جدول المحتويات
جبل أحد؛ هو من أكبر الجبال في المدينة المنورة، وينسب إليه أحد غزوات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهي غزوة أحد التي حدثت في السنة الثالثة للهجرة.
نبذة عن جبل أحد
ارتبط اسم هذا الجبل باسم المعركة الإسلامية التي حدثت فيه، وهي غزوة أحد، وهي من أشهر الغزوات الإسلامية على الإطلاق، وهي ثاني أكبر حملة شنها الرسول عليه الصلاة والسلام، وجماعة المسلمين الذين كانوا معه ضد الكفرة قريش في الميدان الذي يقع على هذا الجبل، وهو نفس الموقع الذي وقعت فيه هذه المعركة، ويقع ميدان المعركة في الجهة الجنوبية الغربية بالقرب من الجبل المعروف باسم جبل الرماة، والذي سميّ بهذا الاسم لأن الرسول القائد للمعركة، وضع عددًا من الرماة على هذا الجبل لمنع أي مشرك من الدخول، إلا أن المعركة انتهت لصالح العدو نظراً إلى أن المسلمين خالفوا الأوامر وتركوا أماكنهم عليه، لذلك التف منه الكافرون إليهم، وحسموا المعركة لصالحهم، واستشهد في هذه المعركة عدد كبير من المسلمين وعلى رأسهم أسد الله، وسيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وعم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعه سبعون شهيداً آخر.
سبب تسمية جبل احد
هناك ثلاثة أقوال في مسمى جبل أحد، وهي كالتالي:
- نظراً إلى موقعه البعيد عن الجبال الأخرى، وتحيط به الوديان والسهول.
- نسبةً إلى رجل من العماليق اسمه أحد، سكن الجبل لمدة طويلة.
- رمز لوحدانية الله تعالى.
موقع جبل احد
يطل جبل أحد على المدينة المنورة من الناحية الشمالية، على بعد 3 أميال ونصف قبل أن تتوسع المدينة بهذا الشكل، كما يقع على بعد 4 كيلومتر من المسجد النبوي، فيما يمتد من الجهة الشرقية إلى الغربية، ويميل إلى الجهة الشمالية.
حبل أحد من أبرز الجبال التي ارتبط اسمها بواحدة من أهم وأبرز الغزوات التي شارك فيها الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم، حيث رويّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَسَاقَ الحَدِيثَ وَفِيهِ، ثُمَّ أَقْبَلْنَا حتَّى قَدِمْنَا وَادِي القُرَى، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي مُسْرِعٌ، فمَن شَاءَ مِنكُم فَلْيُسْرِعْ مَعِي، وَمَن شَاءَ فَلْيَمْكُثْ، فَخَرَجْنَا حتَّى أَشْرَفْنَا علَى المَدِينَةِ، فَقالَ: هذِه طَابَةُ، وَهذا أُحُدٌ، وَهو جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ” [صحيح مسلم: صحيح]، وهناك من يعتقد أن هذا الجبل من الجبال التي في الجنة، أما الآثار التي تقع في أحد أبرزها مقبرة الشهداء التي تضم شهداء غزوة أحد.
نباتات جبل أحد
يعد جبل أحد من أهم وأشهر الجبال في شبه الجزيرة العربية، ومن أبرز المعالم الجغرافية والتاريخية الإسلامية في المدينة المنورة، ويحتوي الجبل على العديد من المعالم التاريخية التي يعود تاريخها إلى مئات السنين مثل القلاع والشعاب والمنحوتات الصخرية والوديان، مما يجعل الجبل نقطة جذب لعشاق الطبيعة، كما أن الجبل ذو أهمية جيولوجية، كما هو الحال في عصر ما قبل الكمبري، أي في فترة تراوحت بين 800 إلى 690 مليون سنة مضت، ويحتوي الجبل على العديد من الأشجار والنباتات، مثل “مصفوفة الأوراق”، وهو نبات صغير ذو أوراق عريضة، ذات طعم مر، وأوراق الأزهار، والسدر، وشوكة الجمل، والعنب البري، والجدير بالذكر أن جبل أحد سميّ بهذا الاسم بسبب اتحاده وانفصاله عن الجبال الأخرى.
