سيرة بلال بن رباح من البداية إلى النهاية

سيرة بلال بن رباح من البداية إلى النهاية

نحن الآن بصدد الحديث عن عظيم من عظماء أمة الإسلام، وهو بلال بن رباح؛ فهو رجل من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهو الذي سمع النبي خشخشة نعليه في الجنة، وقال له أبو بكر “لا غنى لي عنك”، كما فيه الفاروق عمر “أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا”، وهو من الذين عُذبوا في سبيل إعلاء كلمة الحق، وكان سيدنا بلال ليس من العرب وإنما من الأحباش، ولكن هذا لم ينقص من قدره عند الله مثقال ذرة، وكيف لا وهو مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحسن صوته، وكان عبدًا لبني جمح من قريش، فاشتراه سيدنا أبو بكر -رضي الله عنه- وأعتقه.

يتحدث هذا المقال عن بلال بن رباح، ويشتمل على:

  • من هو بلال بن رباح؟
  • نسب وكنية بلال بن رباح.
  • أصل بلال بن رباح، وصفاته، وإسلامه.
  • ظهور أمره، تعذيبه، حريته، بالإضافة إلى رباطه.
  • عائلة بلال بن رباح.
  • مواقف من حياته مع الرسول. 
  • روايته للحديث النبوي. 
  • بلال بعد وفاة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عند الشيعة.
  • أعمال بلال بن رباح في خلافة أبو بكر وعمر.
  • وفاة بلال بن رباح. 
  • أين توفي بلال بن رباح؟ 

من هو بلال بن رباح 

هو صحابي من السابقين الأولين إلى الإسلام، كان عبدًا لبني جمح من قريش، أعلن إسلامه مبكرًا فعذبه سيده أمية بن خلف الجمحي القرشي، فاشتراه سيدنا أبو بكر الصديق صاحب رسول الله وأعتقه، اشتهر بلال بن رباح بصبره على التعذيب، وقولته الشهيرة التي لا تنسى تحت التعذيب “أحد أحد”، كان -رضي الله عنه- جميل الصوت، فعندما ظهر الإسلام كلفه رسول الله محمد بمهمة الأذان بعد إسلامه؛ فسمي بلال بن رباح مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمه تسمى حمامة.

نسب وكنية بلال بن رباح 

أما عن نسبه فاسمه بلال بن رباح، وأمه اسمها حمامة، وكان ينادى بها أحيانًا، أما عن كنيته فقد كان يُكني بلال بن رباح الحبشي، أو أبو عبد الله، ومؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

إعلان السوق المفتوح

أصل بلال بن رباح

كان بلال بن رباح -رضي الله عنه- من الحبشة وهي إثيوبيا الآن.

صفات بلال بن رباح 

كان بلال بن رباح -رضي الله عنه- شديد السمرة، نحيف، مفرط الطول، كثيف الشعر، جميل وحسن الصوت، لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء التي توجه إليه، إلا ويحني رأسه تواضعًا، ويغض طرفه ودموعه على خديه تسيل ويقول: إنما أنا حبشي كنت بالأمس عبدًا، ذهب يومًا يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما: أنا بلال وهذا أخي، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا فالحمد لله، وإن تمنعونا فالله أكبر.

مناقب بلال بن رباح 

المناقب لا يمكن أن تحصى، أو تعد لشخصية مثل شخصية سيدنا بلال بن رباح -رضى الله عنه- فيكفيه فخرًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في حقه: “إني دخلتُ الجنة، فسمعت خشفةً بين يديّ، فقلتُ: يا جبريل ما هذه الخشفة؟ قال: بلال يمشي أمامك”، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- سيدنا بلال ما هو أرْجى عمل عمله في الإسلام، فقال: “لا أتطهّرُ إلا صليت بذلك الطهور ما كتِبَ لي أن أصلّيَ” وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال: كيف تفضِّلوني عليه، وإنما أنا حسنة من حسناته! جاء بنو البُكير من بني ليث من قبيلة كنانة إلى رسول الله؛ فقالوا: “زوِّج أختنا فلاناً” فقال لهم: أين أنتم عن بلال؟ ثم جاؤوا مرّة أخرى فقالوا: يا رسول الله أنكِح أختنا فلاناً، فقال لهم: أين أنتم عن بلال؟ ثم جاؤوا الثالثة فقالوا: أنكِح أختنا فلاناً، فقال: أين أنتم عن بلال؟ أين أنتم عن رجل من أهل الجنة؟ فأنكحوهُ، أي: زوجوه، وما زال يوجد الكثير والكثير من المناقب التي اتصف بها سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه وأرضاه: 

