لطالما جذب كوكب المريخ الناس بلونه الأحمر، وألهب الخيال بما يتحلى به من غموض ومعالم سطحه التي تشتمل على مساحات مضيئة وأخرى مظلمة، حيث يبلغ قطر المريخ نصف قطر الأرض تقريباً، ومساحة سطحه تساوي مساحة سطح اليابسة على الأرض، وكثافةً تعادل أربعة أخماس كثافة الأرض ، و 10 % من كتلتها، لذلك جاذبيته تساوي ثلاثة أثمان قوة الجاذبية الأرضية؛ فالجسم الذي يزن 100كغم على الأرض يزن 38كغم على المريخ.
يتناول هذا المقال الحديث الكوكب الأحمر، ويشمل:
خصائص الكوكب الأحمر.
الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
مناخ الكوكب الأحمر.
مدار الكوكب الأحمر ودورانه.
الحياة على الكوكب الأحمر.
اكتشاف الكوكب الأحمر.
عدد أقمار الكوكب الأحمر.
نبذة عن الكوكب الأحمر
الكوكب الأحمر، أو كما يعرف بالمريخ؛ هو الكوكب الأقرب للأرض بمسافة 225 مليون كم وسطياً، والتالي لها من حيث البعد عن الشمس، ويمكن رؤيته بسهولة من سطح الأرض بالعين المجردة بسبب لونه الأحمر المميز في سماء الليل.
خصائص الكوكب الأحمر
التركيب الداخلي
المريخ هو أحد الكواكب الصخرية الأربعة إلى جانب عطارد والزهرة والأرض، وثاني أصغر الكواكب بعد عطارد، حيث تبلغ مساحته ربع مساحة الأرض بقطر قدره 6792كم (4220ميلاً).
التضاريس
يحتوي سطحه على ارتفاعات عالية وقيعان منخفضة، وجبال ووديان وممرات وبراكين وقطبين جليديين، كما يحتوي على أكبر جبل بركاني هو جبل أوليمبوس مونس؛ في النظام الشمسي، إذ يبلغ ارتفاعه ثلاثة أضعاف قمة جبل إيفرست (أعلى قمة على سطح الأرض)، و بمساحة تعادل مساحة إسبانيا.
التربة
تختلف خصائص التربة على سطح المريخ عمّا هو معروف عن التربة على سطح الأرض، إذ تتكون من الحطام الصخري الدقيق، وبالتالي لها تركيب الصخر نفسه، وتتميز هذه التربة باللون الأحمر الصدئي والسمية الشديدة لوجود أكاسيد الحديد والبيركلورات.
لقد تم تحليل التربة باستخدام مركبات المريخ التي حطت على سطحه والمركبات المدارية حوله، نظراً لصعوبة جلب عينات منه إلى الأرض، ومن ثم تحليلها.
المياه
تتواجد المياه على سطح الكوكب الأحمر بصورة جليد بسبب درجات الحرارة المنخفضة جداً، مع وجود نسبة قليلة منه على شكل بخار الماء في الغلاف الجوي، أمّا وجود الماء السائل بقي موضع تساؤل لفترة طويلة إلى أن تم الإعلان عنه مؤخراً عام 2015 من قبل وكالة ناسا الفضائية.
يحتوي المريخ على أغطية قطبية مكونة من الجليد (جليد الماء وثاني أكسيد الكربون)، بسماكة وسطية تبلغ 3.7كم:
الغطاء القطبي الجنوبي: يُشكل غاز ثاني أكسيد الكربون النسبة العظمى منه، وبسبب درجات الحرارة المنخفضة جداً؛ فإن غاز ثاني أكسيد الكربون يبقى متجمداً طوال العام.
الغطاء القطبي الشمالي: يتشكل راسب جليدي من غاز ثاني أكسيد الكربون على شكل صقيع خلال فصل الشتاء، وخلال فترة الربيع يعود ثاني أكسيد الكربون على شكل غاز (لا يمر بالحالة السائلة)؛ لارتفاع درجات الحرارة قليلاً بسبب القرب من الشمس.
الغلاف الجوي للكوكب الأحمر
الغلاف الجوي للمريخ رقيق جداً، ويتكون بشكل أساسي من غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 95.3%، وغاز النيتروجين (2,6%)، وغاز الأرغون (1,9%)، ونسب أقل من غاز ثاني أكسيد الكبريت وبخار الماء والهيدروجين وغازات أخرى.
