جدول المحتويات
نذكر في مقالنا السيرة الذاتية كاملة للشخص الأذكى في العالم، حيث كانت مسيرة حياته حافلة بالنجاحات والابتكارات، لكن ربما هو الحسد أو هي ضريبة الذكاء أن تنقلب الأشياء رأساً على عقب، وأن تتحوّل النعمة إلى نقمة وينتقل المرء من النعيم إلى الجحيم، فعندما نتأمل حياة الراحل سيديس نرى أنه كان شعلة متّقدة من الذكاء، لكن ظروف حياته والجوّ الأسريّ وعدم تقبّل المجتمع لذكائه الذي لا مثيل له جعله يعيش وحيداً كئيباً منعزلاً عن الناس، ولكن على الرغم من كل مما سبق لا يمكن لأحد أن ينكر فضله في المؤلفات التي كتبها والأعمال التي ألّفها في علم الرياضيات، هذا الإرث الذي سيبقى شاهداً له حتى يومنا هذا.
يتناول المقال الحديث عن أذكى شخص في العالم، ويشمل:
- نبذة عن أذكى شخص في العالم.
- نشأة أذكى شخص في العالم.
- اختراعات أذكى شخص في العالم.
- وفاة أذكى شخص في العالم.
ويليام جيمس سيديس
وليام جيمس سيديس أذكى شخص في العالم، الطفل المعجزة، المتحدّث بعدّة لغات منذ نعومة أظفاره، فاق أينشتاين ذكاءً، ودخل الجامعة بعمر مبّكر، وسجّل أرقاماً قياسيّة في حياته، وألّف أعمالاً خالدة في الرّياضيّات، كما لمع نجمه في العديد من مجالات العلوم والأدب.
نشأة وليام جيمس سيديس
لكون والده طبيباً نفسيّاً وبارعاً في اللغات؛ فقد نشأ سيديس بطريقة معينة من قِبل والده الذي تمنّى أن يكون ابنه موهوباً، وقد كان لدى الوالد “بوريس سيديس” نظريّة أن التعليم في المدارس يقلّل من قدرات الأطفال، وإذا تُرك الطفل دون تعليم سيصبح أذكى من المتعلّمين.
يعتبر ويليام أحد أبناء المهاجرين اليهود من أوكرانيا؛ حيث هاجر والده بوريس سيديس عام 1887 هرباً من الاضطهاد السّياسيّ، وكانت والدته سارة (ماندلبوم) سيديس الحاصلة على دكتوراه في الطبّ، وعائلتها قد فرّت من المذابح في أواخر الثّمانينات من القرن التّاسع عشر، والتحقت سارة بجامعة بوسطن وتخرّجت من كلية الطبّ في عام 1897، وهذا إن دلّ على شيء فسيدلّ على الجوّ العائلي الذي حظيّ به وليام والتركيبة العلميّة المعقّدة لعائلته، وكما لكلّ امرئ من اسمه نصيب فقد سُمّي ويليام بهذا الاسم نسبةً إلى صديق وزميل بوريس الفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس، وكان بوريس قد نشر العديد من الكتب والمقالات وأدى عملاً رائداً في علم النّفس غير الطبيعيّ، وكان يعرف العديد من اللغات، وأصبح ابنه ويليام مثله في سنّ مبكر.
ميلاده
وُلد في 1 أبريل 1898 في مدينة مانهاتن في نيويورك؛ هذه المدينة التي تضمّ أعلى جامعات العالم تصنيفاً؛ ألا وهي جامعة هارفارد، حيث انتسب لها في عمر مبكّرة وتخرّج منها مُراهقاً وذاع سيطه وسطها، وحاضر معلّميه وأساتذته وألّف أعمالاً في الرياضيات.
أصله
تعود أصول ويليام إلى اليهود الأوكرانيين الذين هاجروا هرباً من الاضطرابات السّياسيّة والقتل غير المشروع الذي اجتاح بلادهم في ثمانينات القرن التاسع عشر، ولجؤوا إلى أمريكا تحديداً مدينة نيويورك حيث العدل والمساواة وتقدير الحريّات والحقوق.
