وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام

وفاة الرسول، متى وكيف توفى

مع أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله مثل البشر يموت ولا يخلّد في الدنيا، لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}(سورة الأنبياء: 34-35)، إلا أن وفاته لم تكن كوفاة سائر البشر أو كوفاة سائر الأنبياء، فبموته عليه الصلاة والسلام انقطعت النبوات، وانقطع خبر السماء ووحي الله عز وجل عن الأرض.

يتحدث هذا المقال عن وفاة الرسول، ويشمل:

  • وفاة الرسول وعمره عند الوفاة.
  • قصة وفاة الرسول.
  • أقوال وردود أفعال الصحابة عند وفاة الرسول.
  • خطبة وفاة الرسول.
  • الخلافة الإسلامية بعد وفاة الرسول.

وفاة الرسول

كانت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب التي حلّت بالأمة، فعن عوف بن مالك الأشجعي أنه قال:” أَتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بيْنَكُمْ وبيْنَ بَنِي الأصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا”[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

تاريخ ومكان وفاة الرسول

اختلف العلماء حول التاريخ الدقيق الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت وفاته يوم الاثنين بلا خلاف من ربيع الأول، وكاد يكون إجماعًا، لكن في حديث ابن مسعود عند البزار في حادي عشر رمضان، أما عند ابن إسحاق والجمهور أنها في الثاني عشر منه، وعند موسى بن عقبة، والليث، والخوارزمي، وابن زبر، مات لهلال ربيع الأول، وعند أبي مخنف والكلبي في ثانيه، ورجحه السهيلي.

إعلان السوق المفتوح

كانت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، في حُجرة أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها-، بل جاء بالخبر الصحيح أنّ روح النبي عليه الصلاة والسلام قد قبضت ورأسه على فخذ أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها-.

تاريخ وفاة الرسول بالهجري

توفي النبي صلى الله عليه وسلم في ضحى يوم الاثنين في الثالث عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشرة للهجرة.

تاريخ وفاة الرسول بالميلادي

توفي النبي صلى الله عليه وسلم في الثامن من شهر يونيو لعام ستمائة وثلاثة وثلاثين ميلادية.

عمر الرسول عند وفاته

قُبضت روح الحبيب -صلى الله عليه وسلم- وعمره ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام، فعن أبو اسحق السبيعي عمرو بن عبد الله أنه قال: “كُنْتُ جَالِسًا مع عبدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، فَذَكَرُوا سِنِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: بَعْضُ القَوْمِ كانَ أَبُو بَكْرٍ أَكْبَرَ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ عبدُ اللهِ: قُبِضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُتِلَ عُمَرُ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. قالَ: فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ يُقَالُ له عَامِرُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، قالَ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَذَكَرُوا سِنِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ مُعَاوِيَةُ: قُبِضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُتِلَ عُمَرُ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ“[صحيح مسلم|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

وقال عبد الله ابن عبّاس في العمر الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم: “بُعِثَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ بمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بالهِجْرَةِ فَهاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وماتَ وهو ابنُ ثَلاثٍ وسِتِّينَ“[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

قصة وفاة الرسول

نزلت أكثر من آية قرآنية تدل على قرب وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، كقول الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}(سورة الزمر: 30)، وقوله سبحانه: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُون} (سورة الأنبياء: 34).

توفي النبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتدّ الضحى من يوم الاثنين في الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشرة للهجرة، وقال أنس بن مالك في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: “شَهِدْتُهُ يومَ دخلَ المدينةَ فما رأيتُ يومًا قطُّ ، كانَ أحسَنَ ولا أضوَأَ من يومٍ دخلَ علينا فيهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ . وشَهِدْتُهُ يومَ موتِهِ ، فما كانَ أقبحَ ، ولا أظلَمَ من يومٍ ماتَ فيهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ.”[الصحيح المسند|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

