سيرة الملك حسين الكاملة

سيرة الملك حسين الكاملة
التصنيف: شخصيات ومشاهير

الحسين بن طلال بن عبد الله الأول الهاشمي هو ثالث ملوك الأردن، حيث حكّم الأردن من 11 أغسطس 1952 حتى وفاته في 7 فبراير 1999، وقد ولد الملك حسين في العاصمة الأردنية عمان.

نشأة الملك حسين بن طلال

ولد الملك الحسين في عمان – 14 تشرين الثاني 1935، وكان الطفل الأول لولي العهد الأمير طلال والأميرة زين الشرف، وهو الأخ الأكبر بين إخوته، حيث كانوا ثلاثة أشقاء وشقيقتان، وهم: الأميرة أسماء، والأمير محمد، والأمير حسن، والأمير محسن، والأميرة بسمة، وقد سُمّي الحسين على اسم جده الحسين بن علي، وهو زعيم الثورة العربية عام 1916 ضد الإمبراطورية العثمانية، ومن الأسرة الهاشمية التي حكمت مكة لأكثر من 700 عام حتى سقوط مكة عام 1925 من قبل آل سعود، والسلالة الهاشمية هي أقدم سلالة حاكمة في العالم الإسلامي وثاني أقدم سلالة حاكمة في العالم، وتجدر الإشارة إلى أنّ جده الملك عبدالله طلب منه الالتحاق بمدرسة هارو التي تخرج منها ونستون تشرشل بعد استكمال تعليمه الابتدائي، إلا أنه تقرر إرساله إلى كلية فيكتوريا في الإسكندرية، والتي كانت تحكمها أنظمة بريطانية رسمية.

بعد اغتيال جده نُقل إلى مدرسة هارو بإنجلترا خوفًا من فقدان حياته؛ للاشتباه في تورط مصر في اغتيال جده، وكان يبلغ من العمر 16 عام في ذلك الوقت، وصادق ابن عمه الثاني فيصل الثاني من العراق، وقد كان فيصل هو ملك العراق الهاشمي في ذلك الوقت، لكنه كان نائبًا للملك؛ لأنه كان أصغر من السن الذي حدده الدستور، وهو في نفس عُمر الحسين، وكان الملك الحسين يعيش في بارك هاوس تحت قيادة السيد ستيفنسون، ثم أكمل تعليمه العسكري في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست، وقد عُيّن عبد الله الأمير حسين كمدرس لدروس عربية إضافية، بينما عمل من ناحية أخرى كمترجم لجده خلال اجتماعاته مع قادة أجانب، ويرجع ذلك إلى أنّ الملك عبد الله يعرف الإنجليزية ولكنه لا يستطيع التحدث بها.

إعلان السوق المفتوح

حياة الملك حسين بن طلال

ولد الحسين بن طلال في 14 نوفمبر 1935 في عمان، وهو حفيد الملك عبد الله بن الحسين الملقب بعبد الله الأول، أكمل تعليمه الابتدائي في عمان ثم الإسكندرية، ثم سافر إلى بريطانيا عام 1950 للالتحاق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية، وفي عام 1951، اغتيل جده الملك عبد الله في القدس وكان معه، وتولى والده طلال بن عبد الله العرش، لكنه أطيح به لأسباب طبية وعدم قدرته على إدارة حكومة المملكة، وقد أصدر بعد ذلك مجلس الأمة قراراً بتعيين الأمير حسين بن طلال ملكاً للأردن، وتعيين مجلس وصاية على العرش الملكي حتى بلوغ الملك سن الرشد.

هواياته

كان طيارًا ماهرًا، حيث طار عدة مرات في طائرته الخاصة، وكان سائق دراجات نارية ماهر وسائق سيارات سباق بارع، وكان يحب الرياضات المائية والتزلج والتنس، وكان هاوي ومطّلع في قراءته على العلاقات السياسية والتاريخ والقانون الدولي والعلوم العسكرية وفنون الطيران.

زوجات الملك حسين بن طلال

دينا بنت عبد الحميد

الشريفة دينا بنت عبد الحميد ملكة الأردن السابقة بصفتها الزوجة الأولى للملك حسين بن طلال ملك الأردن، وهي والدة ابنته البكر الأميرة عالية، تزوجت من الملك عام 1955 واستمر زواجهم إلى 1957، ثم في عام 1970 تزوجت من مسؤول رفيع المستوى في منظمة التحرير الفلسطينية، قابلت الشريفة دينا الملك حسين لأول مرة عام 1952 في منزل أحد الأقارب في لندن، وبعد عامين من تولي الملك حسين العرش، أعلنت والدته الملكة زين الشرف خطوبته على دينا، وكان هذا الارتباط ممتازًا؛ حيث كانت دينا أميرة هاشمية حاصلة على أعلى تعليم في الغرب، وقد تمّ زواجهما في 18 أبريل 1955، وكانت العروس تبلغ من العمر26 عامًا أنذاك، بينما كان العريس يبلغ من العمر19 عامًا.

توني غاردنر

هي الزوجة الثانية للملك الأردني الراحل الحسين بن طلال، ووالدة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك الأردن الحالي، وبعد زواجها أطلق عليها الملك حسين اسم الأميرة منى الحسين، وهي ابنة الضابط البريطاني والتر بيرسي غاردنر؛ الذي خدم سابقًا في مهمة تدريبية بريطانية في الأردن، وظل هناك بناءً على طلب السفارة البريطانية لمعالجة نقص المياه والجفاف الذي كان الأردن يعاني منه في ذلك الوقت، وقد التقت الأميرة بالملك حسين أثناء تصويرها فيلم لورنس العرب، حيث سمح الملك لعدد من الجنود بالمشاركة في التصوير، وكان يزور أحيانًا موقع التصوير، ثم تزوجها وخلال زواجهما لم تعتنق الملكة الإسلام على الرغم من زواجها من ملك مسلم، وقد أنجبا: الملك عبدالله مواليد 1962، والأمير فيصل مواليد 1963، والأميرة عائشة مواليد 1968، والأميرة زين مواليد 1968، وانفصلا في 21 ديسمبر 1971، ولكن سُمح لها بالاحتفاظ بلقبها الملكي.

الملكة علياء

الزوجة الثالثة لملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، ولدت في القاهرة لأسرة فلسطينية من نابلس، ووالدها بهاء طوقان سفير الأردن السابق في بريطانيا، وقد تزوجت الملك حسين في 24 ديسمبر 1972، وسميت بعد زواجها بالملكة، وكانت اول زوجة للملك حسين تلقب بالملكة، وأنجبت منه: الأميرة هيا مواليد 3 مايو 1974، والأمير علي مواليد 23 ديسمبر 1975، وقد توفيت في حادث تحطم هليكوبتر عام 1977، وبعد وفاتها سميّ المطار الدولي في عمان بأسمها.

الملكة نور الحسين

اسمها الحقيقي ليزا نجيب الحلبي زوجة حسين بن طلال ملك الأردن الراحل، والدها هو نجيب الياس حلبي أمريكي من أصل سوري، ووالدتها دوريس كارل كويست سويدية، وفي 15 يونيو 1978 تزوجت من الملك حسين وأنجبت: الأمير حمزة مواليد 29 مارس 1980، والأمير هاشم مواليد 10 يونيو 1981، والأميرة الإيمان مواليد 24 أبريل 1983، والأميرة راية مواليد ٩ 9 فبراير 1985.

اولاد الملك حسين بن طلال

  • الأميرة عالية بنت الحسين.
  • الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
  • الأمير فيصل بن الحسين.
  • الأميرة عائشة بنت الحسين.
  • الأميرة زين بنت الحسين.
  • الأمير هيا بنت الحسين.
  • الأمير علي بن الحسين.
  • الأمير حمزة بن الحسين.
  • الأمير هاشم بن الحسين.
  • الأمير إيمان بنت الحسين.
  • الأميرة راية بنت الحسين.

الأميرة عالية 

هي أميرة أردنية، وهي الابنة الكبرى للملك حسين بن طلال من زوجته الأولى الأمير دينا بنت عبد الحميد، والأخت غير الشقيقة للملك عبد الله الثاني، وقد أكملت تعليمها الابتدائي والثانوي في عمان، ثم التحقت بالجامعة الأردنية، وهي رئيسة فخرية لعدد من الأندية والجمعيات الخيرية، حيث ساعدت في تشجيع الحركة النسائية وحقوق المرأة والطفل في الأردن، كما أنها تهتم كثيراً بمهرجانات الخيول العربية الأصيلة، وهي رئيسة الاتحاد الملكي الأردني للفروسية ومنظمة الجواد العربي، وتحمل ميدالية النهضة المرموقة.

