لماذا تهاجر بعض الحيوانات؟

لماذا تهاجر بعض الحيوانات؟

تتشارك الكثير من الحيوانات في سلوك الهجرة ابتداءاً من المتعضيات الدقيقة الموجودة في البحيرات، ووصولاً إلى الحيتان التي تنتقل في فصل الخريف من البحار حول القطب إلى بحار المناطق المعتدلة، وذلك لسببين رئيسيين هما البحث عن الطعام والماء، والهجرة من أجل التكاثر بأمان، ونظراً لكون الهجرة تتطلب طاقة كبيرة فقد طورت الحيوانات لنفسها طرائق متعددة لتخزينها قبل بدء موسم الهجرة؛ فعلى سبيل المثال تكدس بعض أنواع الطيور الدهون لتشكل نحو 40% من وزن جسمها، بينما تقتات الثدييات البرية على ما تجده في طريقها وذلك لكونها تحتاج لأن تكون خفيفة لتتمكن من الهرب من الحيوانات المفترسة التي قد تصادفها خلال رحلتها. 

يتحدث هذا المقال عن هجرة الحيوانات، ويتضمن: 

  • مفهوم هجرة الحيوانات. 
  • أسباب ودوافع الهجرة وأنواعها. 
  • أنواع الحيوانات المهاجرة. 
  • الآلية التي تحدد بها الحيوانات المهاجرة طريقها. 
  • هجرة الحيوانات في أفريقيا وأمريكا. 

هجرة الحيوانات 

يستخدم مصطلح هجرة الحيوانات للتعبير عن الحركة المنتظمة الموسمية التي تتم بهدف الانتقال من مكان إلى آخر وذلك بحثاً عن ظروف معيشية أفضل، حيث تهاجر الكثير من الطيور، والأسماك، والثدييات، والحشرات بصورة منتظمة وذلك تجنباً للتغيرات غير المواتية سواءاً من ناحية المناخ أو مصادر الغذاء، ومن ثم تعود لكونها الأصلي بعد مرور فترة من الزمن، ويمكن أن تتم هذه الحركة على الأرض، أو في الماء، أو في الهواء ولمسافات قصيرة أو طويلة جداً. على سبيل المثال، تعد هجرة طائر الخطاف القطبي الأطول من بين هجرات الطيور، حيث يهاجر لمسافة تقارب 35.000 كيلومتر سنوياً، بيد أن الانتقال ليس حكراً على الهجرة فقط؛ حيث توجد بعض الحالات الانتقالية الأخرى الشبيهة بالهجرة. يمكن أن تنتقل الحيوانات للعيش في مكان آخر دون العودة إلى الموطن الأصلي مرة أخرى، كما يمكن أن تنتقل أيضاً في أوقات غير منتظمة وبأعداد هائلة، ومن هذا المنطلق يمكن تقسيم الهجرة إلى نوعين رئيسيين وهما: الهجرة الرأسية التي تنتقل فيها الحيوانات بشكل رأسي إلى أماكن أكثر ارتفاعاً سواءاً في البر أو البحر، والهجرة الأفقية التي يكون الانتقال فيها إلى مناطق بنفس ارتفاع الموطن الأصلي.

لماذا تهاجر بعض الحيوانات؟ 

  • الاستجابة التكيفية للتغيرات الجغرافية أو الموسمية للموارد الطبيعية؛ حيث تستفيد الحيوانات المهاجرة من وفرة الطعام وظروف الطقس في مجموعة من المناطق حول العالم، ومن الأمثلة على ذلك هجرة الطيور ذات الذيل العريض من منطقة التندرا القطبية الشمالية في فصل الشتاء وذلك لتجنب فصول الشتاء الشمالية بأيام قصيرة، ودرجات حرارة منخفضة، والقليل من الغذاء، والجدير بالذكر هنا أن اتجاه الرحلة قابل للتغيير وذلك اعتماداً على كمية الأمطار المتساقطة في المنطقة التي ستتم الهجرة إليها. 
  • البحث عن ظروف مناسبة للتكاثر وحماية الصغار من الحيوانات المفترسة، ومن الأمثلة على ذلك السلحفاة الخضراء التي تهاجر من شواطئ البرازيل إلى جزيرة أسينشين التي تبعد مسافة تقدر بحوالي 2000 كيلومتر وذلك لتضع بيوضها، ومن ثم تعود من جديد إلى البرازيل بعد ذلك، وسمك السلمون الأطلسي الذي يبدأ حياته في الأنهار ومن ثم ينتقل إلى المحيط عند بلوغه مرحلة النضج، ومنه إلى النهر عندما يكون جاهزاً للتكاثر. 
  • الإبتعاد عن المناطق الباردة والبحث عن الدفء، ولذلك تهاجر غالبية الحيوانات إلى المناطق القريبة من المنطقة الاستوائية الدافئة والبعيدة عن القطبين في فصل الشتاء.
  • السبات الشتوي، ومن الأمثلة على ذلك الخفافيش البنية الصغيرة التي تعيش في الأشجار وتهاجر إلى الكهوف للسبات. 
اقرأ أيضاً:  ما هو أفضل حيوان أليف

