صيام شهرين متتابعين

صيام شهرين متتابعين

كفارة صيام شهرين متتابعين هو إحدى الكفارات التي أوجبها الشرع عند القيام ببعض الأمور التي حرّم فعلها، وهي: القتل الخطأ، والظهار، والجماع في نهار رمضان، وصيام شهرين متتابعين يجب بانعدام الرقبة التي يجب عتقها كفارة للأفعال السابقة.

معنى الكفارة في الإسلام

تُطلَق الكفارة في اللغة على الأمور التي يفعلها الفرد للتوبة من ذنوبه وآثامه التي وقع بها، مثل: الصدقة، أو بالصوم، أو غير ذلك ممّا يكفّر الذنوب والمعاصي، منها: كفارة اليمين، وكفارة الفطر، وكفارة ترك بعض أعمال الحجّ، وسميّت بذلك لأنها تكفّر وتستر الذنوب والمعاصي، إذ تكون في الأعمال التي نهى الشرع عن القيام بها وأكّد على ذلك.

ضوابط تحقّق التتابع في صيام الشهرين

  • الحنفية: ذهبوا إلى أنّ التتابُع يتحقّق بصيام شهرين متتابعين لا يكون منهما شهر رمضان، وأيّام عيد الفطر، والأضحى، وإن جامع الرجل زوجته خلال الشهرَين في صيام الظّهار خلال الليل عامداً، أو خلال النهار ناسياً، فعليه أن يبدأ بصيام شهرين مكانهما، لقوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(المجادلة: 3)، في حين اتّفق الحنفيّة على أنّه لا عذر بقطع الصيام سوى الحيض، أو النفاس، أو السفر، أو نحوها، وإذا أفطر بغير عذر، فلا بُدّ له من الإعادة من جديد. 
  • المالكية: ذهبوا إلى ما ذهب إليه الحنفية، وزادوا عليه أنّ الفطر في السفر للضرورة لا يُقطَع به التتابُع، وفي حالة جهله بإتيان العيد خلال فترة صومه، أو جهل مجيء رمضان؛ فإنّه يكمل الصوم بعد انقضائهما، ولا ينقطع عندهم التتابُع بالمرض، وبالفطر من غير عمد، أو إكراه على الفطر، أو الحيض والنفاس. 
  • الشافعية: يرون أنّ التتابُع ينقطع بالإفطار ولو يوماً واحداً بلا عُذر، أو بعذر كمرض، ولا ينقطع عندهم في حالة الحيض، أو النفاس، أو الجنون، أو جماع الزوجة في ليالي الصوم؛ قياساً على رمضان. 
  • الحنابلة: يرون أنّ التتابُع لا ينقطع إلّا في حالة الإفطار بلا عذر، أو صيام شهر رمضان، أو في حالة الفطر الواجب، كأيّام العيد، أو في حالتَي الحيض والنفاس، أو الحمل والرضاع، وينقطع التتابُع عندهم بالفطر بلا عذر، أو في حالة الجهل، أو نسيان وجوب التتابُع، أو ظنّ إتمام الصيام، أو الصيام خلال الشهرَين صيام تطوُّع، أو نَذر. 
اقرأ أيضاً:  شرح كيفية صلاة العيد

مبررات العجز عن الصيام وضوابط تحقّقه 

  • الحنابلة: يرون أنّ العجز يتحقّق للشخص بالمرض، حتى وإن كان غير مُستعصٍ وإن لم يستمرّ شهرَين، أو بسبب كبر السنّ، أو الخوف من زيادة المرض الذي لحق به، أو عدم القدرة على الصبر؛ بسبب بعده عن زوجته في كفّارة الظهار، أو حصول التعطيل عن العمل الذي يسترزق منه. 
  • الشافعية: يرون أنّ العجز يتحقّق للشخص بأن يلحق المرض به أثناء صومه، ويغلب على ظنّه تأخُّر هذا المرض، والأولى أن يكون هذا المرض شديداً لا يمكن الشفاء منه، أو زيادة المرض بسبب الصيام، أو وجود المَشقّة بسبب طول الصيام، أو عدم القدرة على الصبر بسبب بُعده عن زوجته. 
  • الحنفية: يتحقّق العجز لديهم بمرض لا يُرجئ شفاؤه، أو أن يكون الإنسان غير قادر على الصيام، وتسقط عنه الكفّارة بالموت. 
  • المالكية: يتحقّق العجز لديهم بالمرض الذي لا يستطيع معه الإنسان الصوم.

كفارة صيام شهرين متتابعين

القتل الخطأ

  • دية القتل الخطأ: يُطلَق مصطلح القتل الخطأ على ما يقع من الشخص دون قصد، أو إرادة، وهو ضد القتل العمد الذي يُقصد به فعل القتل والشخص المقتول دية القتل الخطأ، ويجب على من قتل نفسًا خطأ الدية وكفارة صيام شهرين متتابعين، كما قال تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا» إلى قوله سبحانه: «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» (النساء:92).

لا تسقط دية القتل الخطأ وإن كان القتيل هو المُخطئ، الدية واجبة شرعًا على القاتل، يؤديها لأهل القتيل، وتعادل قيمتها خمسة وثلاثين كيلو جرامًا وسبعمائة جرام من الفضة الخام الشائعة، وتُقَوَّم بسعر السوق وتدفع لهم طبقا ليوم بدء أدائها.