الملك عبد الله

هو ملك المملكة الأردنية الهاشمية منذ عام 1999، وقد تولى السلطة بعد وفاة والده الملك الحسين بن طلال، وتولى العرش في 9 يونيو من ذلك العام، وهو الابن الأول للملك حسين بن طلال من زوجته الثانية وهي بريطانية الأصل، وقد أكمل الملك عبد الله تعليمه في عمان وخارجها، وبحسب ما ورد حصل على درجة الماجستير في العلاقات الخارجية من جامعة جورج تاون ودرس أيضًا في جامعة أكسفورد، وبدأ حياته العسكرية عام 1980 كضابط تدريب في القوات المسلحة الأردنية، والملك عبدلله معروف محلياً وإقليمياً ودولياً بحفاظه على الاستقرار من خلال قيادة بلاده، كما عُرف بدوره في دعوة الحوار بين الأديان لغرض التعايش الديني بين أتباع الديانات دون إراقة دماء أو حرب، ويمتلك ملك الأردن بشكل عام سلطات واسعة، وقد تزوج الملك من رانيا العبد الله عام 1993، ولديهم أربعة أولاد: ولي العهد الحسين، والأميرة إيمان، والأميرة سلمى، والأمير هاشم.

الأمير فيصل

هو الابن الثاني للملك الحسين بن طلال، وشقيق الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ووالدته الأميرة منى الحسين، وقد أكمل تعليمه الابتدائي في كلية الدراسات الإسلامية في عمان، وفي عام 1970، والتحق بمدرسة سانت إدموند في إنجلترا، وفي عام 1981 التحق بجامعة براون، حيث درس الهندسة الإلكترونية وحصل على درجة البكالوريوس في تخصص الهندسة الإلكترونية عام 1985.

الأميرة عائشة

هي أميرة أردنية وأخت الملك عبد الله الثاني، والأخت التوأم للأميرة زين بنت الحسين، وقد اهتمت الأميرة عائشة بحقوق المرأة، وتكرس جهودها لزيادة تمكين المرأة وتعليمها في الأردن، كما عملت في مجال الرعاية الصحية للعسكريين والنساء من عائلات عسكرية، تزوجت عام 1990 من زيد سعد الدين جمعة وهو كردي الأصل من عمان، ولديهما طفلان:عون مواليد 27 مايو 1992، ومنى مواليد 18 يوليو 1996، ولكن فيما بعد انفصلا، وفي 27 يناير 2016 تزوجت للمرة الثانية من أشرف بنيوتي.

الأميرة زين

شقيقة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك الأردن، والأخت التوأم للأميرة عائشة بنت الحسين، وقد التحقت بمدرسة وستوفر وتخرجت عام 1986، كما تزوجت من مجدي الصالح، ولديهم ابنين هما جعفر وجومانة.

الأميرة هيا

هي ابنة الملك حسين بن طلال من زوجته الملكة علياء، وشقيقة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، والزوجة السابقة لنائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، توفت والدتها الملكة علياء في حادث تحطم مروحية في 9 فبراير 1977 أثناء عودتها إلى عمان من جنوب الأردن، كما لديها أخت بالتبني اسمها عبير، وأكملت تعليمها الابتدائي في الأردن، وفي عام 1985 التحق بمدرسة بريانستون في دورست في جنوب غرب إنجلترا لدراسة اللغة الإنجليزية وآدابها والسياسة والتاريخ، كما التحقت بكلية سانت هيلدا عام 1992، حيث درست العلوم السياسية والاقتصاد في جامعة أكسفورد وتخرج منها عام 1994.

الأمير علي

هو أمير أردني والأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني ملك الأردن، وهو رئيس اتحاد كرة القدم غرب آسيا ورئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم، شغل عدة مناصب عسكرية، وكان نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في آسيا، وفي عام 2012 أسس مشروع تطوير كرة القدم الآسيوية، والذي ترأسه منذ إنشائها.

الأمير حمزة

من مواليد 29 مارس 1980، وهو الابن البكر للملك حسين من الزوجة الرابعة الملكة نور الحسين، والأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، شغل منصب ولي العهد من 7 فبراير 1999 إلى 28 نوفمبر 2004، كما كان ضابطا سابقا في الجيش الأردني، كما يمثل الملك عبد الله الثاني في مناسبات وأنشطة رسمية مختلفة داخل المملكة وخارجها، ويترأس اللجنة الملكية الاستشارية للطاقة والرئيس الفخري لاتحاد كرة السلة الأردني، كما يرأس مجلس أمناء متحف السيارات الملكي ونادي الرياضات الجوية الملكية ورئيس جمعية الحفاظ على الأشجار.

الأمير هاشم

الابن الأصغر للملك الحسين بن طلال من زوجته الملكة نور الحسين، والأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، وفي 12 يناير 2017 عينه الملك عبد الله الثاني أمينًا أول للديوان الملكي الهاشمي وخلفًا للأمير رعد بن زيد، وشغل منصب نائب الملك عدة مرات، ورافق الملك في العديد من المهام الرسمية، وهو الرئيس الفخري لاتحاد الكيك بوكسينغ الأردني.

الأميرة إيمان

هي ابنة الملك حسين عاهل الأردن وزوجته الملكة نور، ولديها اثنين من الاخوة الاشقاء هما حمزة وهاشم، وأختها الصغرى الأميرة ريا، وهي الأخت غير الشقيقة للملك عبد الله الثاني ملك الأردن، التحقت بالجامعة الأمريكية في واشنطن العاصمة، وحصلت على درجة الماجستير في الطب البيطري، في 20 ديسمبر 2012  أعلن الديوان الملكي الأردني عن خطوبة الأميرة إيمان لرجل الأعمال زيد عزمي ميرزا، وقد تم الزواج في 22 مارس 2013، وأنجبت ولداً اسمه عمر في 8 أكتوبر 2014.

الأميرة راية

هي الابنة الصغرى للملك حسين ملك الأردن والملكة نور، والأخت غير الشقيقة للملك عبد الله الثاني ملك الأردن، وتهتم الأميرة راية بالثقافة والشباب وتشارك في الأحداث الشبابية والثقافية الأردنية: مثل مؤتمر الشباب العربي في الأردن.

مرض الملك حسين بن طلال

تم تشخيص سرطان الغدد الليمفاوية للملك حسين في يوليو 1998 في Mayo Clinic في مدينة روشستر، وكان سرطان الغدد الليمفاوية من النوع الذي يستجيب للعلاج الكيميائي الذي بدأه الملك بالفعل، وكان أطباؤه متفائلين بإمكانية علاجه، وفي طريق عودته إلى الأردن في يناير 1999 بعد ستة أشهر من العلاج في الولايات المتحدة، توقف الحسين في لندن، ونصحه الأطباء بالبقاء في بريطانيا لبضعة أسابيع للراحة، حيث كان لا يزال ضعيفاً للغاية لا يستطيع السفر، وكان في استقباله عند عودته إلى الأردن أسرته ووزراء ونواب ومسؤولون أجانب وعدد من المواطنين الأردنيين، حيث أمضى ستة أيام فقط في الأردن قبل الذهاب إلى Mayo Clinic في مينيسوتا في 25 يناير 1999، وعاد فجأة لتلقي المزيد من العلاج بعد عملية زرع نخاع عظم.

وفاة الملك حسين بن طلال

توفي الملك حسين بن طلال بسبب سرطان الغدد الليمفاوية في 7 فبراير 1999، و الذي عانى منه لعدة سنوات، كما تلقى العلاج بشكل دوري في Mayo Clinic في روشستر، وقبل وفاته بفترة وجيزة أطاح شقيقه الأمير حسن بن طلال من العرش وعين ابنه الأكبر الأمير عبد الله وليًا للعهد، وشيعت جنازته في الثامن من فبراير بعد إلقاء النظرة الأخيرة عليه في القاعة الملكية للعائلة المالكة، وحضرها عدد كبير من القادة العرب والغربيين والعديد من الرؤساء السابقين، ومن بينهم رئيس الولايات المتحدة بيل كلينتون والرؤساء السابقين جورج بوش الاب وجيمي كارتر وجيرالد فورد، وقد عكس حضور الرؤساء الأمريكيين العلاقة الوثيقة بينه وبين الولايات المتحدة، كما حضر الوزير توني بلير وولي العهد الأمير تشارلز، وكذلك الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر، وحضر الجنازة عدة شخصيات من بينهم الرئيس المصري محمد حسني مبارك، والرئيس السوري حافظ الأسد، والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد الكويتي الشيخ سعد عبدالله آل سعود، قابوس بن سعيد ورئيس الجزائر اليمين زروال، وولي عهد قطر الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية في لبنان ميشال مور، وولي عهد دبي والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزير دفاع الإمارات العربية، وغيرهم من الزعماء والقادة. 