ما هي الحيوانات التي تهاجر؟ 

الحيتان

تهاجر من مناطق التغذية الموجودة في أنتاركتيكا باتجاه مناطق التكاثر المعتدلة الموجودة على طول شواطئ تشيلي، والأرجنتين، وجنوب أفريقيا، وأستراليا، ونيوزيلندا؛ حيث تعتمد خلال مكوثها في المحيط الجنوبي الجليدي حول القارة القطبية لمدة أربعة أشهر على الدهون المتراكمة كمصدر للغذاء، وعندما تصل في ديسمبر إلى مناطق التغذية الموجودة حول القارة القطبية الجنوبية فهي تضاعف وزنها خلال فترة قصيرة. 

إعلان السوق المفتوح

اللافقاريات

تحدث هجرة الفقاريات خلال فترة التكاثر حيث يقطع بعضها مسافة تصل إلى 240 كيلومتراً، ومن الأمثلة عليها إناث سرطان البحر التي تهاجر باتجاه المياه الساحلية الضحلة بهدف التزاوج ووضع البيوض قبل أن تعود للمياه العميقة مرة أخرى. 

الأسماك

تقوم الأسماك عادة بهجرات قصيرة أثناء فصل الشتاء ولكن في الوقت ذاته توجد مئات من الأنواع التي تسافر لمسافات طويلة، ومن الأمثلة على ذلك سمك الحنكليس الذي يهاجر من جانبي المحيط الأطلسي باتجاه بحر السرغس الواقع ما بين برمودا وبورتوريكو، وهو معروف بغناه بالأعشاب البحرية التي تعد مكاناً مناسباً لتضع فيه بيوضها قبل العودة إلى أنهار القارتين، وبعد أن تفقس البيوض تستغرق الصغار مدة تتراوح ما بين سنة إلى سنتين لتعود إلى الشواطئ الأمريكية، ويكون عمرها  حوالي 3 سنوات عندما تصل الشواطئ البريطانية في طريق العودة إلى موطنها من أجل التزاوج والتكاثر. 

الحشرات

تشمل كلاً من الفراشات، والجراد، واليعسوب، والخنافس وغيرها، ومن الأمثلة عليها الجراد الصحراوي الذي هاجر عبر المحيط الأطلسي لمسافة تقارب 4500 كيلومتر عام 1988، وخنفساء كوكسنيليدس التي تهاجر من الأراضي المنخفضة ذات الحرارة الشديدة إلى الجبال وذلك لقضاء فترة السبات، ومن ثم تعود في الربيع إلى موطنها الأصلي من أجل التكاثر، وفراشة الملك التي تهاجر نهاية كل صيف من أمريكا الشمالية إلى كاليفورنيا والمكسيك، وتضع بيوضها أثناء الهجرة ليخرج منها الجيل القادم من المهاجرين، حيث تستغرق عادة أربعة أجيال لإكمال الدورة وذلك لقصر عمرها، ومما يميز هذه الحشرة أنها تمتلك مواد سامة للفقاريات وذلك بهدف حمايتها خلال رحلتها الطويلة. 

الطيور

يوجد 1800 نوعاً مختلفاً من الطيور المهاجرة التي تنتقل بين الشمال والجنوب استجابة لتغير الفصول؛ حيث تنتقل باتجاه خطوط العرض الشمالية أثناء فصل الصيف بينما تنتقل باتجاه المناطق الجنوبية أثناء فصل الشتاء، ومن الأمثلة عليها الطيور الطنانة التي تعد أصغر أنواع الطيور، حيث تهاجر أنواع محددة منها منفردة بين المناطق الجنوبية والشمالية في أمريكا الشمالية، والإوز الكندي الذي يهاجر بأعداد كبيرة عبر قارة أمريكا الشمالية إلى جنوب الولايات المتحدة وشمال المكسيك، وطائر الخرشنة القطبي الذي يهاجر بين القطب الشمالي والجنوبي سنوياً لمسافة تمتد إلى 19 ألف كيلومتر. 

