؤهم من بعضهم البعض حتى يستمر النسل، ولم يمنع الله تعالى بعد زواج المحارم حتى بعد أن زاد عدد سكان الأرض، وفي الخليقة الأولى حملت السيدة حواء، أولهم قابيل وأخته، وبعد عامين ولد هابيل وأخته، وكبر الأطفال، وكان لكل منهما خصائص مختلفة.
كان قابيل وهابيل شابين أقوياء، لكن كان لكل منهما نوع مختلف من القوة، وكان هابيل قوياً بإيمانه وتقواه وخوفه من الله، وعمل هابيل في رعاية الغنم لأنه كان رحيمًا في التعامل مع الحيوانات، بينما كان قابيل قاسٍ القلب وتحمل الأعمال القوية في الزراعة.
عندما بلغ أبناء سيدنا آدم سن الزواج، قرر سيدنا آدم أن يتزوج قابيل من توأم هابيل والعكس صحيح، لكن قاييل شعر بالكراهية تجاه أخيه لأنه أراد الزواج من أخته التوأم التي رآها أجمل من أخت أخيه، وكان ذلك ممنوعا، ولا يجوز له زواج أطفال من نفس البطن بعضهم البعض.
عندما تشاجروا أمرهم والدهم أن يقدموا كل واحد منهم قربانًا لله تعالى، ومن يقبل الله تقدمه هو الذي سيتزوج الفتاة المتنازع عليها، وذهب هابيل واختار أجمل وأسمن خرافه، بينما قابيل لم يهتم كثيراً بالذبيحة وقدم بعض نباتاته السيئة التي كانت عنده، فنزلت نار وأخذت ذبيحة هابيل، ولم يُقبل قربان قابيل، وكان غاضباً جداً، وهمس الشيطان لقابيل ليقتل أخيه لكي يتزوج أخته التوأم، وازدادت البغضاء والحسد والغيرة في قلب قابيل، فحاول قتله، ولكن بالرغم من أن هابيل كان قوياً وكان بإمكانه الدفاع عن نفسه وقتل أخيه، فضل أن يظلم على أن يكون قاتلاً.
توجه قاييل نحو أخيه وأخذ بيده حجراً كبيراً وضربه على رأس أخيه، فسقط هابيل ميتاً، وبعد ذلك أدرك قابيل مدى سوء عمله ولم يعرف ما الذي سيفعله بجثة أخيه، وفي ذلك الوقت قتل اثنان من الغربان بعضهما البعض، فقام الغراب بحفر حفرة في الأرض ووضع الغراب الميت فيها، فدفن قابيل جثة أخيه في التراب كما فعل الغراب.
أبناء قابيل
ليس هناك دليل واحد على أن ذرية آدم محصورة في قابيل وهابيل، لا في الكتب المقدسة ولا في السنة بل بالعكس، أنجبت حواء 120 طفلاً، أولهما توأمان قابيل وهابيل، لذلك كانوا أشهرها، وفي الحقيقة أنجبت حواء طفلاً اسمه شيث جاء بدلاً من الله لسيدنا آدم بعد أن فقد هابيل، حيث يقال إنه ورث النبوة بعد وفاة سيدنا آدم ونحن من نسله، وشيث الذي تزوج وأنجب سيدنا نوح عليه السلام. أما هابيل بن آدم فلم يذكر أنه يوجد ولد له.
سبب قتل هابيل
كان قابيل يحسد أخاه هابيل ويضمر له الحقد والغيرة، حيث كان هابيل ذو عقل رجيح وجسم موفور، ووهبه الله من الحكمة والرضا، وكان مطيعاً لوالديه، وراضياً بقسمة الله سبحانه وتعالى له، مما أشعل نار الغيرة في قلب أخاه، وأدى به إلى أن يخطو على قتله وهو نائم.
رواية العهد القديم
تتحدث روايات العهد القديم عن قابيل وهابيل أنهما كانا أول الأبناء لآدم عليه السلام، وكان لكل منهما مهنة، وأمرهما والدهما بتقديم قرباناً للاقتراب إلى الله تعالى، وكان قبول هذه القرابين أو رفضها مؤشرًا على بر العبد وتقواه، وفي يوم من الأيام، أراد قابيل وهابيل تقديم قربان لله سبحانه وتعالى، فقدم هابيل أكبر بهمية لديه كذبيحة لله، وقدم قابيل ثمارًا من أرضه، فأطلع الله تعالى على ذبيحة هابيل وقبلها، ولم ينظر إلى ذبيحة قابيل ولم يقبلها، مما أشعل الغيرة والحقد في قلبه، فقتل قابيل أخاه هابيل.
رواية أخرى لسبب قتل هابيل
تقول بعض الروايات أنه من سنة آدم عليه السلام، ولكي يفصل بين الأرحام أن الذكر من كل رحم يتزوج أنثى الرحم الآخر، وفي كل رحم حملت حواء توأمان ذكر وأنثى، فجاء هابيل ليتزوج أخت قابيل من بطنه، لكن قابيل أنكره هو نفسه قال إنه أحق بها أكثر من هابيل، فرفع أمرهم إلى أبيهم آدم عليه السلام، فأمر أن يقدم كل واحد منهم قربانًا، فمن منهم يقبله الله، الأنثى كانت له.
قابيل وهابيل في القرآن الكريم
أورد الله سبحانه وتعالى أحداث قصة قابيل وهابيل في موضع واحد في كتابه الكريم، وهو قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين} (المائدة:27-31).
قابيل وهابيل في الدين اليهودي والمسيحي
ورد في الديانتين أن قابيل وهابيل كانا شخصيتين حاضرتين في العهد القديم، وأنهما كانا أول أبناء آدم وحواء، وتضمنت القصة أن قابيل كان يعمل في الأرض، بينما كان هابيل يعمل كرجل راعي غنم، وذات يوم قرر كل منهما أن يعبد الله، فقدموا له ذبائح.
لذلك قرر قابيل أن يقدم قربانه للرب من الثمار الموجودة في أرضه، بينما اختار هابيل أكبر خرافه، وأكثرها تسمينًا لتقديمها قربانًا لله.
يذكر الكتاب أن الرب لم ينظر إلى الذبيحة التي قدمها قابيل بسبب مخالفته للذبيحة التي طلبها الرب وهي تقدمة إحدى ذبائح الدم، بينما فعل هابيل ذلك.
قال الكتاب أيضًا أن هابيل قدم ذبيحته بالإيمان بينما لم يفعل قابيل، وشهد الله لهابيل أنه كان بارًا، بينما ادعى قابيل الإيمان بالرب بينما لم يؤمن به من الداخل، وبالتالي لم يقبل الرب قربانه، فالتفت قابيل إلى هابيل أخيه وقتله في الحقل.
بعد أن قتله الرب سأله: “أين هابيل أخوك؟” أجاب قابيل: لا أعرف إن كنت حارس أخي. قال له الرب: “ماذا فعلت؟” دم أخيك يصرخ من الأرض، فأنت الآن ملعون من الأرض التي قبلت دم أخيك الذي سقط من يدك، ومهما فعلت فلن تعطيك الأرض من قوتها مرة أخرى، وستبقى في الأرض الهارب والمفقود.
