جدول المحتويات
الأرقام عبارة عن رموز أو أشكال الغاية من كتابتها التعبير عن الأعداد، وترجع قصة الأرقام العربيّة عند المسلمين إلى عام 771م؛ عندما جاء فلكي هندي إلى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وكان بحوزته كتاب اسمه سدهانتا، وهو كتاب مشهور في الرياضيّات والفلك، ألفه براهما جوبتا وألفه في تاريخ 628م، واستعمل فيه الأرقام التسعة، وطلب الخليفة المنصور ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية، بالإضافة إلى أمره تأليف كتاب جديد يوازي نهج كتاب “سدهانتا”؛ ويشرح فيه عمليّة سيّر الكواكب إلى العرب.
يتحدث المقال عن الأرقام العربية، ويشمل:
- نبذة عن الأرقام العربيّة.
- مخترع الأرقام العربيّة.
- قصة الأرقام العربيّة.
- تاريخ الأرقام العربيّة، وظهورها لدى العرب، وتطورها عن المغاربة، وانتقالها إلى أوروبا.
- أنواع الأرقام.
- الفرق بين العدد والرقم.
- الأرقام العربيّة القديمة.
نبذة عن الأرقام العربية
طوّر العرب الرياضيّون الأرقام العربية واستعملوها في مناطق المغرب العربي حاليًا، وسميّت أرقام الغبار، وأدخلها البابا سلفستر الثاني خلال دراسته في جامعة القرويين إلى قارّة أوروبا، وتعرّف حينها على الأرقام العربيّة، وكان يلقّب باسم بابا الأرقام لأنه من أدخل الأرقام العربيّة إلى أوروبا، وفي تلك الأيام وقبل الأرقام العربيّة كانت أوروبا تستخدم الأرقام الرومانيّة، لكنها كانت لا تساعدهم في إنجاز العمليّات الحسابيّة.
كان استخدام الأرقام للتعبير عن الأعداد من خلال رموزها، وهي الرموز المغربيّة الغباريّة: (0، 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9)، أمّا المشرقيّة فكانت: (٠، ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦، ٧، ٨، ٩)، في عام 787م كان أول ظهور للأرقام والصفر الذي رُسِمَ على هيئة نقطة في مؤلفات عربيّة، وذلك قبل ظهورها في أي مؤلفات أو وثائق أخرى، ويُعدّ محمد بن موسى الخوارزمي من أبرز البناة الأوائل لأنه قام بتطوير استخدام الصفر في العمليّة الرياضيّة.
مخترع الأرقام العربية
الإيطالي ليوناردو فيبوناتشي كان له الفضل في التعرف على الأرقام العربيّة في مدينة بجاية، وكانت أعماله سبباً في نقلها إلى أوروبا، ثمّ بعد ذلك انتشرت إلى باقي العالم عن طريق الاستعمار الأوروبي، والكتب، والتجارة.
قصة الأرقام العربية
ترجع قصة الأرقام العربيّة عند المسلمين إلى عام 771م، وذلك حينما جاء فلكي هندي إلى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وكان بحوزته كتاب اسمه سدهانتا، وهو كتاب مشهور في الرياضيّات والفلك، ألفه براهما جوبتا في تاريخ 628م، واستعمل فيه الأرقام التسعة، وطلب الخليفة المنصور ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية، بالإضافة إلى تأليف كتاب جديد يوازي نهج كتاب “سدهانتا”، ويشرح عمليّة سيّر الكواكب إلى العرب، والفلكي محمد بن إبراهيم الفزاري قام بتأليف كتاب أطلق عليه اسم “سند هند”؛ ومعناه باللغة الهنديّة القديمة “الخلود”.
استمر العرب في استخدام كتاب “سند هند” حتى عصر الخليفة المأمون، وفي عام 813م قام الخوارزمي باستعمال الأرقام الهنديّة في الأزّياج الفلكيّة، والتي كانت بمثابة قوانين لحساب حركات الكواكب وتعديلها؛ وذلك من أجل الوقوف في مواضعها، وفي عام 825م تمّ نشر رسالة الخوارزمي في الأرقام الهنديّة (باللاتينيّة: Algoritmi de numero Indorum)، وبعد ذلك انتشر اسم الجورزم (باللاتينيّة: Algoritmi) في أوروبا، ويدل على طريقة حساب قائمة على النظام العشري، وأيضاً عُرِفَت بالأرقام الخوارزمية، وذلك نسبةً إلى الخوارزمي، وكان هذا الكتاب طريقاً للمسلمين لمعرفة طريقة حساب الهنود، فأخذوا عنه نظام الترقيم؛ لأنهم وجدوه أفضل في الحساب عندهم، وكان للهنود أشكال متنوّعة في الأرقام، اختار منها العلماء العرب مجموعة قاموا بتنظيمها وترتيبها؛ واستطاعوا بذلك تشكيل أول نظام رقمي للحساب في العالم.