يبلغ ضغط الغلاف الجوي على سطح المريخ 0.01 ضغط جوي؛ أي أقل بمئة مرة ممّا هو عليه على سطح الأرض، وهو لا يزال يفقد كتلته باستمرار بسبب تسرب الغازات إلى الفضاء الخارجي.
يمكن تفسير تأثير الاحتباس الحراري القليل للغلاف الجوي للمريخ بسبب انخفاض نسب الغازات الدفيئة، على الرغم من التركيز العالي لغاز ثاني أكسيد الكربون الذي يفقد تأثيره بغياب بخار الماء وانخفاض الضغط الجوي.
الغلاف الجوي للكوكب الأحمر عاصف بشدة، حيث تنتشر العواصف الترابية أغلب فترات العام، وهي كبيرة لدرجة يمكن رؤيتها من سطح الأرض بالتلسكوبات، وإن هذه العواصف تشكل تهديداً على عمل مركبات المريخ الجوالة، ولا تزال الآلية المسؤولة عن تطور هذه العواصف الترابية غير مفهومة بشكل جيد (قد تكون ناتجة عن التأثير الجاذبي لكلا القمرين).
الميثان
يعتبر غاز الميثان CH4 أبسط المركبات العضوية، ولم يتم العثور عليه في غلاف الكوكب الأحمر عند إطلاق المركبة المدارية (اكسو مارس) الأكثر حساسية للميثان، في المقابل كشفت عدة بعثات سابقة عن وجود مستويات غير متوقعة منه، وهذا قد يكون مؤشراً على وجود الحياة على المريخ.
الشفق القطبي
يعرف الشفق القطبي بأنه أشعة ملونة للضوء في سماء الليل بالقرب من المناطق القطبية، ويختلف الشفق القطبي على المريخ مما هو عليه على الأرض، إذ يحدث خلال النهار ويصدر ضوء الأشعة فوق البنفسجية؛ لذلك فهي غير مرئية للعين البشرية، ويمكن اكتشافها من خلال أداة تصوير.
تتشكل هذه الظاهرة عندما تتفاعل بروتونات الرياح الشمسية، وهي ذرات الهيدروجين التي تم تحريرها من إلكتروناتها الوحيدة بالحرارة الشديدة، مع الغلاف الجوي العلوي في الجهة الخارجية للمريخ، ومع اقترابها من المريخ تتحول إلى ذرات محايدة في الحافة الخارجية للنهاية المريخية، وعندما تصطدم بالجو ينبعث جزء من طاقتها كضوء فوق بنفسجي.
مناخ الكوكب الكوكب الأحمر
تتراوح درجات الحرارة على الكوكب الأحمر بين – 40 درجة مئوية و -197 درجة مئوية حسب شهور السنة، ولا يمكن تصنيف المناطق المناخية إلّا على أساس درجة الحرارة لعدم وجود الغطاء النباتي وانعدام هطول الأمطار.
للكوكب الأحمر ميل محوري 25.19 درجة وهي قريبة من 23.44 للأرض، وبالتالي المريخ لديه مواسم الصيف والخريف والشتاء والربيع، وتتميز الفصول أنها بطول غير متكافئ، أكثر بكثير من الأرض (بسبب فرق الانحراف). كما يتصف المريخ بعواصف الغبار التي تطلق جزيئات دقيقة في الغلاف الجوي مشكلة الغيوم التي يمكن أن ترتفع إلى أكثر من 100كم.
مدار الكوكب ودورانه:
يدور المريخ حول الشمس وفق مدار إهليلجي ( قطع ناقص ) بشكل واضح، حيث يكون في الحضيض على بعد 206 مليون كم عن الشمس، وعند وصوله إلى الأوج يصبح على بعد 249كم.
للمريخ انحراف مداري نسبي 0.09 % ويستمر بالانحراف ( بشكل قليل ) بسبب الآثار الجاذبية للكواكب الأخرى، واليوم على سطح المريخ أطول بقليل منه على كوكب الأرض ( 24 ساعة و 39 دقيقة و 35 ثانية)، أما السنة فتساوي 1,8809 سنة أرضية؛ أي ما يعادل 687 يوم أرضي.