اقرأ أيضاً:  سيرة عمر الخيام

العرش الملكي

بعد ساعات من إعلان وفاة الحسين، توجه عبد الله بن الحسين إلى اجتماع عقده مجلس النواب مرتديًا القبعة التقليدية باللونين الأحمر والأبيض، وقد سبقه شقيقا الملك حسين الأمير الحسن والأمير محمد، حيث وقفا مباشرة أمام صورة الملك حسين، الوقفة العسكري وأيديهم مشدودة بإحكام على الجانبين، مما منحهما مزيدًا من التشجيع، ثم أدى الملك عبد الله الثاني يمين والده الذي قرأه قبل نحو خمسة عقود: “أقسم بالله العظيم أن أحافظ على الدستور وأن أكون أميناً مع الأمة”، وافتتح رئيس مجلس الأعيان زيد الرفاعي الاجتماع  بالفاتحة، وبعدها بدؤا الدعاء للملك حسين، ونُقل نعش الملك حسين الذي يرفع علمه في مسيرة استمرت 90 دقيقة في شوارع العاصمة برفقة حراس يرتدون ملابس أنيقة، على الرغم من الرياح الباردة والشتاء، خرج حوالي 800 ألف أردني لتوديع قائدهم، وكثير منهم بكى، كما تم نشر شرطة مكافحة الشغب على طول الطريق لمنع السكان من محاولة الوصول إلى التابوت، وعند دخول قصر رغدان تم تسليم الملك الجديد نجل عبد الله الأكبر والأمراء الملكيين النعش رسمياً، كما وقفت الملكة نور عند المدخل محاطة بنساء ملكيات أخريات يرتدين وشاحًا أسود كعلامة حدادا، كما توافد العديد من القادة والشخصيات على الأردن في الفناء الكبير لقصر رغدان للتعبير عن حزنهم، وكان الملك حسين أطول رئيس تنفيذي خدمة في العالم حتى وفاته في 7 فبراير 1999.

 إنجازات الملك حسين بن طلال

الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية

  • النهضة في مختلف المجالات الصناعية، والسياسية، والقطاعات الاقتصادية التي تخدم الوضع الاجتماعي للمواطنين، وتساعد على تحسين رفاهية الشعب وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين. 
  • زيادة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتوسيع نطاق تغطيتها بشكل فعال من حيث التكلفة وتشمل جميع المواطنين، وتشمل هذه الخدمات الخدمات الصحية والخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء وما إلى ذلك.
  • رفع جودة قطاع الصحة والرعاية الصحية المقدمة للمواطنين.
  • دعم البنية التحتية الاقتصادية وتطوير القطاع الصناعي، الذي يتضمن إنتاج المعادن مثل الأسمنت والبوتاس والفوسفات والبوتاس.
  • دعم إنشاء الطرق وتغطية الشبكة لجميع أجزاء المملكة الأردنية.

الإنجازات السياسية الداخلية

  • التشجيع على الديمقراطية وحرية التعبير عن آرائهم السياسية، كما سمح لهم بتكوين أحزاب ونقابات سياسية، ولعبت الصحافة دوراً فاعلاً في المملكة في رفع الوعي السياسي وتنمية الشعور بالانتماء والقومية لدى الشعب الأردني.  
  • تعريب قيادة الجيش في 1 آذار 1956، وذلك بإنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957، وإنهاء خدمات جون كلوب وقائد الجيش وضباط بريطانيين آخرين. 
  • التعديل الدستوري الأردني، حيث يشهد الأردن العديد من التعديلات الدستورية الكبرى التي تتوافق مع التطورات السياسية للنظام الملكي.

الإنجازات السياسية الخارجية

  •  دعم قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، والذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة خلال الحرب، والذي كان العمود الفقري لمحادثات السلام اللاحقة.
  • دعم القضية الفلسطينية والتأكيد على وحدة المصير بين الشعبين الأردني والفلسطيني، والمبادرة لحماية وإعادة بناء المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومحاربة اليهودية ومقاومة المخططات الصهيونية. 
  • المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام، وفي عام 1994 تم توقيع معاهدة سلام بين الأردن وإسرائيل، مما يمثل نقطة تحول رئيسية في الدعوة إلى سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط.
  • مشاركة الأردن في القمة العربية التي تأسست عام 1987 في العاصمة عمان بهدف إحلال السلام بين شمال وجنوب اليمن وتوحيدهما في اليمن عام 1990.
  • المشاركة في حل النزاع العراقي الكويتي، حيث بذل الملك حسين جهد كبير لتأكيد الانسحاب السلمي للعراق من الكويت والأردن، كما أصدرت الحكومة كتابًا أبيض يحدد موقف ودور القيادة النبيلة والحكيمة للأردن في أزمة الخليج العربي.
  • مشاركة الأردن في المؤتمر الدولي الذي تأسس في جنيف بسويسرا عام 1973، أدى إلى تسوية الصراع بين مصر وسوريا وإسرائيل، حيث قامت وزارة الخارجية الأردنية بالتنسيق مع الدول العربية والأجنبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة والقرار رقم (337) الذي صدر بإدانة إسرائيل وإدخال الصهيونية كشكل من أشكال التمييز العنصري.

معلومات عن الملك

التنصيب

اعتلى الملك حسين العرش في 11 أغسطس 1952، قبل ثلاثة أشهر من عيد ميلاده السابع عشر، وقد  أرسلت برقية من الأردن إلى الملك حسين في لوزان بسويسرا، حيث تم تعيين مجلس أمناء من ثلاثة أعضاء، رئيس مجلس الوزراء ورؤساء مجلسي الاعيان والنواب حتى بلوغه سن 18َ، وفي غضون ذلك واصل الحسين تعليمه في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست، وحصل على تفويضه الدستوري في 2 مايو 1953، وفي نفس اليوم الذي تولى فيه ابن عمه فيصل الثاني السلطة القانونية كملك على العراق.

السنوات الأولى

لم يرث الحسين المنطقة الواقعة شرقيّ نهر الأردن فحسب، حيث إنه ورث أيضًا الضفة الغربية التي دخلها الجيش العربي خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 وضمها عام 1950، كانت البلاد فقيرة في الموارد الطبيعية ولديها عدد كبير من اللاجئون الفلسطينيون نتيجة الحرب، وفور تسلمه العرش عين فوزي الملقي رئيساً للوزراء، كما أدت سياسات الملك الليبرالية، بما في ذلك حرية الصحافة، إلى الاضطرابات عندما شنت جماعات المعارضة حملات دعائية ضد النظام الملكي، واستخدم المقاتلون الفلسطينيون الأراضي الخاضعة للسيطرة الأردنية لمهاجمة إسرائيل، مما أدى إلى انتقام عسكري إسرائيلي ضد المواطنين الأردنيين، وأحد الإجراءات الانتقامية الإسرائيلية يعرف بمجزرة قبية، وأسفرت عن استشهاد 66 مدنياً في قرية القبية بالضفة الغربية، أثارت الحادثة احتجاجات واسعة النطاق، وفي عام 1954، أطاح الحسين بالملقي وسط الاضطرابات وعين توفيق أبو الهدى، ثم جرت الانتخابات النيابية في تشرين الأول 1954، في وقت لم تكن فيه الأحزاب في البلاد متشكلة بشكل جيد.

استمر حكم أبو الهدى لمدة عام واحد فقط، وفي العام التالي تم إصلاح الحكومة ثلاث مرات، وقد كان ميثاق بغداد في عام 1955 محاولة غربية لتشكيل تحالف في الشرق الأوسط؛ لمواجهة النفوذ السوفييتي والمصري مع جمال عبد الناصر، وجد الأردن نفسه في وسط توترات الحرب الباردة، وكانت كل من بريطانيا وتركيا والعراق أعضاء في المعاهدة، وقد استمرت التوترات طوال عام 1955، ولم تهدأ الاضطرابات المحلية التي كانت تتصاعد بشكل دوري من خلال الدعاية في الإذاعة المصرية، حتى عيّن الملك رئيس وزراء جديدً وعد بعدم التدخل في حلف بغداد.