طفولته
بدأ بتعلّم الحروف الأبجديّة في عمر السّتة أشهر، حيث لم يكتمل تسنينه بعد (بزوغ أسنانه)، وحين بلغ عمره سنة ونصف كان قادراً على قراءة صحيفة (نيويورك تايمز) New York Times، فهل لك أن تتخيّل ذلك عزيزي القارئ أن ترى طفلاً لم تنضج حركته بعد أو كلامه يقرأ صحيفة عالميّة بطلاقة وسلاسة! وتعلّم اللاتينية قبل أن يتجاوز الثّلاث سنوات؛ هذه اللغة المُعتمدة في المصطلحات الطبيّة والحسابيّة، وفي السّابعة من عمره أتقن التحدّث بثماني لغات بطلاقة، وهي: الفرنسيّة، واللاتينيّة، واليونانيّة، والعبريّة، والروسيّة، والانجليزيّة، والتركيّة، والألمانيّة، هذه اللغات التي تختلف بحروف أبجديّتها وطريقة رسمها وكتابتها؛ أي أنّه أصبح أشبه بقاموس متعدّد اللغات أو كجهاز محمول تستطيع تغيير لغته بنقرة زرّ.
تعليمه
أنهى تعليمه الابتدائي في الثامنة من عمره، وتقدّم بطلب الالتحاق بجامعة هارفارد واجتاز جميع اختبارات الالتحاق بالجامعة، ولكن رغم ذلك رفضت الجامعة طلبه بحجّة أنّه صغير السنّ، فقد جرت العادة بأن تكون ضحكات الأطفال ممّن هم في مثل سنّه تملأ الأرجاء، وأكبر أولويّاتهم اللعب وتحصيل قطع الحلوى اللذيذة، وفي الحادية عشر من عمره أعاد محاولات الالتحاق بجامعة هارفارد، ونجح في ذلك ليصبح أصغر طالب يلتحق بالجامعة، وتخرّج منها وهو في السادسة عشر من عمره مع مرتبة الشرف، وذلك في عام 1914 ليصبح أصغر بروفيسور في التاريخ.
بجانب دراسته كان يُلقي محاضرات في جامعة هارفارد حول الأجسام رباعيّة الأبعاد، وله 4 مؤلفات في الرياضيات، وقام بتطوير نظريات عدّة في علم اللوغاريتم، وقدّم مقالات عديدة في علم التشريح؛ مما جعله يتصدّر عناوين الأخبار وعلى رأسها نيويورك تايمز NewYork Times، وفي عمر الرابعة والعشرين أتقن التحدث بأكثر من 40 لغة.
لقد أمضى مراحل طفولته ومراهقته وشبابه في العلم والتعلّم بسبب ذكائه العالي، واختصر المراحل الدراسية بواحدة أقصر وأسرع منها لا تصلح إلا له وليام سيديس الطّفل الخارق.
لماذا وليام أذكى شخص في العالم؟
يُعتبر وليام الوحيد الذي حصل على معدلٍ عالٍ في اختبار الذكاء، حيث ذكرت المراجع أنه حصل على ذكاء بين 250 – 300، وبذلك يكون قد تفوّق على ألبرت أينشتاين الذي حصل على ذكاء بين 160-190، وعلى سبيل المقارنة حصل ستيفن هوكينج على حاصل ذكاء 160، وحصد غاري كاسباروما أفضل لاعب رسمي في الشطرنج على 194، وفي الوقت الحالي كان أعلى اختبار رسمي هو اختبار تيرنيس تاو الامريكي الاسترالي البالغ من العمر 43 عاماً والذي سجّل ما بين 225 – 230.