تاريخ الارقام العربية
ظهورها لدى العرب وتطورها عند المغاربة
في عام 601 هجري؛ قال ابن الياسمين الفاسي في موضوع تلقيح الأفكار في العمل برسوم الغبار:
“واعلم أنّ الرسوم التي وضعت للعدد تسعة أشكال يتركب عليها جميع العدد، وهي التي تسمى أشكال الغبار، وهي هذه ( 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9 )، وقد تكون أيضًا هكذا (۱، ۲، ۳، ٤، ٥، ٦، ٧، ۸، ۹ )، ولكن الناس عندنا على الوضع الأول، ولو اصطلحت مع نفسك على تبديلها أو عكسها لجاز، ووجه العمل على حاله لا يتبدلَّ، وقد صنعها قوم من جواهر الأرض، مثل: الحديد والنحاس من كل شيء منها أعداد كثيرة ويضرب بها ما شاء من غير نقش ولا محو، وأما أهل الهند فإنهم يتّخذون لوحاً أسود يمدّون عليه الغبار وينقشون فيه ما شاءوا .. لذلك يسمّى حساب الغبار، وعلى الحقيقة ليس إلا المداد والمحو”.
أيضاً قام القلصادي الأندلسي في عام 891 هجري بوصف شكل هذه الأرقام في عمل له اسمه “تلخيص أعمال الحساب” لابن البنا المراكشي، ونُقِلَ هذا الوصف لاحقاً على يد حسين بن محمد المحلي الشافعي المصري في عام 1170 هجري في شرحه “على متن السخاوي في علم الحساب”، وكان الوصف على الشكل الآتي:
“ألف ثم ياء ثم حج بعده … عو وبعد العو عين ترسم
حاء وبعد الحاء شكل ظاهر … يبدو كالخطّاف إذا ما يُرسم
صفران ثامنها وألّف بينها … والواو تاسعها وبذلك يُختم”
انتقال الارقام العربية إلى أوروبا
بعد دراسة البابا سلفستر الثاني في جامعة القرويين، قام بإدخال الأرقام العربيّة إلى أوروبا؛ ولذلك لُقِّبَ باسم بابا الأرقام، وكانت الأرقام الرومانيّة منتشرة في ذلك الوقت في أوروبا، وواجه بابا الأرقام عدّة صعوبات في إدخالها، ويعود ذلك لاعتقادهم بتفوّق الثقافة اليوناينّة والرومانيّة على جميع الثقافات، ممّا جعلهم غير مقّبلين ومسّتعدين لتقبّل أهميّة الأرقام العربيّة وأهميّة الصفر.
اخترع البابا سلفستر الثاني لوح أباكوس جديد سماه أباكوس جيربير، وهو عبارة عن لوح مطوّر عن اللوح أباكوس الروماني وأكثر فاعليّة، واستخدم فيه الأرقام العربيّة دون الرقم صفر، لهذا السبب الرقم صفر لا ظهور له في مخطوطات القرن العاشر والحادي عشر الميلادي، ومخطوطة كودكس فيجيلانوس (بالإنجليزيّة: Codex Vigilanus) هي أقدم مخطوطة مؤرّخة تحتوي على أرقام عربيّة، وتمّت كتابتها في الأندلس في شرق إسبانيا في عام 975، وهي موجودة ومحفوظة لغاية اللحظة في مكتبة مدريد ولا تحتوي على الرقم صفر (0).
أنواع الأرقام
- الأرقام العربيّة المشرقيّة الموجودة لغاية الآن في بلاد المشرق العربي.
- الأرقام العربيّة المغربيّة التي يتم استخدامها لغاية الآن في بلاد المغرب العربي.
