جدول المحتويات
يجوز للمسافر في نهار رمضان الفطر، وذلك باتفاق بين المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنَفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة؛ بشروط معينة اتفقوا عليها، وشروط أخرى لم يتفقوا عليها، وفي اختلاف الأئمة راحة للأمة.
حكم إفطار المسافر في رمضان
يجوز للمسافر أن يفطر، وذلك باتفاق الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، والإمام مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، كما وأجمع كل العلماء على ذلك، ونستعرض من الأدلة ما يلي:
الدليل من القرآن الكريم
قال تعالى: {فمن شَهِدَ منكُم الشّهر فلْيصُمه ومَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة 185].
الدليل مِن السُّنَّةِ النبوية
عن أنسِ بنِ مالكٍ الكعبيِّ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: “أتيتُ رَسولَ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) في إبلٍ كانت لي أُخِذَتْ، فوافَقْتُه وهو يأكُلُ، فدعاني إلى طعامِه، فقُلتُ: إنِّي صائِمٌ، فقال: اُدْنُ أُخبِرْك عن ذلك، إنَّ اللهَ وضَعَ عَن المُسافرِ الصَّومَ، وشَطْرَ الصَّلاةِ”(حديث حسن).
شروط إفطار المسافر في رمضان
يجوز للصائم أن يفطر إذا سافر خلال النهار وهو صائم، وذلك لما رواه الإمام مسلم في صحيحه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان؛ فصام حتى بلغ كراع الغميم؛ فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء، فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب”، وروى مسلم أيضاً عن ابن عباس ـرضي الله عنهماـ قال: سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بإناء فيه شراب فشربه نهاراً؛ ليراه الناس، ثم أفطر حتى دخل مكة، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر، فمن شاء صام ومن شاء أفطر” فيجوز للمسلم إذا سافر نهارًا في رمضان أن يفطر، ولا يلزمه إتمام الصيام لقرب وقت المغرب، ولكن إتمام الصوم أفضل له إن قوي عليه، ولا يجوز الإفطار إلا بعد الشروع (البدء) في السفر، ومن الشروط التي بينها العلماء لإفطار المسافر في نهار رمضان.
المسافة التي تبيح الفطر للمسافر
قال جمهور الفقهاء أن السفر الشرعي المثبت للرخص، يرتبط بالمسافة، ومسافة السفر هذه عندهم أربعة بُرُدٍ، وذلك ما مقداره اليوم بالمقاييس الحالية (ثلاثة وثمانين كيلو مترًا)، وهي تحسب في ذهاباً فقط، لا ذهاباً وإياباً معاً، ثم إنها تحسب من خارج عمران المدينة التي يقيم بها المسافر، وعلى هذا؛ فإن كانت المسافة المقطوعة أقل من مسافة القصر، وهي: ثلاثة وثمانون كيلو متر؛ فعلي المسلم الصيام في رمضان، ولا يجوز له الفطر، وإن كانت مساوية لها، أو أكثر منها؛ فالفطر جائز للمسافر -إن شاء الله تعالى- وذلك امتثالًا لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} {البقرة:185}، ويجب أن نوضح أن كثيرًا من أهل العلم يفتون بأفضلية الصيام للمسافر الذي يقوى على الصيام، خاصة وأن وسائل المواصلات حاليًا مريحة، وليست كما كانت في السابق.
شروطِ السفر الذي يُبيح للصائم الإفطار في رمضان
الشرط الأول
أنْ يكون السّفر ممّا يجوز معه قصر الصلاة، وقد ذهب جمهور الفقهاء والعلماء واتفقوا إلى أنّ المسافة التي تقصر فيها الصلاة هي واحدٍ وثمانين كيلو متراً تقريبًا، تزيد أو تنقص قليلًا، والسّفر وإنْ كان مظنّةً للمشقّة عادة، إلا أنّ تحقّقها متفاوتٌ؛ لذا ربط التّشريع الرّخصة بالمسافة، وليس بتحقّق المشقة، وبهذا قال جمهور أهل العلم، وخالفهم بعض الحنفية.
الشرط الثاني
ألّا ينوي المسافر الصائم الإقامة في البلد التي سافَر إليها، وحدّد أهل العلم مدّة الإقامة التي لا يصحّ للمسافر التّرخصّ بعدها، حيث إن:
- الشافعيّة، والمالكيّة: حددوها مدّة أربعة أيامٍ بلياليها.
- الحنابلة: ما يزيد على أربعة أيامٍ.
- الحنفيّة: خمسة عشر يوماً.
الشروط المُختَلف فيها الإفطار
الشرط الأوّل
اشترط جمهور العلماء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة أن يكون السفر في أمرٍ مباحٍ ليس فيه معصيةٌ لله تعالى، فلا يجوز الفطر للمسافر لإعطاء، أو أخذ رشوة، أو السعي فيها، كما لا يجوز الفطر للمسافر لقطيعة رحم، لا يجوز الفطر للمسافر لبيع خمر أو شراؤها، أو للتعامل بالربا، وهكذا بالمثل.
الشرط الثاني
يشترط لبدء إنهاء الصوم والبدء بأخذ الرخصة بالفطر عند جمهور العلماء من الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة الشروع (البدء) في السفر، ومُفارقة البلد قبل طلوع الفجر وخالفَهم الحنابلة في ذلك؛ حيث قالوا بجواز الإفطار في رمضان للمسافر إن سافر في النهار إن كان السفر مُباحاً، إلّا أنّ الأولى إتمام الصيام.
الشرط الثالث
اشترط جمهور الشافعيّة لجواز الإفطار في السفر ألّا يكون الشخص دائم السفر؛ إذ يحرُم عليه الفطر إن كان كذلك، أمّا إن كان السفر يُسبّب له مَشقّةً وتعب ونصب، فيجب عليه الفطر أخذًا بالرخصة ، فإن كان من دائمي السفر، كالسائقين مثلًا؛ فلا يُرخّص له الإفطار إلّا إن تسبّب له الصيام بتعبٍ، ومشقّةٍ، كالمشقّة التي تجيز التيمم بدلًا من الوضوء، مثل: الخوف على تلف عضوٍ من الأعضاء، أو طول مدّة المرض والمَشقّة، حينئذ يرخص له الفطر.