دليل شامل عن نهر النيل

يقع نهر النيل في جمهورية مصر تحديداً في الناحية الشمالية الشرقية من قارة إفريقيا، ويُعتبر هذا النهر من أطوال الأنهار الموجودة على مستوى قارة إفريقيا والعالم بأسره، وقد شهد هذا النهر نشوء العديد من الحضارات البشرية العظيمة على مدى التاريخ، وكان له دور فعال في نشوء هذه الحضارات وتعاقبها على مر الزمان، ويمتد طول نهر النيل على طول إحدى عشر دولة، ويقوم بتغطية احتياجات هذه الدول من الماء، وتُسمى هذه الدول دول حوض النيل، وهي: جمهورية مصر، وجمهورية السودان، وجنوب السودان، وكينيا، وإثيوبيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وبوروندي، وإريتريا. 

يتحدث هذا المقال عن نهر النيل، ويشمل النقاط التالية:

• تعريف نهر النيل، والسبب وراء تسميته بهذا الاسم.
• أهمية نهر النيل.
• تاريخ نهر النيل في العديد من العصور القديمة والحديثة مثل: العصر الفرعوني، والعصر اليوناني وعصر البطالمة، العصر الإسلامي، والعصر الحديث.
• الدول التي ينبع منها نهر النيل.
• مسار نهر النيل.
• جغرافيا نهر النيل من ناحية الجيولوجيا، والخصائص.
• الأهمية الإقتصادية لنهر النيل.
• أهم الأسئلة الشائعة حول نهر النيل.

نبذة عن نهر النيل

يُعتبر نهر النيل من الأنهار العظيمة التي تتدفق على طول 6.650 كيلومتر تقريباً، وصنف وفقاً لذلك على أنه أطول نهر في العالم حيث يغطي مساحة شاسعة من الأراضي التي يمر بها والتي تُقد بنحو 3.349.000 كيلو مربع، وهناك جدل حول نهر النيل ونهر الأمازون؛ حيث يقول بعض الخبراء بأن نهر الأمازون هو أطول نهر في العالم، ويمر نهر النيل في إحدى عشر دولة إفريقية، ويصب في البحر الأبيض المتوسط، ولعل أهم ما يُميز نهر النيل عن باقي الأنهار في العالم بأن هذا النهر يفيض في الأيام الحارة، على عكس الأنهار الأخرى التي تفيض عند الهطول المطري، وما زال هذا اللغز سبب في  حيرة العلماء لوقتنا هذا، وينبع نهر النيل بشكل رئيسي من بحيرة فكتوريا التي تُغذي نهر النيل من عدة مصادر مائية، وقد قسم الخبراء منابع نهر النيل إلى قسمين رئيسيين وهما: النيل الأزرق، والنيل الأبيض، وتعود مصادر النيل الأزرق التي تُغذي نهر النيل إلى المرتفعات الأثيوبية، بينما ترجع مصادر النيل الأبيض إلى هضبة البحيرة الاستوائية.

يُغذي نهر النيل بعض المصادر المائية التي تُعتبر بعيدة نوعاً ما عن منطقة النهر مثل نهر لوفين زورا في بوروندي، وتلتقي عدة مصادر مائية في نهر ألبرت الذي يتدفق إلى الأراضي السودانية، ومن ثم تصب جميع هذه المصادر في نهر النيل.

تسمية نهر النيل

يُعرف نهر النيل باسم أبو الأنهار، وقد أطلق اليونانيون القدامى اسم نهر النيل على هذا النهر وهو مشتق من كلمة (Neilos) وتعني كلمة الوادي، أو وادي النهر، كما يُطلق على نهر النيل في اللغة اليونانية (AIgyptos) وتعني مصر، كما عُرف نهر النيل في العصر القبطي بيارو وهو النهر الكبير، وعُرف نهر النيل في عهد الفراعنة باسم إتوروعا، ولقبه المصريين بعدة ألقاب منها ما نُسب لبعض الآلهة عند المصريين القدماء، فقد لُقبه المصريون بأبي الآلهة نسبة إلى الآلهة نون الذي كان يعتبره المصريين رب المياه الأزلية، كما لقبوه برب الأسماك، وجالب الخيرات، وواهب الحياة.

