جدول المحتويات
النافلة في اللغة هي الزيادة، وفي الاصطلاح الشرعي هي كل عبادة ليست بواجبة على المسلم، بل هي زائدة على ما فرضه الله تعالى عليه، وهي بهذا المعنى عامة لتشمل السُّنن المؤكدة، والمندوبات، والتَطوعات؛ لذا قد يعبر عن النافلة بلفظ السُّنة، أو المندوب، أو المستحب، أو التطوع.
تعريف النوافل
النوافل في اللغة
ورد في معجم اللغة العربية المعاصرة: نافِلة كلمة مفردة، وجمعها: نافِلات، ونَوافِلُ، وهي صيغة المؤنَّث لفاعل نفَلَ، وهي ما زاد على النَّصيب أو الحقِّ المفروض، وهي صلاة لم تُفرض على المؤمنين شرعًا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}(الإسراء: 79)، ونافِلة القول: ممّا لا حاجة لذكره؛ نظرًا لوضوحه التّام، وبمعنى هبة وعطاء “كثير النوافل- عمَّتهم نوافله”، وأيضًا غنيمة، وفي معجم لغة الفقهاء النافلة بكسر الفاء جمعها: نوافل، ما زاد على النصيب، أو الحق، أو الفرض، أو ما زاد عن الواجب، ومنه: نوافل العبادات.
النوافل في الاصطلاح الشرعي
النوافل هي كل عبادة ليست بواجبة على المسلم، بل هي زائدة على ما فرضه الله تعالى عليه، وهي بهذا المعنى عامة لتشمل السُّنن المؤكدة والمندوبات والتَطوعات؛ لذا قد يعبر عن النافلة بلفظ السُّنة، أو المندوب أو المستحب، أو التطوع؛ فهي بمعنى واحد لترادفها، وذلك على المشهور من أقوال أهل العلم.
فضل النوافل
بناء بيت في الجنة
السنن الرواتب (النوافل) لها فضل عظيم، ومن ذلك ما ورد أن من حافظ عليها؛ بنى الله له بيتًا في الجنة، كما جاء في حديث أم حبيبة -رضي الله عنها- الثابت في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير فريضة، إلا بنى الله له بيتًا في الجنة” وكذلك رواية الترمذي تفسر هذه الركعات: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة؛ بنى الله له بيتًا في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر”.
تحريم جسده عن النار
وردت نصوص في فضل بعض أفرادها؛ من ذلك: ما ثبت من الترغيب في صلاة أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، فقد جاء في سنن أبي داود عن أم حبيبة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، حرم على النار”[صححه الإمام الألباني].
المحافظة عليها خير من الدنيا وما فيها
وكذلك ما ورد في فضل ركعتي الفجر: من حديث عائشة -رضي الله عنها وعن أبيها- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “رَكْعَتَا الْفَجْرِ، خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا”[رواه مسلم].
إجبار النقص في الفرائض
من فضل السنن الرواتب والنوافل عمومًا، أنها تجبر النقص الذي قد يحصل في الفرائض؛ فقد أخرج الإمام الترمذي في سننه عن حريث بن قبيصة، قال: قدمت المدينة، فقلت: اللهم يسر لي جليسًا صالحًا، قال: فجلست إلى أبي هريرة، فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسًا صالحًا، فحدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ لعل الله أن ينفعني به، فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: “إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت؛ فقد خاب وخسر؛ فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب -عز وجل- انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك” [صححه الألباني].
سبب لنيل حب الله
إن فضل النوافل والرواتب، أنها سبب لنيل حب الله -تعالى- ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: قال الله تعالى: “من عادى لي ولياً؛ فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليِّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه، وما ترددتُ عن شيءٍّ أنا فاعله، ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته” [رواه البخاري].
نوافل يحبها الله تعالى
النوافل من الصلاة
تنقسم النوافل إلى قسمين:
نوافل تابعة للفرائض
تسمى بالرواتب، أو سنن الفرائض، وهي نوعان:
- مؤكدات: وهي اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
- غير المؤكدات: أربع قبل العصر، وركعتان قبل المغرب، وركعتان قبل العشاء.