أكد العديد من مُعاصري ويليام بما في ذلك نوربرت وينر، ودانيال فروست كومستوك وويليام جيمس؛ أنه كان ذكيّاً للغاية، ففي الخامسة من عمره كان بإمكان ويليام استخدام الآلة الكاتبة؛ هذه اللوحة التي تحتوي الحروف الأبجدية بتنسيق معيّن مع مستلزمات تنسيق النصوص من علامات الترقيم والمسافات والضبط يخضع مستعملوها لدورات احترافيّة حتّى يتمكّنوا من التعوّد على استعمالها شيئاً فشيئاً، ومن ثمّ محاولة حفظ أماكن الحروف والكتابة غيباً دون النظر إليها، وليام ذو الخمسة أعوام الطفل الذي ينبغي أن تلفت انتباهه لعبة المكعّبات أو السيّارة التي تعمل بجهاز تحكّم عن بعد وجّه شغفه وذكائه للآلة الكاتبة، ثم تقدّم بطلب لجامعة هارفارد في سنّ السادسة، وتمّ رفضه حيث زعمت الجامعة أنه غير ناضج، وعلى الرغم من أن الجامعة رفضت في السابق السماح لأبيه بتسجيله في سن التاسعة لأنه كان لا يزال طفلاً، إلا أن سيديس سجّل رقماً قياسياً في عام 1909، وكان عمره 11 عام، وبذلك أصبح أصغر شخص يسجّل في جامعة هارفارد.
اختراعات أذكى شخص في العالم
ألقى ويليام محاضرته الأولى عن الفيزياء ثلاثية الأبعاد، وكان إتقانه للرياضيات لا يُصدّق، وقد أثنى عليه الجميع؛ حيث قال أستاذ الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا دانيال ف كومستوك: “طريقة تفكيره هي فكر حقيقي.. إنه لا يحشر رأسه بالحقائق إنها أسباب”، وبدأ ويليام باتباع دورة تدريبية بدوام كامل في عام 1910، وحصل على درجة بكالوريوس الآداب مع مرتبة الشرف في 18 يونيو من عام 1914، وذلك في السادسة عشر من عمره.
بعد التخرج أصبح مُساعداً لتدريس الرياضيات في جامعة رايس في هيوستن – تكساس وهو في السابعة عشر من عمره، وكان زميلاً للخريجين يعمل على الدكتوراه، وهناك قام بتدريس ثلاثة فصول بما في ذلك الهندسة الأقليدية والهندسة غير الأقليدية وعلم المثلثات، حتى أنه كتب كتاباً دراسياً لدورة الهندسة الأقليدية باللغة اليونانية، واستمرّ هناك لمدة تقل عن عام.
ربّما تتساءل عزيزي القارئ كيف لشخص بدهاء ومكانة وليام أن يترك هذا الصرح العظيم ويبتعد عنه! نعم إنّه التنمّر والأذى النفسي الذي طاله من أقرانه بعدما اتّهموه بأنه يدّعي الذكاء وهو ليس فيه، وأنه أصغر الطلاب سنّاً فكانوا يعاملونه كطفل يانع ويبتعدون عنه دون النّظر إلى قدراته أو احترام ملكَاته.
كتب عدداً من الكتب بما في ذلك تاريخ الولايات المتحدة المؤلف من 1200 صفحة، وكتاب عن تذاكر الترام التي كان يحبّ جمعها، وفي الآونة الأخيرة تم بيع نسخة من كتاب كتبه في عام 1925 اسمه The Animate and Inanimate الذي تكهّن فيه حول أصل الحياة في سياق الديناميكا الحرارية، حيث بيع في لندن إلى شخص مجهول مقابل 8000$ دولار أمريكي، وكتب سيديس أيضاً عن مواضيع مثل علم الكونيّات، والتاريخ الهندي الأمريكي، والأنثروبولوجيا، وعلم الكلام، فغطى مجموعة واسعة من المواضيع، وقد ركّزت بعض أفكاره الرئيسية على الانعكاس الكوني والاستمرارية الاجتماعية.
في الحركة والجماد 1925 تنبأ سيديس بوجود مناطق من الفضاء؛ حيث يعمل القانون الثاني للديناميكا الحرارية، الاتجاه المعاكس للاتجاه الزمني الذي نشهده في منطقتنا المحلية، كل شيئ خارج ما نسميه اليوم مجرّة سيكون مثل هذه المنطقة، وادّعى سيديس أن الضوء لن يتولّد في هذه المنطقة.
