أحكام في الصلاة

أحكام في الصلاة

الصلاة

تعرف الصلاة لغةً بأنها الدعاء، والدين والعبادة، وهي تعود إلى الفعل يصلي، كما أنها تعني الرحمة، والشعائر الخاصة التي يتم أداؤها في وقت مخصص، أما الصلاة اصطلاحاً، وهي تحمل معنىً قريباً من معناها اللغوي، فهي عبادة الله تعالى بأقوال وأفعال خاصة بذلك، تبدأ بالتكبير، وتنتهي بالتسليم، وسميت بالصلاة لأنها تشتمل على الدعاء والتضرع؛ حيث إن الصلاة في الأساس اسم لكل دعاء، ثم أصبحت تعني الصلاة الشرعية بسبب ترابطها مع الدعاء.

كما أن الصلاة هي ثاني ركنٍ من أركان الإسلام، وأهم وأعظُم عبادةٍ بعد لا إله إلا الله، فمن دونها -أي الصلاة- يفرق الشرع بين المسلم والكافر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم من حديث بريدة بن الحُصَيب رضي الله عنه قال: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر” [أخرجه ابن ماجه: 1079 وصححه الألباني]، وروى جابرٌ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة” [مسلم: 82]، وقال عليه الصلاة والسلام: “إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِه العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه، صلاتُه فإن صلحت فقد أفلحَ وأنجحَ، وإن فسدت فقد خابَ وخسرَ” [صحيح الترمذي]، فقد حدد الشرع الرباني أن كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ واجبٌ عليه أن يؤدي في اليوم والليلة خمس صلاواتٍ في أوقاتٍ مخصَّصة.

أسباب تعين على الالتزام بالصلاة

يتبادر للشخص سؤال نفسه كيف لا أترك الصلاة وألتزم بها، حيث إنه يكمن جزء من الإجابة في الاستعانة بالعديد من الأمور التي تساعد المرء على الالتزام بإقامة الصلاة، ومن بينها:

إعلان السوق المفتوح
  • الاستعانة بالله تعالى على ذلك.
  • العزيمة والنية الصادقة.
  • معرفة فضل الصلاة الدينية والدنيوية.
  • معرفة عقوبة ترك الصلاة.
  • الأخذ بالأسباب، كأن يقوم الشخص بضبط المنبه، والطلب من الأهل، أو الأصدقاء إيقاظه، أو تذكيره بالصلاة.
  • الابتعاد عن الأمور الدنيوية الملهية.
  • الرفق بنفسه، وعدم إنهاكها فوق طاقتها.
  • محاولة الابتعاد وتجنب الذنوب قدر الاستطاعة، وذلك لأنها تثقل الطاعات.
  • اختيار الرفقة الصالحة، وتجنب رفقة السوء.

طرق الالتزام بالصلاة

يوجد العديد من الخطوات التي يمكن الاستعانة بها للالتزام بالصلاة، والحد من تركها، ومن أهمها:

  • الاستعانة بالله ودعائه ومحاولة التغلب على وساوس الشيطان: لابد أن يكون الدعاء بإخلاص، وأن تكون إرادة الشخص للالتزام بالصلاة حقيقية؛ حيث إن الإخلاص أحد الأسباب الرئيسية التي تساعد على ذلك، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
  • التدريب على الصبر وقوة الإرادة: يوجد العديد من الأعمال التي تحتاج إلى الإرادة والعزم، والتي يمكن من خلالها تعويد النفس على الالتزام، مثل الأمور المتعلقة بالعبادة كالصوم، أو بعض الأمور الأخرى التي تساعد على تدريب النفس على الإرادة والعزم، مثل: المشي لمسافة معينة، أو القراءة لمدة معينة.
  • التدريب على الصلاة في أول الوقت: يتم ذلك من خلال العديد من الأمور، مثل: ضبط الساعة، أو الاتفاق مع أحد من الأهل أو الأصدقاء على التذكير، وذلك منعاً للانشغال أو التكاسل.
  • التواجد في وسط صالح: تساعد البيئة الصالحة على الطاعة، كما أنها تساعد في الابتعاد عن المعصية، عكس البيئة السيئة والتي تجعل الوقوع في المعاصي من الأمور السهلة.