النوافل غير الرواتب
هي كثيرة، منها: صلاة الوتر، وصلاة الضحى، وهناك نوع من النوافل يسميه بعض العلماء سنناً مؤكدة كالعيدين، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف.
نوافل مطلقة
هي غير مقيدة بعدد، وهي تصلى في أي وقت باستثناء أوقات النهي.
النوافل من الصيام
صيام النافلة ينقسم إلى قسمين:
أولهما: التطوُّع المطلق
يمكن للمسلم أن يتطوع بصيام أي يوم أراد من أيام السنة، إلا ما ورد النهي عنه، مثل: يومي العيدين الأولين؛ لأن صيامهما محرم، وأيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد عيد الأضحى، فالصيام فيها محرم إلا في الحج لمن ليس عنده هدي، وما عدا صيام يوم الجمعة وحده بقصد، وذلك لورود النهي عنه، ومن أفضل صور التطوع المطلق: صيام يوم وفطر يوم لمن قدر عليه كما جاء في الحديث: “أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلام- وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا” [رواه البخاري ومسلم].
ثانيهما: التطوُّع المقيد
هو أفضل من التطوُّع المطلق من حيث العموم، وينقسم إلى قسمين:
المقيّد بحال الشخص
كالشاب الذي لم يستطع الزواج، كما في حديث عَبْد اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه- “كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا؛ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ” [رواه البخاري ومسلم].
المقيد بوقت معين
هذا متنوع، فبعضه يكون بشكل أسبوعي، وبعضه شهري، وبعضه سنوي.
- الأسبوعي: هو استحباب صيام يومي الاثنين والخميس، فعن عَائِشَةَ قَالَتْ “إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس” [رواه النسائي وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير].
- الشهري: هو استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: “أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ” [رواه البخاري ومسلم].
- السنوي: منه ما هو يوم معين، ومنه ما هو فترة يسن الصوم فيها.
فمن الأيام المعينة:
يوم عاشوراء
هو اليوم العاشر من شهر محرم، فعن “ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ عَلَى الأَيَّامِ إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ، وَلا شَهْرًا إِلا هَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي رَمَضَانَ” [رواه البخاري ومسلم]، ويسن أن يصوم معه يومًا قبله، أو يومًا بعده لمخالفة اليهود.
يوم عرفة
هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو مستحب لغير الحاج الواقف بعرفة ، كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في فضل الثلاث الماضية كلها: “ثَلاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ؛ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ” [رواه مسلم ].
أما الفترات التي يسن الصوم فيها فمنها:
شهر شوال
يسن صيام ستة أيام منه؛ لقول رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ” [رواه مسلم].
شهر محرم
يسن صيام ما تيسَّر منه، وذلك تبعًة للحديث: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ” [رواه مسلم].
شهر شعبان
ثبت عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إَِلا قَلِيلاً” [رواه البخاري ومسلم].
النوافل من الصدقات
مما تدلُّ عليه السنة الشريفة، والقرآن الكريم أن الصدقات الزائدة عن الفريضة هي من أهمِّ النوافل التي يحبها الله تعالى؛ لما فيها من الخير لصاحبها، وأخذها، فقد قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}(التوبة: 103).
أنواع النوافل
النوافل المقيدة بوقت معين
من النوافل المقيدة بوقت معين: صلاة العيدين، وصلاة الضحى، ويجوز للمسلم أن يصلّيها ركعتين، أو أربع، أو ست، أو ثمان، أو اثنتا عشرة ركعة، وتؤدّى ركعتين ركعتين، أما عن فضلها العظيم فقد قال رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- “يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ… وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى”، بالإضافة إلى صلاة الخسوف: يبدأ وقت صلاة الخسوف عند بدء خسوف القمر، ويستمرّ إلى أن يذهب الخسوف، وكذلك يبدأ وقت صلاة الكسوف عند بدء كسوف الشمس، ويستمرّ إلى أن يذهب الكسوف سواءً ذهب الضوء كلياً أم جزئيّا.