  • كان بلال -رضي الله عنه- من السّابقين إلى الإسلام، المصدّقين به، وكان طاهر القلب، مُتقدِّم الهِجرة.
  • كان من السبعة الأول الذين أظهروا وأعلنوا إسلامهم، وبذل نفسهُ وروحه في سبيل الله تعالى حتى آذاه قومه، وجعلوا الولدان يطوفون به في مكة، ووضعوه في الصحراء في الشمس الحارقة دون ملابس، ووضعوا الحجارة الكبيرة على صدره، وهو ثابت وصامد يقولُ: “أحدٌ أحد”.
  • كان من مناقبه رؤية النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- له في الجنة، لِقوله -صلى الله عليه وسلم- له: “يا بِلالُ بم سَبقْتَنِي إلى الجنَّةِ؟ إنني دخَلتُ البارحةَ الجنَّةَ فسمِعتُ خَشخشَتَك أمامي”.
  • كان عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول عنه: “أَبو بكرٍ سيّدنا، وأعتق سيّدَنا”، وإطلاقُ السّيادة عليه من مناقبهِ العظيمة الجمة التي يصعب حصرها.
  • كان خازناً للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- على بيت المال.
  •  كان حاملاً لِعنزة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أي: السُّترة التي يُصلّي إليها المُصلّي لتكون حاجزاً بينه وبين المارّة، فقد جاء عن ابن عُمر -رضي الله عنه- أنّ بلال كان يحمل العنزة لرسول الله في يوم العيد وهو يؤذن.
  • كان مؤذّن النبيّ -صلي الله عليه وسلم- فهو أوّل من أذّن له في الإسلام.
  •  كان ممّن تعرّض للأذى في الدّين فصبر واحتسب ذلك عند الله، وكان شديد التوكّل على الله عز وجل.
اقرأ أيضاً:  سورة الجن وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

إسلام بلال بن رباح 

سيدنا بلال بن رباح كان حبشياً من أمة سوداء، وكانا عبدين لأناس من بني جمح من قريش بمكة، حيث كانت أمه إحدى إمائهم وجواريهم، بدأت أنباء دعوة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- تنادي سمعه، حين أخذ الناس في مكة يتناقلوها فيما بينهم، وكان يصغي إلى أحاديث سادته وأضيافهم فتدخل قلبه ولا ينساها، وأسلم -رضي الله عنه- ولكنه كتم إسلامه؛ تقية وخوفًا من سيده أمية بن خلف أن يعذبه، ولكن سرعان ما علم سيده أمية بإسلامه، فسمه سوء العذاب وكان يأخذه إلى رمضاء مكة في الشمس المحرقة، ويطرحه أرضًا بدون ثياب، ويضع عليه حجرًا ضخمًا يكاد يكسر ضلوعه، وسيدنا بلال ما يزيد علي أن يقول “أحد أحد”.

ظهور أمره 

دخل بلال يوماً الكعبة وقريش في ظهرها لا يعلم، فالتفتَ فلم يرَ أحداً، أتى الأصنام وجعل يبصُقُ عليها ويقول: “خابَ وخسرَ من عبدكُنّ” فطلبته قريش؛ فهرب حتى دخل دار سيده عبد الله بن جدعان فاختفى فيها، ونادَوْا عبد الله بن جدعان فخرج؛ فقالوا: أصبوتَ؟ قال: “ومثلي يُقال له هذا؟ فعليَّ نحرُ مئة ناقةٍ للاَّتِ والعُزّى” قالوا: “فإنّ أسْوَدَك صنَع كذا وكذا” فدعا به فالتمسوه فوجدوه، فأتوهُ به فلم يعرفه، فدعا راعي ماله وغنمه فقال: “من هذا؟ ألم آمُرْك أن لا يبقى بها أحد من مولّديها إلا أخرجته؟ فقال: “كان يرعى غنمك، ولم يكن أحد يعرفها غيره” فقال لأبي جهل وأمية بن خلف: “شأنكما به فهو لكما، اصنَعا به ما أحببتُما” وتجثموا الأرض فوق صدر أمية بن خلف الذي رأى في إسلام عبد من عبيدهم لطمة جللتهم بالخزي، فقال أمية: إن شمس هذا اليوم لن تغرب إلا ويغرب معها إسلام هذا العبد الآبق!