وجدت المملكة العربية السعودية أرضية مشتركة مع مصر للاشتباه في وجود الهاشميين في كل من الأردن والعراق، وفي يناير 1956، تحرك السعوديون بالقرب من العقبة على الحدود الأردنية الجنوبية ولم ينسحبوا إلا بعد أن هدد البريطانيون بالتدخل دفاعاً عن الأردن، حينها أدرك الحسين أن التيار القومي العربي سيطر على السياسة العربية، فقرر البدء في تقليص علاقات الأردن مع البريطانيين، وفي 1 آذار (مارس) 1956، أعاد الحسين تأكيد استقلال الأردن من خلال تعريبه قيادة الجيش: فقد أزاح غلوب باشا من قيادة الجيش العربي، واستبدل جميع كبار الضباط البريطانيين بالأردن، وأطلق عليها اسم “القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي”، وألغى المساعدات البريطانية واستبدلها بالمساعدات العربية، وامتدح قرارات صدام حسين الجريئة في الداخل وتحسنت العلاقات مع الدول العربية.

تجربة ليبرالية

حظيّ الرئيس المصري جمال عبد الناصر بتأييد واسع من الشعب العربي بعد توقيع صفقة السلاح المصرية التشيكية والسلوفاكية في سبتمبر 1955، وازدادت شعبيته في الأردن بعد تأميم قناة السويس في يوليو 1956؛ حيث اعتبرت أفعاله بمثابة موقف قوي ضد الإمبريالية الغربية، والحسين كان أيضاً من أنصار هذه الحركات، وأدت الأحداث المتزامنة في مصر إلى تحول أحزاب المعارضة اليسارية الأردنية بقوة إلى عبد الناصر.

تم حل البرلمان المنتخب عام 1954 ووعد الحسين بإجراء انتخابات نزيهة، وشهدت الانتخابات النيابية التي جرت في 21 أكتوبر 1956 ظهور الحزب الوطني الاشتراكي كأكبر حزب، بحصوله على 12 مقعدًا من أصل 40 مقعدًا في مجلس النواب، وعليه دعا الحسين زعيم الحزب سليمان النابلسي إلى تشكيل الحكومة، وكانت الحكومة الوحيدة المنتخبة ديمقراطياً في تاريخ الأردن، ووصف الحسين العملية بأنها “تجربة ليبرالية” وانظر كيف سيكون رد فعل الأردنيين على هذه المسؤولية، وفي 29 أكتوبر 1956 بدأت أزمة السويس في مصر “العدوان الثلاثي” من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وغضب الحسين لكن التابلسى لم يشجعه على التدخل، وغالبًا ما كانت سياسات النابلسي على خلاف مع سياسات الملك حسين، بما في ذلك تلك التي تتعامل مع عقيدة أيزنهاور، وطلب الملك من النابلسي كرئيس للوزراء بقمع الحزب الشيوعي ووسائل الإعلام الخاضعة لسيطرته، ومن ناحية أخرى أراد النابلسي تقريب الأردن من نظام عبد الناصر.

كان ذلك مخالفًا لرغبة الملك في البقاء في المعسكر الغربي، وبلغت الخلافات بين النظام الملكي والحكومة اليسارية ذروتها في مارس 1957 عندما قدم النابلسي للحسين قائمة من كبار ضباط الجيش ليتم طردهم، استجاب الملك حسين في البداية للتوصيات، مما شجع النابلسي على تقديم قائمة طويلة، لكن الملك حسين رفض القائمة على الفور، واستقالت الحكومة النابلسية في 10 أبريل / نيسان، وفي 13 أبريل، اندلعت أعمال شغب في ثكنة الزرقاء للجيش، وغادر الحسين البالغ من العمر 21 عامًا لإنهاء العنف بين الجيش الملكي والقوات العربية بعد شائعات عن اغتيال الملك، كما تحركت القوة السورية المكونة من 3000 عنصر على الفور جنوبًا إلى الحدود الأردنية لدعم ما عرفوا أنه محاولة انقلاب، ولكنها عادت بعد أن أبدت وحدات الجيش العربي الولاء المطلق للملك.

ظهرت روايتان رئيسيتان عن أحداث الزرقاء، حيث روى القصر أن الحادث كان انقلاباً فاشلاً قام به رئيس الأركان علي أبو نوار ضد الملك حسين، بينما كانت الرواية المضادة مؤامرة مدعومة من الأمريكيين انقلاب الحسين على الحركة القومية العربية في الأردن، وبعدها استقال أبو نوار وكبار الضباط الأردنيين والعرب، وسمح لهم بمغادرة الأردن إلى سوريا، حيث حرض بعضهم على المعارضة للنظام الملكي الأردني، بينما بقي آخرون في الأردن يفضلون السجن على تهمة الخيانة، ورد حسين بإعلان الأحكام العرفية، لكنه في النهاية شدد الإجراءات الأمنية، أي حظر التجول العسكري وفرض رقابة شديدة على الصحافة، لكن تصرفات الحسين حدت بشكل كبير من الديمقراطية الدستورية التي كانت موجودة في الأردن في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وحُكم على المتآمرين المزعومين غيابيًا بالسجن 15 عامًا، لكن الحسين عفا عنهم لاحقًا في عام 1964 كجزء من محاولة المصالحة مع خصومه المنفيين وسلمهم مناصب حكومية رفيعة.

الاتحاد العربي بين العراق والأردن

أصبحت الخمسينيات تعرف باسم الحرب الباردة، بسبب الصراع بين حكومات مصر بقيادة الناصرية والممالك التقليدية بقيادة المملكة العربية السعودية، شكلت مصر وسوريا الجمهورية العربية المتحدة في 1 فبراير 1958، وأصبح عبد الناصر رئيسًا، ولتحقيق التوازن أقام الحسين وابن عمه الملك فيصل الثاني ملك العراق الهاشمي، الاتحاد العربي في 14 فبراير 1958، في حفل أقيم في عمان، وشن الكيانان المتنافسان حروباً دعائية ضد بعضهما البعض من خلال برامجهما الإذاعية، كما اشتبكت القوات الأردنية والسورية على طول الحدود في مارس، وبدأت المؤامرات ضد الاتحاد الهاشمي بالظهور في الجمهورية العربية المتحدة.

ألقي القبض على ضابط في الأردن بتهمة التآمر لاغتيال الحسين، وأغلقت الجمهورية العربية المتحدة الأجواء الأردنية ومنعت الرحلات الجوية من الأردن وإليه، وكان يستورد الأردن البضائع عبر لبنان عبر الموانئ اللبنانية، لكن سوريا منعته، ونتيجة لذلك كان هناك نقص حاد في الوقود، لذلك قامت الطائرات الأمريكية بنقل الوقود من دول الخليج العربي إلى الأردن، كما دفعت الولايات المتحدة للأردن مقابل فرق أسعار النفط للحفاظ على استقراره، وتم الكشف عن أن الجمهورية العربية المتحدة كانت تخطط للإطاحة بالملكين الهاشميين في تموز يوليو 1958، وقام الأردن باعتقال 40 من ضباط الجيش المشتبه بهم، كما تم اعتقال رئيس أركان الجيش صادق الشرع وشقيقه صالح الشرع واعتقال الدكتور رفعت عودة، وطلب الحسين من رئيس أركان الجيش العراقي رفيق عارف شرح المؤامرة، أجاب عارف: “انتبهوا العراق على عكس الأردن بلد مستقر جداً. إذا كان هناك قلق فالأردن هو الذي يجب أن يقلق”، وعلى الرغم من وجود علاقة وثيقة بين فيصل وحسين، إلا أن حاشية فيصل في العراق نظرت باستخفاف إلى الأردن، وعزا الحسين الموقف إلى نفوذ ولي العهد العراقي الامير عبد الله.

بدأ المتسللون براً وجواً من لبنان بإرسال متفجرات استهدفت شارع الأردن، كان آخرها تدمير مجلس إعادة الإعمار، كما تعرضت حكومة كميل شمعون اللبنانية الموالية للغرب للتهديد بالإطاحة بها من قبل جماعات المعارضة المحلية المتزايدة المدعومة من الجمهورية العربية المتحدة، وفي 13 يوليو، أرسل العراقيون لواء إلى الأردن بناءً على طلب الحسين، وانسحاب اللواء العراقي إلى الأردن منح المتآمرين العراقيين بقيادة العميد عبد الكريم قاسم الفرصة للهجوم، وفي 14 تموز / يوليو، داهمت وحدة عراقية القصر الملكي العراقي، وأعدمت جميع أفراد العائلة المالكة العراقية، وشعر الحسين بالدمار، وأمر بحملة أردنية بقيادة الشريف ناصر لاستعادة العرش العراقي، ولكن تم استدعاؤه إلى الأردن بعد اختراق ما يقرب من 150 ميلاً داخل العراق، وخشي الحسين من احتمال وقوع انقلاب مماثل في الأردن، فشدّد الأحكام العرفية، وأرسلت القوات الأمريكية إلى لبنان والأردن لدعم الأنظمة الموالية للغرب في المنطقة ضد الموجة الناصرية، وبحلول أكتوبر، أصبح الوضع هادئا وعادت القوات الغربية إلى ديارها، وذهب الحسين في إجازة إلى سويسرا في 10 تشرين الثاني، بينما كان يحلق بطائرته فوق سوريا، اعترضته طائرتان سوريتان كانتا تحاولان إسقاطه، وتجاوزت مهارات الحسن في الطيران مهارات الطيارين السوريين، ونجا من محاولة الاغتيال وهبط بسلام، وارتفعت شعبيته في الأردن بين عشية وضحاها. 