هناك أيضًا صلاة الاستسقاء: وقت صلاة الاستسقاء يكون عندما يحلّ القحط، ويطلب الناس من الله -تعالى- المطر، فقد شكا الناس للنبيّ قلّة المطر، فأمر أن يوضع له منبرٌ في المسجد، وحدّد موعداً للناس لكي يأتوا فيه، فجاء النبيّ وجاؤوا في نفس الوقت، فجلس -عليه الصلاة والسلام- على المنبر، وكبّر الله وحمده، ثمّ قال: “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يفعلُ ما يريدُ، اللَّهمَّ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ الغَنيُّ، ونحنُ الفقراءُ أنزِلْ علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَ لَنا قُوَّةً وبلاغًا إلى حينٍ، ثمَّ رفعَ يدَيهِ فلم يزَل في الرَّفعِ حتَّى بدا بياضُ إبطيهِ، ثمَّ حوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ وقلبَ، أو حوَّلَ رداءَهُ وَهوَ رافعٌ يدَيهِ، ثمَّ أقبلَ علَى النَّاسِ، ونزلَ فصلَّى رَكعتَينِ، فأنشأ اللَّهُ سحابةً فرعَدَت وبرِقَتْ، ثمَّ أمطرَتْ بإذنِ اللَّهِ، فلم يأتِ مسجدَهُ حتَّى سالتِ السُّيولُ، فلمَّا رأى سرعتَهُم إلى الكِنِّ ضحِكَ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- حتَّى بدَت نواجذُهُ، فقالَ أشهدُ أنَّ اللَّهَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ وأنِّي عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ”.
النوافل غير المقيدة
نوافل مطلقة غير مقيّدة بوقت هي النّوافل التي تُصلى بأي عددٍ، وتصلّى بأيّ وقتٍ إلا أوقات الكراهة الخمسة؛ وهي: من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ومن طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح في السماء، وعند قيام الشمس حتى تزول، ومن صلاة العصر إلى غروبها، وإذا بدأت بالغروب حتى يتمّ الغروب.
النوافل المطلقة
ليس لها عددٌ محدّد، ولا وقتٌ محدّد، ولا مكانٌ محدّد، ولا تُشرع لحالٍ محدّد، وهي مشروعةٌ للمسافر والمقيم، ولا بدّ لها من نيّةٍ للصلاة، فينوي المصلي قبل الشروع فيها، ويجوز له جمعها مع غيرها من النوافل، ومن نوافل الصيام غير المقيدة بوقت: يمكن للمسلم أن يتطوع بصيام أي يوم أراد من أيام السنة كلها، إلا ما ورد النهي عنه كيومي العيدين؛ لأن صيامهما محرم، وأيام التشريق وهي: الأيام الثلاثة بعد عيد الأضحى؛ فالصيام فيها محرم إلا في الحج لمن ليس عنده هدي ، وما عدا تقصُّد صيام يوم الجمعة وحده؛ لورود النهي عنه، ومن أفضل صور التطوع المطلق: صيام يوم، وفطر يوم لمن قدر.
كيف تصلى النوافل؟
لم يرد تخصيص سور محددة يُستحبّ للمسلم أن يقرأها في النافلة عمومًا، إلّا أنّه ورد قراءة بعض السور في بعض النوافل الخاصة.
عدد النوافل بعد كل صلاة
النوافل المؤكدات
اثنتا عشرة ركعة في اليوم والليلة: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، فتكون النوافل بعد كل صلاة كما يلي:
- ركعتان بعد الظهر.
- ركعتان بعد المغرب.
- ركعتان بعد العشاء.
متى تصلى النوافل؟
وقت صلاة العيدين
أوَّلُ وقتِ صلاةِ العيدينِ من وقت ارتفاعِ الشَّمسِ قِيدَ رُمحٍ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وهو وجهٌ للشافعيَّة، والأدلَّة على ذلك من السُّنَّة النبوية الشريفة:
الحديث الأول
عن عُقبةَ بنِ عامرٍ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: “ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ الله (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) يَنهانا أنْ نُصلِّي فيهنَّ، أو أنْ نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تَطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفِعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشَّمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تَغرُبَ”[صحيح النسائي]، ويُفهم من الحديث أن ما قبل طلوع الشَّمس قِيد رُمْح وقتَ نهي عن الصَّلاة فيها، فلم يكُن وقتًا للعيدِ كقبلِ طلوعِ الشَّمس.
