جدول المحتويات
يُستحب صيام يوم عرفة لجميع العباد؛ لما له من فضل عظيم، وإذا حبسهم مرض أو عذر؛ فلا يصوموا ويُرجى لهم الثواب -بإذن الله- ولكن الحجاج لا ينبغي لهم أن يصوموا اقتداءً بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، فعن أم الفضل بنت الحارث-رضي الله عنهما- أنها قالت: “أنَّ النَّاسَ شَكُّوا في صِيَامِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ عَرَفَةَ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بحِلَابٍ وهو واقِفٌ في المَوْقِفِ، فَشَرِبَ منه والنَّاسُ يَنْظُرُونَ” [البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وينبغي علينا أن نتبع الرسول في جميع أوامره؛ فهو أكثر علمًا بما هو الأفضل لنا، ومن أفضال يوم عرفة: تكفير سنتين، أفضل أيام الله تعالى، يوم العتق من النار ومغفرة الذنوب، يوم إتمام النعمة وإكمال الدين، كما أنه يوم عيد للمسلمين.
يتحدث هذا المقال عن حكم صيام عرفة وفضله الكبير، ويشتمل على:
- ما هو يوم عرفة؟
- صيام يوم عرفة.
- نية الصيام يوم عرفة.
- شروط صيام يوم عرفة.
- صيام عرفة للمسافر.
- صيام يوم عرفة للحائض.
- فضل صيام يوم عرفة.
- حكم صيام يوم عرفة.
- حديث صيام يوم عرفة.
- دعاء صيام يوم عرفة.
- عدم صيام عرفة.
- أسئلة متداولة عن صيام يوم عرفة.
ما هو يوم عرفة؟
هو أحد أيام العشر من ذي الحجة الموافق اليوم التاسع منه، وله فضل ومكانة كبرى عند المسلمين، وسُمي بهذا الاسم؛ لأن جبريل عرّف فيه إبراهيم-عليه السلام- المناسك، فكان يريه الأماكن، ويقول: أعرفت؟ أعرفت؟ فبقول إبراهيم -عليه السلام- عرفت، عرفت، وقيل لأن آدم وحواء -عليهما السلام- عرفا بعضهما البعض في هذا المكان حينما أُهبطوا من الجنة، وقيل لتعارف الناس في هذا المكان، أو لأن الحجاج يقفون فيه على جبل عرفة الموجود شرق مكة، على بعد 6 كيلومترات من المزدلفة، و10 كيلومترات من مشعر منى؛ فهو على الطريق الرابط بينها وبين الطائف فيما يقارب 22 كم تقريبًا، ويتعين على الحجاج أن يتوجهوا إلى جبل عرفة مع شروق شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وينبغي وجوده في أي جزء من أجزاء عرفة في أي حالة كان هو، سواء كان: راكبًا، واقفًا، أو مضطجعًا، وإلا فسد حجهم؛ فقد قال عبد الرحمن بن يعمر الديلي: “شَهِدْتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بعَرفةَ وأتاهُ ناسٌ من نَجدٍ، فأمَروا رجلًا، فسألَهُ عنِ الحجِّ، فقالَ: الحجُّ عرفةُ، مَن جاءَ ليلةَ جمعٍ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ فقد أدرَكَ حجة ، أيَّامُ منًى ثلاثةُ أيَّامٍ، مَن تعجَّلَ في يومينِ فلا إثمَ عليهِ، ومَن تأخَّرَ فلا عليهِ ، ثمَّ أردَفَ رجلًا ، فجعلَ يُنادي بِها في النَّاسِ” [الألباني| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
صيام يوم عرفة
يحرص جميع المسلمين غير الحجاج على صيام يوم عرفة؛ لما له من فضل عظيم، ولا يجوز للحاج أن يصومه وهذا مذهب جمهور: الشافعية، المالكية، والحنابلة؛ لأنه يضعف الحجاج عن الوقوف بعرفة، مستدلين بحديثين، ألا وهما: حينما سُئِلَ ابنُ عُمرَ عن صومِ عرفةَ بعرفةَ؟ فقالَ: “حَجَجتُ معَ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فلم يَصُمهُ، ومعَ أبي بَكْرٍ فلم يَصُمهُ، ومعَ عمرَ فلم يَصُمهُ، ومعَ عُثمانَ فلم يَصُمهُ، وأَنا لا أصومُهُ، ولا آمُرُ بِهِ، ولا أَنهى عنهُ” [الألباني| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، وعن أم الفضل بنت الحارث-رضي الله عنهما- أنها قالت: “أنَّ النَّاسَ شَكُّوا في صِيَامِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ عَرَفَةَ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بحِلَابٍ وهو واقِفٌ في المَوْقِفِ، فَشَرِبَ منه والنَّاسُ يَنْظُرُونَ” [البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
