جدول المحتويات
القمر الصناعي أو ما يسمى بالساتل الفضائي أو الساتلايت (بالإنجليزيّة: Satellite) هو آلة من صنع البشر يتم إرسالها إلى الفضاء الخارجي لدراسة كوكب الأرض والكواكب الأخرى في النظام الشمسي ومراقبة الكون البعيد، كما ويساعد في الأبحاث العلميّة مثل التقاط الصور الجويّة للأرض، والتي تساعد علماء الأرصاد على معرفة حالة الطقس والتنبؤ الجوّي، وتبدأ الأقمار الصناعيّة بالسباحة في الفضاء الخارجي بعد خط كارمان الواقع على ارتفاع 100 كم تقريباً، وتتميّز الأقمار الصناعيّة بأدائها المتفوّق وسرعتها العاليّة جداً والتي تصل إلى 8 كم / ث، وقد تم إرسال أول قمر صناعي في الرابع من أكتوبر عام 1957م، وكان يحمل اسم سبوتنك – 1 (بالروسيّة: спутник 1).
يتحدث المقال عن القمر الصناعي، ويشمل:
- ما هو القمر الصناعي.
- فوائد القمر الصناعي.
- استخدامات القمر الصناعي.
- مكوّنات القمر الصناعي.
- أول قمر صناعي.
ما هو القمر الصناعي
القمر الصناعي هو عبارة عن آلة متطورة يتم إرسالها إلى الفضاء الخارجي للقيام بالعديد من المهام المتنوعة والتي أصبحت مفيدة في حياتنا اليومية، ويقوم بالدوران حول كوكب الأرض أو كوكب آخر، وتُساعد في ذلك على اكتشاف الفضاء والكون، وتستطيع حمل عدّة أشخاص، وهي وسيلة مهمّة للاتصال بين الأفراد، ومنها ما تمّ تصميمه للقيام بمهمّة واحدة ومنها ما يستطيع القيام بعدّة مهام، وكان العرب أول من استخدم كلمة الساتل في علم الفلك والتي تدل على القمر الصناعي، وذلك لأنّ القمر الصناعي ساتل للأرض وجذر الكلمة سَتَلَ القوم سَتْلاً أي خرجوا متتابعين وراء بعضهم البعض.
يُمكِّن استخدام الأقمار الصناعيّة في دراسة كوكب الأرض والكواكب الأخرى في النظام الشمسي، أيضاً مراقبة الكون البعيد، ومن أهم استخدامات الأقمار الصناعية المتعدّدة ما يلي:
- تُستخدم الأقمار الصناعيّة بشكل رئيسي للاتصالات وفي جميع أنحاء العالم، ولهذه المهمّة تمّ استخدام 20 قمر صناعي لتصميم نظام التموّضع العالمي (بالإنجليزيّة: GPS).
- الأبحاث العلمية مثل التقاط الصور الجويّة للأرض، والتي تساعد علماء الأرصاد على معرفة حالة الطقس والتنبؤ الجوّي، بالإضافة إلى التقاط صور للثقوب السوداء والمجرّات البعيدة، والذي يساعد العلماء في فهم النظام الكوني بصورة أفضل.
- الدّعم العسكري والاستخبارات العسكريّة، والمِلاحة، وتحديد الأماكن والمراقبة.
تكون حركة الأقمار الصناعية حول كوكب الأرض بشكل مستمر في مداراتها الخاصّة، وقد تصل رحلاتها إلى مئات السنين قبل سقوطها، وهنالك بعض القوانين الفيزيائيّة والأسس التي تتحكم في دورانها حول كوكب الأرض أو الكواكب الأخرى، وتوضع الأقمار الصناعيّة في أعلى طبقات الغلاف الجوي، ونتيجةً لانعدام المقاومة هناك تكون سرعة القمر ثابتة، وهي نفس السرعة التي أُطلق فيها، وأكبر من سرعة قوة الجاذبيّة الأرضيّة، وتتناسب معها لهذا تبقى في مدارها، ممّا يساعدها في التحرّك على مسافات كبيرة، وبذلك فإنّ حركة الأقمار الصناعيّة تكون مبنيّة على قانون القصور الذاتي؛ بحيث يتسارع القمر الصناعي باتجاه الأرض بمسار مستقيم بسبب قوة الجاذبيّة، وحين يسقط بعد الانتهاء من مهمّته لا يسقط على الأرض، وذلك بسبب تقوّس الأرض باستمرار ودورانها.