الحديث الثاني
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ -رَضِيَ اللهُ عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): “إذا طَلَع حاجبُ الشمسِ فأَخِّروا الصلاةَ حتى ترتفعَ، وإذا غاب حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى تغيبَ، ولا تَحيَّنوا بصلاتِكم طلوعَ الشمس، ولا غُروبَها؛ فإنَّها تَطلُع بين قَرنَي شيطانٍ”[صحيح البخاري].
الحديث الثالث
عن يَزيدَ بنِ خُمَيرٍ الرحبيِّ، قال: “خرَج عبدُ اللهِ بنُ بُسرٍ-صاحِبُ رسولِ الله (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)- في يوم عيدِ فطرٍ أو أضحى، فأنكر إبطاءَ الإمام، وقال: إنَّا كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد فَرَغْنا ساعتَنا هذه، وذلِك حين التَّسبيح” وفي قوله: “وذلِكَ حين التَّسبيح”، أي: وقتها حينَ يُصلَّى صَلاة الضَّحى إذا مضَى وقتُ الكراهةِ، كما أنَّه حُكِي الإجماعُ على أنَّ فِعلها في هذا الوقتِ أفضلُ الأوقات، وما كان النبيُّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ليفعلَ إلَّا الأفضلَ، وأنَّه المتوارَث في هذه الأمَّة من بعدِ النبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)؛ فيجب اتِّباعُه؛ لأن الأمة لا تجتمع على باطل، كما أنَّه لو كانَ لصلاةِ العيدِ وقتٌ قبلَ طلوعِ الشَّمس قِيدَ رُمح، لكان تقييدُه بطلوعِ الشمس تحكُّمًا بغيرِ نصٍّ، ولا معنى نصٍّ.
آخِرُ وقتِ صلاةِ العِيدينِ
يَستمرُّ وقتُ صَلاةِ العِيدينِ إلى الزَّوالِ، والأدلَّة على ذلك من السُّنَّة النبوية: فعن أبي عُميرِ بنِ أنسِ بنِ مالكٍ، قال: “حدَّثني عُمومتي، من الأنصارِ من أصحابِ رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) قالوا: أُغْمَي علينا هلالُ شوال، فأصبحنا صيامًا، فجاءَ ركبٌ من آخِر النهار، فشهِدوا عندَ النبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) أنَّهم رأوُا الهلالَ بالأمس، فأمَرَهم رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) أن يُفطِروا، وأنْ يَخرُجوا إلى عيدِهم من الغدِ”، لو كان الوقتُ باقيًا لَمَا أخَّرها النبيُّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) إلى الغدِ، ولقد نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ رُشدٍ، والخطيبُ الشربينيُّ، والشوكانيُّ.
تَعجيلُ صلاة عيد الأضحى وتأخيرُ صلاة عيد الفِطر
يُستحبُّ أن تُقدَّمَ صلاةُ عيد الأضحى في أوَّل وقتِها، وأنْ تُؤخَّر صلاةُ عيد الفطرِ عن أوَّلِ وقتها، وهذا مذهبُ الجمهورِ من الفقهاء: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للمالكيَّة، وحُكِي الإجماعُ على ذلك، وذلك لأنَّ تأخيرَ صلاةِ عيد الفِطرِ مناسبٌ؛ حتى يتَّسعَ الوقتُ لأداء صدقةِ الفطرِ، وتعجيلَ صلاةِ عيدِ الأضحى والتخفيفَ فيها مناسبٌ؛ لانشغال الناس في ذبائحِهم.
وقت صلاة الضحى
وقت صلاة الضحى من طلوع الشمس وارتفاعها إلى قبيل وقت صلاة الظهر بقليل، وقدّره الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- بأنه بعد شروق الشمس بربع ساعة إلى قبيل صلاة الظهر بعشر دقائق، فكل هذا الوقت هو وقت صلاة الضحى.
أفضل وقت لصلاة الضحى
الأفضل صلاتها بعد اشتداد حر الشمس؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “صلاة الأوابين حين ترمض الفصال” [رواه مسلم]، وقدّر العلماء هذا بمُضي ربع النهار، أي: نصف الوقت بين طلوع الشمس، وصلاة الظهر.
متى تُكره النوافل؟
كراهة النافلة بسبب الوقت
الأوقات التي يُكره فيها أداء النوافل هي ذاتها أوقات الكراهة العامّة، وهي:
بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس قيد رمح
قد حدد العلماء قدر رمح فقالوا: قدر اثنا عشر شبراً قياساً بيدٍ متوسّطة الحجم”.