فضل الصلاة

يوجد العديد من الأمور والفضائل التي تنتج عن التزام الشخص بالصلاة، ومن بينها:

  • صلاة المسلم نور له في الدنيا، ونور يوم القيامة.
  • الالتزام بالصلاة تمحو الخطايا والذنوب، وتطهر النفس من الآثام.
  • ثاني أركان الإسلام، وهي أفضل ما في الإسلام بعد الشهادتين؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
  • زيادة الدرجات في الآخرة.
  • الصلاة من أسباب التزام العبد بأوامر الله تعالى؛ حيث إنها تنهى عن المنكر والفحشاء، وذلك لقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [ العنكبوت: 45].
اقرأ أيضاً:  سيرة معاوية بن ابي سفيان الكاملة

حكم ترك الصلاة

لمعرفة حكم ترك الصلاة يجب تحديد سبب تركها بالأول، وهما سببان:

ترك الصلاة مع إنكار وجوبها

أي ينكر الشخص وجوب الصلاة، وتكليفه بها، ويكون هذا الشخص كافراً بإجماع أهل العلم، تماماً مثل من أنكر وجوب الزكاة، أو وجوب صيام رمضان، أو وجوب الحج عند الاستطاعة.

تارك الصلاة تهاوناً

يوجد بعض الناس ممن يتركون الصلاة تهاوناً وكسلاً مع إدراكهم لوجوبها، واختلف أهل العلم في حكم ذلك، فمنهم من كفره، نتيجةً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “العَهدُ الذي بَينَنا وبَينَهُم الصلاةُ، فمن تَرَكَها فَقَد كَفَرَ” [سنن الترمذي | خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح]، أما البعض الآخر من العلماء فلم يكفروا تاركها تهاوناً، وذلك لأنه موحد، يؤمن بالله تعالى وبنبيه صلى الله عليه وسلم، فقالوا بأنه عاص، أتى إثماً عظيماً.

صلاة الجماعة

تأتي الصلاة في المرتبة الثانية من مراتب أركان الإسلام، وهي من أعظم الأعمال والشعائر في دين الإسلام، فمن تركها وكأنه ترك الإسلام، ومن قام بها وصلحت صلاته فقد صلحت أعماله جميعها، وتعد صلاة الجماعة من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى؛ تبعاً لارتباطها الوثيق بأهم الفرائض، وهي أكثر أجراً من صلاة الفرد لوحده؛ فهي تكون إما في المسجد أو مجموعة من الأشخاص في مكان طاهر يأمُّ بهم إمام يأتمنونه ويتبعون ما يقوم من سكون وحركات، وفي فضل هذه الصلاة، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفَذِّ بسبعٍ وعشرين دَرَجَةً” [صحيح بخاري].

طريقة أداء صلاة الجماعة

لا تصح صلاة الجماعة إلا بشروط الصلاة المعروفة، وهي: الطهارة، والعلم بدخول الوقت، واستقبال القبلة وستر العورة، أما فيما يخص كيفية أدائها؛ فهي تكون تبعاً لحال الإمام، وتنقسم إلى ثلاث أقسام:

  • إدراك المأموم للإمام منذ بداية الصلاة إلى نهايتها، والاقتداء بكل سكناته وحركاته دون زيادة أو نقصان، وتبدأ بتكبيرة الإحرام، ثم قراءة الفاتحة، ثم الركوع ومن بعده الرفع منه، ثم السجود ومن بعده الرفع منه، وتكرار ذلك لحين التشهدّ والتسليم وفقاً للإمام.
  • إدراك المأموم للإمام في البداية، ثم لعارض ما يضطر للمغادرة، وعليه هُنا أن يخرج من الصلاة، وعند عودته يتم صلاته مع الإمام، ثم يُتم ما فاته منها.
  • عدم إدراك المأموم للإمام في بداية الصلاة؛ فتفوته ركعة أو أكثر، وهُنا يتوجب عليه الاقتداء بحركات وسكنات الإمام حتى ينهي الصلاة، وما إذا انتهى أتمّ ما فاته منها بعد ذلك مباشرة.