تعذيبه 

بدأ العذاب لسيدنا بلال -رضي الله عنه- فقد كانوا يخرجون به في الظهيرة في صحراء مكة، فيطرحونه على حصاها المشتعل كالنار، وهو من غير لباس، ثم يأتون بحجر كبير متسعر ينقله من مكانه بضعة رجال، ويلقون به فوق صدره، ويصيح به جلادوه: أذكر اللات والعزى فيجيبهم: “أحد …أحد”، وإذا حان الأصيل أقاموه، وجعلوا في عنقه حبلًا، ثم أمروا صبيانهـم أن يطوفوا به جبال مكة وطرقها، وبلال لا يقول سوى: “أحد …أحد”. قال عمار بن ياسر: كلٌّ قد قال ما أرادوا، ويعني المستضعفين المعذّبين قالوا ما أراد المشركون غير بلال فقد أبى أن يقول ما أرادوه منه.

الحرية 

ذات يوم، كان أمية بن خلف يضرب بلالاً بالسوط في رمضاء مكة، فمرَّ عليه أبو بكر -رضي الله عنه- فقال له: يا أمية ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ إلى متى ستظل تعذبه هكذا؟ فقال أمية: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى، وواصل أمية ضربه لسيدنا بلال -رضي الله عنه- وقد يئس منه، فطلب أبو بكر -رضى الله عنه- شراءه، وأعطى أمية بن خلف قبحه الله ثلاث أواق من الذهب مقابل أن يترك بلالًا وشأنه، فقال أمية لأبي بكر الصديق: فواللات والعزى، لو أبيت إلا أن تشتريه بأوقية واحدة لبعتكه بها، فقال أبو بكر: والله لو أبيت أنت إلا مائة أوقية لدفعتها.

رباطه

بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- واستخلاف المسلمين أبا بكر الصديق من بعده خليفة لرسول الله، ذهب بلال إلى الخليفة يقول له: يا خليفة رسول الله، إني سمعت رسول الله يقول: أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله، فقال له أبو بكر: فما تشاء يا بلال؟ قال: أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت، قال أبو بكر: ومن يؤذن لنا؟ قال بلال وعيناه تفيض من الدمع: إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله، قال أبو بكر: بل ابقَ وأذِّن لنا يا بلال، قال بلال: إن كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وإن كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له، قال أبو بكر: بل أعتقتك لله يا بلال، ويختلف الرواة في أنه سافر إلى الشام حيث بقي مرابطًا ومجاهدًا، ويروي بعضهم أنه قبل رجاء أبي بكر، وبقي في المدينة فلما مات أبو بكر، وتولى الخلافة سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- استأذنه فأذن له، وخرج بلال إلى الشام.

لقب بلال بن رباح 

لقب بلال بن رباح بمؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكرم به من لقب، فقد كان سيدنا بلال -رضى الله عنه- ذا صوت عذب فاستعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أعلى مكانة فهنيئًا له بهذا اللقب.

مكانته 

حظي سيدنا بلال بن رباح بمنزلة رفيعة عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد روى أبو هريرة عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قوله لبلال عند صلاة الصبح: “حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدي في الجنة” فقال بلال: “ما عملت عملاً أرجى من أني لم أتطهر طهورًا تامًا في ساعة من ليل ولا نهار، إلا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي”، وروى أنس بن مالك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: السُّبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم، وقال سعد بن أبي وقاص: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ستة نفر، فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود وبلال ورجل من هذيل وآخران، فأنزل الله تعالى: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ   وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}، وروى يحيى بن سعيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب ذكر فضل أبي بكر، فجعل يصف مناقبه، ثم قال: وهذا سيدنا بلال حسنة من حسناته، وليس أفضل من قول سيدنا عمر رضي الله عنه: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا.

