دليلك الشامل عن قصة قوم لوط

أُرسِل لوط -عليه السلام- إلى مدينة سدوم وما حولها ليدعوهم إلى عبادة الله، ولكن لم يأبهوا له، وأخذوا يفعلون الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين، فقد كانوا يأتون الذكور شهوة من دون النساء، وأصروا على فعلتهم هذه، فأرسل الله -عز وجل- إلى لوط الملائكة لتخبره أن يخرج هو ومن آمن معه من تلك القرية الظالم أهلها إلا امرأته فستكون من الهالكين، وأُرسل على تلك القرية صيحة، وجُعل عاليها سافلها فأُهلِكوا ولم يبقَ إلا قصتهم؛ لتكون عبرة لمن بعدهم.

يتحدث هذا المقال عن قصة قوم لوط، ويشتمل على:

• معلومات عن النبي لوط عليه السلام. 
• حياة النبي لوط.
• قصة قوم لوط، وعذابهم. 
• قوم لوط وصفاتهم.
• مكان قوم لوط.
• البحر الميت وقوم لوط.
• آيات قوم لوط.

معلومات عن النبي لوط عليه السلام 

نبي الله لوط -عليه السلام- هو لوط بن هارون بن تارح بن ناحور بن ساروغ بن راحو بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح، وكان في زمن سيدنا إبراهيم، فهو ابن أخيه، وكان يحبه حبًا جمًا، وآمن لوط مع عمه، وخرجا من أرض بابل متجهين إلى الشام، ثم كلفه الله بالرسالة إلى المدائن الخمس: سدوم، وما حولها: دعمورا، أدمونا، صاعورا، وصابورا، وأخذ يدعوهم إلى عبادة الله، وترك عبادة الأوثان، ولكن لم يستجيبوا له.

حياة النبي لوط

عاش نبي الله لوط -عليه السلام- حياة هنيئة، ذات أخلاق حميدة، وكان يتصف بالكرم؛ فكان يراعي حق الجار، ثم آمن مع سيدنا إبراهيم وهاجر معه إلى أرض الشام، وتفرقا بعد أن كلف الله لوط بالرسالة، وما إن وصل قرية سدوم حتى تعجب أشد الإعجاب من سوء أهلها، وأخذ يدعو قومه الذين لم يعرف التاريخ قط جماعة أسوأ الخلق منهم؛ فهم لم يعرفوا نوعًا من المحرمات إلا وفعلوه، فكان قومه يعملون الفاحشة، حيث كانوا يأتون الذكور شهوة من دون النساء، كما كانت زوجته كافرة ولم تؤمن به، وترضى بما يفعلونه قومها. 

قصة قوم لوط

كان لوط عمه إبراهيم -عليه السلام- وكان ممن يدعون إلى عبادة الله؛ فآمن معه لوط وصدقه، وهاجرا إلى أرض فلسطين، ثم كُلِّف لوط بالرسالة إلى خمس مدائن، وهم: سدوم، صاعورا، دعمورا، صابورا، وادمونا، وهذه المدن سُمِّيت أيضًا بالمؤتفكات، وحينما جاء لوط إليهم وجد ما لا يتحمله العقل البشري، فهم كانوا يفعلون معصية ما سبقهم بها من أحد من العالمين، كما كانوا أكثر الناس فجرًا؛ فحذرهم وأخذ يدعوهم إلى تقوى الله وعبادته، ولكن لم ينتهوا إلى ما كانوا يفعلون، وأخذوه يتوعدونه إذا لم ينتهِ عن مواعظه.

فدعا سيدنا لوط -عليه السلام- أن ينجيه الله وأهله مما يعملون، فلقد لبث يدعوهم ثلاثين عامًا، وقيل أربعين، ولكن لم ينتهوا، فأخذ يدعوهم مرة أخرى، ولكنهم قالوا: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56]، وبدأوا يفعلون الفاحشة في أرض الله الواسعة، فأنذرهم لوط للمرة الأخيرة، ولكنهم أرادوا استعجال العذاب، فجاءت ملائكة العذاب على هيئة بشر إلى قوم لوط، ولكن مروا أولًا إلى سيدنا إبراهيم ليزفوا له بشرى إنجابه ولد، وأخبروه أنهم جاءوا لقوم لوط، ولكن إبراهيم قال إن لوطًا فيها، فقالوا له لا تقلق نحن أعلم بمن فيها، وانطلقوا نحو القرية الظالم أهلها على هيئة شباب في أبهى صورهم.

خبأهم سيدنا لوط -عليه السلام- في بيته، ولكن امرأته كانت خبيثة وأخبرت القوم بهم، فجاءوا يهرعون إلى لوط، ولكن سيدنا لوط أخذ يدافع عن ضيوفه ويمنعهم قائلًا لهم أن هناك نسائهم فليفعلوا بهم الفطرة السليمة التي حثنا الله عليها، ولا يقربوا من ضيوفه؛ حتى لا يخزوه، ولكنهم أصروا على المعصية، فدخل البيت وأوصده جيدًا حتى لا يستطيع قومه أن يفتحوه، ولكنهم كانوا هادئين ولم يذعروا، فأوجس سيدنا لوط منهم خيفة، فأخبرته الملائكة حينها ألا يخاف لأنهم ملائكة وأنهم جاءوا ليهلكوا قومه، وينبغي عليه أن يخرج من القرية وكل من آمن معه إلا امرأته فتكون ممن يصيبهم العذاب، وحذروه من أن يلتفت أحد إلى ورائه؛ لأنه سيصيبه ما أصابهم.