وقد حدّثنا أنس بن بن مالك -رضي الله عنه- عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:
أنَّ المُسْلِمِينَ بيْنَا هُمْ في الفَجْرِ يَومَ الِاثْنَيْنِ، وأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه يُصَلِّي بهِمْ، فَفَجِئَهُمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَنَظَرَ إليهِم وهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ فَنَكَصَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه علَى عَقِبَيْهِ، وظَنَّ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرِيدُ أنْ يَخْرُجَ إلى الصَّلَاةِ، وهَمَّ المُسْلِمُونَ أنْ يَفْتَتِنُوا في صَلَاتِهِمْ، فَرَحًا بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ، فأشَارَ بيَدِهِ: أنْ أتِمُّوا، ثُمَّ دَخَلَ الحُجْرَةَ، وأَرْخَى السِّتْرَ، وتُوُفِّيَ ذلكَ اليَومَ.” [صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

مرض الرسول

  • بعد أن عاد النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع في ذي الحجة، وأقام في المدينة المنورة باقي الشهر ومحرّم وصفر من العام العاشر، وأعدّ لجيش أسامة بن زيد لغزو الروم في شهر صفر، ثمّ بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالدخول في الحالة المرضية في التاسع والعشرين من صفر في السنة الحادية عشرة للهجرة
  • الأنبياء هم أشدُّ الناس بلاءً فعن فاطمة بنت اليمان قالت:” أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياء، ثم الذين يلونَهم ، ثم الذين يلونَهم“[صحيح الجامع|خلاصة حكم المحدّث: صحيح]. مرض النبي صلى الله عليه وسلم بمرض الحمّى، فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال:” دَخَلْتُ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهو يُوعَكُ، فَمَسِسْتُهُ بيَدِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَجَلْ إنِّي أُوعَكُ كما يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنكُم قالَ: فَقُلتُ: ذلكَ أنَّ لكَ أَجْرَيْنِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَجَلْ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما مِن مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِن مَرَضٍ، فَما سِوَاهُ إلَّا حَطَّ اللَّهُ به سَيِّئَاتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا. وَليسَ في حَديثِ زُهَيْرٍ: فَمَسِسْتُهُ بيَدِي. وَزَادَ في حَديثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، قالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما علَى الأرْضِ مُسْلِمٌ”[صحيح مسلم|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • يوم الأربعاء قبل أيام من الوفاة، اتَّقدت حرارة العِلَّة في بدنه، فاشتدَّ به الوجع، وأغمي عليه، فعن عائشة أم المؤمنين قالت: “لَمَّا ثَقُلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واشْتَدَّ وجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أزْوَاجَهُ في أنْ يُمَرَّضَ في بَيْتِي، فأذِنَّ له، فَخَرَجَ بيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ في الأرْضِ، بيْنَ عَبَّاسٍ وآخَرَ، فأخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: هلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الذي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قُلتُ: لَا، قَالَ: هو عَلِيٌّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَ ما دَخَلَ بَيْتَهَا، واشْتَدَّ به وجَعُهُ: هَرِيقُوا عَلَيَّ مِن سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أعْهَدُ إلى النَّاسِ قَالَتْ: فأجْلَسْنَاهُ في مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عليه مِن تِلكَ القِرَبِ، حتَّى جَعَلَ يُشِيرُ إلَيْنَا: أنْ قدْ فَعَلْتُنَّ قَالَتْ: وخَرَجَ إلى النَّاسِ، فَصَلَّى لهمْ وخَطَبَهُمْ”[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • وعند ذلك أَحَس بخِفة، فدخل المسجد وهو معصوب الرأس – حتى جلس على المنبر وخطب وقال:” قاتَلَ اللهُ اليهودَ و النَّصارَى اتَّخذُوا قُبورَ أنْبيائِهِمْ مَساجِدَ، لا يَبْقَيَنِّ دِينانِ بِأرْضِ العَرَبِ“[صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدّث: صحيح]. بعد ذلك نزل فصلى الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر، وعاد لمقالته الأُولى في الشحناء وغيرها، ثم أوصى بالأنصار قائلاً: أُوصِيكُمْ بالأنْصَارِ، فإنَّهُمْ كَرِشِي وعَيْبَتِي، وقدْ قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهمْ، فَاقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ“[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام اشتدَّ به الوجع، فعن سعيد بن جبير قال: “قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الخَمِيسِ، وَما يَوْمُ الخَمِيسِ، ثُمَّ بَكَى، حتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الحَصَى، فَقُلتُ: يا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَما يَوْمُ الخَمِيسِ؟ قالَ: اشْتَدَّ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَجَعُهُ، فَقالَ: ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدِي، فَتَنَازَعُوا، وَما يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، وَقالوا: ما شَأْنُهُ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ، قالَ: دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فيه خَيْرٌ، أُوصِيكُمْ بثَلَاثٍ: أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بنَحْوِ ما كُنْتُ أُجِيزُهُمْ. قالَ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قالَهَا فَأُنْسِيتُهَا“[صحيح مسلم|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي بالناس جميع صلواتِه حتى ذلك اليوم – يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام، ثم ثَقُل المرض، بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد، فلم يصلّ النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً أخرى بعد صلاة الفجر التي صّلاها في يوم الاثنين مع الصحابة رضوان الله عليهم في المسجد، بل بدأ بالاحتضار فأسندته السيدة عائشة -رضي الله عنها- فقالت في ذلك:” إنَّ مِن نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُوُفِّيَ في بَيْتِي، وفي يَومِي، وبيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي، وأنَّ اللَّهَ جَمَع بيْنَ رِيقِي ورِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ دَخَلَ عَلَيَّ عبدُ الرَّحْمَنِ وبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وعَرَفْتُ أنَّه يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عليه، وقُلتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ، فأمَرَّهُ، وبيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ -أوْ عُلْبَةٌ؛ يَشُكُّ عُمَرُ- فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في المَاءِ فَيَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يقولُ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى، حتَّى قُبِضَ ومَالَتْ يَدُهُ” [صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • وقبل يوم من الوفاة يوم الأحد أعتَقَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – غِلمانه، وتصدَّق بسبعة دنانير كانت عنده، ووهَب للمسلمين أسلحتَه، وفي الليل استعارتْ عائشة الزيت للمصباح من جارتها، توفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودِرْعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير.
  • بعد أن انتهى الرسول صلى الله عليه وسلم من السواك رفع يده أو إصبعه وبصره إلى السقف وحرّك شفتاه قائلاً كما روت السيدة عائشة – رضي الله عنها-:“سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُسْتَنِدٌ إلَيَّ يقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحَمْنِي وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ“[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
اقرأ أيضاً:  ما فوائد صلاة الليل والوتر