اقرأ أيضاً:  سورة البينة وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

الجهاد 

يوم بدر

بدأ القتال بين المسلمين وجيش قريش، وبلال بن رباح ضمن جيش المسلمين، وبينما المعركة تقترب من نهايتها، لمح رأس الكفر أمية بن خلف سيدنا وقدوتنا عبد الرحمن بن عوف صاحب رسول الله؛ فاحتمى به، وطلب منه أن يكون أسيره رجاء أن يخلص بحياته، فلمحه بلال فصاح قائلا: رأس الكفر، أمية بن خلف! لا نجوت إن نجا، ورفع سيفه ليقطع رأسه فصاح به عبد الرحمن بن عوف: أي بلال إنه أسيري، ورأى بلال أنه لن يقدر وحده على اقتحام حمى أخيه في الدين؛ فصاح بأعلى صوته في المسلمين: يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا، وأقبلت كوكبة من المسلمين وأحاطت بأمية وابنه، ولم يستطع عبد الرحمن بن عوف أن يصنع شيئًا، واستطاع سيدنا بلال قتل أمية بن خلف في معركة بدر الكبرى.

يوم الفتح 

عاش بلال مع رسول الله يشهد معه المشاهد كلها، وكان يزداد قربًا من قلب رسول الله الذي وصفه بأنه رجل من أهل الجنة، وجاء فتح مكة، ودخل رسول الله الكعبة ومعه بلال، فأمره أن يؤذن، فصعد بلال -رضى الله عنه- فوق الكعبة وأذن.

بلال بن رباح مؤذنًا 

عندما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبى بلال -رضي الله عنه- أن يؤذن لأحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا مرة واحدة ناشدوه فيها أن يؤذّن، فأذن حتى بلغ قوله “أشهد أن محمدًا رسول الله” فأجهش بالبكاء، وما استطاع أن يُتم الأذان، وقد جاء بلال إلى الخليفة أبي بكر الصديق يسأله أن يأذن له بالمشاركة في الفتوحات، فأبى أبو بكر، وقال له: أنشدك بالله يا بلال، وحرمتي وحقي، فقد كبرت وضعفت، واقترب أجلي، فأقام معه حتى لحق أبو بكر بالرفيق الأعلى، ثم أتى عمر بن الخطاب يستأذنه، فأبى عليه عمر، فأصر بلال على الخروج، فأذن له الفاروق، فخرج إلى الشام فنزل ومعه أبو رويحة الخولاني على بني خولان في داريا، فخطبا إليهم، فقالا: إنا قد أتيناكم خاطبين، وقد كنا كافرين فهدانا الله، ومملوكين فأعتقنا الله، وفقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله، فزوجوهما.

عائلة بلال بن رباح 

أبناء بلال بن رباح 

لم ينجب سيدنا بلال بن رباح -رضى الله عنه وأرضاه- ولدًا.

أم بلال بن رباح 

أمه كانت تسمى حمامة، وكانت أمة لبني جمح من قبيلة قريش، وفيها ولد بلال.

زوجة بلال بن رباح

أما عن اسم زوجته فهي هالة بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف كما ذكر ذلك صاحب الإصابة؛ نقلاً عن الرافعي في كتابه “فتح العزيز الشرح الوجيز” ورواه الدارقطني، وهو أثر صحيح.

