جدول المحتويات
اللغة العربية هي واحدة من أشهر اللغات في العالم، وتعتبر اللغة الرسمية لجميع الدول العربية، إذ يصل عدد الدول التي تعتبر اللغة العربية لغةً رسمية بها أو لغة رسمية مشتركة إلى 25 دولة؛ يتحدثون فيها حوالي 30 لهجة عامية، وهناك 6 دول أخرى تعتبر فيها اللغة العربية لغة وطنية، مثل تركيا وإيران والنيجر، وتُدرّس العربية الفصحى في المناهج المدرسية في جميع الدول العربية وبعض الدول الإسلامية، كما أنها تستخدم في وسائل الإعلام وبعض الشركات والمؤسسات العامة والخاصة، وفي كل من الترجمة المهنية ومختلف المعاملات القانونية، وقد كُتبت أيضاً جميع النصوص الأدبية في مختلف العصور التاريخية باللغة العربية الفصحى فضلًا عن أنها لغة القرآن الكريم.
يتحدث المقال عن سبب تسمية اللغة العربية بلغة الضاد، ويشمل:
- ذكر نبذة عن اللغة العربية من حيث تعريفها ، وتطورها، وانتشارها وتأثيرها على غيرها من اللغات.
- التعرف على سبب تسمية اللغة العربية بلغة الضاد، مع التعرف على بعض الفنون الأدبية التي تأثرت بهذا الحرف.
نبذة عن اللغة العربية
تعتبر اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة، ويحتفل العالم في اليوم 18 من شهر ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية، وذلك لما تلاقيه من انتشار واسع في العالم، وذلك تحت ما يسمى بلغة الضاد، وهذا المصطلح لم يكن موجوداً منذ القدم، ولم يكن معروفاً أيام الجاهليّة ووصولاً إلى العصر الأموي، لأنه ظهر بعد ذلك للعديد من الأسباب، حيث أطلقه علماء اللغة العربية بداية القرن الثالث الهجري من أجل أن يميزوا اللغة العربية عن باقي اللغات الأخرى وخاصة السامية منها، ويقال أن سيبويه والخليل بن أحمد هما من وضعا هذا المصطلح قبل القرن الثالث الهجري.
ظهرت وانتشرت اللغة العربية في البلاد التي تمتد جغرافياً بين البحر الأحمر، والمحيط الهندي وخليج فارس، وبين خط وهمي يتجه شرقاً من رأس خليج العقبة حتى نهر الفرات؛ وتسمى تلك المنطقة شبه جزيرة العرب أو الجزيرة العربية، وينقسم العرب منذ القدم إلى قسمين، هما:
- العرب البائدة: هم العرب القدماء الذين دُرست آثارهم عبر التاريخ مثل أقوام عاد وثمود وجديس، وقد عثر لهم في منطقة شمالي الحجاز على نقوش بالخط الثمودي والصفوي، وهذه الخطوط توضح أن لغة تلك الشعوب تختلف بشكل ما عن لغة العرب الحالية.
- العرب الباقية: هم العرب المتأخرون والذين ينقسمون بدورهم إلى قسمين، هما:
- القحطانيون: الذين يسمون بالعرب العاربة لأنهم يعتبرون أصل العرب، حيث فينسبون إلى يعرب بن قحطان؛ وهم اليمنيون الذين يعرفون بعرب الجنوب.
- العدنانيون: الذين يسمون العرب المستعربة، وذلك لأنهم وفدوا إلى منطقة الجزيرة العربية من البلاد المجاورة واختلطوا بأهلها فتعرّبوا، وأصولهم النزاريون أو المعدّيون، ويعرف منهم أيضاً الحجازيون والنجديون، بالإضافة إلى العرب الأنباط وأهل تدمر.
جاء معنى اللغة في معجم لسان العرب في باب (لغا)، أنّ اللغة تأتي على وزن فعلة من لغوتُ أي تكلمتُ، وأصلها لغوة، وقد قيل أن أصلها لغي أو لغو، وجمعها يأتي على لُغى ولغات، أما تعريفها اصطلاحاً فقد فعرّفها ابن جني على أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، وقد عرفها ابن تيمية على أنها أداة تواصل وتعبير عن الأشياء التي يتصورها الإنسان ويشعر بها، كما أنها وعاء للمضامين المنقولة، سواء كان مصدرها الوحي، أم العقل، أم الحس، وهي أيضاً أداة لتمحيص المعرفة الصحيحة، وضبط قوانين التخاطب السليم، أما كلمة العربية فهي مشتقة من الجذر عرب يعرب عَرَبا أي بمعنى فصح، ويقال عَرُب لسانه : أي أصبح فصيحاً.
اللغة العربية هي إحدى اللغات السامية المعروفة، والتي نشأت من الآرامية، وقد مرت بالعديد من مراحل التطور حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، أهمها تطوير علامات الترقيم وقواعد النحو والصرف والتأليف، وغيرها من العلوم، كما أنها تعتبر من أغنى اللغات حول العالم من حيث عدد الكلمات والمعاني والمرادفات، وهي أيضاً من أكثر اللغات السامية انتشارًا في دول العالم، إذ يتحدث بها ما يزيد عن 420 مليون شخص، حيث تنبع أهميتها وقيمتها لأنها لغة القرآن الكريم، وتقوم عليها الكثير من العبادات، إذ يستخدمها المسلمون للصلاة وتلاوة القرآن، سواء كانوا من العرب أم العجم، منذ مئات السنين، كما أصبحت بعد ذلك لغة الأدب والعلوم والسياسة في جميع المناطق التي يسيطر عليها المسلمون.
أثرت اللغة العربية بشكل كبير على عدد من اللغات الأخرى المستخدمة في أجزاء معينة من العالم الإسلامي، حيث لعبت الفتوحات الإسلامية وانتشار الإسلام في دول جديدة دوراً بارزاً في انتشار اللغة العربية، وخاصة في في بلاد الشام ومصر والعراق، وفي بعض دول شمال إفريقيا والأندلس، كما أثرت الهجرة والأنشطة التجارية أيضاً في نشر اللغة العربية وخاصة في دول آسيا الشرقية مثل الصين، والهند وباكستان، حيث يتحدثون لغة الأوردو، التي يوجد بها ما يزيد عن 7 آلاف كلمة عربية الأصل، كما يمكن رؤية التأثير في كل من اللغة الفارسية والكردية والماليزية، والتركية التي تضم نحو 6500 كلمة عربية، وبعض اللغات الأوروبية مثل الفرنسية والإنجليزية، والإسبانية التي تحتوي على حوالي 4000 كلمة ذات جذور عربية، كما تقوم بعض اللغات الأفريقية على جذور من العربية، مثل اللغة السواحيلية والهوسا، والأمازيغية، وقد اعتمدت جميع الدول الأفريقية المتاخمة للعالم العربي تدريس اللغة العربية في مدارسها بشكل رسمي أو غير رسمي سواء لسبب ديني أو سياسي. كما ساهمت مختلف المناسبات والشعائر الدينية الخاصة بالمسلمين في ترسيخ وانتشار اللغة العربية، منها موسم الحج، حيث يجتمع فيه المسلمون من كافة أنحاء الأرض يلبون النداء بلغة واحدة.
سبب تسمية اللغة العربية بلغة الضاد
تضم اللغة العربية 28 حرفاً، ويضيف بعض اللغويين الهمزة لتصبح 29 حرفاً، وتكتب هذه اللغة من اليمين إلى اليسار وذلك مثل اللغة العبريّة والفارسيّة، وهذا عكس معظم اللغات الأجنبية التي تكتب من اليسار إلى اليمين، وقد اختصت اللغة العربية بحرف الضاد الذي يعتبر صعب النطق لغير الناطقين بها، فكان لسان العرب مقارنة بغيره الأميز والأجود في نطق هذا الحرف، فحرف الضاد هو أحد حروف الهجاء العربية؛ يقع ترتيبه 15 من الحروف، ويحتل هذا الحرف مكانة وأهمية كبيرة في اللغة العربية لكونه حرفاً صعب النطق، حيث يعد مخرجه بين حرفيّ الشين والجيم، ويعتبر حرفاً متنوعاً في كيفية إخراجه كصوت، فهو يصنف حسب علم الصوتيات كصوت لثوي وجهوري واحتكاكي، يوخرج من البلعوم ومن جانب الفم ما زاده تعقيدًا وأصبح حرفًا فريداً، ويختلف نطق حرف الضاد في البلاد العربية والإسلامية كالآتي:
- ظاء كنطق أهل العراق.
- دال مفخمة، كنطق بعض أهل مصر وخاصةً النساء.
- طاء فصيحة، كنطق أغلبية أهل مصر.
- لام مفخمة، كنطق أغلبية أهل النيجر.
- ممزوجة بحرف الذال.
- بين حرفي الطاء والضاد.
- شبيهة بحرف الثاء.
هناك الكثير من العرب من يتعسر عليهم التفريق بين حرفي الضاد والظاء في النطق، وفي ذلك كتب الحريري قصيدة طويلة تجمع كلمات من المعجم لحرف الظاء، منها:
- أيها السائل عـنِ الضّادِ والظاء لكَـيْلا تـُضِلّهُ الألْفاظُ
- إنّ حِـفـظَ الظّـاءات يُغنيكَ فاسمعها استِماعَ امرِئٍ لهُ استيقاظُ
- هيَ ظَمْياءُ والمظالِمُ والإظْلامُ والظَّلْمُ والظُّبَى واللَّحاظُ
- والعَظا والظّليمُ والظبيُ والـشيْظَمُ والظّلُّ واللّظى والشّواظُ
- والتّظَني واللّفظُ والنظمُ والتقريظُ والقَيظُ والظما واللماظُ
بذلك فقد سميت اللغة العربية بلغة الضاد لأنها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف الضاد (ض)، فهو يعتبر من أصعب الحروف نطقاً عند غير العرب، وبعض المتكلمين بغير العربية يعجزون عند التحدث بها عن إيجاد صوت بديل له في لغاتهم، وقد ظهر هذا المصطلح في نهاية القرن الثاني، وبداية القرن الثالث الميلادي، وذلك في الفترة التي برز فيها عدد من علماء العربية منهم الخليل بن أحمد الفراهيدي، وسيبويه، والأصمعي، وقد قال الأصمعي مرة: “ليس للروم ضاد”، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ قيمة هذا الحرف برزت منذ أن تعرّب العجم، وذلك لعجزهم عن نطقه، ومن هنا جاء اهتمام العديد من علماء العربيّة بدراسة هذا الحرف.
كما برز بين الأدباء قديماً وحديثاً ظاهرة التأليف سواء في الشعر أو النثر في حرف الضاد، وإظهار تميّز واختصاص اللغة العربية بها منذ القدم، حيث ألف بعض الأدباء كتباً تخص حرف الضاد مثل (رسالة الفرق بين الضاد والظاء للصاحب بن عباد، ونظم بعض الشعراء قصائد للتغني بحرف الضاد واللغة العربية، منها المتنبي، حيث يقول:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي | وبنفسي فخرت لا بجدودي |
وبهم فخر كل من نطق الضاد | وعوذ الجاني وغوث الطريد |