جدول المحتويات
جاءت حكمة الله عز وجل من تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من إمرأة لتوريث الإسلام والدعوة، وتوثيق العلاقة ما بين الصحابة رضوان الله عليهم، والرحمة بالأرامل، وتعليم المسلمين الرحمة والرفق بالنساء، ولتوثيق الروابط والصلات ما بين القبائل. مع العلم أنّه مسموح للمسلم أن يتزوج فقط أربعة نساء أما النبي صلى الله عليه وسلم استثناه الله تعالى من ذلك وسمح له بالتعدد لأكثر من أربعة لوجود حكمة في كل زيجة.
يتحدث هذا المقال عن زوجات الرسول، ويشمل:
- مكانة زوجات الرسول، وحقوقهنّ.
- عدد زوجات الرسول وأسماؤهنّ، والحكمة من تعددهنّ.
- كيفية تعامل الرسول مع زوجاته.
- آخر من توفي من زوجات الرسول.
- أحب زوجات الرسول إلى قلبه.
- الإجابة عن الأسئلة المتداولة عن زوجات الرسول.
مكانة زوجات الرسول
لزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم مكانة هامّة بين جموع المسلمينP العرب منهم والعجم؛ كونهنّ أمهات المؤمنين، اللذين خصّهم الله تعالى بنزول الوحي في بيوتهُنَّ لقوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}(سورة الأحزاب: 34).
كما رفع الله عز وجل من مكانتهنّ بتحريم الزواج منهنّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}(سورة الأحزاب: 53).
وصف الله عز وجل علاقتهنّ بالرسول عليه الصلاة والسلام بأنها علاقة توافق وانسجام لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ }(سورة الأحزاب: 59)، فهنّ زوجاته في الجنة، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنهنّ.
عدد زوجات الرسول
خصَّ الله عز وجل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالزواج بأكثر من امرأة؛ أي أكثر من أربعة نساء كما هو محدد للرجال في الشريعة الإسلامية، حيث تزوج عليه الصلاة والسلام بإحدى عشرة زوجة وقال فيهم الله عزوجل: {النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ }(سورة الأحزاب: 6).
أسماء زوجات الرسول
- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
- سودة بنت زمعة رضي الله عنها.
- عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها.
- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها.
- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها.
- أم سلمة رضي الله عنها.
- زينب بنت جحش رضي الله عنها.
- جويريّة بنت الحارث رضي الله عنها.
- صفيّة بنت حُيَيّ رضي الله عنها.
- أم حبيبة رضي الله عنها.
- ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها.
أول زوجات الرسول
تعتبر أم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- أولى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أوّل من آمن به من النساء، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بشره بأنه نبي للأمة.
خديجة بنت خويلد
هي خديجة بنت خويلد بن أسْد القرشيَّة، وأمُّها فاطمة بنت زائدة العامرية، وكنّت بأم القاسم في الإسلام وبـ الطاهرة في الجاهلية، حيث كان مولد السيدة خديجة في مكة المكرمة سنة ثمانٍ وستين قبل الهجرة، وكانت أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر عامًا، وكانت ثرية جدًا ثراءً امتدّ من الأجداد إلى الآباء، وكانت تجارتها ممتدّة لبلاد الشام، وائتمنت النبي صلى الله عليه وسلم على تجارتها وأموالها، فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى بلاد الشام؛ فانطلق بتجارتها إلى سوق بصرى وحوران ليتّجر لها، ولأخلاق النبي وأمانته وصدقه رغبت السيدة خديجة بالزواج منه.
قبل أن تتزوج السيدة خديجة من النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت من عُتيق بن عابد بن مخزوم ومن أبو هالة بن زرارة الأسيدي التميمي، ورفضت بعدها أن تتزوج من الذين تقدّموا لخطبتها، فبعد أن سمعت عن أخلاق الرسول وصدق حديثه وأمانته، عرضت عليه أن يذهب بمالها تاجرًا إلى الشام على أن تعطيه ضعف المبلغ الذي تعطيه للتجار، فقبل النبي بذلك وخرج مع غلام خديجة ميسرة إلى الشام إلى أن استظلَا تحت شجرة بالقرب من صومعة الرهبان، وحصل النبي من السلعة التي باعها على ضعف ما كان يربح، وعندما علمت خديجة بالأمر قالت “إني قد رغبت فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك”، ثم عرضت عليه الزواج منها وقبل النبي وأرسل أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وطلبوا يد خديجة من عمها؛ فخطبها النبي وتزوجها.