تطور هذان النوعان من الأرقام تطوراً مستقلاً، والحدير بالذكر أنَّهُ تتم الإشارة إلى الأرقام في الكثير من اللغات باستخدام الأرقام العربيّة، وذلك يعود لأنها انتقلت إلى أوروبا من البلاد العربيّة في القرن العاشر الميلادي، وهناك أكثر من شكل للأرقام باختلاف المكان التي استخدمت فيه، ومنها:
العربية المغربية
كانت الأرقام العربيّة المغربيّة تُكتب على هذا الشكل من (0 – 9) كالآتي:
0 1 2 3 4 5 6 7 8 9
العربية المشرقية
كانت الأرقام العربيّة المشرقيّة تُكتب على هذا الشكل من (0 – 9) كالآتي:
٠ ١ ٢ ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩
الفارسية والأردية
كانت الأرقام الفارسيّة والأرديّة تُكتب على هذا الشكل من (0 – 9) كالآتي:
۰ ۱ ۲ ۳ ۴ ۵ ۶ ۷ ۸ ۹
الهندية
كانت الأرقام الهندية تُكتب على هذا الشكل من (0 – 9) كالآتي:
० १ २ ३ ४ ५ ६ ७ ८ ९
التاميلية
كانت الأرقام التاميلية تُكتب على هذا الشكل من (1 – 9)، ولم يتوفّر فيها رمز للرقم (0) كالآتي:
௧ ௨ ௩ ௪ ௫ ௬ ௭ ௮ ௯
الرومانية
كانت الأرقام الرومانية تُكتب على هذا الشكل من (1 – 9)، ولم يتوفّر فيها رمز للرقم (0) كالآتي:
I II III IV V VI VII VIII IX
الفرق بين العدد والرقم
لا تعبّر الأرقام عن الأعداد، ويُمكن القول بأنَّ الأرقام عبارة عن أشكال ورموز تُكتب للتعبير عن الأعداد، والأرقام عددها عشرة، وهي: 0-1-2-3-4-5-6-7-8-9، لكن الأعداد عددها لا نهائي؛ أي ليس لها نهاية، والأرقام العربية ما هي إلا اسم تمّ إطلاقه على سلسلة الأرقام المستعّملة في العالم وفي المخطوطات الغربية أيضاً، وعلى سبيل المثال رمز العدد أربعة يتكون من رقم واحد من الأرقام العربية وهو 4، ورمز العدد اثنان وثلاثون مكوّن من رقمين من الأرقام العربية هما الرقم 2 والرقم 3، ونقول العدد 32، ولا يمكن القول الرقم 32.
الأرقام العربية القديمة
تعود أصول الأرقام العربيّة إلى القرن التاسع الميلادي، وتفرّقت إلى ثلاث أنماط في كتابتها في فترة العصور الوسطى، وهي:
- الأرقام العربيّة الغربيّة، والتي كانت تُستخدم في بلاد المغرب العربي وأوروبا.
- الأرقام العربيّة الشرقيّة التي تُستخدم في مصر وبلاد الشام.
- الأرقام الهندية التي تُستخدم في الهند.
كانت الأرقام العربيّة الأندلسيّة الأكثر والأوسع استخداماً في العالم أجمع، وكانت معظم الدول في العالم وعرب شمال أفريقيا تستخدمها، وعرفت الحضارة العربيّة سلسلة أخرى من الأرقام في المشرق ولا تزال موجودة لغاية اللحظة في الدول الإسلامية مثل المشرق العربي وإيران والباكستان، وهي سلسلة الأرقام العربيّة المشرقيّة (0 1 2 3 4 5 6 7 8 9)، ويظن البعض أنَّ الأرقام العربيّة قد تمَّ اقتباسها من الأرقام الهنديّة لتأخذ شكلها الحالي، وعندما انفصل كل من الأمويين في الأندلس، والأدارسة في المغرب الأقصى، والمغرب الأوسط؛ عن الخلافة العباسيّة في عام 176 هجري؛ خرجت الأرقام الغباريّة من المشرق، واتخذت الخلافة العباسيّة سلسلة أخرى من الأرقام، أمّا في المغرب الأقصى فبقيت السلسلة القديمة ويُمكن رؤيتها بالمخطوطات، بالإضافة إلى أنّها نُقِشَت على الخشب الذي يزيّن المدارس العتيقة والمساجد.
كان الخط المغربي في عهد الإدريسي كوفيا، وفي تلك الفترة تمّ تأسيس واحدة من أقدم الجامعات في العالم وهي جامعة القرويين، والتي تعتبر من أقدم المؤسّسات التعليميّة الموجودة في العالم بناءً على موسوعة جينيس للأرقام القياسيّة العالميّة، وقال البعض أنَّه كان استعمال الأرقام العربيّة في مصر في القرن الثالث الهجري، وذلك لقلّة نفوذ الخلافة العباسيّة في هذا القطر حينها، وقال الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله في بحثه باسم العالم العربي متجه نحو استعمال الأرقام العربيّة المغربيّة ما يلي:
“ويذكرون أن أوراق البَرْدي المصرية القديمة الراجعة إلى القرن الثالث الهجري، قد استعملت الأرقام الغبارية. ولكننا نتساءل: لماذا لم يتابع المصريون في القرون التالية استعمال هذه الأرقام، حيث عدلوا عنها –إذا صح أنها استعملت حقيقة– إلى الأرقام الهندية أو العربية المستعملة الآن في الشرق، ولعله من كلام بعض المستشرقين الذين يُلقون الكلام على عواهنه.”