جدول المحتويات
البنك الربوي
البنك هو مؤسسة مالية وسيطة، تسهل على العملاء عدداً من المعاملات القائمة على العرض والطلب على المال، حيث يتم الاحتفاظ بفائض الأموال في البنك فيقوم باستثماره وتشغيله وذلك حسب الاتفاق بينه وبين صاحب المال، كما أنه يقدم خدمات متنوعة للعملاء كفتح حسابات خاصة بهم، وتسهيل إعطائهم القروض وتمويل المشاريع، وخدمات متنوعة. وللبنك عدد من الأنواع والتي تختلف عن بعضها بالعديد من الأمور أهمها الإدارة وطريقة العمل.
تعريف القرض الربوي
تعمل معظم البنوك في الدول العربية والأجنبية على نفس المبدأ وطريقة العمل التي تعتمد على العلوم المالية والمصرفية العالمية، وهذه البنوك تقدم عدداً كبيراً من الخدمات التي يحتاجها العملاء أهمها القروض، والتي تعتبر المحرك الرئيسي لهذه البنوك، ويتعامل مع هذه القروض ملايين الأشخاص، وذلك من أجل مجالات حياتية متنوعة، كشراء عقار أو سيارة، أو حتى دفع مصاريف العلاج والدراسة، وتعتبر القروض المأخوذة من هذه البنوك قروضاً ربوية، حيث يتم تقديم مبلغ من المال للعميل مقابل إعادته مع فوائد معينة خلال فترة محددة من الزمن، ويتم دفع هذا المبلغ على شكل أقساط شهرية محددة، وفي حال عدم القدرة على تسديد المبلغ الأصلي يتم اقتطاعه من الكفيل، أو قد يتم الحجز على الشيء الذي تم شراؤه بالقرض كالبيت أو السيارة، وذلك تحت مسمى الضمانات، وعكس القروض الربوية هي القروض الحسنة، والتي يتم الحصول عليها من البنوك الإسلامية، وتختلف عن القروض الربوية بأنه يتم إعادة القرض كما هو دون زيادة.
حكم القرض من البنك الربوي
يعتبر القرض بشكل عام من الأمور المباحة في حال الحصول عليه بطريقة شرعية، أما القرض الذي يتم أخذه من بنك ربوي أحد طرق أكل الربا، وأكل الربا لا يجوز بحال، ومهما اختلفت النسبة قليلة أو كثيرة، وهو من أكبر الكبائر، ولا يوجد مسوغ واحد يجيز للمسلم التعامل مع الربا، وعلى المسلم أن يتحرى الطرق المشروعة من أجل الاقتراض، ومن العلماء من أجاز الاقتراض من البنوك الربوية في حال الضرورة القصوى، وذلك استناداً إلى قوله تعالى: {…فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ…} [البقرة: 173]، ولكن هذه الضرورة لا يمكن أن يحددها الشخص العادي، وإنما يجب ان يستشير بها أهل العلم والاختصاص، وتختلف الغايات التي يمكن طلب القرض لأجلها، منها:
- سداد الديون، والزواج: الاقتراض من البنوك الربوية لا يجوز، لأنها ليست حاجة ضرورية.
- شراء مسكن عائلي: لا يجوز له الاقتراض بالربا لمثل هذا العمل، ويجب البحث عن طريق مشروعة للحصول على المال، ولكن من يعيش في البلاد الأوروبية لا يمكنهم الحصول على قروض إسلامية، ولذلك فإن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وفي ضوء الأدلة والقواعد والاعتبارات الشرعية، لا يرى بأساً من اللجوء إلى هذه الوسيلة، واعتبر أنها من الضرورات التي تبيح المحظورات، ولكن بشرط ألا يكون لدى المقترض بيت آخر، وأن يكون هذا البيت مسكنه الأساسي، وألا يكون عنده فائض من المال يمكّنه من شراء المسكن بغير هذه الوسيلة.
- التجارة وفتح مشروع: إذا كان القرض بلا فائدة مشروطة فإنه جائز، ولا يمتنع أن يكون البنك ربوياً، وبغير ذلك يكون غير جائز.