مواقف من حياته مع الرسول 

روى أبو داود بسنده عن عبد الله الهوزني قال: لقيت بلالًا مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحلب، فقلت: “يا بلال حدثني كيف كانت نفقة رسول الله؟ قال: “ما كان له شيء كنت أنا الذي ألى ذلك منه منذ بعثه الله إلى أن توفي، وكان إذا أتاه الإنسان مسلما فرآه عاريًا يأمرني؛ فأنطلق فأستقرض فأشتري له البردة، فأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني رجل من المشركين فقال: يا بلال إن عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلا مني ففعلت، فلما أن كان ذات يوم توضأت ثم قمت لأؤذن بالصلاة، فإذا المشرك قد أقبل في عصابة من التجار فلما أن رآني قال: يا حبشي! قلت: يا لباه، فتجهمني وقال لي قولًا غليظًا، وقال لي: أتدري كم بينك وبين الشهر؟ قال: قلت: قريب، قال: إنما بينك وبينه أربع فآخذك بالذي عليك فأردك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك، فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس حتى إذا صليت العتمة، رجع رسول الله إلى أهله فاستأذنت عليه فأذن لي فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن المشرك الذي كنت أتدين منه قال لي كذا وكذا وليس عندك ما تقضي عني ولا عندي، وهو فاضحي فأذن لي أن آبق إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا حتى يرزق الله رسوله ما يقضي عني؛ فخرجت حتى إذا أتيت منزلي فجعلت سيفي وجرابي ونعلي ومجني عند رأسي حتى إذا انشق عمود الصبح الأول أردت أن أنطلق، فإذا إنسان يسعى يدعو: يا بلال أجب رسول الله فانطلقت حتى أتيته فإذا أربع ركائب مناخات عليهن أحمالهن، فاستأذنت، فقال لي رسول الله: “أبشر فقد جاءك الله بقضائك” ثم قال: “ألم تر الركائب المناخات الأربع؟ فقلت: بلى فقال: إن لك رقابهن وما عليهن، فإن عليهن كسوة وطعام أهداهن إلي عظيم فدك فاقبضهن، واقض دينك، ففعلت فذكر الحديث، ثم انطلقت إلى المسجد فإذا رسول الله قاعد في المسجد فسلمت عليه فقال: ما فعل ما قبلك؟ قلت: قد قضى الله كل شيء كان على رسول الله فلم يبق شيء قال: أفضل شيء؟ قلت: نعم قال: انظر أن تريحني منه؛ فإني لست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منه، فلما صلى رسول الله العتمة دعاني فقال: ما فعل الذي قبلك؟ قال: قلت: هو معي لم يأتنا أحد فبات رسول الله في المسجد، وقص الحديث حتى إذا صلى العتمة يعني من الغد دعاني، قال: ما فعل الذي قبلك قال: قلت: قد أراحك الله منه يا رسول الله؛ فكبر، وحمد الله شفقًا من أن يدركه الموت، وعنده ذلك، ثم اتبعته حتى إذا جاء أزواجه، فسلم على امرأة حتى أتى مبيته فهذا الذي سألتني عنه.

اقرأ أيضاً:  أسماء زوجات الرسول بالترتيب

روى البخاري بسنده عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: سرنا مع النبي ليلة، فقال بعض القوم: لو عَرَّسْتَ بنا يا رسول الله، قال: “أخاف أن تناموا عن الصلاة”، قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي وقد طلع حاجب الشمس، فقال: يا بلال، أين ما قلت؟ قال: ما ألقيت عليَّ نومة مثلها قطُّ، قال: “إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء، يا بلال، قُمْ فأذن بالناس بالصلاة”، وعن أبي سعيد الخدري عن بلال، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا بلال، ألقِ الله فقيرًا، ولا تلقه غنيًّا” قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: “إذا رزقت فلا تخبأ، وإذا سئلت فلا تمنع”. قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: هو ذاك وإلا فالنار.

روايته للحديث النبوي 

روى سيدنا بلال عن رسول الله صلى الله عنه الكثير من الأحاديث، فروى عن سيدنا بلال: عبد الله بن عمر وأبو عثمان النهدي، والأسود بن يزيد النخعي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، وكعب بن عجرة، وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وأبو إدريس الخولاني، وسعيد بن المسيب، والحكم بن مينا، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، وأبو سعيد الخدري، والبراء بن عازب، والحارث بن معاوية، سهيل بن أبي جندل، وسويد بن غفلة، شداد مولى عياض بن عامر، وشهر بن حوشب، وطارق بن شهاب، وقبيصة بن ذؤيب، نعيم بن زياد، وأبو زيادة البكري، وأبو سلمة الحمصي، وأبو عامر الهوزني.

 أحصى بقي بن مخلد لبلال بن رباح في مسنده 44 حديثًا، منها في الصحيحين أربعة أحاديث، المتفق عليها حديث واحد، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بحديث موقوف، وروى ابن ماجه بسنده، عن بلال بن رباح أن النبي قال له غداةَ جمعٍ: “يا بلال، أسكت الناس أو أنصت الناس”، ثم قال: “إن الله تطوَّل عليكم في جمعكم هذا، فوهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، ادفعوا باسم الله”، وعن بلال قال: أذَّنت في غداة باردة، فخرج النبي فلم ير في المسجد أحدًا، فقال: “أين الناس؟” فقلت: حبسهم القُرُّ. فقال: “اللهم أذهب عنهم البرد”، قال: فلقد رأيتهم يتروحون في الصلاة.