كم عدد أيّام مرض الرسول قبل وفاته

كانت جميع أيام مرض النبي صلى الله عليه وسلم  ثلاثة عشر أو أربعة عشر يومًا، حيث قالت السيدة عائشة أم المؤمنين في مرض الرسول صلى الله عليه وسلم:” ما رَأَيْتُ أحَدًا أشَدَّ عليه الوَجَعُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ“[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

تغسيل الرسول ودفنه

غُسّل النبي صلى الله عليه وسلم بدون أن يجرد من ملابسه وغسّله كل من العباس، وعليًّا، والفضل، وقثم ابني العباس، وشُـقْران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسامة بن زيد، وأوس بن خولة، فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه، وأسامة وشُـقْران يصبان الماء، وعلي يغسله، وأسنده أوس إلى صدره ـرضي الله عنهم أجمعينـ ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض سحولية (نسبة إلى سحول مدينة باليمن من كرسف قطن ليس فيها قميص ولا عمامة)، وأدرجوه فيها إدراجًا وكانت تشتمل على ثوبين صحاريين وثوب حبرة، ثم صلى عليه الناس أرسالاً تدخل عليه مجموعة فتصلي، ثم تدخل مجموعة أخرى، وبعد أن صلى عليه الرجال والنساء والصبيان دفن في الحجرة التي توفي بها -صلى الله عليه وسلم-.

ونرى ذلك فيما روته السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنه- قائلةً:” دَخَلْتُ علَى أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَقالَ: في كَمْ كَفَّنْتُمُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَتْ: في ثَلَاثَةِ أثْوَابٍ بيضٍ سَحُولِيَّةٍ، ليسَ فِيهَا قَمِيصٌ ولَا عِمَامَةٌ وقالَ لَهَا: في أيِّ يَومٍ تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَتْ: يَومَ الِاثْنَيْنِ قالَ: فأيُّ يَومٍ هذا؟ قالَتْ: يَوْمُ الِاثْنَيْنِ قالَ: أرْجُو فِيما بَيْنِي وبيْنَ اللَّيْلِ، فَنَظَرَ إلى ثَوْبٍ عليه، كانَ يُمَرَّضُ فيه به رَدْعٌ مِن زَعْفَرَانٍ، فَقالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هذا وزِيدُوا عليه ثَوْبَيْنِ، فَكَفِّنُونِي فِيهَا، قُلتُ: إنَّ هذا خَلَقٌ، قالَ: إنَّ الحَيَّ أحَقُّ بالجَدِيدِ مِنَ المَيِّتِ، إنَّما هو لِلْمُهْلَةِ فَلَمْ يُتَوَفَّ حتَّى أمْسَى مِن لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ، ودُفِنَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ”[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