كانت السيدة خديجة أول من آمن بالله وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ووقفت إلى جانبه وآزرته حين نزل عليه الوحي أول مرة بواسطة جبريل عليه السلام وأخبرها بما رأى في غار حراء، فقد روت السيدة عائشة أنّه “أَوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ؛ فَكانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكانَ يَأْتي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وهو التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ- ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ، فَقالَ: اقْرَأْ، فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حتَّى بَلَغَ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق: 1 – 5) فَرَجَعَ بهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حتَّى دَخَلَ علَى خَدِيجَةَ، فَقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَق….” [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
بعد أن تزوجت السيدة خديجة من النبي صلى الله عليه وسلم أنجبت منه زينب، ثم رقيَّة، ثم أمّ كلثوم، ثم فاطمة الزَّهراء، وأنجبت له من الأولاد القاسم وبه كان يُكنى، وعبد الله الذي كان يُلَقب بالطيب والطاهر، وقد ماتا صغارًا، وتوفّيت السيدة خديجة في السنة العاشرة من البعثة، وكان عمرها في ذلك الوقت خمساً وستين عاماً، ودُفنت في مقبرة الحُجون، وقد دفنها الرسول، إلّا أنّه لم يصلِ عليها؛ لأنّ صلاة الجنازة لم تكن مشروعةً.
سودة بنت زمعة
هي أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك، وأمّها الشموس بنت قيس بن زيد من بني النجّار، تزوجت قبل النبي من السكران بن عمرو، وقد تُوفِّي عنها بعد إسلامه، ثم تزوجها النبيّ بعد وفاة أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- بثلاث سنوات.
جعلت يومها من رسول الله لعائشة -رضي الله عنها- عندما كبرت؛ حرصاً منها على البقاء في عِصمته -صلّى الله عليه وسلّم-، وحبّاً به، وابتغاءً لمرضاته، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: “ما رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ أَكُونَ في مِسْلَاخِهَا مِن سَوْدَةَ بنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ، قالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَومَهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ، قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، قدْ جَعَلْتُ يَومِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَومَيْنِ، يَومَهَا وَيَومَ سَوْدَةَ”[صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. وتوفت سودة بن زمعة في آخر خِلافة عمر بن الخطّاب، وقِيل سنة أربع وخمسين، في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
عائشة بنت أبي بكر
هي عائشة بن أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولدت في السنة الرابعة أو الخامسة للبعثة، فوالداها يدينان الإسلام من أول يومٍ وعت فيه، ولقد ورد أن النبيّ -عليه السلام- رآها في المنام أنّها زوجته، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “أنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ لَهَا: أُرِيتُكِ في المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أرَى أنَّكِ في سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ، ويقولُ: هذِه امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هي أنْتِ، فأقُولُ: إنْ يَكُ هذا مِن عِندِ اللَّهِ يُمْضِهِ”[صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ولأجل ذلك خطبها النبي وهي في السادسة من عمرها، ولم يدخل بها حتى بلغت التاسعة، ولم يتزوج رسول الله بكراً غير عائشة، وكان يُحبّها حُباً شديداً، وعُرفت عائشة بعلمها الغزير، فقد كانت مرجعاً للصحابة فيما أُشكل عليهم من الفرائض، أو الأحكام الفقهيّة، أو المواريث، وغير ذلك، وتفوقت على زوجات النبيّ كلهنّ بعلمها، وعُرفت باجتهادها بالعبادة، وطول صلاتها، ودوام صيامها، وإنفاقها في سبيل الله، وبحبّها للإنفاق في سبيل الله.