بلال بعد وفاة النبي محمد عند الشيعة 

يعتقد الشيعة أنه بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان بلال من أولئك الذين لم يبايعوا الخليفة أبي بكر، وأن عمر بن الخطاب عنّفه، وذكره بفضل أبي بكر وإعتاقه له، وأن بلالًا تحجّج بأنه لا يستطيع أن يبايع من لم يستخلفه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بينما من استخلفه رسول الله هو علي بن أبي طالب عند الشيعة لا زال موجودًا، فاغتاظ لذلك عمر، وسبّ بلال، ونهاه عن الصلاة مع الجماعة، فارتحل بلال إلى الشام، وتوفي بدمشق، ودفن بباب الصغير، وهذا كله منكر من منكرات الشيعة لعنهم الله، وقد اتفقت رواية عند الشيعة عن أبي بصير مع الروايات السنية أن بلالًا امتنع عن الأذان بعد وفاة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلا مرة واحدة، ولكن الرواية الشيعية تحدّد أنها كانت وفق رغبة فاطمة ابنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنه ما أن بلغ قوله “وأشهد أن محمدًا رسول الله” شهقت فاطمة وأغشي عليها، فطالبه الناس بالتوقف لظنّهم أن فاطمة -رضي الله عنها- قد ماتت، فلم يتمم أذانه، فلما أفاقت فاطمة، وسألته أن يتمم الأذان، أبى أن يفعل، وقال لها: “يا سيدة النساء إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان” فأعفته من ذلك.

أعمال بلال بن رباح في خلافة أبي بكر وعمر 

بقي بلال في المدينة المنورة بعد وفاة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ووفاة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وفي خلافة الفاروق عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أذن له في الجهاد، فخرج إلى الشام مُجاهداً. 

وفاته 

توفّي بلال -رضي الله عنه- في دمشق، وقيل: في حلب، في السنة العشرين من الهِجرة، وقيل: في السنة الثامنة عشر من الهجرة على اختلاف بين الروايات، وقيل إنّه توفّي بدمشق، ودُفن في مقبرتها عند الباب الصغير، وأن عُمره ثلاثةٌ وستون سنة، وقيل: إنّه توفّي في السنة الواحدة والعشرين من الهجرة، وكان يبلغُ من العُمر سبعين سنة، وقيل: إنّه توفي في دمشق في العام العشرين للهجرة، وكان قد تجاوز الستين من عُمره، وقيل: تُوفّي في داريّا، وحُمل ودُفن في الباب الصغير، وقيل: بباب كيسان؛ وهي قريةٌ من قُرى دمشق بالغوطة، ودُفن في مقبرة دمشق عند الباب الصغير، وعند وفاته قال: “غداً نلقى الأحبّة، مُحمداً وحزبه” وبناء على ما صححه ابن كثير في البداية فقد توفي بلال -رضي الله عنه- وله بضع وستون سنة، وذلك سنة ثماني عشرة، وقيل سنة عشرين للهجرة الشريفة، ودفن بباب الصفير، والنهاية، قال ابن الأثير في أسد الغابة: قال أبو عمر: وله أخ اسمه خالد وأخت اسمها غفيرة، وهي مولاة عمر بن عبد الله مولى غفرة.

أين توفي بلال بن رباح؟ 

توفي سيدنا بلال بن رباح -رضي الله عنه وأرضاه- في دمشق بالشام. 

فيديو عن سيرة بلال بن رباح من البداية إلى النهاية

مقالات مشابهة

قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام

قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام

سورة الأنبياء وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الأنبياء وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

تهنئة رمضان

تهنئة رمضان

شرح أصول الإيمان

شرح أصول الإيمان

متى ينتهي رمضان؟

متى ينتهي رمضان؟

كيف نستقبل شهر رمضان؟

كيف نستقبل شهر رمضان؟

دعاء للمريض بنية الشفاء من مرضه

دعاء للمريض بنية الشفاء من مرضه