جدول المحتويات
الحسب والنسب عند العرب
اشتهر العرب بالاعتزاز بالحسب والنسب، والتي كانت واضحة في الشعر العربي عموماً، فلم يخلو الشعر الجاهلي من المفاخرة والرثاء فيما يخص الحسب والنسب والحياة الاجتماعية إضافة إلى الاعتزاز بالقبائل، واقتفى بعض شعراء عصرنا الحديث هذا النهج، ممجدين الأصول والعادات العربية مؤكدين على الخصال التي تميزهم عن غيرهم من الأمم، واضطُر العرب إلى حفظ أنسابهم مشافهة إلى أن جاء عصر التدوين وتكونت أشجار النسب التي شملت أسماء الأجداد وتفرعات الآباء والأبناء، وحتى أماكن عيشهم أو تنقلهم وما تميزوا به من صفات.
الحسب والنسب لغة واصطلاحاً
- الحسب: هي الخصال الحميدة في الإنسان والشرف في الفعل، أي سمعته من الأخلاق، الشجاعة، الجود، الوفاء، وتلبية النداء، فإن التزم المسلم بتعاليم القرآن وسنة رسول الله ﷺ كان ذلك حسبه إذ يحث دين الإسلام الحنيف على جميع هذه الأخلاق الفضيلة.
- النسب: جمعها أنساب، وهي الآباء والأصول التي يعود إليها الإنسان، وهو علم قائم بحد ذاته كبقية العلوم ويلزمه الدقة والتحقق من صحة المعلومات، كما تم جمعه وتوثيقه منذ القدم.
قال الشاعر الجاهلي (متلمس الضبعي) في إحدى قصائده: “ومن كان ذا نسبٍ كريمٍ ولم يكنْ .. له حسبٌ كـان اللئيم المذمما”، ففرق بين الحسب والنسب، فعرّف النسب بعدد الآباء والأمهات إلى حيث انتهى، والحسب يحصل للرجل بكرم أخلاقه وإن لم يكن له نسب.
النسب في القرآن والسنة
كان الإسلام وسطاً في مسألة الأنساب، فلم يجعل فيه تعصّباً أو تعظيماً بالغاً، ولكنه كذلك لم يدعو على نكران أهميته، وإنما كانت أهمية النسب في الإسلام تكمن في تعزيز صلة الأرحام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لحجرات: 13]، وفيها بيان لمعرفة الأنساب وبيانها وصلة الرحم، لا للتفاخر بالقبائل والأصول، فإن تفاخَر المسلم فليفتخر بتقواه وحسن عمله، وقال تعالى: {وكان أبوهما صالحًا} [الكهف: 82]، فلم يمنع الإسلام ذكر محاسن الآباء والأجداد ومكارمهم، بل كان من البر نقل تجاربهم في الحياة وحسن أخلاقهم وتعاملهم مع المواقف المختلفة، كما وهب الله عز وجل الرسول ﷺ النبوة في الزمن الجاهلي الذي اهتم بالحسب والأنساب، إذ كان نسبه ﷺ يعود إلى قبيلة قريش والتي كانت تعد أعظم قبائل الجزيرة العربية آنذاك، فكان يفتخر بنسبه قائلاً: “أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ” [متفق عليه]، وفي هذا ترسيخ لهذه القيم الأصيلة تبعاً لما عرف عن عبد المطلب من فطنة وحكمة تفاخر بها رسولنا الكريم.
طبقات النسب
هي المنازل والمراتب تبعاً لحجمها، وقد تم تقسيمها في علم الأنساب إلى طبقات تختلف في عددها حسب المصدر، نذكر منها ست طبقات رئيسية:
- الطبقة الأولى (الشعب): الجماعة الكبيرة ترجع لأبٍ واحد، والتي يتشعب منها القبائل.
- الطبقة الثانية (القبيلة): هي فرع من أفرع الشعب، فتكون جماعة أصغر، وكلما مر الزمن أصبحت القبيلة شعباً بسبب كثرة عددها، ويطلق عليها (الجمجمة) إشارة إلى صلابة الروابط التي تجمعها والعصبة والحمية بينهم، وتعتبر أكبر تجمع لنسل رجل، تحوي تجمعات ذات سلوكيات متشابهة.
- الطبقة الثالثة (العمارة): أو العشيرة، وهي شُعبة من القبيلة.
- الطبقة الرابعة (البطن): هي فرع من العَشيرة، وقد قيل أن البطن هو ما دون القبيلة وفوق الفخذ.
- الطبقة الخامسة (الفخذ): هو الذي تنقسم فيه أنساب البطن؛ مثلاً: كان آل عبد مناف بطناً في زمن نبوته ﷺ بينما شكلت أفخاذه آل هاشم، وآل عبد شمس، وآل المطلب، وآل نوفل.
- الطبقة السادسة (الفصيلة): هي الأسرة التي يجتمع تحتها الأفراد.