بعد وفاة الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى عليه أولاً عشيرته، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، وصلت عليه النساء بعد الرجال، ثم صلى عليه الصبيان، ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملاً حتى دخلت ليلة الأربعاء فواروه فيها التراب، حيث جاء في كافة الروايات أنه أول من صلى على النبي- صلى الله عليه وسلم- كان عمه العباس لكونه كبير بين هاشم وعم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم أخذوا يصلون عليه عشرة عشرة، فصلى عليه أول الأمر بنو هاشم آله عليه الصلاة والسلام، ثم صلى عليه المهاجرون، ثم صلى عليه الأنصار، ثم صلى عليه باقي الناس، ثم صلى عليه النساء ثم الصبيان، وقيل: الصبيان ثم النساء.

تمّ دفن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيته، فقد روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: “لمَّا قُبِضَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ اختَلَفوا في دَفنِه، فقال أبو بَكرٍ: سمِعتُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَيئًا ما نَسيتُه، قال: ما قبَضَ اللهُ نَبيًّا إلَّا في المَوضِعِ الذي يُحِبُّ أنْ يُدفَنَ فيه. ادفِنوه في مَوضِعِ فِراشِه”[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

اقرأ أيضاً:  ما حكم الزاني المتزوج

  وصايا الرسول قبل وفاته

  • أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالصلاة، فقد روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه:” كان آخر ُكلامِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الصلاةَ الصلاةَ ! اتقوا اللهَ فيما ملكت أيمانُكم”[صحيح أبي داود|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأنصار، كما في رواية عبد الله بن عباس عندما قال:” صَعِدَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المِنْبَرَ، وكانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلْحَفَةً علَى مَنْكِبَيْهِ، قدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أيُّها النَّاسُ إلَيَّ، فَثَابُوا إلَيْهِ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّ هذا الحَيَّ مِنَ الأنْصَارِ، يَقِلُّونَ ويَكْثُرُ النَّاسُ، فمَن ولِيَ شيئًا مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَطَاعَ أنْ يَضُرَّ فيه أحَدًا أوْ يَنْفَعَ فيه أحَدًا، فَلْيَقْبَلْ مِن مُحْسِنِهِمْ ويَتَجَاوَزْ عن مُسِيِّهِمْ”[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: “مَرَّ أبو بَكْرٍ، والعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، بمَجْلِسٍ مِن مَجَالِسِ الأنْصَارِ وهُمْ يَبْكُونَ، فَقالَ: ما يُبْكِيكُمْ؟ قالوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَّا، فَدَخَلَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرَهُ بذلكَ، قالَ: فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ عَصَبَ علَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ، قالَ: فَصَعِدَ المِنْبَرَ، ولَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذلكَ اليَومِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أُوصِيكُمْ بالأنْصَارِ، فإنَّهُمْ كَرِشِي وعَيْبَتِي، وقدْ قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهمْ، فَاقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ“[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

  • أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بإخراج المشركين من جزيرة العرب وإجازة الوفود، وبعدم اتّخاذ قبره مسجدًا، استنادًا إلى ما رواه أبو عبيدة عامر بن الجراح بقوله: “كان آخِرُ ما تَكلَّمَ به أنْ قال: قاتَلَ اللهُ اليهودَ والنَّصارَى اتَّخذُوا قُبورَ أنْبيائِهِمْ مَساجِدَ، لا يَبْقَيَنِّ دِينانِ بِأرْضِ العَرَبِ“[صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصلي أبو بكر بالمسلمين، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت:” لَمَّا ثَقُلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَاءَ بلَالٌ يُوذِنُهُ بالصَّلَاةِ، فَقالَ: مُرُوا أبَا بَكْرٍ أنْ يُصَلِّيَ بالنَّاسِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أسِيفٌ وإنَّه مَتَى ما يَقُمْ مَقَامَكَ لا يُسْمِعُ النَّاسَ، فلوْ أمَرْتَ عُمَرَ، فَقالَ: مُرُوا أبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بالنَّاسِ فَقُلتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي له: إنَّ أبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أسِيفٌ، وإنَّه مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لا يُسْمِعُ النَّاسَ، فلوْ أمَرْتَ عُمَرَ، قالَ: إنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أبَا بَكْرٍ أنْ يُصَلِّيَ بالنَّاسِ فَلَمَّا دَخَلَ في الصَّلَاةِ وجَدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بيْنَ رَجُلَيْنِ، ورِجْلَاهُ يَخُطَّانِ في الأرْضِ، حتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أبو بَكْرٍ حِسَّهُ، ذَهَبَ أبو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فأوْمَأَ إلَيْهِ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى جَلَسَ عن يَسَارِ أبِي بَكْرٍ، فَكانَ أبو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا، يَقْتَدِي أبو بَكْرٍ بصَلَاةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّاسُ مُقْتَدُونَ بصَلَاةِ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه”[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • أوصى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بإحسان الظن بالله، فعن جابر بن عبد الله قال: “سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قَبْلَ مَوْتِهِ بثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يقولُ: لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ”[صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدّث: صحيح]
  • أوصى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بإغلاق جميع النوافذ في المسجد النبويّ، باستثناء نافذة أبي بكرٍ -رضي الله عنه- فعن أبو سعيد الخدري قال: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَلَسَ علَى المِنْبَرِ فقالَ: إنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا ما شاءَ، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، فاخْتارَ ما عِنْدَهُ. فَبَكَى أبو بَكْرٍ وقالَ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا، فَعَجِبْنا له، وقالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إلى هذا الشَّيْخِ؛ يُخْبِرُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، وهو يقولُ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا! فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو المُخَيَّرَ، وكانَ أبو بَكْرٍ هو أعْلَمَنا به. وقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومالِهِ أبا بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتي لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ، إلَّا خُلَّةَ الإسْلامِ، لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلَّا خَوْخَةُ أبِي بَكْرٍ”[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة القُرآن في الرُكوع والسُجود، والإكثار من الدُعاء في السجود، فعن عبد الله بن عباس قال:” كَشَفَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ السِّتَارَةَ والنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أبِي بَكْرٍ، فَقالَ: “أيُّها النَّاسُ، إنَّه لَمْ يَبْقَ مِن مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا المُسْلِمُ، أوْ تُرَى له، ألَا وإنِّي نُهِيتُ أنْ أقْرَأَ القُرْآنَ رَاكِعًا، أوْ سَاجِدًا، فأمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ عزَّ وجلَّ، وأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ. قالَ أبو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن سُلَيْمَانَ“[صحيح مسلم|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ببعض أُمور الدين والقُرآن الكريم.
  • أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء والإحسان إليهن ومعاشرتهنّ بالحسنى، فعن جابر بن عبد الله قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتَّقوا اللهَ في النساءِ؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحًدا تكرهونَه، فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ“[تفسير الطبري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بتلقين كلمة التوحيد لمن ينازع ويحتضر، فعن أبو هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَقِّنوا موتاكم لا إلهَ إلا اللهُ ، فإنَّ مَن كان آخرَ كلامِه لا إلهَ إلا اللهُ عند الموتِ دخلَ الجنةَ يومَا الدَّهرِ ، وإن أصابَه قبلَ ذلك ما أصابَه“[صحيح الجامع|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

آخر كلمة قالها الرسول قبل وفاته

عن علي بن أبي طالب قال:” كان آخر ُكلامِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الصلاةَ الصلاةَ ! اتقوا اللهَ فيما ملكت أيمانُكم“[صحيح أبي داود|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].