اقرأ أيضاً:  طرق التكاثر عند الحيوانات

الثدييات

هناك ما يزيد عن 20 نوعاً من الثدييات التي تهاجر على شكل قطعان كبيرة، فعلى سبيل المثال تحدث هجرة جماعية كبيرة لما يقارب 1.7 مليوناً من حيوان النو، مع مئات الآلاف من الحمير الوحشية والغزلان في كل عام. 

أنواع الهجرة 

الهجرات اليومية 

هي الهجرات التي تستمر لمدة يوم واحد فقط، ومن الأمثلة عليها العوالق المائية الحيوانية الموجودة في المحيطات؛ حيث تسبح لمسافة تتعدى مئات الأمتار تحت الماء خلال اليوم ومن ثم تعود إلى السطح خلال الليل. 

الهجرات الموسمية 

تحدث هذه الهجرات مرتين في العام وذلك لارتباطها بالتغيرات الموسمية من ناحية درجات الحرارة أو معدل الهطول المطري، ولها ثلاثة أنواع رئيسية هي: 

  • الهجرات عبر خطوط العرض: من الأمثلة عليها هجرة الخفافيش والفقمات والعديد من أنواع الطيور المهاجرة الأخرى. 
  •  الهجرات المحلية: تقوم غالبية الطيور والثدييات المدارية بهذا النوع من الهجرة حيث تهاجر إلى الأماكن الرطبة في أوقات الجفاف، ومن ثم تعود مجدداً إلى موطنها الأصلي عند بداية هطول الأمطار. 
  • الهجرات الرأسية على المرتفعات: تقوم بهذه الهجرات بعض الحيوانات الجبلية إلى أعلى وأسفل الجبال عبر المنحدرات الجبلية، ومن الأمثلة عليها الغزال الأحمر وحجل الثلوج الألبي؛ حيث يقضيان فصل الصيف في أعالي الجبال ثم ينزلان إلى الوديان في فصل الشتاء. 

الهجرات الأقل حدوثاً

يتم هذا النوع من الهجرات على فترات متباعدة، فعلى سبيل المثال تولد أسماك السلمون في أعالي مجاري الأنهار ثم تهاجر إلى المحيطات، وبعد مرور سنوات عديدة تعود إلى الأماكن التي ولدت فيها بهدف التكاثر، أما عن أسماك سلمون المحيط الهادئ فهي تموت مباشرة بعد وضع البيض ولكن يعود بعضها للمحيط مرة أخرى بهدف التكاثر، وتقوم بذلك 3 مرات خلال فترة حياتها، ومن الأمثلة الأخرى إناث السلاحف المائية الخضراء وإناث السلاحف المائية ضخمة الرأس التي تسبح كل 2-3 أعوام لمسافة قد تصل إلى 2000 كيلومتر باتجاه الشواطئ الرملية وذلك لوضع البيوض.

كيف تحدد الحيوانات المهاجرة طريقها 

تمتلك الحيوانات المهاجرة العديد من الطرق التي تساعدها في جمع المعلومات وتحديد الاتجاهات خلال رحلتها الطويلة؛ حيث يستعين بعضها بالشمس والقمر والنجوم بينما يستعين بعضها الآخر بالظواهر الأرضية مثل: سلاسل الجبال، والأنهار، والخطوط الساحلية، ولكن هذا وحده لا يكفي حيث تعتمد الحيوانات في هجرتها على خواص أخرى إلى جانب حاسة البصر؛ فعلى سبيل المثال تعتمد أسماك السلمون على رائحة الأنهار التي ولدت فيها لتتمكن من العودة إليها وقت التكاثر، وتعتمد الحيوانات البحرية على تيارات المحيطات، بينما تعتمد حيوانات أخرى على التغييرات التي تحدث في درجات الحرارة، أو الرطوبة، أو اتجاه الرياح، أو المجال المغناطيسي.

اقرأ أيضاً:  كيف يموت الفيل

من ناحية أخرى ولظروف معينة قد تجبر الحيوانات المهاجرة في كثير من الأحيان على تغيير مسار هجرتها إلى أماكن غريبة عليها، ولكن يتمكن بعضها من تحديد هذه الأماكن ومعرفة كيفية الوصول إلى المكان المطلوب وذلك بفضل خاصية تسمى الملاحة، حيث توجد العديد من سبل الملاحة التي تعتمدها الحيوانات المهاجرة والتي لا يعرف العلماء عنها سوى القليل. 