اقرأ أيضاً:  معلومات عن الملك فاروق

نُقل عن جولدا ماير السياسية الإسرائيلية التي أصبحت فيما بعد رئيسة للوزراء، قولها في عام 1958: “نصلي جميعًا ثلاث مرات في اليوم من أجل صحة الملك حسين ونجاحه”، رد الفعل الإسرائيلي لم يكن حبًا للحسين بقدر ما كان كراهية لنظام عبد الناصر، وفي عام 1959، بدأ الحسين رحلة إلى دول مختلفة لتعزيز العلاقات الثنائية، وخلال رحلته إلى الولايات المتحدة، قام باكتساب العديد من الأصدقاء في الكونجرس بعد أن تحدث ضد النفوذ السوفييتي في الشرق الأوسط، وأعاد 50 مليون دولار كحزمة من المساعدات الأمريكية، صادق الشرع قائد الجيش الذي رافق الحسين إلى الولايات المتحدة، كان يخطط لانقلاب ضد النظام الملكي، وتزامن خبر اعتقال ضباط التآمر في الأردن مع زيارة الحسين للولايات المتحدة، وأبلغ الحسين بالمشاركة الشرع، لكنه لم يكشف الأمر للشرع حتى وصلوا الأردن، حكم عليه بالإعدام، وخفف الحسين الحكم إلى السجن المؤبد، وبعد أربع سنوات، تم العفو عن الشرع وتعيينه مديراً لمكتب الجوازات الأردني.

محاولات الاغتيال

تم تعيين هزاع المجالي لتشكيل الحكومة، وتألف التنظيم من الموالين الذين أقنعوا الحسين بمهاجمة الحكومة العراقية لاستعادة الحكم الهاشمي، ولكن الحملة توقفت بسبب المعارضة البريطانية وأضف سلاح الجو الملكي الأردني، كما أن عملاء الجمهورية العربية اغتالوا رئيس الوزراء هزاع المجالي بقنبلة مزروعة في مكتبه، وبعد عشرين دقيقة وقع انفجار، واستعد الحسين للانتقام من سوريا، التي كانت مخابراتها مسؤولة عن الاغتيال، حيث جهز ثلاثة ألوية في الشمال، ولكن العملية توقفت بضغط مشترك من الأمريكيين والبريطانيين، ونددت الإذاعات المصرية بالحسين ووصفته بأنه “يهودي عربي”، تعرض الحسين للعديد من الاغتيالات، حيث كان أحدهم يستبدل قطرات أنفه بحمض قوي، وتم الكشف عن مؤامرة أخرى بعد العثور على عدد كبير من القطط ميتة في القصر الملكي واتضح بعد ذلك أن الشيف كان يختبر السموم لاغتيال الملك، وتوقفت جهود اغتيال الملك بعد انقلاب ناجح أطاح بالنظام السوري في 28 سبتمبر 1961 وأطاح بالجمهورية العربية المتحدة، ومع عودة الهدوء إلى الأردن، هتف الملك بشعاره الشهير “لنبني هذا الوطن ونخدم هذه الأمة”، ولكن منتقديه استخفوا بالشعار، قائلين أن الحسين لم يبد اهتماماً كبيراً بالوضع الاقتصادي للبلاد، على عكس الجوانب العسكرية والعلاقات الخارجية.

معركة السموع

صرح الحسين في أحد لقاءاته مع ممثلين إسرائيليين: “قلت لهم إنني لا أستطيع السكوت على أي هجوم انتقامي منهم، وبدأت حركة فتح بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في تنظيم هجمات خارجية على إسرائيل في كانون الثاني 1965، وكان ذلك في كثير من الأحيان برد إسرائيلي على الأردن، تحولت إحدى تلك العمليات الانتقامية إلى حرب السموع، حيث بدأ هجوم إسرائيلي على مدينة السموع الأردنية في 13 نوفمبر 1966، وبعد مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين في انفجار لغم أرضي من حركة فتح، وأوقع الهجوم خسائر فادحة في صفوف المدنيين العرب، يجادل الكاتب الإسرائيلي آفي شاليم بأن الانتقام الإسرائيلي غير المتناسب تم انتقامه عن طريق الخطأ؛ لأن القادة الإسرائيليين كانوا يعلمون بالتنسيق مع الحسين أنه كان يبذل قصارى جهده لمنع مثل هذه الهجمات لحماية المدنيين العزل، وأثار الحادث غضب الحسين، وذلك بسبب خيانة إسرائيل له، وأدرك الحسين أن إسرائيل غيرت موقفها تجاه الأردن وتعتزم تصعيد الموقف من أجل احتلال الضفة الغربية، وفي وقت لاحق اعترف اسحق رابين، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك، بأن الرد الإسرائيلي كان غير متناسب وأنه كان ينبغي تنفيذ العملية ضد سوريا، التي تدعم مثل هذه الهجمات: لم يكن لدينا أي سبب سياسي أو عسكري لمواجهة الأردن.

أثارت الأحداث في السموع احتجاجات واسعة النطاق مناهضة للهاشميين في الضفة الغربية؛ وذلك بسبب ما اعتبروه عدم كفاءة الحسين في الدفاع عنهم ضد إسرائيل، حيث هاجم المتظاهرون مكاتب حكومية ورددوا شعارات مؤيدة لناصر وطالبوا بأن يكون مصير الحسين مشابهًا لمصير نوري السعید، وهو رئيس وزراء العراق الذي اغتيل عام 1958 مع العائلة المالكة العراقية، واعتقد الأردنيون أنه بعد هذا الحادث ستنتقل إسرائيل إلى الضفة الغربية سواء انضم الأردن للحرب أم لم يشارك، وأثار وعي الحسين بما كان يدور حوله وجهوده للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل غضب بعض القادة العرب، وندد الرئيس المصري عبد الناصر بالحسين ووصفه بأنه “خطيب إمبريالي”، وقال الحسين للمسؤولين الأمريكيين والدموع في عينيه في بعض الأحيان: “الانقسامات المتزايدة بين الضفة الشرقية والضفة الغربية حطمت أحلامي، وبدأت أشعر باليأس يتسلل إلى الجيش وبعض أفراد الجيش لا يثقوا بي بعد الآن”، ولكنه ارتكب خطأين: الأول وضع الجيش الأردني تحت القيادة المصرية، والثاني السماح للقوات العراقية بدخول الأردن؛ الأمر الذي أثار شكوك إسرائيل ضد الأردن.

حرب 67

في 5 يونيو 1967 بدأت حرب 1967 بعد تدمير سلاح الجو المصري بالكامل بعد الغزو الإسرائيلي، حيث قال قائد الجيش المصري في القاهرة على اللواء الرياض قائلاً إن الهجوم الإسرائيلي قد فشل وإن القوات المصرية دمرت سلاح الجو الإسرائيلي بشكل شبه كامل، وبحسب المعلومات الواردة من القاهرة أمر رياض الجيش الأردني باتخاذ مواقع هجومية ومهاجمة أهداف إسرائيلية حول القدس، ولكن إسرائيل استهدفتهم لحظة التزود بالوقود ودمرت الأسطول الأردني، كما حذت القوات الجوية السورية والعراقية حذوها، وكان التفوق الجوي الإسرائيلي حاسمًا في اليوم الأول من الحرب، وحاولت طائرتان إسرائيليتان اغتيال الحسين، حيث أسقط الجيش الأردني إحداها بمدافع مضادة للطائرات، بينما أطلقت الأخرى النار مباشرة على مكتب الحسين في القصر الملكي، ولم يكن الحسين هناك، عمل وجاك أوكونيل مدير المخابرات الأمريكية في عمان، وأرسل رسالة تهديد قوية للإسرائيليين، وتوقفت الجهود الإسرائيلية.

