جدول المحتويات
ولادة الرسول ﷺ
ولد الرسول ﷺ في ربيع الأول من عام الفيل، وتحديداً في اليوم الثاني عشر من الشهر، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، واتفق المؤرخون أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام.
محطات في حياة الرسول ﷺ قبل النبوة
عمل الرسول ﷺ في أكثر من مهنة قبل النبوة، ونزول الوحي عليه، وهي:
رعي الأغنام
عمل الرسول ﷺ كمن قبله من الأنبياء المرسلين في رعي الأغنام، وذلك في عمر مبكر، في الفترة التي تتراوح ما بين 8-15 عاماً، ويدل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عندما قال النبي لأصحابه “ما بعثَ اللَّهُ نبيًّا إلَّا رعى الغنمَ” قالوا : وأنتَ يا رسولَ اللهِ ؟ قالَ : “نعَم كنتُ أرعاها علَى قراريطَ لأَهْلِ مَكَّةَ” [الألباني |خلاصة حكم المحدث : صحيح]، ويهدف عملهم في ذلك إلى التعود على الرحمة، والعطف، وكسب المال من العمل، والتواضع، والأمانة.
التجارة
كانت أول رحلة يخرج فيها الرسول ﷺ إلى الشام، وعمره تسع سنوات؛ حيث طلب من عمه أبو طالب مرافقته، فأخذه معه، وعندما أصبح شاباً وبلغ عمر العشرين شارك التجارة مع رجل اسمه السائب، وتساعد التجارة بشكل عام في صقل الشخصية، والاختلاط بالتجار، وخاصةً من كبار السن.
نزول الوحي على الرسول ﷺ
كان النبي ﷺ يذهب إلى غار حراء الموجود على أعلى قمة أحد جبال مكة، فيقيم فيه شهراً من كل عام، ويأخذ ما يكفيه من الماء، والزاد لأيام عديدة، ثم يتوجه إلى الغار، ويقيم فيه يتفكر في الكون، والخالق، وحين بلغ أربعين عاماً جاءه الوحي، وهو في الغار؛ حيث ذكرت عائشة أم المؤمنين ذلك فقالت: “… فَجاءَهُ المَلَكُ، فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي، فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: أقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ. خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ. اقْرَأْ ورَبُّكَ الأَكْرَمُ. الذي عَلَّمَ بالقَلَمِ. عَلَّمَ الإنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 – 5] ….”.
هجرة الرسول ﷺ إلى المدينة المنورة
بعد أن اشتد الأذى على المسلمين أمر الله تعالى بالهجرة، ليتمكنوا من عبادته، وإقامة الإسلام في الأرض؛ حيث ذكر الرسول ﷺ ذلك في الحديث: “رَأَيْتُ في المَنامِ أنِّي أُهاجِرُ مِن مَكَّةَ إلى أرْضٍ بها نَخْلٌ، فَذَهَبَ وهْلِي إلى أنَّها اليَمامَةُ، أوْ هَجَرُ، فإذا هي المَدِينَةُ يَثْرِبُ …”[مسلم | خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ورافقه في رحلة الهجرة أبي بكر الصديق.
وفاة الرسول ﷺ
توفي رسول الله ﷺ يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول، وذلك في العام الحادي عشر من الهجرة، وقد بلغ من العمر 63 عاماً، وبدأ احتضاره في ضحى ذلك اليوم، وكان في بيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر وفي حِجرها،، وعند اشتداد سكرات الموت رفع إصبعه ونظره للأعلى، وقال: “اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق” [البخاري | خلاصة حكم المحدث: صحيح].
صفاته ﷺ الخَلقية والخُلقية
نبي الله محمد بن عبدالله بن عبد المطلب، هو خاتم رسل الله إلى الإنس، والجن دعوةً إلى توحيده عز وجل، وعبادته، وهداية خلقه إلى الاستقامة. كان لـ صفات الرسول ﷺ الخُلُقية أثر كبير في هداية الكثير، والتي كانت منعكسة على سلوكه القويم، ومعاملته مع الناس، وما ذكر في القرآن، وعُرف عنه، وتناقله الصحابة من احترام وتعظيم له، كذلك كانت صفاته الخَلقية من مظهر، ملامح، جوارح، وجسد.
صفات الرسول ﷺ الخَلقية
امتاز الرسول ﷺ بحسن خلقته بما لا يحيط بوصفه البيان؛ فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: “كان رسول الله ﷺ مربوعاً، بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه عليه حلة حمراء، ما رأيت أحسن منه” [صحيح مسلم]، كما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم في وصفه ﷺ بأنه كان واسع الفم، كثيف اللحية، ناعم الشعر، وكان متوسط القامة، عريض الكتفين، أكحل العينين، بالإضافة إلى ذلك، خاتم النبوة البارز بين كتفيه الدّال على نبوته، والذي خُلق معه منذ الصغر، فقد رُوي عنه: “…ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة. يشبه جسده” [صحيح مسلم]، والذي وصفه الفقهاء بأن لونه كسائر الجسم.