وتتميّز الأقمار الصناعيّة بمميّزات عدّة منها:
- الأقمار الصناعيّة مُتاحة عالميّاً في جميع المساحات البريّة، ولها القدرة أيضاً على تغطيّة المناطق الجويّة أو البحريّة في جميع أنحاء العالم.
- ثابتة التكلفة ولا تتأثر بعدد المستخدمين أو المسافة.
- يُمكن الاعتماد عليها وذلك لدقّتها العاليّة، وتستطيع العمل حتى بوجود مشاكل في البنيّة التحتيّة الأرضيّة.
- تتميّز الأقمار الصناعيّة بأدائها المتفوّق وسرعتها العاليّة، ولهذا يرتفع معدّل استخدامها من قبل الحكومات والشركات، ويكون القمر الصناعي مثالي لتطبيقات البث مثل التلفاز وغيره من التطبيقات.
- يدعم القمر الصناعي توسعة الشبكة من خلال إضافة مواقع استقبال بسلاسة وسهولة، وذلك في غضون ساعات عند توفُّر المعدّات الأرضيّة.
- تعدُّد الاستخدامات للأقمار الصناعيّة، فهي تدعم جميع أشكال وأنواع الاتصالات بنقاط التحقُّق وسلامة البيع.
تبدأ الأقمار الصناعيّة بالسباحة في الفضاء الخارجي بعد خط كارمان الواقع على ارتفاع 100 كم تقريباً، وتصل سرعتها العاليّة جداً إلى 8 كم / ث، ويُطلق على النطاق المنخفض والذي يتراوح ارتفاعه ما بين 160 كم إلى 2000 كم اسم المدار الأرضي المنخفض، والجدير بالذكر أنّ معظم الأقمار الصناعيّة تعمل في هذا المدار، بالإضافة إلى دوران المحطة الفضائيّة الدوليّة فيها.
من المُمْكن حُدوث تصادمات بين الأقمار الصناعيّة في حالات نادرة، وتقوم وكالة ناسا الفضائيّة على تتبّع الأقمار الصناعيّة في الفضاء ومراقبة حركتها، وعند إطلاق أيٍ منها يتم وضعه في مدار خاص به لتفادي اصطدامه بقمر صناعي آخر، وترتفع احتماليّة الاصطدام نتيجة ارتفاع عدد الأقمار الصناعيّة التي يتم إطلاقها، وفي فبراير من عام 2009 م حصلت أول حادثة تصادم بين قمر صناعي أمريكي وآخر روسي.
فوائد القمر الصناعي
توجد العديد من الفوائد للقمر الصناعي في كثير من المجالات مثل الاتصالات والأرصاد الجويّة، ومن هذه الفوائد ما يلي:
- تستطيع الأقمار الصناعيّة جمع البيانات والمعلومات بسرعة فائقة، ودقّة متناهيّة، ويُمكِن من خلالها مشاهدة مساحات واسعة من الأرض في نفس الوقت.
- يُمكن من خلالها رؤية الفضاء بشكل واضح جداً وأفضل من استخدام التلسكوبات المتواجدة على سطح الأرض، فالأقمار الصناعيّة يُمكنها الطيران فوق جزيئات الغلاف الجوّي بسهولة، وفوق السحب والغبار أيضاً.
- كان من المكّلِف إقامة شبكة أسلاك هاتفيّة تحت الماء على مسافات كبيرة، ناهيك عن الصعوبات التي تواجه المكالمات الهاتفيّة طويلة المسافات، والآن مع الأقمار الصناعيّة يتم إرسال إشارات المكالمات الهاتفيّة وإشارات التلفاز بشكل سريع دون أي صعوبات وإلى مختلف الأماكن على كوكب الأرض.
استخدام القمر الصناعي
توّفر الأقمار الصناعيّة حماية وأمان للعالم، أيضاً تسهِّل الكثير العمليّات التي يحتاجها الإنسان، وتطبيقات الأقمار الصناعيّة المهمّة متعددة وفي شتى المجالات مثل: الأجهزة التلفزيونيّة، والأجهزة الهاتفيّة، وأنظمة المِلاحة، والطقس، ومراقبة المناخ والبيئة، وفيما يلي بيان لكلٍ منها.
الأجهزة التلفزيونية
فيما مضى وقبل الأقمار الصناعيّة، كانت موجات التلفزيون تواجه مشاكل مع المسافات الكبيرة والجبال العاليّة والمباني المرتفعة، وكانت تنتقل لمسافات محدودة وصغيرة في خطوط مستقيمة، ومع استخدام الأقمار الصناعيّة أصبحت الموجات تسير مع منحنى الأرض، وتقوم بإرسال جميع الإشارات الكافيّة لعمل الأجهزة التلفزيونيّة في المنازل بغّض النظر عن موقع الإشارة.