حكم أخذ القرض الربوي للحاجة والضرورة
يتسائل عن حكم أخذ القرض الربوي للحاجة والضرورة الكثير من الاشخاص، يُعرف الربا من المحرمات التي جاء ذكرها بنص قرآني صريح، وتوعّد الله عز وجل الشخص الذي يأخذ الربا ما لم يتوعد غيره، فقال الله عز وجل {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (سورة البقرة: 279) فقد شُبه الذي يأخذ الربا بالشخص الذي يحارب الله تعالى ورسوله، وقد بين الله تعالى في الآية السابقة بأنّه من يأخذ الربا ويحارب الله ورسوله فليأذن بالحرب من الله؛ إلا أنّ الله سبحانه وتعالى بيّن بعض الضرورات التي تبيح المحظورات، والضرورة ليس مقصود فيها الضرر العادي الذي يمكن للشخص تفاديه أو إيجاد حلولٍ أخرى مشروعة له، إنّما يُقصد بها الضرورة التي تُقدر بقدرها فقال الله تعالى {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (سورة الأنعام: 119)، وقد بين بعد ذكر بعض المحرمات قوله تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (سورة البقرة: 173)، ومع شدة حرمة الربا وذنبه العظيم فقد أذن الله تعالى فعله عند الضرورة القصوى، والضرورة هنا تكون للشخص المُقترض لا للشخص المُقرض بضوابط مشروعة.
الضوابط المحددة للضرورة التي تبيح أخذ الربا
قد بين الفقهاء ضوابطاً محددة للضرورة التي تُبيح أخذ الربا، ولابد من مراعاتها حتى لا يقع الشخص في ارتكاب الأمور المحرمة دون تحقق هذه الضوابط نبينها فيما يلي:
- أنّ تكون الضرورة قائمة ولا ينتظرها الشخص أو يتوقع حدوثها مستقبلاً، فلا يجوز الاقتراض بالربا تحسّباً بما سيقع في الأمور المستقبلية.
- أنّ لا يوجد أمام الشخص وسيلةً أخرى لدفع الضرورة إلا مخالفة الأوامر، والضوابط، والنواهي الشرعية، بمعنى أنّ لا يجوز أخذ القرض الربوي مع وجود بدائل أخرى مشروعة أو بدائلاً أخف في التحريم.
- تقدير الضرورة ومراعاة قدرها، أيّ أنّه لا يجوز للشخص المضطر أنّ يأخذ القرض الربوي عند الضرورة إلا بما يسد حاجته ومقدار الضرورة لديه، سياقاً على أنّه لا يجوز للمضطر أنّ يأكل من لحم الميتة إلا بما يسد رمقه ويكفي حاجته ويبقيه على قيد الحياة كما بين الفقهاء.
- أن لا يلجأ الشخص المضطر للقرض الربوي على فعل لا يحتمل الرخصة، سياقاً على أنّه لا يجوز له قتل غيره افتداءاً لنفسه، وذلك لأن نفسه ليست أولى من نفس غيره، وعلى هذا القاعدة يُقاس القرض الربوي.
- أخيراً يُفترض من الشخص المضطر مخافة الله والبحث قدر الإمكان عن البدائل المشروعة وتذكر قول الله تعالى{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (سورة الطلاق: 2)، وأنّ يتدبر جميع الأمور لإيجاد حلٍ بديل غير الربا، وإنّ أراد أن يأخذ قرضاً ربوياً لوقوع الضرورة المشروطة بضوابطٍ معينة كما بينا سابقًا، يمكنه اخذ ما يسد حاجته فقط بقدر الضرورة، وما يحمي عنه وقوع الضرر الحالي لا الضرر المتوقع بالمستقبل.
شروط الحصول على قرض من بنك ربوي
أباح العلماء أخذ القروض من البنوك الربوية إذا كانت هناك ضرورة ملحّة لذلك، وذلك وفق مبدأ الضرورات تبيح المحظورات، ويكون الإثم في هذه الحالة على آخذ الربا وحده، ولكن هذا بشروط محددة وشديدة عند العلماء تتلخص بالآتي:
- أن تكون ضرورة حقيقية، لا مجرد كماليات، فالضرورة هي الشيء الذي لا يمكن الاستغناء عنه إلا إذا تعرّض للهلاك كالطعام والعلاج.
- أن يكون القرض بقدر ما يفي بالحاجة دون أن تزيد.
- أن يستنفذ المسلم كل طريقة مباحة ومتوفرة للخروج من الأزمة المادية التي يعاني منها ولا يمنعه الحياء أو الكبر من الاقتراض من أي شخص يعرفه بدلاً من أخذ الربا، أو أن يأخذ من أموال الصدقات والزكاة، فإن لم يجد وسيلة أخرى لجأ إلى القرض.
- أن يقدم المسلم على القرض وهو كاره له، وغير مستحل له، وأن يدعو الله أن يجعل له مخرجاً.