جيولوجية وجغرافية جبل أحد
معظم الصخور التي يتكون منها جبل أحد هي صخور جرانيتية حمراء، بالإضافة إلى بعض الصخور ذات اللون الأخضر الداكن والأسود، وهناك عدد من التجاويف التي تتجمع فيها مياه الأمطار، بالإضافة إلى الكهوف والشقوق التي يصل الكثير منها إلى أعماق عشرة أمتار وارتفاعها أكثر من متر ونصف، ويحتوي الجبل على بعض المعادن الثمينة، مثل النحاس والحديد. ويمتد جبل أحد بطول 7 كيلومتر، ويصل ارتفاعه إلى 1077 مترًا، ويتراوح عرضه بين 2 – 3 كيلومترات، ومن الجهة الشرقية يحده جبال طياب، وثور من الجهة الشمالية الغربية وجبل الرماة من الجهة الجنوبية الغربية، وينمو عدد من النباتات على الجبل، بما في ذلك، الحميض، وشوكة العنب، وشجرة الرياح.
وصف جبل أحد
جبل أحد؛ هو جبل صخري من الجرانيت يتكون من عدة رؤوس وهضاب تعطي الانطباع بأنها جبال مستقلة، أو أن هناك العديد من الجبال التي تلتصق ببعضها البعض، وفي أسفل الجبل تكونت حفرًا طبيعية تخزن الماء الذي ينزل من قمة الجبل المسمى مهاريس، ويميل لون الجبل إلى أن يكون أحمر جرانيتي.
جبل أحد عند المسلمين
وقعت معركة أحد بين المسلمين وكفار قريش في حقل جبل أحد في السنة الثالثة للهجرة، وتحديداً في الجهة الجنوبية الغربية من الجبل بالقرب من جبل الرماة، لأن الرماة الواقفين على الجبل خالفوا أوامر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتركوا مواقعهم قبل انتهاء القتال، كما يحتوي الجبل على عدد من المعالم الإسلامية المهمة، من أهمها مقبرة السبعين شهيداً الذين سقطوا في المعركة، بالإضافة إلى الشق وهو المكان الذي أقام فيه سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم -، حيث لجأوا إليه بعد الهزيمة لتفادي ظلم الكافرين، وهناك مسجد بالقرب منه، وهو من المساجد التي صلى فيها النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – كما ورد في بعض الروايات.
غزوة أحد
لقد تم ذكر غزوة أحد في القرآن في سورة آل عمران، واستمر ذكرها في ستين آية بعدها، وحكمة الله اقتضت أن حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تتضمن العديد من الأحداث والأزمات والصعوبات والمشاكل، والانتصارات والنكسات لتكون هذه الأحداث الكبرى سببا للتشريع ودرساً تستفيد منه الأمة الإسلامية فيما بعد، والواقع أن معركة أحد كانت نكسة للمسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب تلك الهزيمة انتهاك جماعة منهم أوامر النبي صلى الله عليه وسلم، لكن رغم تلك النكسة لم تحقق قريش هدفها، فكان هدف غزوة أحد اجتثاث المسلمين وتأمين طريق التجارة إلى بلاد الشام، وتعود أسباب المعركة بعد الهزيمة المروعة لقريش في غزوة بدر ومقتل العديد من قادتهم، سعى قادة اليهود والمشركون لإثارة الحماسة الجاهلية في نفوس أهل مكة، للانتقام لموتاهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ولإعادة هيبتهم ومكانتهم بعد أن اهتزت أعين العرب بسبب هزيمتهم في غزوة بدر، ومن الأسباب التي دفعت قريش إلى اتخاذ قرار اجتياح المدينة المنورة ورغبتهم في تأمين طريق التجارة إلى بلاد الشام، وطموحهم في استئصال الجالية المسلمة قبل أن تتزايد قوتهم، وكان الاستعداد للمعركة بعد أن عاد أبو سفيان بأمان مع القافلة إلى مكة، ذهب إليه بعض من قُتل آباؤهم وإخوانهم وأقاربهم في غزوة بدر وطلبوا منه المساعدة بهذه الأموال في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم – وغزو المسلمين للانتقام منهم فوافق على طلبهم.