أهمية نهر النيل

اكتسب نهر النيل أهمية عظيمة منذ القدم، وكان عنصراً مهماً من عناصر تشكل الحضارات في العالم، وتعود أهميته لمروره في عدد كبير من الدول الإفريقية، إضافةً إلى المساحات الكبيرة التي تغطيها مصادر هذا النهر، وفيما عرض لأهمية نهر النيل من خلال مجموعة من النقاط:

• مصدر مهم وأساسي لري مزروعات الأراضي المُحيطة به.
• يُعتبر مصدر مهم من مصادر الرزق للعديد من الأشخاص، فهو يحتوي على كميات كبيرة من الأسماك التي يقوم الصيادون بصيدها وبيعها في الأسواق المحلية والعالمية.
• يُعتبر عنصر مهم من عناصر الجذب السياحي في جمهورية مصر، ويقصده العديد من السياح من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بجمال مياهه وركوب القوارب فيه.
• استغلال مياه نهر النيل من خلال تنقيطها وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب وضخها للعديد من المنازل المصرية.
• يُعتبر وسيلة من وسائل التنقل في جمهورية مصر، فهو يحتوي على مجموعة كبيرة من القوارب والسفن المُخصصة لنقل الركاب من مكان إلى مكان آخر.
• مصدر مهم من مصادر توليد الطاقة المتجددة، حيثُ قامت الحكومة المصرية باستغلال مياه نهر النيل في توليد الطاقة الكهربائية في مصر من خلال بناء السد العالي في المنطقة.
• استغلال الأراضي المُحيطة بنهر النيل في بناء التجمعات السكنية والفنادق السياحية والتي تتميز بسعرها المرتفع مقارنة مع غيرها من الفنادق والشقق بسبب إطلالتها على نهر النيل.

تاريخ نهر النيل

يُعتبر نهر النيل من أقدم الأنهار التي عرفتها الحضارات الإنسانية القديمة، ونشأت العديد من الحضارات المعروفة على الأراضي المُحيطة بنهر النيل لما تتمتع به من خصوبة، ووفرة في المياه، ولعب نهر النيل دور مهم في العديد من العصور القديمة والحديثة وكان له دور بارز في ازدهار الحضارات والعصور على مر الزمان، وفيما يلي عرض لأهم العصور التاريخية المتعاقبة على نهر النيل:

العصر الفرعوني

عظم المصريين القدماء نهر النيل بشكل كبير واعتبروه رمزاً من رموز الحياة، وعُرف هذا النهر في العصر الفرعوني باسم إيتروعا والتي تعني النهر العظيم، وقد لاحظ المصريين القدماء فيضان هذا النهر في أيام معينة من العام، وقاموا باستغلال هذا الفيضان في ري أراضيهم الزراعية وصيد الأسماك، وبالاعتماد على معرفة ايام فيضان نهر النيل قام المصريين القدماء بوضع تقويم خاص يعتمد بشكل كامل على مواعيد فيضان نهر النيل وأسموه بالتقويم النيلي، كما لاحظ المصريون ارتباط فيضان نهر النيل ببعض النجوم السماوية وتحديداً بنجم يطلق عليه اسم نجم الشعرى اليماني الذي يرافق ظهوره في السماء فيضان مياه النهر، ولم يقتصر المصريين القدماء مياه نهر النيل على الصيد، والتنقل، وري المزروعات فقط، بل استعملوا مياه هذا النهر في العديد من الطقوس الدينية السائدة آنذاك، ووسيلة لتطهير النفوس، وغسل الموتى، وربط المصريين في العصر الفرعوني نهر النيل في مجموعة من الآلهة القديمة ومنها الإله حعبى، كما تغنى به العديد من رجال الدين ونظموا له الترانيم والأناشيد التي بقيت إلى عصر الدولة الوسطى.