أقوال وردود أفعال الصحابة عند وفاة الرسول

  • روت السيدة عائشة – رضي الله عنها- رد فعل الصحابة حول وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قائلةً:” أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مات وأبو بكرٍ بِالسُّنْحِ، فجاء أبو بكرٍ، فكشف عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقَبَّلَهُ ,قال: بأبي أنتَ وأمي ، طِبْتَ حيًّا وميتًا ، ثم خرج ، فحمدَ اللهَ ، وأثنى عليهِ ، وقال : ألا من كان يعبدُ محمدًا ، فإنَّ محمدًا قد مات ، ومن كان يعبدُ اللهَ ، فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يموتُ ، وقال: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } وقال عزَّ وجلَّ : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } إلى قولِهِ { الشَّاكِرِينَ } قال : فنشجَ الناسُ يبكونَ ، قال : واجتمعتِ الأنصارُ إلى سعدِ بنِ عبادةَ في سقيفةِ بني ساعدةَ ، فقالوا : مِنَّا أميرٌ ، ومنكم أميرٌ ، فذهب إليهم أبو بكرٍ ، وعمرُ بنُ الخطابِ ، وأبو عبيدةَ بنُ الجراحِ ، فذهب عمرُ يتكلَّمُ ، فأسكتَهُ أبو بكرٍ ، ثم تكلَّمَ أبو بكرٍ فتكلَّمَ أبلغُ الناسِ ، فقال في كلامِهِ : نحنُ الأمراءُ وأنتمُ الوزراءُ ، فبَايِعُوا عمرَ وأبا عبيدةَ ، فقال عمرُ : بل نُبَايِعُكَ أنتَ ، فأنتَ سيدنا وخيرنا وأَحَبُّنَا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فأخذ عمرُ بيدِهِ ، فبايَعَهُ ، وبايَعَهُ الناسُ” [شرح السنّة|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • عن أنس بن مالك- رضي الله عنه – قال: “قالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بنَا إلى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، كما كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إلَيْهَا بَكَتْ، فَقالَا لَهَا: ما يُبْكِيكِ؟ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ فَقالَتْ: ما أَبْكِي أَنْ لا أَكُونَ أَعْلَمُ أنَّ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ أَبْكِي أنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُما علَى البُكَاءِ. فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ معهَا”[صحيح البخاري|خلاصة حكم المحدّث: صحيح].
  • قال عثمان: توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحزن عليه رجال من أصحابه حتى كان بعضهم يوسوس، فكنت ممن حزن عليه، فبينما أنا جالس في أطم من آطام المدينة – وقد بويع أبو بكر ـ إذ مَرَّ بي عمر فسلم عليَّ، فلم أشعر به لِمَا بي من الحزن”.
  • قال أنس ـ رضي الله عنه ـ: “قلّ ليلة تأتي عليَّ إلا وأنا أرى فيها خليلي -عليه السلام ـ، ويقول ذلك وتدمع عيناه.”
اقرأ أيضاً:  سورة العلق وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

خطبة وفاة الرسول

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع قبل أن يتوفى صلى الله عليه وسلم:

“أيها الناس اسمعوا مني أبيِّن لكم، فإني لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا، في مَوقفي هذا أيها الناس، إن دماءكم، وأموالَكم، حرامٌ عليكم إلى أن تَلقَوْا ربَّكم، كحرمةِ يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغتُ، اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة، فليؤدِّها إلى من ائتمنه عليها. إن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربًا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبدالمطلب، وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث، وإن مآثر الجاهلية -يَعني أعمالها- موضوعة، غيرَ السِّدانة والسقاية، والعَمْد قَوَدٌ – يَعني: القتل العمد قصاص – وشِبْهُ العَمد ما قُتِلَ بالعصا والحَجَر، وفيه مائة بعير، فمن زاد، فهو من أهل الجاهلية. أيها الناس، إنَّ الشيطان قد يئسَ أن يُعبدَ في أرضكم، ولكنه قد رضي أن يُطاعَ فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم. أيها الناس، إن النسيء زيادةٌ في الكفر، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدةَ الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، منها أربعةٌ حُرم: ثَلاثٌ متواليات، وواحدٌ فرد، ألا هل بلَّغت، اللهم فاشهد. أيها الناس، إن لنسائكم عليكم حقًّا، ولكم عليهن حقٌّ؛ ألا يُوطِئنَ فُرُشَكم غيرَكم، ولا يُدخِلنَ أحدًا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم، ولا يأتِينَ بفاحشةٍ، فإذا فعلنَ ذلك، فإنَّ الله أذِنَ لكم أن تَهجروهُنَّ في المضاجع، وتَضربوهُنَّ ضربًا غير مُبَرِّحٍ، فإن انتهينَ وأطعنكم، فعليكم رزقهُنَّ وكِسوتهُنَّ بالمعروف، وإنما النساء عوانٍ عندكم – يَعني أسيرات – ولا يَملكنَ لأنفسهِنَّ شيئًا، أخذتموهُنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجَهنَّ بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهنَّ خيرًا، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد. أيها الناس، إنما المؤمنون إخوة، ولا يَحلُّ لامرئٍ مالُ أخيه إلا عن طيب نفسٍ منه، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد، فلا ترجعوا بعدي كفَّارًا يَضرب بعضُكم رقابَ بعض، فإني قد تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده؛ كتاب الله. أيها الناس، إن ربَّكم واحدٌ، وإن أباكم واحد، كلكم لآدمَ، وآدمُ من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عَجمي إلا بالتقوى، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد. أيها الناس، إنَّ الله قد قسم لكلِّ وارثٍ نصيبَه من الميراث، ولا تَجوز لوارثٍ وصيَّةٌ، ولا تَجوز وصيَّة في أكثر من الثُّلثِ، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، من ادَّعى لغير أبيه، أو تَولَّى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يَقبلُ الله منه صرفًا ولا عدلاً.”