الأجهزة الهاتفية
كان القيام بالمكالمات الهاتفيّة بعيدة المسافات قبل وجود الأقمار الصناعيّة أمر صعب جداً، وكانت تكلفة بناء شبكة أسلاك هاتفيّة لمسافات كبيرة عاليّة جداً، وبعد وجود الأقمار الصناعيّة أصبح إجراء المكالمات الهاتفيّة أمراً غاية في السهولة، وذلك عن طريق إرسال هذه الإشارات إلى الأقمار في الفضاء، ثمّ إعادة إرسالها مرة أخرى إلى مختلف المواقع في سطح الأرض بما فيها المواقع النائيّة، أيضاً المواقع التي يوجد فيها خلل في خطوط الهاتف خاصتها لسبب من الأسباب، وتستطيع الأقمار الصناعيّة توفير الاتصالات الهاتفية على متن الطائرات.
أنظمة الملاحة
أنظمة المِلاحة من التطبيقات المتاحة عبر الأقمار الصناعية ومثال عليها نظام التموّضع العالمي (بالإنجليزيّة: Global Positioning System) ويرمز له (GPS)، والذي يتيح تحديد المواقع العالميّة.
الطقس
يستطيع خبراء الأرصاد الجويّة توقُّع حالة الطقس في مختلف مناطق للعالم بواسطة الأقمار الصناعيّة، بالإضافة إلى قدرتهم على اقتناء آثار بعض الظواهر الطبيعيّة ومنها البراكين والأعاصير.
مراقبة المناخ والبيئة
تُعد الأقمار الصناعية أفضل مصادر المعلومات لباحثي التغيّر المناخي، ومن هذه المعلومات التي تستطيع الأقمار الصناعيّة توفيرها ما يلي:
- مراقبة تغيّر درجات الحرارة في المحيطات، ومعدّلات الارتفاع في مستويات البحر.
- تحديد حجم الأنهار الجليديّة المتغيّرة، الأمر الذي يصّعُب القيام به من سطح الأرض.
- تحديد أنماط هطول الأمطار لفترات طويلة الأمد، وأنماط الغطاء النباتي، وانبعاث الغازات الدفيئة.
مكونات الأقمار الصناعية
على الرغم من اختلاف أشكال وأحجام الأقمار الصناعيّة إلا أنَّهُ يوجد جزئين مشتركين رئيسيين لكل الأقمار الصناعيّة وهما:
- مصدر الطاقة للقمر الصناعي:
يكون عبارة عن بطّاريّة أو لوحة شمسية يعتمد عملها على توليد الطاقة للقمر الصناعي عن طريق تحويل أشعة الشمس وضوئها إلى طاقة كهربائية يستخدمها القمر الصناعي.
- الهوائي للقمر الصناعي:
وهو الجزء المسؤول عن إرسال واستقبال المعلومات من وإلى سطح الأرض.
يتكون القمر الصناعي من عدة أجزاء، منها ما يكون من ضمن الجزء الوظيفي المسؤول عن القيام بالأعمال المطلوب تنفيذها من قبل القمر الصناعي وضمن مهمّته التي أُطلق من أجلها، ومنها ما يكون من ضمن الجزء الحاضن وهو من يقوم بتوفير المحيط المناسب لعمل الجزء الوظيفي منه، فواجب الجزء الحاضن توفير الطاقة والحماية والدفع والتوجيه، وغالباً يتم التحكُّم في القمر الصناعي من محطة أرضيّة من أجل إتمام المهام وإجراء التغييرات في الموقع. تشمل الأجزاء المكوّنة للقمر الصناعي ما يلي:
- عناصر الحمولة وهي المسؤولة عن تشغيل القمر مثل البطاريات، والكاميرات، والهوائيّات.
- الأنظمة التي تُساعد القمر الصناعي على القيام بمهمّاته والتي يُطلق عليها اسم عناصر الدفع، وهي:
- أنظمة التزوّد بالوقود وهي عبارة عن خلايا شمسيّة تقوم بتوليد الطاقة الكهربائيّة.
- نظام التحكم بالتوجيه وهي التي تقوم بتوجيه القمر وتثبيته في مساره الصحيح.
- نظام الاتصالات والذي يشمل جميع المعدّات التي تلزم لإرسال أوامر التشغيل من المحطّة الأرضيّة المسؤولة عن القمر إلى القمر نفسه.