حفصة بنت عمر بن الخطّاب
هي أمّ المؤمنين حفصة بنت عُمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، ولدت قبل البعثة بخمس سنوات في الثامنة عشرة قبل الهجرة، وهي ابنة زينب بنت مظعون؛ أُخت عثمان بن مظعون، وهي من السابقين إلى الإسلام في مكّة،وكانت متزوجة من خنيس السهمي قبل الزواج بالنبي، وقد تزوجها النبي بعد أن رفض عثمان بن عفان وأبو بكر أن يتزوجا منها، فأخبر النبي عمر بن الخطاب أنّ حفصة ستتزوج خيرًا من عثمان وأبو بكر، وبالفعل تزوجها النبي في السنة الثالثة للهجرة.
تُوفِّيت السيّدة حفصة -رضي الله عنها- في شهر شعبان من السنة الخامسة والأربعين للهجرة، في عهد معاوية بن أبي سُفيان -رضي الله عنه-، وكانت تبلغ من العمر حين وفاتها ستّين عاماً.
زينب بنت خزيمة
هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، وهي أخت أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث لأمها، ولقبت بأم المساكين.
كانت متزوجة من عبد الله بن جحش، الذي قُتل في يوم أُحد، وقيل في روايات أنّها كانت رضي الله عنها مُتزوّجة من الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، ثم خلف عليها أخوه عبيد بن الحارث، ثم تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوّجه إياها عمّها قبيصة بن عمرو الهلالي، وكان ذلك في شهر رمضان من السنّة الثالثة للهجرة، فأقامت عند رَسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أشهر، وقيل في رواية أنّها أقامت عنده شهرين أو ثلاثة، ثمّ توفّاها الله سبحانه وتعالى في ربيع الآخر من السنة الرابعة للهجرة، وكان عمرها حينها ثلاثين سنة.
أم سلمة
هي هند بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، كان أبوها -رضي الله عنها- من أجواد قريش، يُعرف بـ”زاد الركب” لكرمه، وأمُّها هي عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن عبد المطلب. تزوجت قبل النبي من ابن عمها الصحابي عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن مخزوم القرشي.
حين توفي أبو سلمة قالت أم سلمة: “فلمَّا تُوُفِّي أبو سلمة استرجعت، وقلتُ: اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها. ثم رجعتُ إلى نفسي فقلتُ: مِن أين لي خيرٌ من أبي سلمة؟ فلمَّا انقضَتْ عدَّتي استأذن عليَّ رسول الله وأنا أدبغ إهابًا لي، فغسلتُ يدي من القرظ وأذنتُ له، فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلمَّا فرغ من مقالته قلتُ: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك الرغبة فيَّ، ولكني امرأة بي غَيرة شديدة، فأخاف أن ترى منِّي شيئًا يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلتُ في السن وأنا ذات عيال فقال: “أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْغَيْرَةِ فَسَوْفَ يُذْهِبُهَا اللَّهُ مِنْكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ السِّنِّ فَقَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ الَّذِي أَصَابَكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْعِيَالِ فَإِنَّمَا عِيَالُكِ عِيَالِي، فقالت: فقد سَلَّمْتُ لرسول الله فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرًا منه رسولَ الله”.
حيث جاءت حكمة الله تعالى في تزويج النبي من أم سلمة في عمر الخمس والخمسين، تكريم لأبو سلمة الذي استشهد في سبيل الله في غزوة أحد، وكان هو المعيل الوحيد لأسرته، وكانت تتميز أم سلمة بأنها صابرة ومضحية وذات عقل راجح وحكيمة.
زينب بنت جحش
هي أمّ المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبر بن مرة، ابنة عمّة رسول الله؛ فأمّها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، وكانت مُتزوّجة من زيد بن حارثة -رضي الله عنه-، وعندما طلَّقها، أمر الله نبيَّه بالزواج منها بقوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}(سورة الأحزاب: 37).فقد زوجها الله بالرسول دون شاهد ولا ولي. وتوفيت -رضي الله عنها- سنة عشرين للهجرة في خلافة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-.
جويرية بنت الحارث
هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث من بني المصطلق، وهزم والدها أمام النبي ووقع أكثر من سبعمائة من بني المصطلق أسرى عنده وكان منهم ابنة الحارث (برّة) التي أطلق عليها رسول الله فيما بعد اسم جويرية، وكان عتقها هو الزواج من رسول الله . وتوفيت في في سنة خمسين، وقِيل ستٍّ وخمسين للهجرة.
