جدول المحتويات
تعريف الختان
الختان لغةً هو القَطْع، [لسان العرب لابن منظور 13\138]، [تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص: 153]، أما الختان اصطلاحاً؛ يتم تعريفه على للذكر على أنه قطع الجلدة التي تستر وتغطي الحشفة، أما للأنثى فهو قطع الجلدة التي تكون على شكل عُرف الديك، وتكون فوق مكان الإيلاج [البناية شرح الهداية للعيني 1\333]، [المجموع للنووي 1\302]، [الفواكه الدواني للنفراوي 2\877].
مشروعية الختان في الإسلام
الختان بشكلٍ عام مشروع في الإسلام، حتى إنه من سُنن الفِطرة [تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص: 161]، قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124]، وسُئل ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية فقال: “ابتلاه بالطَّهارةِ، خَمسٌ في الرأسِ، وخمسٌ في الجَسَدِ، خمسٌ في الرأس: قصُّ الشَّارِبِ، والمضمضةُ، والاستنشاقُ، والسِّواكُ، وفَرْقُ الرأسِ، وفي الجَسَدِ: تقليمُ الأظفارِ، وحَلْقُ العانة، والختانُ، ونتفُ الإبْط، وغسلُ أثَر الغائِطِ والبَولِ بالماءِ” [رواه الحاكم 2\293، والبيهقي برقم: 705، ص: 1\149، وصحح إسناده ابن حجر في تحفة النبلاء: 230]، فالختان من الأمور التي ابتلى اللهُ بها إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام، فأتمَّها، وأكملها كما أمره الله، وهكذا جعله الله للناس إماماً وقدوة.
ما هو حكم الختان في الإسلام
حكمه في الشريعة الإسلامية ينقسم إلى قسمين كما قسَّمه أهل العلم؛ القسم الأول هو حكمه بالنسبة للذكور، والقسم الثاني هو حكمه بالنسبة للإناث.
حكم الختان للذكور
ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى أن الختان في حق الذكور واجب، وهذا ما ذهب إليه الشافعية [المجموع للنووي 1\297-300، ومغني المحتاج للشربيني 4\202]، والحنابلة [كشاف القناع للبهوتي 1\80، الشرح الكبير لابن قدامة 1\109]، وأيضاً اختاره كلٌ من ابن تيمية [الفتاوى الكبرى 5\302]، وابن عثيمين [الشرح الممتع 1\164]، وأصدرت اللجنة الدائمة فتوى بوجوبه [فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الثاني 4\42]، ونقل ابن قدامة قول الكثير من أهل العلم الذين قالوا بوجوبه على الذكر[المُغْني 1\64].
الأدلة التي استدلَّ بها من قال بوجوبه قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123]، حيث إنه من شريعة ومِلَّةِ إبراهيم التي وجب علينا اتِّباعها [تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص: 163]، كما إنه استدلوا بالحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اختَتَن إبراهيمُ النبيُّ عليه السَّلام وهو ابن ثمانين سَنَةً بالقَدُّومِ” [البخاري: 3365، مسلم: 2370، واللفظ لمسلم]، كما أنه نُقِل عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: “الأَقْلَفُ لا تجوز شهادته، ولا تُقبَلُ له صلاةٌ، ولا تُؤكَلُ له ذَبيحة” [صحَّح اسناده ابن حجر العسقلاني في الدِّراية 2\173]، والأقلف هو الذي لم يختتن.
جعلوا سبب الوجوب بأنه إذا بقيَتْ القُلفة دون ختانٍ عند الرجل، فإنها ستحبس النجاسة، وهذا يؤدي إلى عدم صِحَّة الصلاة، وذلك لأنه لا يمكن الاستجمار -إزالة النجاسة- عندما تكون القلفة ساترةً للذكر كله، ولذلك وجب إزالتها وقطعها، كما أن الختان من العلامات المميزة بين المسلم والكافر، ولوجوب التمييز بين المسلم والكافر، فإن الختان واجب، وأيضاً قالوا بأن الختان هو قطعُ جُزءٍ من البدن، والشريعة حَرَّمت قطع أي شيءٍ من البدن، فإذا كان الختان مشروعاً، فهذا يعني أنه لا يُستباح شيءٌ حرامٌ إلا لشيءٍ واجب، كذلك الحال بالنسبة لعملية الختان، لأنه أثناء العملية سيكون هناك كشفٌ للعورة، والخاتن ينظر إليها، فلا يُستباح حرامٌ إلا لشيءٍ واجب [تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص: 165-168]، [مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 11\117]، [الشرح الكبير لابن قدامة 1\109]، [المجموع للنووي 1\279-299].
حكم الختان للإناث
قال أكثر أهل العلم أن الختان مُستَحبٌّ في حقِّ النساء [طرح التثريب 2\75، فتح الباري لابن حجر 10\341، المُغْني لابن قدامة 1\64]، كما إنه مذهب الحنفية [حاشية ابن عابدين 6\371، فتح القدير للكمال ابن الهمام 1\63]، ومذهب المالكية [مواهب الجليل للحطاب 4\395، حاشية الدسوقي 2\126]، كما إنه قولٌ عند الشافعية [المجموع للنووي 1\300، طرح التثريب للعراقي 2\70]، وهذا اختيار الشوكاني [نيل الأوطار 1\146]، واختيار الشيخين ابن باز، وابن عثيمين [مجموع فتاوى ابن باز 10\47، الشرح الممتع 1\164-165].