خرج سيدنا لوط -عليه السلام- من القرية، ومعه كل من آمن معه وزوجته، ولكن زوجته نظرت إلى الخلف، وقالت: “وا قوماه” فجاءتها من السماء حجارة فأهلكتها مثلما أهلكت كل ظالم في القرية، ثم رفع جبريل هذه القرية بطرف جناحه وجعل عاليها سافلها، ولم يبقَ منهم أحد.

من هم قوم لوط؟

هم أهل قرية سدوم وما حولها الذين عبدوا أكثر من إله، وهم أكثر الناس فعلًا للمعصية، فكانوا يخالفون الفطرة التي فُطِروا عليها، فكان الرجل يأتي الرجل في: النوادي، الأسواق، وكل مكان، وكان إذا جاء القرية ضيف تنافسوا عليه فينهبون أمواله، ويأتوه من قبل رجال القرية على غير إرادته، وجهروا بمعصيتهم دون حياء من الله، وحينما دعاهم لوط -عليه السلام- لم ينتهوا عما كانوا يفعلون، واستهزأوا به.

صفات قوم لوط

• إتيان الذكور من الذكور.
• رمي البندق.
• عبادة الأصنام.
• أسبال الإزار. 
• حل أزر الأقبية.
• فرقعة الأكعب.
• المهارة بين الكلاب.
• تصفيف الشعر.
• الغش في المعاملات.
• حذف الضيوف الذين يأتون القرية بالحصى.
• مناقرة بالديوك.
• إدمان شرب الخمر.
• اللعب بالحمام.
• الصفير بالأصابع.
• حل الأزرار.

ماذا كان يفعل قوم لوط عليه السلام؟

كانوا يفعلون المنكر في نواديهم وتجمعاتهم، وكانوا هم أول من همّوا بإتيان الرجال شهوة من دون النساء، فلم يسبقهم بها أحد من العالمين، وكانوا يفعلونها دون خجل أو وجل من رب العالمين، كما كانوا يقطعون السبيل على كل من يجيء إلى قريتهم ويفعلون معه الفاحشة عنوة، وأصروا على فعل الفاحشة حينما ردهم لوط -عليه السلام- إلى دين الله. 

عذاب قوم لوط

ضرب جبريل قرية لوط -عليه السلام- بجناحه، وطمس أعينهم، كما أذهب بصر القرية، ورُفعت القرية عاليًا، وأصبح عاليها سافلها، وكان كل ذلك مع مطر من سجيل، وصيحة عظيمة، فأُهلِكوا جميعًا رجالًا ونساء، إلا من آمن مع لوط فإن الله نجاهم، ولم يبقَ من القرية أحد إلا قصتهم عبرة للجميع.

مكان قوم لوط

تقع قرى قوم لوط في منطقة البحر الميت بين الحجاز والشام بالقرب من زغر، وتلك القرى هي: سدوم، وصاعورا، وادمونا، وصابورا، ودعمورا، والتي كانت مركزًا تجاريًا في غاية الجمال، ولكن آل بها الحال أن خسفها الله بعد تكذيبهم لوط عليه السلام، وإتيانهم الذكور دون الإناث.

مدينة قوم لوط

هي مدينة سدوم، وهي لم تكن أرض مخسوفة سابقًا؛ فهي كانت على مستوى سطح البحر، والنهار تتدفق فيها بسبب الجبال التي تحيطها من كل مكان، ومنهم نهر الأردن المعروف الآن، وكانت هذه المدن في غاية الجمال، حيث كان بها: أنهار، ينابيع ماء، وأشجار، كما كانت مركزًا تجاريًا، ومحطة سفر في ذلك الزمن، وكانت متحالفة عسكريًا والله أعلم.

أسباب هلاك قوم لوط

كان قوم لوط يتصفون بسوء الأخلاق، فلم توجد فاحشة إلا وفعلوها، بالإضافة إلى أنهم أول من أتوا الذكور دون الإناث، وكانوا يتفاخرون بفعل ذلك ويصرون عليه، فكانوا يطلقون الريح ويفعلون الفاحشة في نواديهم وأمام الجميع، وما إن يجيء ضيف إلى القرية إلا ويسلبوا أمواله ظلمًا وزورًا، ويفعلون معه الفاحشة، وأنذرهم لوط -عليه السلام- مرة تلو الأخرى، فما كان منهم إلا أن قالوا: أخرجوه من القرية.

البحر الميت وقوم لوط

كانت سدوم وما حولها من مدن منطقة البحر الميت بين الأردن وفلسطين، وقيل أن مكان البحر الميت هو المكان نفسه الذي خسف الله به قرى قوم لوط، وبيّن العلماء ذلك بأبحاث قاموا بها، ولم تكن سدوم كمثل ما ظهرت عليه الآن؛ فهي كانت مدينة بها أنهار وينابيع، كما كانت مركزًا تجاريًا سابقًا، ولكن الآن تظهر خربة بعد أن خسف الله بقرية لوط.

آيات قوم لوط

{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)} [هود: 74: 82].