قراءة الفاتحة في صلاة الجماعة

وجوب قراءتها عند الشافعية

اختلف الفقهاء فيما بينهم في أمر قراءة المأموم من خلف الإمام في صلاة الجماعة، لكن اتفاقهم على أن لا صحة للصلاة دون قراءتها هو أمرٌ مفروغ منه؛ فهي ركن من أركان الصلاة ولا تصح دونها، لقوله عليه الصلاة والسلام: “لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ” [رواه البخاري ومسلم]، ولا يقوم مقامها أي ترجمة بغير اللغة العربية ولا قراءة غيرها من سور القرآن الكريم، كما جاء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ، ثَلَاثًا، غَيْرُ تَمَامٍ. فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ؟ فَقَالَ –يعني أبو هريرة رضي الله عنه-: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ” [صحيح مسلم]، وفي هذا تأكيد على وجوب قراءة المأموم سورة الفاتحة؛ فهي لا تسقط عنه؛ إلا في حال لم يدرك الإمام منذ البداية وأدركه راكعاً، وهنا يتحملها الإمام، إن الأصل هو ترك الإمام مجالاً للمأمومين لقراءة سورة الفاتحة، تقيداً بأعمال رسول الله عليه الصلاة والسلام.

اقرأ أيضاً:  سورة يس وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

عدم وجوب قراءتها عند المالكية والحنابلة والحنفية

ذهب الحنابلة، والمالكية، والحنفية، إلى رأي آخر؛ فالحنفية أقروا على عدم قراءة المأموم للفاتحة في صلاة الجماعة، سواء سراً أو جهراً، وقالوا: «يستمع المأموم إذا جهر الإمام وينصت إذا أسر»، لحديثه صلى الله عليه وسلم: “كانَ نَّبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا قرأَ قرأَ أصحابُهُ أجمعون خلفَهُ حتى أُنزِلَتْ { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } فسَكتَ القومُ وقرأَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ” [رواه رفيع بن مهران l أصل صفحة الصلاة]، كما ذهب الحنابلة والمالكية إلى عدم وجوب قراءة المأموم لسورة الفاتحة خلف الإمام؛ متبعين قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة” [رواه ابن شداد l المصدر خير الكلام]، ونصوا كذلك على استحباب قراءة المأموم لها في السرية.

شروط صحة الصلاة

  • دخول وقت الصلاة: فلا يمكن أن يصلي المسلم أي فرض من فروض الصلاة إلا عند دخول وقته، ويبدأ وقت الفرض بالأذان وينتهي بأذان الفرض الذي يليه.
  • تغطية العورة: فلا تجز الصلاة للمسلم وعورته ظاهرة، وقد وضح النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ذلك، وبين أن عورة الرجل من سرته الى ركبته، وأما عن عورة المرأة فهي جسدها كامل ما عدا الوجه والكفين.
  • الطهارة: الطهارة من النجاسة، ومن الحدث الأكبر، والحدث الأصغر.
  • استقبال القبلة: التوجه للكعبة المشرفة عند الوقوف إلى الصلاة. 
  • الوضوء الصحيح: فلا تصح صلاة العبد من دون الوضوء، حيث بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفيته. 
  • النية: ومكان النية في القلب، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن نطق بالنية قبل الصلاة.