ابتكر الأردنيون استراتيجية للحرب كانت ستكون فعالة ان لم تكن ناجحة، ولكن قائد الجيش المصري تجاهلها وأصر على أن يبني استراتيجيته على المعلومات الخاطئة التي تلقاها من مصر، وفي 7 حزيران أدت المعركة إلى انسحاب القوات الأردنية من الضفة الغربية، واضطر الأردن إلى مغادرة البلدة القديمة في القدس وقبة الصخرة بعد قتال عنيف، حيث نسفت إسرائيل جسوراً بين الضفتين لتعزيز السيطرة، وتعرض الأردن لهزيمة قاسية بفقدان الضفة الغربية التي شكلت 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي الأردني في قطاعات السياحة والصناعة والزراعة، وفر حوالي 200 ألف لاجئ فلسطيني إلى الأردن، مما أدى إلى زعزعة استقرار السكان الأردنيين، وكانت خسارة القدس حاسمة بالنسبة للأردن، 

وخاصة بالنسبة للحسين الهاشمي الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والمسجد الأقصى هو ثالث مكان مقدس في الإسلام حيث يؤمن المسلمون أن النبي محمد صعد إلى السماء، وفي 11 يونيو انتصرت إسرائيل في الحرب باحتلالها للضفة الغربية من الأردن وغزة وسيناء من مصر ومرتفعات الجولان من سوريا، وبعد إدراك ناصر حقيقة هزيمته وصحة موقف الحسين، حاول ناصر العمل معه في موقف أكثر اعتدالاً، وفي 22 تشرين الثاني 1967، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 242، الذي أصبح أحد الركائز الأساسية لسياسة الأردن الخارجية، وأدان القرار بشدة احتلال الأراضي العربية ودعا إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967، ورفضت إسرائيل القرار معترفة بتفوقها، واستأنف الحسين المحادثات مع ممثلين إسرائيليين في عاميّ 1968 و 1969، لكن تلك المحادثات لم تؤد إلى شيء، حيث يزعم محللون إسرائيليون أن الإسرائيليين تأخروا في المفاوضات من أجل الحصول على مزيد من التنازلات، ولكن الحسين رفض التنازل عن أي شبر من الضفة الغربية.

أحداث سبتمبر

بعد أن فقد الأردن سيطرته على الضفة الغربية عام 1967، انتقل المسلحون الفلسطينيون إلى الأردن وكثّفوا هجماتهم على إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحولت إحدى الإجراءات الانتقامية الإسرائيلية ضد معسكر منظمة التحرير الفلسطينية في الكرامة، وهي مدينة أردنية على طول الحدود مع الضفة الغربية، أدت إلى معركة واسعة النطاق، ويعتقد أن إسرائيل أرادت معاقبة الأردن لدعمه منظمة التحرير الفلسطينية، وبعد فشل ذريع في تحقيق أهدافها، قررت القوات الإسرائيلية التراجع بعد تعرضها لأضرار جسيمة في البشر والآلات، دعت إلى وقف إطلاق النار وتم انسحاب آخر جندي إسرائيلي الساعة 8:30 مساءً، وقتلت القوات الإسرائيلية 70 شخصاً وجرحت أكثر من 100، ودمرت 45 دبابة و 25 آلية تعقب و27 آلية مختلفة و 5 طائرات.

انتصار الأردن في معركة الكرامة عام 1968 زاد من دعم العالم العربي للمقاتلين الفلسطينيين في الأردن، اكتسبت منظمة التحرير الفلسطينية المزيد من السلطة في الأردن، وفي عام 1970 بدأت مجموعات حرب العصابات في الدعوة علنًا للإطاحة بالنظام الملكي الهاشمي، وتصرف الفدائيين كحكومة داخل الحكومة متجاهلة القوانين والأنظمة المحلية، وحاولوا اغتيال الملك حسين مرتين، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة بينها وبين الجيش الأردني، والحسين أراد طرد الفدائيين خارج البلاد لكنه كان متردداً في ضربهم؛ لأنه لم يرد أن يعطي الفدائيين ذريعة لقتل المدنيين العزل رداً على ما قد يصيبهم، توجت تصرفات منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن بحادثة اختطاف داوسون في 10 سبتمبر 1970، حيث خطف الفدائييون ثلاث طائرات مدنية وأجبروها على الهبوط، واحتجزوا رعايا أجانب كرهائن، ثم قاموا بتفجيرها في وقت لاحق في المدينة أمام عدسة الصحافة العلمية.

في 17 سبتمبر / أيلول، حاصر الجيش الأردني بلدات مع وجود منظمة التحرير الفلسطينية، بما في ذلك العاصمة عمان ومدينة اربد، وبدأ في قصف مواقع حرب العصابات التي وفرت على الفور الحماية للمدنيين في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وفي اليوم التالي تقدمت قوات سورية مكونة من 300 دبابة تحمل شعارات منظمة التحرير الفلسطينية باتجاه مدينة إربد وحاصرت المدينة، وبعد أن شن الجيش الأردني غارة جوية أوقعت خسائر فادحة في صفوف القوات السورية في 22 أيلول / سبتمبر تراجع السوريون، وحلقت طائرات إسرائيلية فوق الوحدات السورية في عرض رمزي لدعم الحسين، ولكنها لم تشارك، أنهى اتفاق الرئيس المصري عبد الناصر بين عرفات وحسين النزاع في 27 سبتمبر، وتوفي ناصر في اليوم التالي بنوبة قلبية، وفي 13 أكتوبر وقع الحسين اتفاقًا مع عرفات لتنظيم وجود الفدائيين، لكن الجيش واصل مهاجمتهم في يناير 1971 لوضع حد لفكرة التسلل والسيطرة على الجيش تم طرد الفدائيين واحداً تلو الآخر من المدن الأردنية حتى استسلم آخر ألفي عنصر من الفدائيين بعد محاصرتهم في غابة قرب عجلون في 17 تموز / يوليو، مما مثل نهاية الصراع.

حرب أكتوبر

بعد حرب 1967، عينت الأمم المتحدة غونار قرنق مبعوثًا خاصًا لعملية السلام في الشرق الأوسط، وهو المستقبل المعروف باسم مهمة قرنق، أدت المفاوضات بين الدول العربية وإسرائيل إلى طريق مسدود، وأدى هذا الجمود إلى مخاوف من حرب أخرى بين الدول العربية وإسرائيل، وبسبب قلقه من دخول الأردن حربًا أخرى لم يكن مستعدًا لها، أرسل الحسين زيد الرفاعي إلى الرئيس المصري أنور السادات في ديسمبر 1972 للاستفسار عن نواياه، وأبلغ السادات الرفاعي أنه يخطط لهجوم محدود على سيناء يسمح ببعض المناورات السياسية، ثم دعا السادات الرفاعي والحسين في 10 سبتمبر 1973 ومعهم حافظ الأسد الذي أصبح رئيسًا لسوريا وانتهى الاجتماع باستئناف العلاقات بين الأردن ومصر وسوريا.

أعلن السادات للأسد والحسين أنه ينوي شن عملية عسكرية، رفض الحسين طلب السادات عودة الفدائيين إلى الأردن، لكنه وافق على أنه في حالة وقوع عملية عسكرية فإن القوات الأردنية ستلعب دورًا دفاعيًا محدودًا في مساعدة السوريين في مرتفعات الجولان، وفي 6 أكتوبر 1973 شنت مصر وسوريا دون علم الحسين، حرب أكتوبر ضد إسرائيل في صحراء سيناء ومرتفعات الجولان، وبين 10 سبتمبر و 6 أكتوبر، التقى الحسين سراً برئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مئير في تل أبيب في 25 سبتمبر، وأثار إفشاء معلومات إسرائيلية عن الاجتماع شائعات في العالم العربي مفادها أن الحسين أبلغ مائير بالنوايا العربية، وفي الواقع ناقش حسين ومائير فقط ما كان معروفاً للطرفين، وكان الجيش السوري على أهبة الاستعداد، وفي 13 أكتوبر انضم الأردن إلى الحرب وأرسل اللواء الاربعين لمساعدة السوريين في مرتفعات الجولان.