إعلان السوق المفتوح
اقرأ أيضاً:  من يرى ليلة القدر؟

يجوز أن تُدفَع الدية مُقسطة فيما لا يزيد عن ثلاث سنوات، إلا إذا شاءت العاقلة دفعها مُنَجَّزة، فإن لم تستطع فالقاتل، فإن لم يستطع فيجوز أخذ الدية من غيرهم ولو من الزكاة.

  • دية القتل العمد: تكون دية القتل العمد حال تنازل أولياء الدم جميعِهم أو بعضهم ولو واحدًا منهم عن القِصاص، فيما عليه الفتوى في مصر سبعة وأربعون كيلوجرامًا من الفضة وستمائة جرام من الفضة بقيمتها يوم ثبوت الحق رضاءً أو قضاءً، ويمكن لأولياء الدم العفو عن القصاص والدية، وإن عفا بعضهم عن القصاص فلا قصاص وإن رفض الباقون العفو.

الظهار كفارته صيام شهرين متتابعين

الظهار هو تشبيه الرجل زوجته أو بعضها بمن تحرم عليه حرمة مؤبّدة أو بعضها، كأن يقول لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي، أو أنت عليّ كأختي، حيث إنّ الظهار كان عادة من عادات رجال الجاهلية يقوم بها عند الغضب على زوجته، ولكنّ الإسلام حرّمه لأن الزوجة ليست محرّمة على زوجها كأمه وأخته وباقي محارمه، وإن قام الرجل بذلك فتُحرّم زوجته عليه حتى يكفّر عن ذنبه، وكفارة الظهار تكون بعتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد رقبة مؤمنة لعتقها يكفّر ذنبه بصيام شهرين متتابعين، ومن لم يستطيع صيام شهرين متتابعين يجب عليه إطعام ستين مسكينًا، والإطعام يتحقّق بإطعام كلّ مسكين نصف صاع؛ أي ما يساوي تقريبًا كيلو وعشرين غرام، ودليل ذلك قول الله تعالى: «وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا»(المجادلة: 3).

الجماع في نهار رمضان 

الجماع في نهار رمضان من مفسدات الصيام التي توجب الكفارة والقضاء، ويُشترط في ذلك أن يكون الرجل متعمّدًا للجماع، ومختارًا له، وعالمًا بحرمة ذلك دون أن يكون معذورًا في فعله، فإن جامع الرجل زوجته ضمن الشروط السابقة يجب عليه التكفير عن فعله بعتق رقبة، ومن لم يجد رقبة مؤمنة عليه صيام شهرين متتابعين، ومن لم يستطع صيام شهرين متتابعين عليه إطعام ستين مسكينًا.

اقرأ أيضاً:  سورة الشورى وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

هل إجبار المرأة على الجماع في نهار رمضان يوجب عليها الكفارة؟

قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إن هناك حالة يتوجب فيها الكفارة على الزوج وحده، بسبب جماع زوجته أثناء الصيام في نهار رمضان، وأوضحت البحوث الإسلامية، في إجابتها عن سؤال أنه في حال أجبر الرجل زوجته على الجماع أثناء الصيام في نهار رمضان، فلا كفارة عليها، وأضافت أنه على قول الجمهور يجب على الزوجة في هذه الحالة، قضاء ذلك اليوم ولا إثم عليها، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “رُفِعَ عن أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكْرِهوا عليهِ”(عمدة التفسير)، منوهة بأن ذلك بخلاف الزوج، حيث إن عليه القضاء والكفارة وهي صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا والإثم عليه.

كيفية حساب صيام الشهرين المتتابعين

يجب على من ارتكب: القتل الخطأ، أو الظهار، أو الجماع في نهار رمضان، صيام شهرين متتابعين دون انقطاع لأي عذر غير شرعي، وإذا انقطع الصيام لعذر غير شرعي يجب استئناف صوم الشهرين بالتتابع، أي عدم الاعتبار بالصيام قبل العذر غير الشرعي، أمّا إن كان قطع صيام الشهرين لعذر شرعي، فيعتمد بالصيام الذي كان قبل وقوع العذر الشرعيّ، ويُتابَع الصيام بعد زوال العذر، والأعذار الشرعيّة المعتبرة هي: الحيض، وزوال العقل، والمرض.

فيديو صيام شهرين متتابعين

مقالات مشابهة

لماذا نصوم رمضان؟

لماذا نصوم رمضان؟

لماذا لم تذكر البسملة في سورة التوبة؟

لماذا لم تذكر البسملة في سورة التوبة؟

الدليل الشامل عن السنن المؤكدة

الدليل الشامل عن السنن المؤكدة

دعاء التهجد

دعاء التهجد

تعرف على حكم الرياء وأنواعه وطرق التخلص منه

تعرف على حكم الرياء وأنواعه وطرق التخلص منه

ما حكم الختان في الإسلام

ما حكم الختان في الإسلام

سورة الفجر وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الفجر وسبب نزولها وفضلها مع التفسير