جدول المحتويات
يتساءل العديد من الأشخاص حول حكم تقبيل الزوج لزوجته في نهار رمضان، وهل ينطبق على ذلك ما ينطبق على جِماع الرجل لزوجته من أحكام؟ في الحقيقة أن تقبيل الزوجة من الأمور المنهي عنها في نهار رمضان وخصوصاً إن كان قصد الرجل فيها اللذة، فهي قد تؤدي إلى إفساد الصيام، أما إن كان القصد من تقبيل الزوج لزوجته الرحمة والمودة فليس عليه شيء، فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ”(رواه مسلم).
يرى العلماء أن حكم تقبيل الرجل لزوجته في نهار رمضان يرتبط بعمر الرجل، وذلك لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ”(أخرجه الترمذي)، وقد فسر العلماء ذلك بأن قبلة الشاب الصغير في السن لزوجته قد يدخلها اللذة مما يُفسد صيامه.
ما لا يُفسد الصيام بين الرجل وزوجته
هناك العديد من الأمور التي يؤدي القيام بها إلى إفساد نهار رمضان، وقد نهى الشرع عنها وجعل لمرتكبها عمداً إثماً كبيراً، وأوجب صاحبها بأداء كفارة تُكفر عن ذنبه هذا، ومن أحد أهم هذه الأمور جماع الرجل لزوجته في نهار رمضان، ويعتبر ذلك من الأمور التي حرمها الله وتوجب صاحبها كفارة تبدأ بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكين، وقد أوضح العلماء أن هناك مجموعة من الأمور التي يفعلها الرجل مع زوجته في نهار رمضان والتي لا تُفسد الصيام والله أعلم، ومن هذه الأمور تقبيل الرجل لزوجته بدون إنزال، ولمس الرجل لزوجته، ونوم الرجل مع زوجته، وقد أكد العلماء أن ما يُفسد الصيام هو خروج المني بسبب الشهوة، كما أكد العلماء أن فعل هذه الأمور في نهار رمضان مربوط بقدرة الرجل على التحكم بشهوته، فإن كان يعلم بأن شهوته سريعة ويمكن لما سبق ذكره من أمور أن تحرك شهوته بشكل كبير فعليه أن يبتعد عنها أثناء الصيام، أما إن كان قادراً على التحكم بنفسه وشهوته فصيامه صحيح ويجوز له ذلك.
رأي كبار العلماء في حكم تقبيل الرجل لزوجته في رمضان
- قال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب”: [قال المصنف: تُكْرَهُ الْقُبْلَةُ عَلَى مَنْ حَرَّكَتْ شَهْوَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَا تُكْرَهُ لِغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّيْخِ وَالشَّابِّ فِي ذَلِكَ؛ فَالِاعْتِبَارُ بِتَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْإِنْزَالِ، فَإِنْ حَرَّكَتْ شَهْوَةَ شَابٍّ أَوْ شَيْخٍ قَوِيٍّ كُرِهَتْ، وَإِنْ لَمْ تُحَرِّكْهَا لِشَيْخٍ أَوْ شَابٍّ ضَعِيفٍ لَمْ تُكْرَهْ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهَا، وَسَوَاءٌ قَبَّلَ الْخَدَّ أَوْ الْفَمَ أَوْ غَيْرَهُمَا، وَهَكَذَا الْمُبَاشَرَةُ بِالْيَدِ وَالْمُعَانَقَةُ لَهُمَا حُكْمُ الْقُبْلَةِ، ثُمَّ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ حَرَّكَتْ شهوته كراهة تحريم عند المنصف وشيخه القاضي أبى الطيب والعبدري وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ آخَرُونَ: كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ، وَصَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي.
- قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ والحسن وأحمد وإسحق، قال: وكان سعد بن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه لَا يَرَى بِالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا].
- قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: الْأَصَحُّ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَإِذَا قَبَّلَ وَلَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا، سَوَاءٌ قُلْنَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ. فَرْعٌ فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا كَرَاهَتُهَا لِمَنْ حَرَّكَتْ شَهْوَتَهُ، وَلَا تُكْرَهُ لِغَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهَا، فَإِنْ قَبَّلَ مَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ وَلَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ.