حكم الوشم في الإسلام

حكم الوشم في الإسلام

تعريف الوشم

الوشم في اللغة هو ما يراد به من غرز الإبرة في البدن، وذر النيلج عليه حتى يزرق أثره أو يخضر، والنيلج هو الصبغة الزرقاء التي تُستخرج من ورق نبات النيل، ويعرف أيضًا بأنه تغير لون الجلد كالذي تحدثه الضربة أو السقطة، ويطلق أيضًا على العلامة التي تكون على الجسد. أما الوشم اصطلاحًا فهو أن يُغرز العضو بإبرة حتى يسيل الدم منه، ثم يملأ المكان المغروز بمادة الكحل أو النورة فيصبح لون الجلد أخضر أو أزرق، أما شرعًا جاء تعريف الوشم كما قال أَبو عبيد: “الوشم في اليد، وذلك أن المرأة كانت تغرز ظهر كفها ومعصمها بإبرة أو بمسلة حتى تؤثر فيه، ثم تحشوه بالكُحل أو النيل أَو بالنؤور، والنؤور هو دخان الشحم، فيزرق أثره أو يخضر” [لسان العرب 120/15]، قلت: قولهم “ظهر كفها ومعصمها” ليس تخصيصًا بل خرج مخرج الغالب؛ فلا فرق إن كان الوشم في اليد أو الرجل أو الوجه أو غير ذلك من الأعضاء، يبقى تحت اسم الوشم.

ما هو حكم الوشم في الإسلام

الوشم إذا كان وخز الجلد بالإبر ونحوها فإنه محرم، بل من الكبائر، سواء كان وشمًا دائمًا أو مؤقتًا؛ كوشم تحديد الشفاه والحاجبين، أما في ما يخص الوشم المؤقت الذي يكون بالرسم على الجلد باستخدام الحناء والأصباغ أو باللصق (الوشم اللاصق) فهو مباح له حكم الخضاب بالحناء يسمى مجازًا وشمًا، لكن لا ينطبق عليه تعريف الوشم، وهذه الزينة تخص النساء دون الرجال، ويجب مراعاة شروط معينة:

  • أن لا تحمل الرسومات شعارًا لدين مُحرف أو عقيدة فاسدة أو منهج منحرف.
  • أن لا تظهره المرأة لرجل أجنبي عنها.
  • أن لا يكون رسمًا لذوات الأرواح.
  • إذا وضعه لها غيرها فيكون من النساء ولا يكون في موضع العورة.
  • أن لا تكون الأصباغ والألوان لها ضرر على الجلد.
اقرأ أيضاً:  سورة الجمعة وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

الأدلة الشرعية على تحريم الوشم

الدليل الأول

جاء الدين الإسلامي واضحًا وصريحًا في ما يخص مسألة الوشم، وأوضحت النصوص القرآنية حكمها وجزاؤها، فقال الله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} [النساء: 117-119]، وهنا وجه الدلالة في الآية الكريمة ما جاء على لسان الشيطان: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} في إشارة للوشم وتغيير خلق الله، ونقل عن الحسن البصري ونص عليه عامة أهل التفسير.

إعلان السوق المفتوح

الدليل الثاني

عن أبي هريرة قال: “أتي عمر بامرأة تشم، فقام فقال: أنشدكم بالله، من سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في الوشم؟ فقال أبو هريرة: فقمت فقلت: يا أمير المؤمنين أنا سمعت، قال: ما سمعت؟ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تشمن ولا تستوشِمن” [البخاري: صحيح]، جاء الحديث ناهيًا بوضوح عن الوشم وطلب الوشم، والنهي يقتضي التحريم، إذ لم ترد قرينة تصرف النهي إلى الكراهة.

الدليل الثالث

 جاء ما يؤكد التحريم ويغلظه ويُلعن من الله على لسان الله ورسوله، الدليل التالي يبن ذلك: عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه، قال:لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ والمُوتَشِمَاتِ، والمُتَنَمِّصَاتِ والمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَبَلَغَ ذلكَ امْرَأَةً مِن بَنِي أسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقالَتْ: إنَّه بَلَغَنِي عَنْكَ أنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وكَيْتَ، فَقالَ: وما لا لي ألْعَنُ مَن لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَن هو في كِتَابِ اللَّهِ، فَقالَتْ: لقَدْ قَرَأْتُ ما بيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَما وجَدْتُ فيه ما تَقُولُ، قالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لقَدْ وجَدْتِيهِ، أما قَرَأْتِ: {وَما آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهَاكُمْ عنْه فَانْتَهُوا} ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فإنَّه قدْ نَهَى عنْه، قالَتْ: فإنِّي أرَى أهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِن حَاجَتِهَا شيئًا، فَقالَ: لو كَانَتْ كَذلكَ ما جَامَعْتُهَا” [ البخاري: صحيح]. 

اقرأ أيضاً:  سورة الطلاق وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

الغرض من تحريم الوشم

خلق الله تعالى الإنسان في أتم وأحسن صورة، وأودع جسد الإنسان عند الإنسان نفسه أمانة إلى يوم البعث، يُحاسب ويؤثم إذا ما ألحق الأذى بجسده، والوشم بشكل واضح يؤذي الجسد.