الخلافة الإسلامية بعد وفاة الرسول

بعد أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم بدأت الخلافة الإسلامية حيث تولّاها الصحابة بالترتيب التالي:

 الخَليفة أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه

يعد أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أول الخلفاء الراشدين واستمّرت خلافَته إلى جمادى الآخرة حتى السنة الثالثة عشرة للهجرة.

الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

بعد أن توفي أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-  استلم الخلافة عمر بن الخطاب حتى السنة الثالثة والعشرين للهجرة.

الخليفة عثمان بن عفّان رضي الله عنه

بعد  أن توفي عمر بن الخطّاب استلم الخلافة عثمان بن عفّان حتي السنة الخامسة والثلاثين للهجرة.

الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

بعد أن قتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، بايَع الناس علي بن أبي طالبٍ خليفةً للمسلمين واستمرت خلافة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حتى سنة أربعين للهجرة.

الخليفة معاوية بن أبي سفيان

بعد أن توفي علي بن أبي طالبٍ بايَع أهل المَدينة الحَسن بن علي، إلّا أنه تنازَل عنها لمعاوية بن أبي سُفيان واستمرت خلافة مُعاوية حتى عام ستين للهجرة.

الخليفة يزيد بن معاوية

استمرت خِلافة يزيد بن معاوية حتى سنة أربعة وستين للهجرة.

الخليفة عبد الله بن الزبير

دامت خلافة عبد الله بن الزبير إلى سنة ستة وثمانين للهجرة.

الخليفة الوليد بن عبد الملك

تولى الوليد بن عبد الملك الخلافة بعد وفاة عبد الملك، واستمرت خلافته حتى سنة ستة وتسعين للهجرة.

الخليفة عمر بن عبد العزيز

 تولى الخلافة حتى السنة مئة وواحد للهجرة، وبعد أن توفي مسمومًا، وتولّى الخلافة من بعده يزيد بن عبد الملك إلى سنة مئة وخمسة للهجرة، ثم تولى الخلافة من بعده هشام بن عبد الملك حتى السنة مئة وخمسة وعشرين للهجرة، ثم تولى الخلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك إلى سنة مئة وستة وعشرين للهجرة، ثم تبعه في الخلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك ومات بالطاعون، ثمّ أصبحت الخلافة في النهاية من نصيب مروان بن محمد الذي دامت خلافته لسنة مئة واثنان وثلاثون للهجرة. 

انتقال الخلافة إلى العباسيين 

انتقلت الخلافة إلى العباسيين عام 132 للهجرة، وكان أول الخلفاء العباسيين هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس.

وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام فيديو

مقالات مشابهة

السحور في رمضان

السحور في رمضان

كيفية الرد على البقاء لله

كيفية الرد على البقاء لله

سورة الإخلاص وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الإخلاص وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

دعاء التهجد

دعاء التهجد

ما حكم العطور في رمضان

ما حكم العطور في رمضان

عدة الأرملة الدليل الشامل

عدة الأرملة الدليل الشامل

حكم أخذ القرض الربوي للحاجة الماسة

حكم أخذ القرض الربوي للحاجة الماسة