نية الصيام يوم عرفة
لا يُشترط على الصائم يوم عرفة النية مسبقًا، وإنما وجود نية الصوم منه بالليل؛ فإذا نوى الصائم أنه سيصوم غدًا؛ فسيحصل على ثواب يوم عرفة حينئذ، وقال جمهور العلماء أنّ الصائم إذا نوى من نهار يوم عرفة قبل أن يأكل أو يشرب؛ فصيامه صحيح بإذن الله، وقال مذهب الحنابلة: “بل ولو كانت نيته تلك بعد الزوال على الراجح” وسيحصل له الثواب حينئذ من وقت نيته فقط، بينما اتفق مذهب الشافعية أنه سيحصل على ثواب صيام كافة اليوم، مثل الذي أدرك الإمام راكعًا فإنه يحصل على ثواب جميع الصلاة؛ وبذلك يكون صيام عرفة، مثل: صيام التطوع لا تُشترط له النية؛ فمن نوى من النهار فيُرجى له ثواب اليوم كاملًا إن شاء الله تعالى، ومن نوى الصيام من الليل؛ فإنه سيحصل على ثواب ذلك اليوم بلا شك.
شروط صيام يوم عرفة
يُستحب لجميع المسلمين غير الحجاج صيام يوم عرفة؛ فهو سنة مؤكدة، فعن أبي قتادة الحارث بن ربعي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ، والسنةَ التي قبلهُ” [الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن]، بينما لا يجوز للحاج صيامه مثلما ذكرنا آنفًا.
صيام عرفة للمسافر
يشرع للمسافر أن يفطر في يوم عرفة؛ فقد قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]؛ فهو رخصة من الله -عز وجل- له، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم ويفطر، فمن صام لا بأس، ومن أفطر لا بأس، سواء كان المسافر في الطائرات، أو السفن، أو صاحب جمال، أو صاحب سيارة، وإذا شق الصيام عليه فالأولى له أن يفطر.
صيام يوم عرفة للحائض
إذا حرصت المرأة المسلمة على صيام يوم عرفة، وفاجأها الحيض في هذا اليوم؛ فإنه يحصل لها الثواب والأجر كمن صام هذا اليوم، وستُأجر على هذا النية الطيبة، والدليل على ذلك أنه في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في غزوة تبوك: “إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر” [الألباني| خلاصة حكم المحدث: صحيح]؛ فهذه قاعدة شرعية أساسية من لزم عملًا، ثم حبسه عذر أو مرض؛ فسيُكتب له أجر هذا العمل كمن كان قويمًا صحيحًا.
فضل صيام يوم عرفة
أفضل أيام الله تعالى
يعد يوم عرفة واحدًا من أفضل أيام الله تعالى؛ فها هو حديث عائشة أم المؤمنين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ما من يومٍ أكثرُ من أن يعتِقَ اللهُ فيه عبيدًا من النَّارِ من يومِ عرفةَ، وأنه لَيدنو، ثم يباهي بهم الملائكةَ، فيقول: ما أراد هؤلاءِ؟ اشهَدوا ملائكتي أني قد غفرتُ لهم” [الألباني| خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره].
إتمام النعمة وإكمال الدين
جاءت آية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3] في يوم عرفة، وكمل دينهم في يوم يوم عرفة؛ لأنهم لم يحجوا من قبل حجة الإسلام، وحينما استعملها عمل أركان الإسلام كلها؛ كمل حينئذ، وأتم الله نعمه علينا؛ لحدوث المغفرة؛ فقال تعالى: {لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} [الفتح: 2].