- الهوائي ذو الكسب العالي والذي يقوم بنقل وإرسال الصوّر الملّتقطة بواسطة القمر إلى المحطّة الأرضيّة لغاية دراستها وتحليلها.
- حساسات الصور ووظيفته الاستشعار عن بعد والاستطلاع العسّكري.
يكون إطلاق القمر الصناعي مبني على الاتفاقيّات بين الشركات الفضائيّة المتخصّصة في ذلك، ولغايات التأمين يتمّ صنع قمرين متطابقين تماماً، فإذا واجه القمر الأول أخطاء فنيّة وخرج عن مساره حينها يتمّ إرسال النسخة الأخرى، ويكون فريق من الخبراء مسؤول عن متابعة قيام القمر الصناعي لمهامّه عن بعد.
اول قمر صناعي
لم تشمل الحرب الباردة بين الولايات المتحدّة الأمريكيّة والاتحاد السوفيتي إظهار القدرة العسكريّة فقط، بل تضمّنها إظهار القدرة التقنيّة لكلٍ منها، وكان أول قمر صناعي تمّ إطلاقه على يد الاتحاد السوفيتي إلى الفضاء ضمن سلسلة الأقمار الصناعيّة السوفيتيّة في الرابع من أكتوبر عام 1957م، وكان يحمل اسم سبوتنك – 1 (بالروسيّة: спутник 1)، ويُعد هذا القمر الصناعي سبقًا حققه الاتحاد السوفيتي وبداية للسباق الفضائي بين القوتين العظمتين. منذ ذلك الوقت ولغاية عام 2007 تمّ إطلاق أكثر من 6062 قمر صناعي في الفضاء الخارجي لكلٍ منها مدار خاص فيها، وذلك بناءً على ما قاله المهندس الدارس لتاريخ الأقمار الصناعيّة جاك فيلان، وبقي من هذا العدد 700 قمر صناعي في حالة نشاط.
كان مسار القمر الصناعي سبوتنك – 1 على شكل قطع ناقص حول الأرض، وهذا المسار يُشّبه مسار كوكب الأرض والكواكب الأخرى حول الشمس والتي تشكِّل إحدى بؤرتيه، وكان الصاروخ الذي تمّ استخدامه في إطلاق القمر الصناعي سبوتنك -1 من الصواريخ التي تتألف من ثلاث مراحل، وكانت مواصفاته على شكل كرة قطرها 58 سم، وكان وزنه يصل إلى 83.6 كغ، وكانت المرحلة الثالثة ومقدمة الصاروخ يسبحان مع القمر سبوتنيك -1 بسرعة تصل إلى 28.8 ألف كم في الساعة الواحدة، وكان القمر يحتاج 96.2 دقيقة حتى يستطيع إكمال دورة كاملة حول كوكب الأرض.
قام العلماء بتزويد القمر سبوتنيك -1 بالبيانات المتعلّقة بكثافة الطبقات العليا من الغلاف الجوّي، وقامت الإشارات الراديويّة والتي اخترقت طبقة الأيونوسفير بتزويد العلماء بالمعلومات الضروريّة من أجل تصميم أجهزة اتصالات فعّالة مع المركبات الفضائيّة، واستطاع العلماء التوصّل إلى تطوير معدّات وأجهزة قادرة على تحمّل الظروف السائدة في الفضاء الخارجي ومنها التغيّر المفاجئ في درجات الحرارة، بالإضافة إلى انعدام الوزن، والتي ساعدتهم في الرحلات الفضائيّة التاليّة لهذه الرحلة.
تقع أسفل نقطة في مسار القمر سبوتنيك – 1 على ارتفاع 240 كم عن سطح الأرض، وكان السبب في مقاومة حركته وانحرافه عن مساره وجود كميّة من الهواء في الطبقة السميكة في غلاف الأرض الجوي، وبدأت المجموعة المكوّنة من مقدمة الصاروخ، والقمر سبوتنيك – 1، والمرحلة الثالثة بعدها بالهبوط في حركة لولبيّة مقتربًا من سطح الأرض، ومع اقترابها من سطح الأرض دخلت هذه المجموعة في طبقات الجوّ السميكة، مما سبَّبَ احتراقها بفعل الاحتكاك، وانتهت رحلة أول قمر صناعي سبوتنيك – 1 بعدما سقط حطام المرحلة الثالثة في الأول من شهر ديسمبر عام 1957، والجدير بالذكر أنَّ هذا القمر كان أول خطوة ينفّذها الإنسان لغزو الفضاء.