جدول المحتويات
في منطقة صحراوية شمال شرق القاهرة – مصر الجديدة اليوم – بنى المهندس والرحالة والصناعي البلجيكي إدوارد إمبان قصره الشهير المسمى “قصر البارون”، محاولاً إنشاء مدينة متكاملة، وقصور وحدائق وكنيسة، وكان متأثرًا بمشاهدته دول شرق آسيا وحضارته، هذا المبنى الغريب لم يسلم إلا قبل سنوات قليلة، وربما حتى الآن، من الحكايات والأساطير عن الرجل وحياته، ما تركه من المكان وتفاصيل الحياة الغامضة التي تعتبر مادة جيدة لأفلام الرعب، هذا القصر المهجور منذ عقود، تم ترميمه مؤخرًا وإعادة افتتاحه من قبل الدولة المصرية، وبعد أن تجاوز القصر مائة عام، منذ بنائه حتى اليوم، تتكرر الحكايات.
ما هو قصر البارون؟
إنه تحفة معمارية وقصر أسطوري لا تغرب فيه الشمس في غرفه، وبناه المليونير البلجيكي البارون إدوارد إمبان عندما قدم من الهند إلى مصر بعد افتتاح قناة السويس. كان مهندسًا معماريًا مشهورًا جمع الكثير من المال وسافر إلى مناطق مختلفة من العالم، وعندما حطت سفينته على شواطئ مصر، أحبها واتخذ قرارًا بالبقاء هناك، وظهرت فكرة إنشاء قصر البارون عندما اقترح على الحكومة المصرية إنشاء حي في الصحراء شرق القاهرة واختار لها اسم “هليوبوليس” أي مدينة الشمس، وظل في مصر حتى وفاته.
قام بشراء الأرض مقابل جنيه واحد للفدان بسبب افتقار المنطقة إلى وسائل النقل والمرافق والخدمات، ولجذب الناس إلى هذه المدينة، وكلف المهندس البلجيكي أندريه بيرشو بمهمة إنشاء خط مترو في المدينة لا يزال يعمل حتى الآن ويطلق عليه مترو هليوبوليس، وكذلك قام ببناء سلسلة من المنازل على الطرازات البلجيكية الكلاسيكية مع حدائق رائعة، على مساحات كبيرة بالإضافة إلى فندق ضخم في مدينة مصر الجديدة.
مكان قصر البارون
يقع قصر البارون في حي مصر الجديدة بالقاهرة، على شارع العروبة على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مطار القاهرة الدولي، والقصر يطل على شوارع ابن بطوطة، وابن جبير وحسن صادق.
تاريخ قصر البارون
قرر البارون إمبان أن يكون أحد المباني الأولى في ضاحية القاهرة الجديدة هو قصره الخاص، ليبدأ بنائه عام 1906م ويكتمل وافتتاحه عام 1911م، بحضور السلطان حسين كامل، وبعد وفاته، انتقلت ملكية القصر إلى أحفاد البارون إمبان بعد وفاة والدهم “جان”، ومنذ ذلك الوقت، تم إهمال القصر لسنوات عديدة، ثم في عام 1954م تم بيعه بمحتوياتها في مزاد علني للسوري محمد بهجت القاسم والسعودي محمد علي رضا وأخيه علي علي رضا بمبلغ 160 ألف جنيه فقط، في عام 1993، تم تسجيل القصر رسميًا على أنه أحد الآثار القديمة في عام 2005، واشترته وزارة الإسكان المصرية من أصحاب القصر السوريين والسعوديين مقابل منحهم قطعة أرض بديلة في القاهرة الجديدة بقيمة تساوي السعر المقدر للقصر في ذلك الوقت، والذي كان 125 مليون جنيه مصري (21.5 مليون دولار أمريكي).
من هو صاحب قصر البارون؟
البارون إمبان، إدوارد لويس جوزيف إمبان مهندس بلجيكي ثري، مؤسس مشاريع، مالي وصناعي، بالإضافة إلى أنه محب للآثار المصرية، لقد بدأ العمل مع شقيقه البارون فرانسوا إمبان وعدد من أفراد عائلته الآخرين، وحققوا نجاحات كبيرة وثروات هائلة في مجال عملهم في بناء المشاريع، وخاصة بناء السكك الحديدية أو الترام أو المترو، فضلاً عن البناء حصل على لقب البارون عام 1907، وتوفي في بلجيكا، ودفن في مصر تحت كنيسة البازيليك، والتي تقع حاليًا في هليوبوليس، وقد مات البارون بالسرطان، وقام ببناء ضاحية مصر الجديدة قصر البارون وأكملها عام 1911.