العصر اليوناني وعصر البطالمة

العصر اليوناني

يُعتبر اليوناني إراتوستينس أول من قام بدراسة مجرى نهر النيل، وتوغل في دراسة مجراه بدقة وتوصل إلى منابع هذا النهر، ويُعتبر المؤرخ اليوناني هيرودوت من أفضل المؤرخين الذين كتبوا عن نهر النيل، وقد عرف اليونانيون نهر النيل عندما أبحروا إلى مصر، ووصف هيرودوت المساحة التي يُغطيها نهر النيل بأنها هبة النيل، وقد تم تكذيب هذا المؤرخ لأكثر من 2500 عام بخصوص الصورة والتصوير الذي رسمه حول نهر النيل.

عصر البطالمة

اهتم البطالمة بشؤون مصر الداخلية خلال فترة وجودهم هناك، وقد ربطوا فيضان نهر النيل بموعد تحصيل الضرائب في الدولة، حيث إنّ هذه الفترة من العام تؤثر بشكل كبير على المحاصيل الزراعية، وكانت الضرائب تُقدر على مستوى فيضان مياه النهر، وقد استعمل البطالمة العديد من الأدوات التي ساعدتهم على معرفة مستوى الفيضان ومنها عصا طويلة توضع في مياه النهر لمعرفة مستوى الفيضان سُميت بأداة قياس النيل، كما قاموا بقياس مستوى فيضان النهر بالأذرع، ونقشو ذلك على معابدهم.

العصر الإسلامي

اهتمت الدولة الإسلامية بنهر النيل وأعطته مكانة عظيمة أثناء فترة حُكمها، وربط المسلمين نهر النيل بالأمن القومي للدولة الإسلامية في مصر، كما اعتبروه عنصر من عناصر سيادة الدولة في البلاد، وقام المسلمون ببناء مجموعة كبيرة من المعالم التي ترتبط إرتباط وثيق بنهر النيل، واختاروا بعض المدن والقرى القريبة من منطقة نهر النيل لبناء مثل هذه المنشآت، وتعتبر منطقة الروضة الموجودة بالقرب من نهر النيل من أشهر المناطق التي تحتوي على بعض المعالم الأثرية التي تعود للعصر الإسلامي والتي شيد فيها المسلمون بناء عُرف باسم مقياس النيل والذي تم بناؤه بتصميم إسلامي يحتوي على مجموعة من الزخارف والنقوش الإسلامية.

العصر الحديث

يُعتبر نهر النيل من أهم الموارد المائية الموجودة في منطقة إفريقيا في العصر الحديث، فقد استطاع هذا النهر أن يخلق بيئة سليمة للزراعة على طول الأراضي التي يُغطيها لآلاف السنين، كما استطاعت الدول المُسفيدة من مياه هذا النهر مثل جمهورية مصر، والسودان من استغلال مياهه في الري، والنقل، وتوليد الكهرباء، إضافة لكونه مصدر مهم من مصادر الشرب في كلتا الدولتين، كما يُشكل نهر النيل مصدر مهم من مصادر صيد الاسماك في مصر، إضافة إلى كونه وجهة سياحية تعمل على ازدهار قطاع السياحة في مصر.

منبع نهر النيل

يعود منبع نهر النيل بشكل أساسي إلى بحيرة فكتوريا، ويقوم بتغذيته ثلاث منابع إضافية أخرى وهي النيل الأبيض، والنيل الأزرق، وعطبرة، وقد اختلف المؤرخون الخبراء حول صحة هذه الدراسات، فهناك العديد من الفرضيات الأخرى التي تُشكك في صحة نبع نهر النيل التي يؤكد الكثيرون ارتباطها ببحيرة فيكتوريا، ويعود هذا الاختلاف إلى تباين الآراء حول مصدر بحيرة فكتوريا التي يقول البعض بأنها ترجع إلى نهر كاجيرا الذي يمر في إفريقيا.