يرى البعض أنه من المفارقات أن يتم إرسال نفس اللواء لمنع الغزو السوري، وفي سبتمبر الأسود عام 1970 محادثات السلام مع اسرائيل فشلت، بينما دعا الأردن إلى انسحاب إسرائيلي كامل من الضفة الغربية، اختارت إسرائيل الحفاظ على سيطرتها لكن مع الحكومة الأردنية، وفي قمة جامعة الدول العربية في المغرب في 26 أكتوبر 1974، كشف مسؤولون مغاربة عن خطة فتح لاغتيال الحسين فور وصوله، ولكن لم تمنع المؤامرة الملك من الانضمام إلى القمة، ولكن الأردن اضطر في النهاية للانضمام إلى جميع الدول العربية في الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها “الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني”، وهو ما يمثل هزيمة دبلوماسية للحسين، وتدهورت العلاقات بين الأردن والولايات المتحدة عندما رفض الأردن الانضمام إلى اتفاقية كامب ديفيد، وشكلت هذه الاتفاقيات أساس معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ومكنت إسرائيل من الانسحاب من سيناء، وفي عام 1978 ذهب الحسين إلى بغداد لأول مرة منذ عام 1958، وهناك التقى بالسياسي العراقي صدام حسين، وعندما أصبح صدام رئيسًا للعراق عام 1979، أيد الحسين صدام في الحرب العراقية الإيرانية من 1980 إلى 1988 ونمت العلاقات بشكل مثالي، وزود صدام الأردن بالنفط المدعوم، وسمح الأردن للعراق باستخدام ميناء العقبة للتصدير.

اقرأ أيضاً:  سيرة نجيب محفوظ الكاملة

المشاركة في مبادرات السلام

بعد دخول منظمة التحرير الفلسطينية لبنان ومغادرة الأردن، كانت هناك هجمات مضادة متكررة في جنوب لبنان بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، حيث وقع اجتياحان إسرائيليان كبيران للبنان واحد في عام 1978 والآخر في عام 1982، أزعج الصراع الحسين وفرض الجيش الإسرائيلي الحصار على بيروت، كان من المقرر طرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، واقترح وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون نقلهم إلى الأردن، حيث تتم الإطاحة بالنظام الملكي ويكون الأردن “وطنًا فلسطينيًا بديلًا”، قال شارون بغطرسة: رسالة مني تجعل الملك حسين يدرك أن الوقت قد حان لحزم حقائبه. 

رفض عرفات عرض شارون، وتم نقل الفدائيين إلى تونس برعاية أمريكية، وفي عام 1983، اقترح الرئيس الأمريكي رونالد ريغان خطة سلام عُرفت باسم خطة ريغان، بما يتماشى مع خطة تحالف حسين عام 1972، وافق كل من حسين وعرفات على الخطة في 1 أبريل، ولكن المكتب التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية رفضها، وبعد عام ونصف توجت جهود الحسين المتجددة لدفع عملية السلام بتوقيع اتفاق الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية بهدف إيجاد حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي نقطة غير مسبوقة لمنظمة التحرير الفلسطينية والنصر الدبلوماسي الأردني، حيث عارضت إسرائيل الاتفاقية لكنها لم تتلق دعمًا دوليًا من الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي، وفي نفس الوقت تقريبًا التقى الحسين برئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز في بريطانيا في 19 يوليو / تموز 1985، حيث وافق بيريز على الاتفاق، ولكن عارضت إدارته الاتفاق بسبب وجود منظمة التحرير الفلسطينية في داخل الاتفاق، وفشلت المفاوضات اللاحقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والأردن بعد أن رفضت منظمة التحرير الفلسطينية تقديم تنازلات، وقال الحسين في بيان أنا والحكومة الأردنية هنا أنه لا يمكننا مواصلة التنسيق السياسي مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية حتى تصبح كلماتهم رباط كافٍ يتسم بالالتزام والمصداقية والاستقرار”.

فك الارتباط عن الضفة الغربية

في 9 كانون الأول ديسمبر 1987 دهس سائق شاحنة إسرائيلي أربعة فلسطينيين في مخيم للاجئين في غزة، مما أثار أعمال شغب وسرعان ما تصاعدت إلى أعمال عنف في الضفة الغربية، وما بدأ على شكل انتفاضة لنيل الاستقلال الفلسطيني عن الاحتلال الإسرائيلي، تحول نوعاً ما الى مظاهر تستهدف دعم منظمة التحرير الفلسطينية، والتي ساعدت على إطلاق الانتفاضة، وبالتالي تقلص نفوذ الأردن في الضفة الغربية، وتحتاج سياسة الأردن في الضفة الغربية إلى إعادة النظر بعد تجدد المخاوف من أن تجدد إسرائيل عرضها بـ وطن فلسطيني بديل، وقد أطلق وزير الخارجية الأمريكي جورج دبليو بوش شولتز عملية سلام تعرف باسم مبادرة شولتز، وطالب الأردن بدلاً من منظمة التحرير الفلسطينية لتمثيل الفلسطينيين، ومع ذلك عندما اتصل شولتز بالحسين بشأن الخطة، رد حسين أن الأمر متروك لمنظمة التحرير الفلسطينية لاتخاذ القرار الصحيح، وأصدر زعيم أوركسترا بيانه العاشر في 11 آذار مارس 1988، داعيًا أتباعه إلى تكثيف الضغط العام ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين والمتعاونين والعاملين في النظام الأردني، وأدى انحراف البوصلة المدنية الفلسطينية في الضفة الغربية عن الحكومة الأردنية إلى إعادة النظر في السياسة الأردنية، وبدأ القوميون الأردنيون في الادعاء بأن الأردن سيكون أفضل بدون الفلسطينيين وبدون الضفة الغربية، وكان المستشار السياسي لحسين عدنان أبو عودة وهو فلسطيني الأصل، ورئيس الوزراء زيد الرفاعي، رئيس الأركان زيد بن شاكر، ورئيس الديوان الملكي مروان قاسم، ومدير المخابرات طارق الدين ساعدوا الملك في إعداد الخطط لفك الارتباط مع الضفة الغربية،. تم إلغاء الأراضي المحتلة في الأول من تموز 1988، وتولت السلطة الفلسطينية السلطة، وفي 28 تموز (يوليو) أنهى الأردن خطة تطوير الضفة الغربية.

بعد يومين صدر مرسوم ملكي بحل مجلس النواب، وإلغاء تمثيل الضفة الغربية في البرلمان، وأعلن الحسين في خطاب متلفز في الأول من آب (أغسطس) عن “قطع العلاقات القانونية والإدارية بين الأردن والضفة الغربية”، وهو ما يعني التخلي عن المطالبة بالسيادة على الضفة الغربية، وألغيت الجنسية الأردنية للفلسطينيين في الضفة الغربية، وبقيت الجنسية للفلسطينيين الذين يعيشون في الأردن، وعلى الرغم من الفصل احتفظ الحسين بالسيطرة الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، وارتبك السياسيون الإسرائيليون وظنوا أن هذه مناورة سياسية حتى يتمكن الفلسطينيون من إظهار دعمهم للحسين، ولكنهم أدركوا لاحقًا أن هذا يشير إلى تغيير في السياسة الأردنية بسبب عدم توافق إسرائيل وفلسطين، وعقد اجتماع في تشرين الثاني 1988، قبلت منظمة التحرير الفلسطينية جميع قرارات الأمم المتحدة ووافقت على الاعتراف بإسرائيل، وكان إصلاح حكومة زيد الرفاعي في 6 آب 1988 جزءًا من سلسلة من القرارات السياسية الأردنية التي يمكن وصفها بأنها تغيير في بعض الظروف القانونية والإدارية في المملكة، فضلاً عن انعكاس وتأثير على الوضع بشكل عام في المنطقة.

هبة نيسان 1989

أدى انفصال الأردن عن الضفة الغربية إلى تباطؤ الاقتصاد الأردني، حيث فقد الدينار الأردني ثلث قيمته عام 1988، وضعف الناتج المحلي الإجمالي وازداد الدين الخارجي، اتخذ الأردن إجراءات صارمة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وفي 16 أبريل 1989، رفعت الحكومة سعر البنزين ورسوم الترخيص والكحول والسجائر بنسبة 15٪ إلى 50٪ من أجل زيادة الإيرادات، كما هو متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، كان الهدف من توقيع اتفاقية صندوق النقد الدولي هو تمكين الأردن من تخطي ديونه البالغة 6 مليارات دولار والحصول على إجمالي 275 مليون دولار على شكل قروض على مدى 18 شهرًا، وانتشرت أعمال الشغب في 18 نيسان / أبريل من معان إلى مدن جنوبية أخرى، مثل الكرك والطفيلة، حيث اشتبك قرابة 4000 شخص مع الشرطة، مما أسفر عن مقتل ستة متظاهرين وإصابة 42 متظاهراً، فضلاً عن مقتل عنصرين من قوات الأمن وإصابة 47 آخرين، وعلى الرغم من أن الاحتجاجات بدأت بسبب الوضع الاقتصادي المقلق، إلا أن مطالب الجماهير أصبحت سياسية، واتهم المتظاهرون حكومة زيد الرفاعي بالفساد وطالبوا بإلغاء الأحكام العرفية المعمول بها منذ عام 1957، واستئناف الانتخابات النيابية، حيث جرت الانتخابات النيابية الأخيرة في عام 1967، وعندما انتهت الدورة البرلمانية عام 1971، لم تكن هناك انتخابات ممكنة بسبب وجود الضفة الغربية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتعهد الملك حسين بإطاحة الرفاعي ودعا زيد بن شاكر لتشكيل حكومة جديدة، وفي عام 1986 صدر قانون انتخابي جديد سمح بإعادة الانتخابات البرلمانية.