تصميم القصر
تم تصميم القصر من قبل المهندس المعماري الفرنسي ألكسندر مارسيل وزينه جورج لويس كلود ، وتم الانتهاء منه عام 1911، والقصر يقع على مساحة 12.5 ألف متر مربع، وتصميمه الخارجي مستوحى من المعابد الهندوسية القديمة، وتصميمه الداخلي مستوحى من فن عصر النهضة الأوروبي، بحيث لا تغرب الشمس أبدًا في الغرف والردهات.
مهندس القصر
لقد قام بتصميم القصر مهندس الكسندر أوغست لويس مارسيل، مهندس معماري فرنسي اشتهر كأكبر مهندس بناء بالقاهرة، ومن أهم أعماله:
- كاتدرائية البازليك بمصر الجديدة.
- قصر البارون إمبان بمصر الجديدة.
- نادي محمد علي.
قصر البارون من الداخل
المساحة الداخلية للقصر صغيرة نسبيًا، حيث تتكون من سبع غرف موزعة على طابقين، ويضم الطابق الأول صالة كبيرة وثلاث غرف إحداها للضيافة والثانية للطاولة، والثالثة مخصصة للعب البلياردو، ومن خلال درج رخامي مزين بدرابزين محلي به تماثيل هندية صغيرة ودقيقة، يصعد إلى الطابق الثاني، والذي يتكون من صالة كبيرة وأربع غرف نوم واسعة بأرضيات خشبية، ولكل منها حمام خاص بها، وهو مغطى ببلاط الفسيفساء من الألوان الأزرق والبرتقالي والأحمر تركيبات لونية متناسقة، وتحتوي كل غرفة على شرفة خاصة محمولة على تماثيل الفيلة الهندية.
ترميم القصر
- تقوية الأسقف الهيكلية، وترميم وتشطيب الواجهات وتنظيف، وترميم العناصر الزخرفية.
- إكمال النواقص الأبواب والنوافذ المفقودة، ونزع جميع الأسقف المصنوعة من الجبس.
- ترميم الأعمدة الرخامية، والأبواب الخشبية، والنوافذ المعدنية.
- ترميم النوافذ الحديدية المزخرفة على الواجهات الرئيسية فوق المدخل الرئيسي، والتماثيل الرخامية.
- رفع كفاءة الموقع العام للقصر وترتيب حديقة.
تمت أعمال الترميم مع مراعاة معايير أصالة القصر وذلك بإزالة الأسوار الحديدية غير الأثرية التي أقيمت حول القصر عام 2006 لسوء حالتها، وعدم انسجامها مع طبيعة الأثر ورسومات القصر. تم استخدام المصمم الأصلي للقصر لإنشاء أسوار بنفس تصميم الجدران الأصلية، والتي كانت الأساس الخرساني الطولي تحت مستوى الأرض، تعلوها أعمدة حديدية بانورامية على طول الواجهات، مع أعمدة حجرية في قطاع صغير موزعة على مساحات للتثبيت جدران حديدية بانورامية للجدران، وهي أسوار لا تعيق أو تحجب رؤية القصر.
استخدامات القصر قبل الترميم
لقد تم استخدامه القصر كموقع للتصوير، وظهر القصر عدة مرات في عدد من الأعمال الفنية، منها:
- فيلم حبي الوحيد: أنتج عام 1960 من بطولة كمال الشناوي وعمر الشريف ونادية لطفي وشويكار.
- الهارب: أنتج عام 1974، بطولة شادية، مريم فخر الدين، كمال الشناوي، وحسين فهمي.
- آسف على إزعاجك: فيلم أنتج عام 2008، بطولة أحمد حلمي ومنة شلبي.
- فيلم قصر البارون: أُعلن عنه عام 2013 ولم يُعرض، بطولة رزان مغربي وسعيد صالح ورندة البحيري.
- حياتي مليئة بالفوضى: أنتج عام 2015، بطولة محمد سعد ونيكول سابا.
- أول مقطع أنتج عام 2015 غناه محمد حماقي ودنيا سمير غانم.
- فيلم المنطقة المحظورة: إنتاج 2016، بطولة محمد فكري وياسمين عمر وغادل عبد الرازق.
- في عام 1997، استغله بعض الشباب بشكل غير قانوني لإقامة حفلة صاخبة انتهت بقضية جنائية شغلت الرأي العام المصري.
استخدامات القصر بعد الترميم
من المقترحات توظيف قصر البارون ليشمل متحفًا أو معرضًا متغيرًا للقطع الأثرية، بالإضافة إلى إعادة تهيئة سطح القصر، الذي يتمتع بإطلالة بانورامية رائعة، لإقامة الحفلات، كما كان الحال في حياة البارون إمبان لتحقيق هدف المشروع التنموي، وهو تطوير المبنى ليلعب دور ثقافي بالإضافة إلى تنمية الدخل.