مسار نهر النيل

يبدأ مسار نهر النيل من بحيرة فيكتوريا، تحديداً عند مدينة جينجا، ويجري النهر في هذه الأراضي لمسافة 70 كيلومتر، ومن ثم يدخل بحيرة كيوجا، ومن ثم ميناء ماسيندي، ليستمر مساره عبر شلالات مورشيسون لمسافة تُقدر حوالي 500 كيلومتر، ومن ثم تصل مياهه إلى بحيرة ألبرت التي يُغذيها نهر سمليكي وتقع في الأراضي السودانية، ومن ثم تصل مياه هذه البحيرة إلى منطقة جمهورية السودان وتُعرف مياه هذا النهر باسم نيل ألبرت، ويمر بعد ذلك بمدينة نيمولي عبر شلالات فولا، ومن ثم يلتقي بنهر أسوا على بُعد مسافة 20 كيلومتر، ومن ثم تدخل مياه النهر إلى بحر الزراف عبر مجموعة من المستنقعات، و تلتقي مياه البحر بمياه نهر السوباط، ومن ثم يدخل منطقة الخرطوم عبر ستة شلالات ومن ثم يعبر الحدود السودانية المصرية ويجري في الأراضي المصرية حتى يصل إلى بحيرة الناصر.

جغرافيا نهر النيل

اهتم الجغرافيون بنهر النيل بشكل كبير واحتل جزء كبير من كتاباتهم، ومن أشهر المؤرخين والجغرافيين الذين ذكروه في مؤلفاتهم الرحالة ابن بطوطة، ومحمد موسى الخوارزمي، والقزويني، وأما عن التقسيم الجغرافي لنهر النيل فيمكن شرحها في النقاط التالية:

الجيولوجيا

مر نهر النيل بمجموعة كبيرة من التغييرات عبر مر السنين، وقد أثرت هذه التغيرات على طبيعة تكوينه، وتوصل المؤرخون والعلماء إلا أنّ جيولوجيا نهر النيل تشكلت بفعل اتصال مجموعة من الأحواض المُستقلة عن بعضها البعض، ونشأت هذه الأحواض في العصر المطير، منذ أكثر من عشر آلاف عام، وكانت هذه الأحواض فيما مضى تفيض بشكل مستمر على الجوانب وتتصل بما يجاورها من أحواض. 

الخصائص

• من أطول الأنهار الموجودة في العالم حيثُ يبلغ طوله ما يُقارب 6650 كيلومتر.
• يمتد بشكل طولي وعرضي على مسافة واسعة.
• يخترق عدد كبير من دوائر العرض أثناء سريانه.
• يمتد في مجموعة كبيرة من الأقاليم مثل مثل المنطقة الاستوائية، ومناخ شبه البحر المتوسط، والمناخ شبه الموسمي، والمناخ الصحراوي في جمهورية مصر وجمهورية السودان، والمناخ المداري الموسمي في جمهورية السودان.
• تتميز الأراضي التي ينحدر منها نهر النيل بالارتفاع في المنطقة الجنوبية، والتي تقل بشكل ملحوظ كلما اتجهنا إلى الشمال.
•  يتكون نهر النيل من عدة أنهار إتصلت مع بعضها البعض وجرت في نهر واحد.

الأهمية الإقتصادية لنهر النيل

يعود نهر النيل على المناطق التي يجري بها بفوائد متعددة على المستوى الزراعي، والصناعي، والاقتصادي، والسياحي، وتتمثل الأهمية الزراعية بكونه مصدر مهم لري المزروعات المُحيطة به، ويعتمد المزارعون في دول حوض النيل على مياه نهر النيل في ري العديد من المحاصيل المهمة مثل محصول القطن، والقمح، والبقوليات، والحمضيات، وقصب السكر، كما ويُعتبر مصدر جيد لصيد الأسماك وبيعها في الأسواق المحلية، حيث تحتوي مياه نهر النيل على كميات هائلة من الأسماك المختلفة، كما يُشكل عنصر مهم من عناصر الجذب السياحي في المنطقة، ويُشكل ما يُعرف باسم السياحة النيلية التي توفر للسياح القوارب والسفن التي تعمل على تنظيم الرحلات المختلفة للتمتع بجمال نهر النيل، كما يقوم نهر النيل بلعب دور هام في حركة النقل والمواصلات في المنطقة من خلال القوارب والسفن المُجهزة خصيصاً لنقل الأفراد من ضفة إلى ضفة أخرى عبر النهر، إضافةً إلى تنشيط السوق العقاري من خلال بناء مشاريع سكنية متعددة على الأراضي المُحيطة بنهر النيل.

أسئلة شائعة عن نهر النيل

فيديو عن نهر النيل