دوافع الحيوانات للهجرة 

على الرغم من أن الهجرة تبدأ مع بداية ظهور الظروف البيئية غير المواتية، إلا أنه لا يمكن تحديد الدوافع الحقيقية للهجرة عند بعض أنواع الحيوانات؛ فمن الممكن أن تترك بعض أنواع الطيور المهاجرة موطنها الأصلي في المناطق المدارية على الرغم من أن الظروف ما زالت ملائمة هناك، وقد يكون الدافع الحقيقي هنا هو التغيرات البيئية المرتبطة ببداية الجو الدافئ والزيادة في الغذاء في مناطق التكاثر. أشارت دراسات عديدة إلى أن الزيادة في طول ساعات النهار في الربيع تؤدي إلى إفرازات هرمونات معينة في أجسام الطيور، ما يدفعها للاستعداد الحيوي للهجرة شمالاً، من ناحية أخرى فقد أشارت دراسات وتجارب أخرى إلى أن الكثير من الحيوانات التي تهاجر بشكل موسمي كأسماك السالمون تمتلك تقويماً داخلياً يخبرها بموعد الهجرة حتى عند بقائها في ظروف بيئية ثابتة في المختبر. 

هجرة الحيوانات في أفريقيا 

تعرف هجرة الحيوانات البرية الكبرى في أفريقيا أو هجرة سيرينجيتي بأنها واحدة من أكثر الأحداث البرية إثارة وروعة، حيث يتحرك قرابة 750.000 حيواناً وحشياً وأكثر من مليون من حيوان النو وعدد كبير من الغزلان سنوياً في مجموعات كبيرة، وبشكل دائري مع عقارب الساعة من سهول سيرينجيتي في شمال تنزانيا باتجاه الشمال إلى محمية ماساي مارا في جنوب كينيا عبر نهر مارا بحثاً عن العشب الطازج، ومن ثم العودة إلى سيرينجيتي من جديد، حيث تدمر الحيوانات كل شيء في طريقها وتفقد نسبة كبيرة منها حياتها بسبب الحيوانات آكلة اللحوم التي تتربص بها، ويسقط بعضها فريسة للتماسيح، ويموت بعضها الآخر سحقاً بسبب التدافع وخاصة عند عبور النهر، ويعتمد التوقيت الدقيق لهذه الهجرة على العديد من العوامل ومنها بدء هطول الأمطار. 

هجرة الحيوانات في أمريكا 

توجد أمثلة عديدة على هجرة الحيوانات في أمريكا ومنها فراشة الملك التي تقطع رحلة طولها 3 آلاف ميل في فصل الخريف، وتتجه من شمال شمال شرق الولايات المتحدة وكندا باتجاه جنوب غرب المكسيك، ورافعات ساند هيل التي تصل من المكسيك ونيو مكسيكو وتكساس وكاليفورنيا وتتلاقى في نبراسكا، ويرافقها أعداد كبيرة من البط والإوز من أحواض المياه المجاورة، والحيتان الرمادية التي تقطع مسافة تقارب 14.000 ميل سنوياً في هجرتها الشتوية من مياه ألاسكا باتجاه خليج كاليفورنيا وشبه جزيرة باجا، والشوكة التي تعد أسرع الحيوانات البرية في أمريكا والتي تمتلك أطول دورة هجرة في الولايات المتحدة القارية؛ حيث تبدأ رحلتها مع بداية الربيع من أعلى وادي النهر الأخضر في وايومنغ باتجاه متنزه غراند تيتون الوطني وجاكسون هول على بعد 150 ميل.

هجرة الحيوانات فيديو

مقالات مشابهة

حيوانات مهددة بالانقراض، من هي وكيف نحميها

حيوانات مهددة بالانقراض، من هي وكيف نحميها

اسم صغير القطة

اسم صغير القطة

علاج البرد عند القطط

علاج البرد عند القطط

طريقة طرد الفئران من المنزل

طريقة طرد الفئران من المنزل

أسباب تساقط شعر القطط

أسباب تساقط شعر القطط

كيف تربي الأرانب في المنزل

كيف تربي الأرانب في المنزل

ما هو اسم صغير الأرنب

ما هو اسم صغير الأرنب