كيفية الصلاة

  • يتوضأ المصلي وضوءًا صحيحًا وينوي الصلاة ويستقبل القبلة.
  • رفع اليدين بمحاذاة المنكبين والتكبير لتكبيرة الإحرام.
  • قراءة دعاء الاستفتاح وهو: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم تلاوة سورة الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم.
  • التكبير بوضع اليدين بمحاذاة المنكبين ثم الركوع وترديد سبحان ربي العظيم ثلاث مرات.
  • ثم الاعتدال وقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد.
  • التكبير والسجود وترديد سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، ثم الجلوس مع التكبير مرة أخرى والسجود وترديد عبارة سبحان ربي الأعلى ثلاث مرت.
  • النهوض لأداء الركعة الثانية بالطريقة التي تم ذكرها فيما سبق.
  • الجلوس للتشهد بعد الانتهاء من السجود الثاني وقراءة التشهد والصلاة الابراهيمية والتسليم لإنهاء الصلاة.
  • في حال كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية يجلس المصلي للتشهد الأوسط ويقرأ به التشهد بدون الصلاة الإبراهيمية ويجلس معتدلاً لإتمام بقية الصلاة.

كيفية الصلاة جالسًا

رفع الله تعالى الحرج عن المسلمين وخفف عنهم العديد من أمور دينهم، من باب التيسير عليهم، وقد يعاني العديد من الأشخاص من بعض الأمراض التي تجعل ممارسة الصلاة بشكل طبيعي أمر شاق عليهم ولهذا فقد أباح الدين الاسلامي لمن لديهم مرض يمنعهم من الصلاة وهم قيام اباحة الصلاة وهم جلوس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب” [رواه البخاري]، وأما عن كيفيتها فهي تتمثل بما يلي:

  • الوضوء بشكل صحيح.
  • النية واستقبال القبلة.
  • الجلوس بطريقة التربع، أو افتراش الأرض، أو أخذ وضع الاحتباء، أو الجلوس على الكرسي، مع مراعاة استقبال القبلة في جميع الأوضاع السابقة.
  • قراءة دعاء الاستفتاح.
  • قراءة الفاتحة وسورة قصيرة من القرآن، 
  • يركع ويسجد وهو جالس مرددًا في ركوعه وسجوده ما يردده المسلم في الصلاة.
  • يختم الصلاة بقول التشهد والصلاة الإبراهيمية والسلام.

حكم الصلاة جالسًا

لا تجوز الصلاة بوضع الجلوس إلا لمن كان لديه عذر شرعي، فمن كان يقدر على الصلاة واقفًا وصلى وهو جالس كسلًا منه فصلاته باطلة ولا تصح، وأما في حالة الجلوس في صلاة النافلة فيجوز للمسلم أن يصليها جالسًا من غير عذر شرعي.

اقرأ أيضاً:  فضل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

أحكام في وقت صلاة العشاء

أول وقت صلاة العشاء

حدَّد الشرع أن أول وقت صلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق، نقل الإجماع على ذلك، والشفق هنا يعني الشفق الأحمر الذي يظهر من بعد مغيب الشمس إلى أن يختفي ويغيب، وقد دلَّت الأحاديث على هذا، فقد روى عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلوات، فقال: “وقتُ صلاةِ الفجرِ ما لم يَطلُعْ قرنُ الشمسِ الأوَّلُ، ووقتُ صلاةِ الظهر إذا زالتِ الشمسُ عن بَطنِ السَّماءِ، ما لم يَحضُرِ العصرُ، ووقتُ صلاةِ العصرِ ما لم تَصفَرَّ الشمسُ، ويَسقُط قرنُها الأوَّلُ، ووقتُ صلاةِ المغربِ إذا غابتِ الشمسُ، ما لم يَسقُطِ الشفقُ، ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ” [مسلم:612].