صفات الرسول ﷺ الخُلقية
قال تعالى: {وإِنّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيم} [سورة القلم: 4] شهادة على أخلاقه الحميدة. كما قال رسول الله ﷺ: “إنّما بُعِثت لأُتمّم مكارم الأخلاق” [صحيح البخاري]؛ حيث إنه تميّز بالعديد من الصفات التي جعلت منه قدوة حسنة للناس؛ كالتواضع، والكرم، والصدق، والأمانة، والتسامح، والرأفة، والشجاعة، والحكمة، والصبر، والإدارة، وحل المشكلات، والكثير من الصفات التي يصعب ذكر جميعها.
التواضع
بالرغم من علو مكانته وشأنه ﷺ؛ إلا أنه كان عظيم التواضع في حياته، حتى في تبليغ رسالة الله عز وجل؛ فما كان يبتغي ملكاً، أو منصب، ولا راحة الدنيا، بل كانت غايته إبلاغ رسالة الإسلام، والهداية للناس، ونهى الرسول ﷺ أصحابه عن تعظيمه، فعن أنس رضي الله عنه، بأن رجلاً قال: “يا محمَّد، أيا سيِّدنا وابن سيِّدنا، وخيرنا وابن خيرنا”، فقال رسول الله ﷺ: “يا أيُّها النَّاس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينَّكم الشَّيطان، أنا محمَّد بن عبد الله، أنا عبد الله ورسوله، ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله” [رواه أحمد والنسائي].
الكرم والإيثار
كان الرسول ﷺ مثالاً على الجود، والعطاء، ينفق المال في سبيله عز وجل؛ حيث قيل عنه في كرمه ﷺ: “كانَ رسول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وَكانَ أَجْوَدَ ما يَكونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ إنَّ جِبْرِيلَ عليه السَّلَامُ كانَ يَلْقَاهُ، في كُلِّ سَنَةٍ” [ صحيح مسلم]. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “ما سُئل النبي ﷺ عن شيءٍ قط فقال: لا” [ صحيح البخاري].
الصدق والأمانة
من أعظم فضائل الرسول ﷺ الصدق، والأمانة حتى قبل بعثته، والتي شهد عليها جميع من عرفوه حتى لُقّب بالصَدق الأمين بين قبيلته. كما شهد على أمانته أعداءه بعد بعثته ﷺ بالرغم من شدة عداوتهم له؛ حيث كانوا يأتمنونه على أموالهم، وحوائجهم بالإضافة إلى إيمانهم التام بصدق حديثه.
السماحة والرأفة
تعددت المواقف التي تدل على سماحته ﷺ. روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن حسن معاملة الرسول ﷺ فقال: “خدمتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا: لم صنعت؟ ولا: ألا صنعت؟” [ صحيح البخاري]، وهذا مثال على رأفته ﷺ، وغيرها الكثير من مواقف التسامح حتى مع من أساء معاملته، وعفوه عمّن أراد قتله، كذلك في قضاء حوائج الناس.
الجرأة والشجاعة
كانت شجاعة الرسول وجرائته لا تحيد عن الحق؛ فكانت دعوته للحق، ونشر الإسلام في ظل هيمنة الجاهلية القوية آنذاك، ووقوفه في وجه المشركين بالرغم من قلة أتباعه، وأكبر مثال على شجاعته أنه رُويَ عن الصحابة رضي الله عنهم وقوف الرسول ﷺ على بغلته والناس يفرون عنه حيث كان يتقدم الجنود، وهو يقول: “…أنا النبي لا كَذِب، أنا ابن عبد المطلب…”. [صحيح البخاري ومسلم].
الحكمة
جعل الله تعالى الحكمة في رسوله ﷺ في شتى مجالات الحياة، فكان خير قدوة لأهله، وأصحابه، وسائر المسلمين في معالجة القضايا الأسرية، والاجتماعية، والسياسية، بالإضافة إلى المالية، ومن أدلة حكمته ﷺ في الدعوة موقفه مع معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ إذ أخذ الرسول ﷺ بيده، وقال: “يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك”، فقال: “أُوصيك يا معاذ، لا تَدَعنَّ في دُبر كل صلاة تقول: اللهمَّ أعني على ذِكرك وشُكرك، وحُسن عبادتك.” [مسند أحمد وأبي داود]؛ إذ اغتنم انفراده بصاحبه لدعوته، وكذلك استأنسه وأظهر محبته له قبل المباشرة في دعوته وفي ذلك ترغيب للمدعو في تلبية الدعوة، ومن أمثلة حكمته ﷺ أيضاً حرصه على زرع الفضائل، والحكمة في أصحابه، ومن حوله؛ فكان إذا بعث داعيًا أمره بأحسن طرقها، فعن أبي موسى قال: “كان رسول الله ﷺ إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض أمره، قال: “بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا” [صحيح البخاري ومسلم].
مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم
أسماء مدينة الرسول
الاسم التاريخي القديم لها هو يثرب، عُرفت فيما بعد بمدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، يُقال أنها سميت على اسم رجل من العملاقة، وأورد ياقوت الحموي إنها سُميت بأول مَن سكنها من ولد سام بن نوح. تعد يثرب من أكثر المدن الإسلامية ذات الأسماء المتعددة، ففي مؤلّفه الموسوم الدرة الثمينة في تاريخ المدينة، أورد ابن النجار في العديد من الأقوال أن للمدينة في التوراة أحد عشر اسماً، ولم يكن بينها اسم ليثرب. أما ياقوت الحموي فقد وجد أن للمدينة تسعة وعشرين اسماً، منها: المدينة
وطيبة، وطابة، ويثرب، والمباركة، والعاصمة.
ويقول ابن الأثير أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي سمى يثرب طيبة وطابة، لأن الثَّرَب هو الفساد، فنهى أن تسمّى به، وقيل أن النبي عليه افضل الصلاة والسلام سماها بذلك؛ لأن من خصائص المدينة أنها تفوح برائحة الطيب والعطر.
سكان مدينة الرسول
تتميز المدينة المنورة بالعديد من الخصائص والمميزات قبل الإسلام، وبعد دخول الإسلام عليها زادت علو ورفعة؛ فهي بلدة طيبة، كثيرة الخيرات، مباركة، وافرة النخيل والثمار، وأهلها يودّون المهاجرين إليها. وحين عزم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “اللهم قد أخرجتني من أحبّ أرضِكَ إليّ، فأنزلني أحبّ أرضِكَ إليك، فأنزله المدينة”.
صفات سكان مدينة الرسول
كما أن للمدينة خصائص تتعلق بسكانها، إذ يتمتعون بالطيبة ويتحلون بالعديد من السجايا والأخلاق الحميدة والتي هي متأصلة ومتجذرة فيهم جيلاً بعد جيل، فإن اكتساب الأخلاق لا يتم بين ليلة وضحاها، وعند دخول الإسلام صقل وثبّت الطيب منها ونهى عن السيء، وقد ورد الثني على سكان المدينة في كثير من المواضع في القرآن الكريم.
عند العودة والاطلاع على تاريخ أهل يثرب، سيتبين بأنهم مدركين لقيمة العقل، ومتبصّرين في الأمور، وأقل تعصباً للتقاليد الموروثة، وأكبر دليل على سعة صدورهم ووعيهم تقبلهم للدعوة الإسلامية على الرغم من أنها قلبت كل موازين حياتهم، وهدمت معتقداتهم وعاداتهم.
فضائل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم
- مدينة محبوبة: إذ دعا الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن تحبّ المدينة من أمته كحبهم لمكة وأكثر، وذلك لشدة حبه لها.
- مدينة مباركة: بفضل دعاء النبي عليه الصلاة والسلام لها بالبركة.
- فضل أهلها: هم الأنصار الذين استقبلوا النبي عليه الصلاة والسلام عندما هاجر مكة، فتقاسموا أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين و نصروهم ونصروا دين الإسلام، فكان لهم شأن عظيم لدرجة أن حبهم صار علامة الإيمان وبغضهم علامة النفاق، ومنع التعرض لهم بأي أذى.
- فضل السكن فيها: فينال ساكنها الخير والبركة، ولذلك حث النبي عليه الصلاة والسلام على سكنها .
- فضل الصبر على شدتها: فينال من يصبر على مشقة العيش فيها بشفاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة.
- فضل تمرها وعجوتها: فمن أصبح بسبع تمرات من تمر المدينة، فإنه بإذن الله يحمي نفسه من السحر والسموم.
- خص بعض الأماكن فيها بالزّيارة: مثل مسجد قباء الذي بُني من قبل النبي عليه الصلاة والسلام لدى وصوله طيبة، مقبرة البقيع التي دُفِن فيها كثير من الصحابة وأمّهات المؤمنين رضي الله عنهنّ أجمعين.
- أسماء المدينة المتعددة: مثل: طيبة، وطابة، دار السنّة، ودار السلامة، دار الإيمان، ودار الهجرة، والكثير من الأسماء الأخرى.
- وجود جبل أُحُد فيها: وهو جبل مُحبب للنبي عليه الصلاة والسلام.
- مدينة الأمن والأمان: كمكّة جعلها الله تعالى حرَماً آمناً.
- رُفع عنها الوباء و الحمى.
- معصومة من المسيح الدجال.
- مدينة جُمع الإيمان فيها والنقاء من الذنوب.
- وجود المسجد النّبوي فيها.
- مدينة تحرسها الملائكة.