صفية بنت حُيَيّ بن أخطب
هي أمّ المؤمنين صفيّة بنت حُيَيّ بن أخطب، من ذرية رسول الله هارون -عليه السلام-، وأمّها برة بنت سموأل، وكانت قبل إسلامها مُتزوّجة من كنانة بن الربيع؛ وهو شاعر يهوديّ قُتِلَ يوم خيبر، فسُبِيَت، فصارت في سهم دحية الكلبيّ -رضي الله عنه-، فجعلها لرسول الله، وتوفيت في خِلافة معاوية -رضي الله عنه- سنة خمسين، وقِيل اثنتين وخمسين للهجرة، ودُفِنَت في البقيع.
أم حبيبة
هي أمّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، وأمّها صفية بنت أبي العاص بن أمية، تزوجت قبل النبي من عُبيدالله بن جحش بن رئاب، وهي من بنات عم النبي ، وتزوجها النبي وهي في الحبشة، وزوجها النجاشي للنبي، فهي أكثر نسائه مهرًا؛ فقد بلغ مهرها الأربعمائة دينار، أصدقها إيّاها النجاشيّ، وتوفيت في المدينة المُنوّرة سنة أربعٍ وأربعين، وقِيل اثنتين وأربعين للهجرة.
آخر زوجات الرسول
ميمونة بنت الحارث هي آخر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
ميمونة بنت الحارث
هي أمّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم، وأمّها هند بنت عوف بن زهير، تزوّجت قبل النبي من مسعود بن عمرو الثقفيّ الذي فارقها، ثم تزوجت من أبا رُهم بن عبد العزى الذي تُوفِّي عنها، ثم تزوّجها النبيّ، وهي أخت أم الفضل زوجة العبّاس عمّ النبيّ، وقد جعلت أمرها للعبّاس عندما خطبها النبيّ، فزوّجها إيّاه، وكان ذلك في شهر ذي القعدة سنة سبعٍ للهجرة في سَرف.
توفيت في سَرف، وقِيل في مكّة، ثمّ حُملت إلى سَرف بأمر من ابن أختها ابن عبّاس -رضي الله عنه-، وكان ذلك سنة إحدى وخمسين، وقِيل إحدى وستّين للهجرة، عن عُمر بلغ ثمانين عامًا.
تعامل الرسول مع زوجاته
كان النبي صلى الله عليه وسلم يطبّق كافة الأخلاق القرآنية في التعامل مع زوجاته فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي“[صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ومن صور تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته:
- كان يواسيهنّ، ويمسح دموعهنّ، ولا يستهزئ بكلامهنّ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: “بلغَ صفيَّةَ أنَّ حفصةَ قالت بنتُ يهودِيٍّ فبكت فدخلَ عليها النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وهيَ تبكي فقالَ ما يبكيكِ قالتْ قالتْ لي حفصةُ إنِّي بنتُ يهوديٍّ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وإنَّكِ لابنةُ نَبِيٍّ وإنَّ عمَّكِ لنبيٌّ وإنَّكِ لتحتَ نبيٍّ ففيمَ تفخرُ عليكِ ثمَّ قالَ اتَّقي اللَّهَ يا حفصةُ“[صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- قالت فيه السيدة عائشة رضي الله عنها أنه كان يخصف نعله ويرقع ثوبه.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يشارك زوجاته في الطعام والشراب من نفس الإناء، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كنتُ أشربُ منَ القدَحِ وأنا حائضٌ فأناولُهُ النَّبيَّ فيضعُ فاهُ على موضعِ فيَّ فيشربُ منْهُ وأتعرَّقُ منَ العرقِ وأنا حائضٌ فأناولَهُ النَّبيَّ فيضعُ فاهُ على موضعِ فيَّ” [صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- كان يرأف بزوجاته، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: “دَخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقالَ: ما هذا الحَبْلُ؟ قالوا: هذا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ”[صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلم على زوجاته، ويقابل غيرتهن بالحلم والأناة، وكان يعطِ كل واحدة منهن حقها.