بعد صلاة العصر
تكره صلاة النوافل بعد صلاة العصر حتّى تغربَ الشمس، وقد أخرج الإمام مسلم أنّ الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رَسولَ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ”.
توسّط الشمس في السماء
قد ذكر جمهور الفقهاء من: الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة كراهة الصلاة في وقت توسّط الشمس في السماء، وتحديداً عند تعامد الشمس على الأرض، وقبل زوالها عن منتصف السماء، ولم يكره ذلك الإمام مالك، وذلك تبعاً لعمل أهل المدينة، فقد قال الإمام مالك -رحمه الله- “لا أكره الصلاة نصف النهار إذا استوت الشمس في وسط السماء، لا في يوم جمعة ولا في غيره” واستثني الشافعيَّة كراهة الصلاة في وقت الاستواء يوم الجمعة، وكذلك الصلوات ذواتِ الأسباب؛ كصلاة الكسوف أو الخسوف. قبل أذان الظهر، فالتنفّل قبل أذان الظهر بعشر دقائق مكروه.
الصلاة بعد صلاة الوتر
من أوقات الكراهة: الصلاة بعد صلاة الوترِ لمن لا سبب له، وقد صحّ عن الصحابي عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أوقات الصلاة المباحة، فاستنتج العلماء من ذات الحديث أوقات كراهة الصلاة، فقال عمرو: “يا رسولَ اللَّهِ أيُّ اللَّيلِ أسمَعُ؟ قالَ: جوفُ اللَّيلِ الآخرُ فصلِّ ما شئتَ فإنَّ الصَّلاةَ مشْهودةٌ مَكتوبةٌ حتَّى تصلِّيَ الصُّبحَ، ثمَّ أقصر حتَّى تطلعَ الشَّمسُ فترتفعَ قيسَ رمحٍ أو رمحينِ فإنَّها تطلعُ بينَ قرني شيطانٍ ويصلِّي لَها الْكفَّارُ، ثمَّ صلِّ ما شئتَ فإنَّ الصَّلاةَ مشْهودَةٌ مَكتوبةٌ حتَّى يعدلَ الرُّمحُ ظلَّهُ، ثمَّ أقصِر فإنَّ جَهنَّمَ تسجرُ وتفتحُ أبوابُها، فإذا زاغتِ الشَّمسُ فصلِّ ما شئتَ فإنَّ الصَّلاةَ مشْهودةٌ حتَّى تصلِّيَ العصرَ، ثمَّ أقصر حتَّى تغرُبَ الشَّمسُ فإنَّها تغربُ بينَ قرني شيطانٍ ويصلِّي لَها الْكفَّارُ”[صحيح أبي داود].
كراهة النافلة بسبب الجماعة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “صلاة التطوع في جماعة نوعان: أحدهما: ما تسن له الجماعة الراتبة، كصلاة الكسوف، والاستسقاء، وقيام رمضان، فهذا يفضل فيه الجماعة دائماً، كما مضت به السنة النبوية، الثاني: ما لا تسن له الجماعة الراتبة كقيام الليل، والسنن الرواتب، وصلاة الضحى، وتحية المسجد، ونحو ذلك، فهذا إذا فعل جماعة أحياناً جاز” وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة، بل هي بدعة مكروهة، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب غير ما ذكرنا، والنبي (صلى الله عليه وسلم) إنما تطوع في ذلك في جماعة قليلةٍ أحياناً، فإنه كان يقوم الليل وحده، لكن لما بات ابن عباس عنده صلى معه، وليلة أخرى صلى معه حذيفة -رضي الله عنه- وليلة أخرى صلى معه ابن مسعود -رضي الله عنه- وكذلك صلى عند عتبان بن مالك الأنصاري في مكان يتخذه مصلى صلى معه، وكذلك صلى بأنس وأمه واليتيم، وعامة صلاة التطوع (النوافل) إنما كان يصليها منفرداً.
أين تصلى صلاة النافلة؟
تُصلّى صلاة النافلة في المسجد، أو في المنزل، والأفضل في ذلك أن يصليها الرجل في المنزل؛ وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة”[صحيح البخاري].