جدول المحتويات
النسخ في الإسلام
هناك تشابهًا كبيرًا بين كلّ من النسخ والتخصيص في الشريعة الإسلامية، وربما يعود التشابه بينهما وفقًا لم ذكره الإمام بدر الدين الزركشي إلى اشتراكهم في الحكم على عكس ما يتضمنه اللفظ ويتناوله، وهذا ما خلق بطبيعة الحال مجموعة من الشكوك فيما يتعلق بقضية النسخ، حيث أنكر بعض العلماء وجوده من الأساس، وليس هذا فقط بل اعتبروا جميع ما قيل حول النسخ أنه بابًا من أبواب التخصيص، فيما اعتبر البعض الآخر من العلماء العكس، واجتهد وكثف الفريق الثالث من العلماء من أجل توضيح الفروق المختلفة بين النسخ والتخصيص في جوانب معينة.
مفاهيم النسخ والتخصيص
يُعرف كلّ من النسخ والتخصيص بمفهوم معين شائع، تلك المفاهيم التي تُستخدم في مجال استنباط أحكام شرعية، وقد شاع تعريف النسخ باختصار على أنه رفع الأحكام الشرعية بأحكامٍ مبنية على دليل من الشرع، وعُرف التخصيص بأنه قصر العام على بعض الأفراد.
مفهوم التخصيص
إن المقصود بالتخصيص لغةً هو الإفراد، لكن اصطلاحًا يُعني التخصيص الإخراج من إطار العموم بهدف تخصيصه وتنسيقة وتقديره أيضًا.
مفهوم النسخ
دار الخلاف بين الأئمة حول هذا المفهوم الذي ذكر بعضهم أنه لا يشمل رفع أحكام ثابتة، وعلى العكس من ذلك ذكر البعض الآخر من الأئمة أن النسخ عبارة عن بيان ما يُنافي شرط الدورية والاستمرار في الحكم.
الفرق بين النسخ والتخصيص
الجدير بالذكر أن أمر الفرق النسخ والتخصيص فيه ثلاثون مسألة حاول من خلالها الأئمة التفريق بين وجوه الأمرين عن طريقهما والفصل بينهما كذلك.
الإمام بدر الدين الزركشي
- ترك النسخ بعض الأزمان، ولكن التخصيص ترك بعض الأعيان.
- إن الحديث في النسخ والتناول فيه لا يشمل إلا الأزمان فقط، بينما يتناول التخصيص الأعيان والأزمان والأحوال.
- إن النسخ يكون موجهًا لجميع الأفراد، على عكس التخصيص الذي لا يكون إلا للبعض منهم.
- النسخ يكون عبارة عن تبديلًا، في الوقت الذي يُعد فيه التخصيص تقليلًا.
- يتم تخصيص الحكم في النسخ بزمانٍ محدد وبطريقٍ معين خاص، ولكن التخصيص يخالفه في هذا الصدد.
- إذا كان النسخ يتناول كل حُكم مهما كان سواء الأحكام الثابتة المرتبطة بشخص واحد أو أكثر، فإن التخصيص لا يتطرق مطلقًا إلى حق شخص واحد.
الإمام الرازي
إن التخصيص والنسخ في علوم التفسير أمرًا حير العلماء كثيرًا وسعوا إلى معرفة الفرق بينهم، وحلل الإمام الرازي الفرق بينهم من خلال أمورٍ عدة،
- إن التخصيص لا يتم فيه ولا يصح إلا فيما يتناوله اللفظ، ولكن النسخ على عكس ذلك قد يصح وذلك باستخدام الدليل، وإثبات العلم به أنه مُراد حتى وإن لم يتضمنه اللفظ ويتناوله.
- يمكن النسخ بين الشرائع، فيصح نسخ شريعة بأخري، ولكن لا يجوز مُطلقًا التخصيص بين الشرائع ولا يصح نهائيًا.
- النسخ يتم فيه رفع الحكم بمجرد ثبوته، وهذا ما لا يتم في التخصيص.
- يكون إلزاميًا في الناسخ، ولا يكون موجودًا في المخصص.
- النسخ لا يقع بخبر كلّ من الواحد والقياس، في الوقت الذي يقع فيه التخصيص بخبر الواحد والقياس.
تعتبر الفروق السابقة هي أشهر الفروق بين النسخ والتخصيص التي يُمكن من خلالها توضيح الأمر في ظل ظلمات الاشتباه فيما بينهما، وهي كذلك بمثابة العاصم من التورط فيما تورط فيه الكثير عند تناول تلك المفاهيم والتعريفات المتداخلة والمتشابكة إلى حدٍ كبير.