- لم يضرب صلى الله عليه وسلم امرأة قط، فعن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: “ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلَّا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد النَّاس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تُنتَهك حُرْمَة الله فينتقم لله بها”[صحيح البخاري ومسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يُشرك زوجاته في الكثير من الأحداث والمواقف العظيمة.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بين زوجاته بالمبيت، والنفقة، وحُسن العشرة؛ سواء كان في الحضر أو السفر، وجعل لكلّ واحدةٍ مِنهنّ حُجرة خاصّة بها، إضافة إلى أنّه كان يبيت عند كلّ واحدة منهنّ ليلة، ويُوزّع ما يكون معه بينهنّ بالتساوي.
الحكمة من تعدد زوجات الرسول
جاءت حكمة الله عز وجل في تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم على النحو التالي:
الحكمة التشريعية
تمثلت في إنهاء بعض العادات الجاهلية المستنكرة، لقوله تعالى: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}(سورة الأحزاب: 37).
كعادة التبني، فقبل البعثة النبوية كان النبي عليه الصلاة والسلام قد تبنّى زيد بن حارثة، وزوجه بزينب بنت جحش الأسدية التي عاشت معه لفترة من الزمن، إلا أنها كانت تغلظ في القول معه وكانت ترى أنها أشرف منه؛ لأنه كان عبد مملوك قبل أن يتبناه النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أنّ الله عز وجل أراد أن يطلق زيد زينب ويتزوجها النبي عليه الصلاة والسلام ليبطل بدعة التبني ويقيم أسس الدين الإسلامي ويحرره من الجاهلية، وقد عاتب الله عزوجل نبيه الكريم بأنه قد خشي من الفجار أن يقولوا أنه تزوج امرأة ابنه فأنزل الله الآية الكريمة{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}(سورة الأحزاب: 37).
الحكمة الاجتماعية
تمثلت في زواج النبي صلى الله عليه وسلم بابنة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وزيره الأول لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ثمّ بابنة وزيره الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه حفصة بنت عمر، ثمّ بتواصل النبي صلى الله عليه وسلم بقريش اتصال مصاهرة ونسب وتزوجه العديد منهن؛ للربط بين القبائل.
الحكمة السياسية
تمثلت في التأليف بين القلوب، وتجميع القبائل من خلال المصاهرة؛ ليدعوهم إلى نصرته وحمايته، كزواجه من السيدة جويرية بنت الحارث، وصفية بنت حيي بن أخطب، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان.
الحكمة التعليمية
تمثلت في تخريج بضع معلمات للنساء، يعلمنهنّ الأحكام الشرعية المتعلقة بأحكام الحيض، والنفاس، والجنابة، والأمور الزوجية، وغيرها من الأحكام، حيث كانت النساء تسأل السيدة عائشة وأم سلمة في بعض الأحكام الشرعية.
حقوق زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، هنّ زوجاته في الدنيا والآخرة، وأمهات المؤمنين، ولهذا تكون لهن الحرمة والتعظيم ما يليق بهن كزوجات لخاتم النبيين فهن من آل بيته طاهرات طيبات بريئات من كل سوء قد يمس أعراضهن وفرشهن.
آخر من توفيت من زوجات الرسول
كانت أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشية آخر زوجة توفيت من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فقد توفيت في شهر شوال سنة تسع وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة وهذا بحسب قول الواقدي، أما ابن أبي خيثمة قال أنها توفيت في أواخر سنة ستين، وقال ابن حبان أنها ماتت في آخر سنة إحدى وستين، في حين أنّ أبو نعيم قال أنها ماتت في سنة اثنين وستين.
أحب زوجات الرسول إلى قلبه
كانت أحب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلبه هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها، فعن عمرو بن العاص أنه قال: “أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَهُ علَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أبُوهَا، قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَعَدَّ رِجَالًا” [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
الأسئلة المتداولة عن زوجات الرسول
من هي أم المساكين من زوجات الرسول ؟
كُنّت أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها وأرضاها بأم المساكين؛ لكثرة عطفها وتصدقها على المساكين، ورأفتها بهم، وإطعامها لهم.
ما الواجب نحو زوجات الرسول ؟
من واجب المسلم تجاه زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أن يحبّهنّ في الله، كمحبته لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والترضّي عن الجميع.