آخر وقت صلاة العشاء

تعدَّدت أقوال العلماء في مسألة آخر وقتٍ لصلاة العشاء، وسنذكر هنا قولين من بين أقوى الأقوال:

القول الأول

الفترة التي تكون بين زوال الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، وهي الفترة المخصَّصة لوقت صلاة العشاء الاختياري، والمقصود بوقت صلاة العشاء الاختياري، هو أنَّه يجوز للمسلم أن يصلي صلاة العشاء في هذه الفترة في الساعة التي يُحب، أو يرى بأنه الأنسب، ولكن لا يجوز له تأخيرها عن منتصف الليل بشكلٍ اختياري، لأنه بعد بعد منتصف الليل سيدخل وقت صلاة العشاء الضروري، والذي يمتدُّ إلى صلاة الفجر، والمقصود هنا بالضروري، أي من غَفِل عن هذه الصلاة قبل منتصف الليل، أو نام عنها حتى ذهب نصف الليل الأول، ودخل النصف الآخر، أو من اضطر بسبب أمرٍ قاهرٍ فلم يستطع أن يصلِّها إلا بعد انتهاء النصف الأول من الليل.

الدليل على ذلك ما ذكرناه سابقاً من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص، “ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ” [مسلم:612]، وروى أنس بن مالكٍ رضي الله عنه فقال: “أخَّر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ العِشاء إلى نِصفِ اللَّيلِ، ثم صلَّى، ثم قال: قد صَلَّى الناسُ وناموا، أمَا إنَّكم في صلاةٍ ما انتظرتُموها” [البخاري: 542، مسلم: 640].

القول الثاني

يقولون أن صلاة العشاء تمتد من غياب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، ولا يوجد وقتٌ اضطراريٌّ، والذي هو من بعد منتصف الليل إلى الفجر، حيث إنهم قالوا أن تأخيرها بعد منتصف الليل سيكون قضاءً، وقد استدلوا بقوله تعالى: “أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا” [الإسراء: 78]، فوجه الدلالة عندهم من هذه الآية، أنهم قالوا، بأن الله سبحانه وتعالى بَيَّن أن هناك صلواتٌ متتالية، لا يفصل بينها شيء، فبنهاية وقت الصلاة الأولى، يبدأ وقت الصلاة الثانية، فقوله سبحانه وتعالى: “لِدُلُوكِ الشَّمْسِ” أي زوالها، وهذا وقت الظهر، والتي ينتهي وقتها ببداية وقت صلاة العصر التي تبدأ عندما يُصبح ظِلُّ كل شيء مثله، والتي ينتهي وقتها بمغيب الشمس الذي هو بداية وقت صلاة المغرب، وينتهي وقت المغرب ببداية وقت صلاة العشاء، والذي هو بزوال الشفق الأحمر إلى أن قال سبحانه وتعالى: “إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ”، وغسق الليل هو الظُّلمة المعتمة، والتي لا تحصل إلا بعد منتصف الليل، فهذه الصلوات الأربعة ذكرها الله بشكلٍ متوالي، من دلوك الشمس إلى الغسق، ثمَّ فصل عنهم صلاة الفجر بقوله سبحانه: “وَقُرْآنَ الْفَجْرِ”، فجعله الله مذكوراً وحده، لا يتصل به شيٌ من الصلوات قبله، ولا بعده.

أيضاً استدلوا استدلوا بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الذي ذكرناه سابقاً، كما استدلَّ أصحاب القول الأول به، فقالوا: إن قول النبيِّ عليه الصلاة والسلام مُحدَّد عندما قال: “ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ” [مسلم: 612]، فحدَّد النبيُّ هنا أنها لمنتصف الليل، ولم يذكر إلى الفجر.

مقالات مشابهة

دليلك الشامل عن قصة قوم لوط

دليلك الشامل عن قصة قوم لوط

الجماع في رمضان

الجماع في رمضان

متى فرضت زكاة الفطر مع رمضان في السنة الهجرية؟

متى فرضت زكاة الفطر مع رمضان في السنة الهجرية؟

من هو القائد المسلم الذي فتح الصين ؟

من هو القائد المسلم الذي فتح الصين ؟

سورة الملك وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الملك وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

علامات الساعة الكبرى والصغرى

علامات الساعة الكبرى والصغرى

كيف شكل يأجوج ومأجوج

كيف شكل يأجوج ومأجوج