بدأ كفار قريش يستعدون للغزو، وفي السابع من شوال من السنة الثالثة للهجرة، خرج أبو سفيان بن حرب على رأس جيش قوامه ثلاثة آلاف مقاتل من قريش، ومن أطاعهم من أهل تهامة وكنانة، وفي المقابل عقد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مجلس استشارة الصحابة -رضي الله عنهم- في لقاء العدو، فكان بعضهم يرى أن يخرج لمحاربة العدو خارج المدينة المنورة، والبعض الآخر أن يحصن ويقاتل داخل أسوار المدينة، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم – ذلك، لكن الغالبية كانوا يتوقون للقتال ويريدون الخروج لملاقاة الكفار، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم أمته وخرج بألف مقاتل لملاقاة العدو في أحد، وفي الطريق خان رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول المسلمين وعاد بثلاثمائة مقاتل، وكان رأسهم عبد الله بن جبير – رضي الله عنه – لحماية ظهر الجيش، وأمرهم بعدم ترك مواقعهم مهما كانت النتيجة، وكانت المعركة بدأت أحداثها بعد اصطفاف المسلمين والمشركين في أرض أحد حيث اندلع القتال حول لواء الكفرة، وبداية المعركة كانت بيد طلحة بن أبي طلحة العبدري الذي كان أقوى وأعظم فرسان قريش، وكان يسمى كبش الكتيبة فذهب خرجوا على جمل طالبين القتال وهو يحمل الراية، فلما رآه المسلمون امتنعوا عن قتاله بسبب هيبته ورباطة جأشه، فانطلق نحوه الزبير بن العوام – رضي الله عنه – يركض نحوه وقفز فوق البعير، فسقط على الأرض، وقفز فوقه جملة واسقطه أرضاً، ثم قتله، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام يقتل كبش الكتيبة، قال: “دَبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّاسَ – قالَ صَدَقَةُ: أظُنُّهُ يَومَ الخَنْدَقِ – فانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ النَّاسَ، فانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَ النَّاسَ، فانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوارِيًّا وإنَّ حَوارِيَّ الزُّبَيْرُ بنُ العَوّامِ.”[صحيح]
انتهت الصفوف واحتدمت المعركة واندفع عثمان بن أبي طلحة العبدري شقيق كبش الكتيبة نحو لواء المشركين ورفعها، فقتل، ثم خرج مسافع بن طلحة بن أبي طلحة وقتل، ثم خرج كلاب بن طلحة بن أبي طلحة رأيت عباد هند بنت عتبة ورفاقها يركضون ويهربون دون أن يأخذوهم قليلاً أو كثيراً، ثم قتل أيضا الجلس بن طلحة بن أبي طلحة، وأصر بنو عبد الدار على رفع الراية رغم كل ذلك، فكل مرة يقتل أحدهم يأخذها الآخر، حتى يقتل عشرة من بني عبد الدار، ثم قطعت الأخرى ثم قطعت رأسه وسقطت راية المشركين ولم ترفع بعد ذلك، وبدأوا في التسلل إلى صفوف الكفرة وقتلهم ذهابًا وإيابًا؛ حيث ظن الرماة أن المشركين لن يعودوا بعد أن شهدوا فرارهم، فنزل عدد منهم طلبا للغنيمة، وخالفوا أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعدم مغادرة أماكنهم، ورغم التذكير أصروا على ترك مواقعهم، ثم لمح خالد بن الوليد تلك الفجوة، وكان في ذلك الوقت في صفوف المشركين، فالتفت من وراء الجبل مع مجموعة من فرسان قريش، وهم قتل بقية الرماة على الجبل، وانكشف ظهر جيش المسلمين لخالد ففاجأهم من الخلف فتشتتت صفوفهم، ووقع القتل بينهم، وعاد جيش المشركين وحاصروا المسلمين من كل الجهات، فبدأوا ينسحبون من أرض المعركة، وتحول النصر المحقق إلى نكسة كبيرة، ووصل المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الصحابة -رضي الله عنهم- دافعوا عنه بعناد حتى قتل عشرة منهم معه إلى قوم في الجبل، ثم علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – غسل الدم من وجه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصب الماء على رأسه، وسرعان ما حزم الكفار أمتعتهم واتجهوا نحو مكة تاركين وراءهم 22 قتيلاً، أما المسلمون فكان عدد قتلاهم سبعون شهيداً.