الحياة على المريخ
لعل الحياة خارج كوكب الأرض من أهم الألغاز التي يسعى علماء الأحياء الفلكية لحلها، وهل هي موجودة فعلاً، ومن ضمنها الحياة على المريخ، حيث تشير الأدلة المتراكمة أن المريخ احتوى على الماء السائل قديماً وكان صالحاً لعيش الأحياء الدقيقة (البكتيريا).
إن وجود ظروف صالحة للسكن لا تعني بالضرورة وجود حياة، كما أن درجات الحرارة المنخفضة جداً وكمية الأكسجين القليلة وغياب المركبات العضوية البسيطة والمعقدة يقلل من احتمالية وجود حياة على سطح الكوكب الأحمر، إلّا في حال وجود أنواع طورت نفسها وتأقلمت مع الظروف، وإن وجود حياة بسيطة على سطح المريخ يحتم وجود حياة أخرى في أماكن أخرى أكثر تطوراً، ربما يوجد مخلوقات ذكية في مجرّتنا أو في الكون في مكانٍ ما.
عرف الإنسان كوكب المريخ منذ القدم، إذ اكتسب اسمه (Mars) عند الرومان نسبة لإله الحرب، وتم الاهتمام بكوكب المريخ لقربه من الأرض وإمكانية إرسال الرحلات إليه.
الرحلات إلى الكوكب الأحمر
هناك ما يقرب من 44 محاولة إرسال مركبات فضائية (مدارية أو سطحية) للكوكب الأحمر من قبل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وأوروبا والهند، وفشل أكثر من ثلثيها، إما على الأرض أو خلال رحلتها أو خلال هبوطها، وإن أنجح المحاولات تلك التي سميت مارينز، وبرنامج الفايكينج، وسوريفير، واعتباراً من عام 2018م، يوجد 8 مركبات فضائية على سطح المريخ: ستة في المدار، وهي:
مارس أوديسي.
مارس إكسبريس.
مارس ريكونيسانس أوربيتر.
مافن.
مانجاليان.
تتبع الغاز المداري.
اثنتان على السطح من قبل مختبر علوم المريخ هما:
كيوريوسيتي روفر.
إنسايت.
توجد مركبة أخرى، غير نشطة الآن، لكن وكالة ناسا لا تزال تأمل في إعادة الاتصال بها.
أول رحلة لكوكب المريخ
أولى المحاولات الناجحة لعبور مدار المريخ كانت عام 2001 عبر مهمة مارس أوديسي، ومؤخراً في مايو عام 2018 تم إطلاق مركبة الهبوط (إنسايت) التابعة لناسا إلى جانب نظاميّ قمر كيوب ساتس وقمر ماركو التوأم الذين سيحلقان على كوكب المريخ ويوفران تتابعاً عن بعد من أجل الهبوط، اكتشفت إنسايت أول زلزال محتمل في أبريل 2018.
عدد أقمار الكوكب الأحمر
يدور بالقرب من كوكب المريخ قمران طبيعيان صغيران، هما:
فوبوس: قطعة صخرية غير منتظمة الشكل لا يزيد طولها عن 21كم، ويتم دورته حول المريخ كل 7,7 ساعات، ويقوم فوبوس بالدوران حول المريخ أسرع من دوران المريخ حول نفسه، مما يؤدي إلى تناقص قطر دورانه يوماً بعد يوم إلى أن يرتطم بسطح الكوكب.
ديموس: عبارة عن قطعة صخرية غير منتظمة الشكل لا يزيد طولها عن 12كم، ويتم دورته حول المريخ خلال 1.3 يوم أرضي، ولبعده عن الكوكب فإن قطر مداره يزداد تدريجياً، فيما يبدو ديموس على شكل هرمي وتغطيه صدمات متفاوتة القدم.
محمد شيخ محمد، يبلغ من العمر 27 عاماً، حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة البترولية من جامعة البعث، وماجستير التأهيل والتخصص في إدارة الأعمال من الجامعة الافتراضية السورية، مهتم بكتابة المقالات التي تتعلق بالعلوم الإدارية، بالإضافة لعلوم الرياضيات التطبيقية والفيزياء الفلكية.