اختلف جمهور الفقهاء المسلمين في الحكمة الربانية من تحريم الوشم، فقيل: لأنّ فيه إخفاءً للعيوب وغِشّاً وتزييفاً، وذهب القسم الآخر من جمهور الفقهاء أن تحريمه جاء لما فيه من تغيير لخلق الله وتعذيب الجسد، دلالة بقول الله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا} [النساء: 119].

أنواع الوشم

 صنفت الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية عدة أنواع من الوشم :

  • الوشم الطبيعي (الوشم الجرحي): هـو الوشم الذي تتركه على الجسد حوادث الطرق، أو الذي يصاب به أغلب عمال المناجم؛ فعندما يصاب أحدهم بجرح يدخل الغبار إلى داخل الجرح ويترك أثرًا واضحًا يشبه الوشم.
  • الوشم الاحترافي:  يرسم الوشم الاحترافي أشخاص محترفين في الرسم والنقوش بأنواعها بواسطة آلات خاصة حديثة تسمى Tattoo Gun، ويستخدم صبغات ملونة منها؛ الأزرق، والأحمر، والأصفر، والأخضر، والأسود الأكثر رغبة في هـذا النوع من الوشم.

الأضرار الصحية للوشم

مضاعفات كثيرة وأضرارًا صحية وبدنية تلحق بالجسم جراء الوشم، حيث أثبتت الفحوصات الطبية أن الوشم قد يتسبب بحدوث تسممًا في الدم، كما يسبب الحساسية الجلدية، ويضاعف احتمالية الإصابة بسرطانات الجلد، والصدفية، والالتهابات الحادة، واستخدام الأصباغ الرخيصة تسبب بما يعرف بمتلازمة الصدمة التسممية، وفي بعض الحالات شديدة السُمية لا يتحملها الجسم فتؤدي للوفاة، كما أن سوء التعقيم قد يؤدي إلى انتقال العدوى بأمراض الالتهاب الكبد الوبائي، ومرض الآيدز، والزهري، وغيرها،. بل ويذهب الضرر لأخطر من ذلك بتأثيره السلبي على الدماغ والجهاز العصبي، ويفتح مسامات الجلد لتكون عُرضة للفيروسات والجراثيم مسهلًا اختراقها للجسم في أي وقت.

اقرأ أيضاً:  سورة القلم وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

يلجأ بعض الأشخاص إلى استخدام تقنية الليزر كَحلًا لإزالة الوشم، لكنه أيضًا يترك آثارًا سامة مسرطنة بسبب حرارة الليزر التي تحول بعض المكونات إلى مواد مسرطنة ويمتصها الجسم، كما أطلقت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية fdo تحذيرًا من ممارسة الوشم، لاحتمالية خطورته على الأم؛ إذا كان موضع الوشم أسفل الظهر، عند الولادة والتخدير في العمود الفقري من المحتمل دخول صبغة الوشم داخل القناة الشوكية مُشكلةً خطورة على حياة الأم.

أثبتت دراسة أمريكية أجريت  على 2000 مريض في ثلاثة مستشفيات، أن فيروس الكبدي الوبائي (C) الذي ينتقل عبر الدم  يزيد أربع مرات لدى الأشخاص الموشومين عن الغير موشومين،  وأوضحت  دراسات بريطانية حديثة أن الحبر المستخدم في عملية الوشم يمكن أن يسبب سرطان لاحتوائه موادًا خطرة، إضافةً إلى انتقالها وانتشارها وإمكانية وصولها إلى الكليتين والطحال، فتؤثر سلبًا على عملهما والقدرة على تخليص الجسم من السموم.

تاريخ الوشم 

تاريخ الوشم قديم، ويقال أنه يعود إلى عام 3400 قبل الميلاد، حينها تم العثور على هـيكل عمود فقري موشوم، وعثر أيضًا على مومياءات تحمل الوشم أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد، واشتهرت القبائل قبل المسيحية (قبائل شمال ووسط أوروبا) بالتوشيم، واتخذ البحارة الأوروبيون الوشم سمة بارزة لهم في القرن الثامن عشر، بعد ذلك انتشر في عموم المجتمعات الغربية.

عملية الوشم قديمًا كانت تتم بقطع جزء من الجلد وفرك مكان الجرح بالرماد أو الحبر، تطور قليلًا بعد ذلك باستعمال إبر مصنوعة من عظام الحيوانات أو الخيزران والفولاذ المشحذ، حينها كان يسمى التنقير اليدوي.

مقالات مشابهة

دعاء صلاة التراويح

دعاء صلاة التراويح

ما هي أعمال الحج

ما هي أعمال الحج

سفرة رمضان

سفرة رمضان

تعرف على زوجات الرسول

تعرف على زوجات الرسول

أهل البيت بالترتيب

أهل البيت بالترتيب

سورة الممتحنة وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الممتحنة وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

كيفية صلاة ليلة القدر

كيفية صلاة ليلة القدر