لغة vendergood اللغة الخاصة التي ابتكرها سيديس بنفسه، كتاب ابتكره في سنّ الثامنة على أساس اللاتينية واليونانية، ولكنها تعتمد أيضاً على الألمانية والفرنسية، وتوضح الأجزاء الأخرى أصل الأرقام الرومانية.
يحدّد كتاب القبائل والولايات الذي تمّت كتابته حوالي عام 1935 تاريخ الهنود الحمر مع التركيز في الغالب على القبائل الشمالية الشرقية.
وفاة وليام جيمس
توفّي سيديس بنزيف دماغيّ في عام 1944 في بوسطن عن عمر ناهز السادسة والأربعين؛ وهو السبب نفسه الذي تُوفّي به والده عام 1923، وهذا ما يُثبت تأثير الوراثة في نقل الأمراض من الآباء إلى الأبناء، وقد أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى تأثير الضغط النفسيّ والحزن على صحة القلب والدماغ والأعصاب، فعلى الرغم من شهرته وذكاءه الخارق، لم يلقَ التقدير الكافي الذي يستحقه، واعتبره الناس شخصاً شاذاً يتظاهر بالذكاء للفت الأنظار إليه، وتعرض لانهيار عصبي أثناء دراسته في الجامعة، وفي العشرينيات من عمره استقال من منصبه كبروفيسور بجامعة “رايس” بسبب الضغط النفسي، وقيل أنه لم يتحمل ضغط الإعلام عليه، وانسحب من أي مهنة تحتاج إلى مجهود ذهني عالٍ.
عندما تخرّج قال للصحفيين أنه يريد أن يعيش حياة كاملة، مما يعني العيش في عزلة، ولقد تعهد بالبقاء عازباً وعدم الزواج مطلقًا، حيث قال إن النساء لم تستهويه أبداً، ومع ذلك، في وقت لاحق ارتبط بامرأة شابة تدعى مارثا فولي.
بعد قضاء فترة قصيرة كأستاذ رياضيات بعد التخرج، اختفى سيديس عن الأنظار، وانتقل من مدينة إلى أخرى، ومن وظيفة إلى وظيفة، وغالباً ما استخدم اسماً مستعاراً، وطوال هذا الوقت، كتب عدداً من الكتب، ولكن لم يتم نشر كتبه على نطاق واسع، واستخدم ما لا يقل عن ثمانية أسماء مستعارة، وهذا هو السبب وراء عدم القدرة على نشر كتبه، ويقول والاس: “ربما لن نعرف أبداً عدد الكتب التي نشرها بأسماء مزيفة“.
في عام 1919، بعد وقت قصير من انسحابه من كلية الحقوق، قُبض على سيديس بسبب مشاركته في عرض اشتراكي في عيد العمال في بوسطن تحول إلى عنف، وحكم عليه بالسجن لمدة 18 شهر بموجب قانون الفتنة لعام 1918 من قِبل قاضي محكمة روكسبري ألبرت ف هايدن، وظهر اعتقال سيديس في مكانة بارزة في الصحف، بعد أن حصل تخرجه المبكر من جامعة هارفارد على شهرة كبيرة بين المشاهير المحليين، وأثناء المحاكمة، صرح السيد سيديس بأنه كان اشتراكيًا، وطوّر في وقت لاحق فلسفته التحررية الخاصة على أساس الحقوق الفردية و”الاستمرارية الاجتماعية الأمريكية”، وفي سنة 1924 وجده أحد المراسلين يعمل ككاتب صغير، وقال أن كل ما يتمناه هو أن يقوم بعمل لا يشكل عبئاً عليه، وبعيداً عن أضواء الإعلام، وكان عمره وقتها 26 عاماً، وقضى بقية حياته كشخص عادي بعيداً عن العلم والرياضيات.