من هي زوجة الرسول التي ذكرت بحادثة الإفك ؟
كانت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها هي المتهمة بحادثة الإفك (هو أشدّ الكذب، وهو رمي بريءٍ، واتّهامه بما ليس فيه)، حيث كانت السيدة عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى غزواته وكانت تبلغ من العمر حينها خمسة عشر عامًا، ولما عاد عليه الصلاة والسلام منتصرا ومعه الغنائم دخل إلى بيت ليبيت فيه بالليل وذهبت السيدة عائشة لتقضي حاجتها وابتعدت بذلك عن الجيش، ولما عادت وجدت الجيش يجهز نفسه للرحيل وفي ذات الوقت وجدت أن عقدها قد ضاع فرجعت لتبحث عنه، ولم يشعر المكلفون بحمل الهودج أنّ السيدة عائشة ليست موجودة فيه، وكانت مهمة صفوان بن المعطل ان يتفقد مكان الجيش بعد خروجه ووجد هناك السيدة عائشة فأخذها معه وأوصلها لقوافل المسلمين.
عندما رأى المنافقون السيدة عائشة مع صفوان بن المعطل أخذوا ينشرون الإشاعات أنهما كانا مع بعضهم البعض، حيث قصدوا من فعلتهم هذه إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم بأحب زوجة إليه، وسرعان ما تفشى الخبر بين المسلمين، فانقسموا إلى مصدقين ومكذبين، وفي ذات الوقت تأخّر الوحي بالنزول على سيدنا محمد لمدة عشرين يومًا وكانت السيدة عائشة قد مرضت لشهر كامل مرضًا منعها من الخروج من المنزل، وطلبت رضي الله عنها من النبي أن تمرّض في بيت أهلها فوافق، وطال أمر الإشاعة قرابة الشهر، وبينما عائشة بين والديها، حتى استأذن النبيّ للدخول، فجلس بعيداً عن عائشة، وقال لها: “إنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، قُلتُ: إنِّي واللَّهِ لا أجِدُ مَثَلًا، إلَّا أبا يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعانُ علَى ما تَصِفُونَ}، وأَنْزَلَ اللَّهُ: {إنَّ الَّذِينَ جاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُمْ} العَشْرَ الآياتِ” [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
تحوّلت عائشة بعد هذه الكلمات عن مجلس النبيّ واضطجعت، وهي لا تعلم كيف سيبرّئها الله تعالى من هذا الافتراء، وكانت تظنّ أنّ الله سيُري نبيه رؤيا في منامه، يبرأها بها، وما هي إلّا لحظاتٍ، حتى تنزّل جبريل -عليه السلام- بآياتٍ كريمةٍ تؤكّد براءة عائشة، وظلم وافتراء من جاء بهذا الكذب، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(سورة النور:11).
فعن عائشة أن المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت:” … فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قَالَ لِي: يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ؛ فقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: لا واللَّهِ، لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} (لنور: 11)، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه-: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إلى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} (لنور: 22)، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقَالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ” [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
كيف كان الرسول يدلع زوجاته ؟
- تقبل غيرة السيدة عائشة رضي الله عنها بصدر رحب، فعن أنس بن مالك أنه قال: “كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فأرْسَلَتْ إحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فجَمَع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الذي كانَ في الصَّحْفَةِ، ويقولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ. ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حتَّى أُتِيَ بصَحْفَةٍ مِن عِندِ الَّتي هو في بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إلى الَّتي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ في بَيْتِ الَّتي كَسَرَتْ“[صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- وقوفه إلى جانب السيدة خديجة بنت خويلد في مرضها.
- استشارته لأم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية.
- لهوه مع السيدة عائشة رضي الله عنها ومسابقته لها.
- كان يقوم بالكثير من الأعباء المنزلية بنفسه فعن عائشةَ أنَّها سُئِلت: “ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعمَلُ في بيتِه ؟ قالت: كان يَخيطُ ثوبَه ويخصِفُ نعلَه ويعمَلُ ما يعمَلُ الرِّجالُ في بيوتِهم”[صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث: صحيح].