جدول المحتويات
الخليفة عثمان بن عفان
هو الخليفة الراشد الثالث بعد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب –رضي الله عنهم جميعًا- وأحد العشرة المبشرين بالجنة، يُعرف عثمان بن عفان –رضي الله عنه- بلقبِ ذي النورين؛ وجاء ذلك لنسبه مع الرسول –صلّ الله عليه وسلم- بابنتيه رقية وأم كلثوم –رضي الله عنهما- إذ تزوج بأم كلثوم بعد وفاة رقية.
أما نسبه فهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي، وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، ويُذكر بأنه كان يُعرف بكنيةِ أبا عمر في أيام الجاهلية، إلا أنه بعد زواجه من رقية بنت الرسول وإنجابه لنجله الأول جعل منه أبي عبدالله، وتكشف سطور السير الذاتية بأنه قد تزوج ثماني مرات في ظلِ الإسلام.
وفاة عثمان بن عفان
مات عثمان بن عفان –رضي الله عنه- في اليوم السابع عشر من شهر ذي الحجة عام 35 هــ، كان الخليفة ابن عفان صائمًا بالرغم من الحصار الذي ألم به هو وعائلته، وبقي صائمًا إلى اليوم التالي؛ نظرًا لعدم تمكنه من الحصول على شربة ماء على الأقل، وفي اليوم التالي المصادف يوم الجمعة 18 ذي الحجة عام 35 هجرية جاء الصحابي كثير بن الصلت إليه يقنعه بالخروج إلى الفناء ليرتدع من يحاصره عن ذلك من هيبته ووقاره، وكان حينها بلغ من العمر 82 عامًا، وفي ذلك الوقت كان قد رأى نفسه مرافقًا للرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وبُشِرَ بأنه مفطرًا عند الرسول في ذلك اليوم، وأعتق غلمانه، ووقف ليصلي صلاة نافلة قرأ فيها سورة طه، وانتهى منها فجلس يرتل القرآن الكريم بالتزامنِ مع قدوم أهل الفتنة إلى موقعه متربصين له بكل خبث، وجاء كنانة بن بشر التجيبي أشرس من أشعل الفتن وأوقدها؛ فحرق باب بيت ابن عفان ودخلوا عليه فخنقوه حتى الموت.
السيارة الذاتية للخليفة عثمان بن عفان
حياته
وُلِد عثمان بن عفان بعد عام الفيل بستِ سنوات في شعاب مكة، وعُرِف بأنه قويًا راضيًا هادئًا كريمًا مقدامًا عظيمًا، يُسرع للوقوف إلى جانب المستضعفين ومواساتهم، وأسلم ابن عفان على يد الخليفة أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- وكان حينها قد بلغ من العمر أربعٍ وثلاثين عامًا، ولم يتردد في اعتناق الإسلام إطلاقًا؛ بل أنه لبّى دعوة الصديّق على الفور؛ ليكون بذلك رابع من أسلموا من الرجال، وحرص على عتق الرقابِ لوجه الله تعالى في كل جمعة؛ حتى بلغ عدد الرقاب التي أعتقها 2400 رقبة.
عُرِف عثمان بن عفان في عصره بأنه ثرَي جدًا، إلا أنه لم يطغى إطلاقًا؛ بل كان زاهدًا ورعًا بما آتاه الله –عز وجل- فكان حريصًا على تقديم ما لذ وطاب من الطعام للمارة، بينما كان يأكل الزيت والخل في منزله.
مكانته
للصحابي الجليل عثمان بن عفان مكانة مرموقة في العصر الإسلامي منذ لحظة اعتناقه الإسلام، ومن أهم ما جاء في ذلك:
- ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم به عندما أرسله إلى أهل مكة في يومِ الحديبية.
- دوره العظيم في تسيير الجيوش؛ ففي غزوة تبوك أعد جيشًا مؤلفًا من 950 بعير، وزاد 50 فرسًا لها، وقدم للرسول صلى الله عليه وسلم 1000 دينار، أما من الذهب فقد قدم 700 أوقية منها وضعها بيد الرسول؛ فدعا له قائلًا : “غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت، وما أخفيت وما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، ما يبالي عثمان ما عمل بعد هذا”.
- اختصاصه بكتابة الوحي بأمرٍ من الرسول صلى الله عليه وسلم، وحظي بثناء جميع الصحابة رضوان الله عليهم، فقد عُرِف بأنه شديد الشغف بالسنة ومتابعٌ لها، كما أنه قوّامٌ لليل.
- المشاركة في جميع الغزوات ما عدا غزوة بدر، وذلك لما ألم بزوجته من مرضٍ شديد ووفاتها يوم نصرة المسلمين.
- الصحابي عثمان بن عفان هو سفير الرسول صلّ الله عليه وسلم لدى قريش، فقد ابتعثه إليهم في غضون السنة السادسة للهجرة بالتزامنِ مع منعهم للمسلمين والتصدي لهم عند توجههم إلى مكة لأداء مناسك العمرة.
خلافته
تولى عثمان بن عفان الخلافة بعد أن بايعه المسلمين على ذلك في أعقابِ مقتل الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- في سنة 23 هجرية، ويذكر بأن ابن الخطاب كان قد رشح ستة أشخاص للخلافة من بعده؛ إلا أن المسلمين قد أولوا زمام الأمور لثلاثة اشخاص لاختيار الخليفة؛ وأوكلت المهمة في نهاية المطاف إلى الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، وقد جاء بالناس جميعًا ووجههم لمبايعة ابن عفان، وقد تمكن رضي الله عنه خلال خلافته من توحيد صفوف المسلمين وجمعهم تحت راية المصحف الواحد وقايةً لهم من وقوع الفتن والخلافات، وقد حظي ذلك بتثمين وتكريم وتعظيم من قبل الصحابة رضوان الله عليهم.
خطب عثمان بن عفان بجموع المسلمين معلنًا عما سيتبعه من منهج؛ فقد أوضح سياسته المتمثلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة الشيخين، وقد وجه إليهم المواعظ والنصائح التي تفيدهم لآخرتهم.