جدول المحتويات
لم يثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صيام يوم الخامس عشر من شعبان، ولم يصمه الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- وهم أعلم الناس بالسنة، ولا من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ إذا يمكننا القول بأنه أمر محدث وبدعة، ولو كان خيرًا لفعله من هو خير منّا، وقد قال (صلى الله عليه وسلم): “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”، أي: فأمره مردود عليه، ولن يقبل منه.
شهر شعبان
شهر شَعْبَانُ هو الشهرُ الثامنُ من السَّنَةِ القَمَرِيّةِ أو التقويمِ الهِجْرِيّ، وهو باسمه هذا من قبل الإسلام، ويقال أن هذا الشهرُ سُمِّي بشهر شعبانَ؛ لتشعب القبائل العربية، وافتراقها للحرب بعد امتناعها عنه في شهر رجب، حيث كانوا يعظمونه، ويعدونه من الأشهر الحرم.
فضل شهر شعبان
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم أكثر في شهر شعبان؛ لقول السيدة عائشة -رضي الله عنها- “كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان”.
تخصيص يوم النصف من شعبان بالصيام
لم يثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صيام يوم الخامس عشر من شعبان، ولم يصمه الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- وهم أعلم الناس بالسنة، ولا من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ إذا يمكننا القول بأنه أمر محدث وبدعة، ولو كان خيرًا لفعله من هو خير منّا، وقد قال (صلى الله عليه وسلم): “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” رواه مسلم، أي: فأمره مردود عليه، ولن يقبل منه.
الآثار الواردة في صيام النصف من شعبان
من الآثار الواردة في صيام النصف من شعبان: الحديث الذي رواه ابن ماجه، ولفظه: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان؛ فقوموا ليلها، وصوموا نهارها؛ فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا، حتى يطلع الفجر” أخرجه الألباني في السلسلة الضعيفة، وقال: موضوع السند، روى البيهقي في شعب الإيمان عن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه” ورواه الطبراني، وحسنه الألباني- رحمه الله- في صحيح الجامع برقم 771، وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن” رواه ابن ماجه، وابن حبان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
أقوال بعض العلماء
قال العلامة الشيخ ابن باز -رحمه الله- في شأن هذا الأمر: “الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام هو بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر الحنيف، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة -رضوان الله عليهم-، ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول ربنا عز وجل-: {الْيوْم أكْملْت لكمْ دِينكمْ…}(المائدة: 6)، وما جاء في معناها من الآيات، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ” رواه مسلم، وقال العلامة ابن عثيمين: “صيام يوم النصف من شهر شعبان وردت فيه أحاديث في فضله، وفي فضل قيام الليلة ليلة النصف، وفضل يوم النصف كذلك، ولكنها أحاديث ضعيفة، ضعَّفها أكثر أهل العلم، والأحاديث الضعيفة لا تثبت بها حجة، لا سيما في المسائل العملية.
خلاصة القول
بناءً على ما سبق ذكره؛ فإن تخصيص يوم النصف من شعبان بالصيام، غير مشروع وغير جائز، وذلك لعدم صحة الأحاديث الواردة في ذلك عند أكثر أهل العلم، ولم يثبت شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه في فضلها، أما إذا صام الإنسان الثلاثة الأيام البيض من شهر شعبان، وهي: اليوم الثالث عشر، واليوم الرابع عشر، واليوم الخامس عشر، فإن هذا لا بأس به؛ لأنه يسن للإنسان أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، والأفضل له أن يجعلها في هذه الأيام الثلاثة: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وقد صح عن النبي ما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال: قَالَ لي رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ): “إنَّ بحَسْبِكَ أنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، فإنَّ لكَ بكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، فإنَّ ذلكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ” وكذلك يشرع صومه لمن وافق له عادة كصيام يوم وفطر يوم، أو صيام الإثنين والخميس فوافق ذلك يوم النصف من شعبان.