كما أقرّ مجلس الوزراء تعديلات على قانون الانتخابات ألغت المواد المتعلقة بالتمثيل في الضفة الغربية، وفي مايو 1989، قبل الانتخابات مباشرة، أعلن الحسين عن نيته بتشكيل لجنة ملكية مكونة من 60 عضوًا لصياغة وثيقة إصلاحية تسمى الميثاق الوطني، حيث سعى الميثاق الوطني إلى تحديد جدول زمني لإرساء الديمقراطية، وعلى الرغم من أن معظم أعضاء اللجنة كانوا موالين للنظام، إلا أن عددًا من المعارضين كانوا حاضرين، أجريت الإنتخابات النيابية في 8 تشرين الثاني عام 1989، وكانت أول انتخابات أجريت منذ 22 سنة، كما تمت الموافقة على الميثاق الوطني من قبل البرلمان في عام 1991.

حرب الخليج

تم تنفيذ وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في يوليو 1988، منهية الحرب العراقية الإيرانية، وبعد عام 1988 نصح الملك حسين صدام بالسفر إلى دول أخرى والظهور في الأمم المتحدة لإلقاء خطاب وتحسن العلاقات، ولكن دون جدوى، وفي 16 فبراير 1989 توسعت العلاقات العراقية الأردنية إلى مجلس التعاون العربي؛ الذي شمل مصر واليمن.

أدى غزو صدام للكويت في 2 أغسطس 1990 وبعد ستة أشهر، إلى تدخل دولي لطرد القوات العراقية من الكويت، فيما عُرف بحرب الخليج، فاجأ الغزو العراقي للكويت الحسين، وفي ذلك الوقت كان رئيس لجنة التنسيق الإدارية وصديق شخصي لصدام، وكان الحسين قد ذهب إلى بغداد في 3 أغسطس / آب للقاء صدام، وأعلن صدام في الاجتماع أنه ينوي سحب القوات العراقية من الكويت فقط في حالة رفض الحكومات العربية إصدار بيان إدانة، وبعد عودة الحسين من بغداد، أدانت مصر على الفور غزو العراق، وفي 6 أغسطس / آب، وصلت القوات الأمريكية إلى الحدود الكويتية السعودية متجاهلة اتفاقها مع صدام لمغادرة الكويت، وأضعفت دور حسين كوسيط، وأعلن صدام دخوله الكويت لا رجوع فيه، وقد ضمّ الكويت في 8 أغسطس، وعلقت الولايات المتحدة التي ترى الأردن بجانب صدام، الى وقف مساعداتها للأردن، تأثر موقف صدام في المجتمع الدولي لدرجة أنه تحدث سراً عن نيته التنحي من أجل حماية مصالح الأردن، وكان الرأي العام الأردني ضد الغالبية العربية، وضد التدخل الدولي، وضد حكام الخليج الذين اعتبروهم جشعين وفاسدين، كما بلغت شعبية صدام بين الأردنيين ذروتها، وخرجت المظاهرات المعادية للغرب إلى الشوارع، ولكن منتقدين غربيين وصفوا تصرفات صدام بأنها متهورة وعاطفية، زاعمين أن الحسين يمكن أن يضعف دعم الشعبي الأردني للعراق، ولم يؤكد ولي العهد الأمير الحسن، شقيق الحسين موقف صدام، لكن الملك رفض الاعتراف بخطأ صدام.

في أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر، زار الحسين العواصم الغربية والعربية الاثنتي عشر في محاولة لتشجيع الحل السلمي، وأنهى رحلته برحلة مباشرة إلى بغداد للقاء صدام محذراً: “اتخذوا قراراً شجاعاً واسحبوا قواتكم، وإذا لم تفعلوا، فعليكم المغادرة”. كان صدام مصراً لكنه وافق على طلب الحسين بالإفراج عن الرهائن، وكان التهديد بحرب متبادلة بين إسرائيل والعراق يتزايد، وفي ديسمبر 1990، أرسل الحسين رسالة إلى صدام يقول فيها أن الأردن لن يتسامح مع أي تعد على أراضيه، أرسل الأردن فرقة مدرعة إلى حدوده مع العراق، وكان الابن الأكبر للحسين عبد الله مسؤولاً عن سرب كوبرا، كما ركزت الأردن قواتها بالقرب من حدودها مع إسرائيل، وكان من تفاقم الأوضاع في الأردن وصول 400 ألف لاجئ فلسطيني من الكويت، عملوا جميعاً هناك، وبحلول 28 فبراير 1991، نجح التحالف الدولي في سحب القوات العراقية من الكويت.

عملية السلام مع إسرائيل

شارك الأردن في فرض عقوبات اقتصادية على العراق، مع أنها أثرت بشكل كبير على اقتصاد البلاد، تزامنت نهاية حرب الخليج مع نهاية الحرب الباردة، وسمح ذلك للولايات المتحدة بلعب دور أكثر نشاطًا في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، كانت إدارة بوش غاضبة من صدام بسبب أحداث حرب الخليج، لكنها أدركت أنها بحاجة إلى مشاركة الأردن في أي عملية سلام، وقبل صدام طلباً أمريكياً بالانضمام إلى مؤتمر دولي للسلام حتى يتمكن الأردن البدء في العمل على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وإنهاء عزلتها السياسية، حيث كلف الحسين من قبل الولايات المتحدة بتشكيل وفد فلسطيني أردني مشترك لحضور مؤتمر مدريد للسلام، وتألف الوفد من 28 عضواً، و 14 أردنياً و 14 فلسطينياً، وإلى جانب حل القضية الفلسطينية سعى الأردن إلى الحفاظ على مصالحه في الأمن والاقتصاد والمياه والبيئة، وعقد مؤتمر السلام في 30 أكتوبر 1991 بحضور ممثلين من جميع الأطراف المعنية والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي كمؤيدين مشتركين والأمم المتحدة كمراقبين، ووضع المؤتمر إطاراً للمفاوضات، واقترح ممثلو منظمة التحرير الفلسطينية قبول دولة فلسطينية في ظل كونفدرالية مع الأردن، واستمرت محادثات السلام في واشنطن العاصمة من ديسمبر 1991 إلى سبتمبر 1993.

بعد عام 1995 انتقد الحسين حكم صدام في العراق، وفي 4 نوفمبر 1995 اغتيل إسحاق روبن على يد يهودي متطرف، بهدف تقويض جهود السلام بين روبن والفلسطينيين، كما تمت دعوة الحسين للتحدث في جنازة روبن؛ بسبب علاقاته الوثيقة برئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين خلال المفاوضات، وقد أقيمت الجنازة في القدس وهي المرة الأولى التي يزور فيها الحسين القدس منذ عام 1967، ورحّب الرئيس السوري حافظ الأسد بتوقيع معاهدة السلام الأردنية مع إسرائيل، وكانت وكالة المخابرات المركزية قد قدمت تقريراً مفصلاً للملك في كانون الأول عام 1995 حذرته فيه من مؤامرة سورية لاغتياله هو وأخيه حسن، وبعد شهر أرسلت وكالة المخابرات المركزية تقريراً آخر إلى الحسين يحذر العراق من مؤامرات لمهاجمة أهداف غربية في الأردن لتقويض الأمن الأردني من خلال دعم المعارضة العراقية في إسرائيل.

تم ترشح شيمون بيريز من حزب العمل اليساري وبنيامين نتنياهو من حزب الليكود اليميني؛ ليتنافسون على منصب رئيس الوزراء، وبلغت شعبية الحسين في إسرائيل ذروتها بعد توقيع اتفاق السلام، وشهدت الانتخابات العامة الإسرائيلية في 29 مايو 1996 صعود نتنياهو رئيساً للوزراء.

فيديو عن سيرة الملك حسين

مقالات مشابهة

قصة الزير سالم

قصة الزير سالم

العالم فونت

العالم فونت

معلومات عن سيد قطب

معلومات عن سيد قطب

عاصمة الدولة العباسية

عاصمة الدولة العباسية

من هو مؤسس علم الجبر؟

من هو مؤسس علم الجبر؟

معلومات عن أمل دنقل

معلومات عن أمل دنقل

سيرة هولاكو خان الكاملة

سيرة هولاكو خان الكاملة