استدلوا بعدَّة أدلَّةٍ يُمكن ذِكرُ بعضها، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جَلَس بين شُعَبِها الأَربعِ، ومسَّ الخِتانُ الختانَ، فقد وَجَب الغُسلُ” [مسلم: 349]، فقول عائشة رضي الله عنها “ومسَّ الختان الختان” يدل على أن القول للرجال والنساء، بأنهم كانوا يختتنوا، وأما الدليل الثاني، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الفطرةُ خَمسٌ، الخِتان، والاستحداد، وقَصُّ الشارب، وتقليم الأظافر، ونَتْفُ الآباط” [البخاري: 5891، مسلم: 257، واللفظ للبخاري]، فالختان بحق الرجل واجب لما تمَّ ذِكْرُه سابقاً من أسباب، وأما للمرأة فهذه الأسباب منعدمة، وإنما هو لها مكرمةً إن دَعَت الحاجة، وذلك من أجل تقليل شهوتها إن كانت زائدة، وهذا يُطلبُ لكمال المتعةِ لها ولزوجها في المعاشرة، وليس من أجل إزالة الأذى [المُغْني لابن قدامة 1\64، مجموع فتاوى ابن تيمية 21\113-114].
وقت الختان
لم يثبت في تحديد وقت الختان شيء، ولا سُنَّةٌ تُتَّبَع، فالأمر في هذا الباب واسع، طبعاً واسعٌ إذا كان ما زال الصبيُّ قبل سِنِّ البلوغ، لأنه إذا وصل سنَّ البلوغ أصبح الختان للصبي واجباً كما ذُكر سابقاً، وهذا قولٌ عند الحنفية [البحر الرائق لابن نجيم 8\554]، كما أنه مذهب الشافعية [روضة الطالبين للنووي 10\181، الحاوي الكبير للماوردي 13\432]، ومذهب الحنابلة [الإنصاف المرداوي 1\124، الإقناع للحجاوي 1\22]، وهذا الوجوب يكون لعدة أسباب، منها أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر أن يُعَلَّم الأولاد على الصلاة في عمر السبع سنين، وأن يُضربوا إذا فَرَّطوا بها في عمر العشر سنين، وفي البلوغ تصبح العبادات واجبة، والطهارة واجبة، ومن لم يختتن من الذكور لم يقدر على الطهارة المطلوبة منه كما ذُكِرَ سابقاً، وبهذا أصبح الاختتان واجباً بالبلوغ [تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص: 180-182].
طريقة الختان
طريقة الختان للذكر
من تعريف الختان، ومن الأسباب التي توجب الختان على الذكور، حتى لا تحتبس النجاسة وتتم الطهارة، فإنه يكون الختان للذَّكَر بقطع الجلدة التي تُغطي حشَفَة الذَّكَر، ويُسميها العرب، وأهل العلم بالقُلْفَة، أو الغُرلة، وهذا من أجل أن تنكشف الحشفة كلها، وهذا مذهب المالكية [حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 1\595، الفواكه الدواني للنفراوي 2\877]، ومذهب الشافعية [روضة الطالبين للنووي 10\181المجموع للنووي 1\301-302]، وهذا قولٌ عند الحنابلة [تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص: 191]، وصدرت فتوى اللجنة الدائمة [فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الثانية 4\43].
طريقة الختان للأنثى
يتم الختان للأنثى بقطع جلدةٍ تُشبه عُرف الديك، وتكون فوق مكان الإيلاج، بحيث يجب الانتباه لأمرٍ مهم، وهو أن لا يُبالغَ في القطع حتى لا تضعف شهوة المرأة، فيكون القطع لجزء، والإبقاء لجزء، فيكون ذلك تعديلٌ للخلقة، والشهوة، [مجموع الفتاوى لابن تيمية 21\113-114]، [تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص: 189] كما أنه باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة الحنفية [حاشية الطحطاوي ص: 64]، والمالكية [حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 1\596]، والشافعية [المجموع للنووي 1\302]، والحنابلة [المبدع شرح المقنع لبرهان الدين بن مفلح 1\72، مطالب أولي النهى لمصطفى بن سعد 1\90].
حكم من لا يستطيع أو يقوى على الختان
إذا كان الاعتقاد الأقوى أن شخصاً معيناً وجب عليه الختان، لكن إذا اختتن ألحق ذلك به الضرر، أو الهلاك، فإنه في هذه الحالة يسقط عنه وجوب الختان، ومن الأمثلة، كالرجل الذي أسلم وهو كبير بالسِّن، أو كمن كان ضعيف البنية أو الخِلقة، وهذا مذهب جمهور العلماء، الحنفية [حاشية الطحطاوي ص: 64]، [روضة الطالبين للنووي 10\181]، والحنابلة [شرح منتهى الإرادات للبهوتي 1\44]، وقولٌ عند المالكية [مواهب الجليل للحطاب 4\394]، ونقلت ذلك الموسوعة الفقهية الكويتية [19\29].