أسرار قصر البارون
لا تغرب الشمس على قصر البارون في كل ساعات النهار، لكن هذا لم يمنع الكثير من الشائعات التي تبعته خلال العقود الماضية والتي حولته إلى بيت رعب، ومن أبرز هذه الشائعات، وما كرره الجيران في المنطقة المجاورة للقصر أنهم سمعوا أصواتا غامضة صادرة من غرفة في منتصف الليل، وأنهم كانوا يرون أضواء غامضة في الفناء الخلفي للقصر، وهو ما أكده إبراهيم حارس أملاك بالقرب من القصر، حيث قال “كل ما قيل عن وجود الأشباح كان صحيحًا، ولسنوات رأيت بأم عيني دخانًا كثيفًا يتصاعد من داخل أحد. الغرف في القصر، قبل ظهور وهج النار، والتي سرعان ما انطفأت من تلقاء نفسها”.
لا أحد يعرف بالضبط لماذا اختار البارون إمبان هذه العمارة الغريبة لبناء قصره، لكن الكثيرين يقولون إن حياته البائسة في البداية ربما كانت السبب في ذلك، بالإضافة إلى القصص المرعبة التي طاردت القصر على مدى العقود الماضية عن الأشباح، والتي تسكنها.
عفاريت قصر البارون
هذا السؤال يبقى مفتوحاً لكل من سمع عن قصر البارون والشائعات التي تدور حوله. فلماذا هذا المبنى بالذات؟ ربما كانت الحياة المؤسفة للبارون من أهم الأسباب التي زادت من حكايات الأرواح التي يتوارثها الناس لمائة عام.
لقد وُلد البارون إمبان بعرج واضح في قدميه، بالإضافة إلى إصابته بمرض الصرع، وغالبًا ما كان يعاني من نوبات صرع، لذلك كان يسقط في حديقة قصره وتشرق الشمس عليه ويقف كلبه بجانبه حتى يستيقظ، لم يجرؤ أي من الخدم على الاقتراب منه بسبب صرامته التي تصل إلى درجة القسوة، وحتى لو كان مستلقيًا على الأرض فاقدًا للوعي، لكن هذا عن البارون فماذا عن القصر؟
- الغرفة المسحورة: سبب الغموض الذي يحيط بالمنزل هو وجود غرفة يمنع دخولها “البارون إمبان” حتى ابنته وشقيقته البارونة “هيلانة”، وهي الغرفة الوردية في قبو القصر.
- أخت البارون: من الأسباب التي زادت من الغموض مقتل أخت البارون، البارونة هيلانة، بعد سقوطها من شرفة غرفتها الداخلية، بينما كان البارون يدور في برج القصر إلى الجنوب، والتي كانت الشرارة الأولى لقصص الأشباح التي تخرج من غرفة أخت البارون لغرفته الشخصية، مما جعل القصص الشعبية تشير إلى أن روح البارونة “هيلانة” كانت غاضبة من تأخر البارون في إنقاذها، الأمر الذي عطّل تروس البرج الدوار الذي لم يدور منذ ذلك الحين حتى وفاة البارون نفسه عام 1928، وبينما – حسب الشائعات أيضًا – سُمعت أصوات مختلفة، بعضها شجار والبارون يصرخ على أخته التي توفيت ودُفنت جثتها في مكان ما في صحراء مصر الجديدة، ومنذ ذلك الحين ويعتقد كبار السن في حي مصر الجديدة أن البارون “إمبان”، قد نجح بعد وفاة أخته في تجهيز روحها للاعتذار عن عدم إنقاذها بسرعة بعد سقوطها من غرفتها، وربما عدم قبول أخته الاعتذار، هو الذي أصابه بالاكتئاب الذي أدى في النهاية إلى وفاته.
الدخول إلى قصر البارون
يبحث العديد من الزوار عن مواعيد قصر البارون، والذي يعد معلمًا رئيسيًا في المشهد العمراني بحي مصر الجديدة، وأحد أبرز المعالم في العاصمة، حيث تجذب صورته المبتكرة والفريدة حشود المشاة في الطريق، وصرحت وزارة السياحة والآثار المصرية بأن قصر البارون يفتح أبوابه للزوار المصريين والعرب والأجانب، وفي جميع أيام الأسبوع من الساعة 9 صباحًا حتى 3 مساءً.
سعر تذكرة قصر البارون
- زيارة القصر:
- 100 جنيه للسائح الأجنبي و50 جنيه للطالب الأجنبي.
- 20 جنيه للمصريين، و10 جنيه للطالب المصري.
- زيارة بانوراما سطح القصر:
- 50 جنيها للأجانب، و20 جنيها للمصريين، ويسمح للأطفال بزيارة بانوراما القصر مع والديهم فقط.
- رسوم كاميرا التصوير 50 جنيه للمصريين والأجانب.
- رسوم حامل الكاميرا 20 جنيه للمصريين والأجانب.
- رسوم جلسات التصوير 800 جنيه للمصريين والأجانب.
- تستخدم كاميرات الهواتف المحمولة للتصوير المجاني.