صيامه يكفر سنتين
إنّ صيام يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده؛ فعن أبي قتادة الحارث بن ربعي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ، والسنةَ التي قبلهُ” [الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن].
إنه يوم عيد
يوم عرفة من أيام العيد؛ فعن عقبة بن عامر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “يومُ عرَفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ هنَّ عيدُنا أهلَ الإسلامِ هنَّ أيَّامُ أكلٍ وشُربٍ” [شعيب الأرناؤوط| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
يوم العتق من النار ومغفرة الذنوب
إن يوم عرفة هو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النر؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من يومٍ أكثرُ من أن يعتِقَ اللهُ فيه عبيدًا من النَّارِ من يومِ عرفةَ، وأنه لَيدنو، ثم يباهي بهم الملائكةَ، فيقول: ما أراد هؤلاءِ؟ اشهَدوا ملائكتي أني قد غفرتُ لهم” [الألباني| خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره]، وقال ابن عبد البر أن هذا الحديث يدل على أن غُفِر لهم؛ لأن الله -عز وجل- لا يباهي بأهل الذنوب والخطايا إلا بعد الغفران والتوبة.
حكم صيام يوم عرفة
يُستحب للمسلم غير الحاج أن يصوم يوم عرفة؛ لما له من الخير والفضل العظيم، فإذا كان حاجًا؛ فلا يصوم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أفطر أثناء الوقوف في عرفة، ونهى الصوم حينئذ؛ لأنه يضعف البدن، فلا يستطيع الحاج إكمال أركان الحج.
حديث صيام يوم عرفة
عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن صوم يوم عرفة، فقال: “صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ، والسنةَ التي قبلهُ” [الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن].
دعاء صيام يوم عرفة
ينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يجتهدوا في الدعاء في يوم عرفة أيما اجتهاد؛ لما له من خير عظيم، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أفضل الدعاء هو دعاء يوم عرفة، ولكن لا يوجد دعاء بعينه يجب قوله؛ فالمسلم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، وأن يسأل الله الجنة، ويعوذ به من النار، والعفو؛ فيقول: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، وأن يصلح ظاهره وباطنه، كما شاء من الأدعية، ولإخوانه المسلمين أجمعين، كما ينبغي أن يكثر الاستغفار والتهليل والتكبير، وقراءة القرآن… إلخ.
عدم صيام عرفة
إن صيام يوم عرفة سنة لجميع المسلمين عدا الحجاج؛ فلا ينبغي لهم أن يصوموا لأن الرسول أفطر يوم عرفة أثناء الحج، ومن استطاع من غير الحجاج أن يصوم يوم عرفة فليصم، ومن لم يستطع فلا بأس عليه، وإذا منعه عذر كمرض أو سفر؛ فلا يصم، وسيُكتب أجره كاملًا كمن صام.
أسئلة متداولة عن صيام يوم عرفة
هل يجوز صيام عرفة وأنا على قضاء من رمضان؟
نعم، ولكن في هذه الحالة يكون صيام يوم عرفة قضاء، وفي هذه الحالة يُرجى تحصيل أجر زائد على أجر القضاء، ولا ينبغي الجمع بين نية صيام التطوع ونية القضاء.
متى صيام عرفة؟
إنّ صيام عرفة يكون في اليوم التاسع من عشر ذي الحجة من كل عام، ويسن للجميع حينها الصيام ما عدا الحاج؛ فينبغي له أن يفطر ولا يصوم؛ اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم.
هل صيام يوم عرفة يكفر الكبائر؟
نعم، والظاهر من حديث: “صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ، والسنةَ التي قبلهُ” [الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن] أنه يغفر جميع الذنوب في تلك السنتين، ولكن في الحقيقة أن صيام يوم عرفة يكفر جميع الذنوب ما عدا الكبائر، ويلزم على من ارتكب الكبائر أن يتوب توبة نصوح؛ ليفربول الله له.
هل على الحاج صيام يوم عرفة؟
لا، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يصم، والدليل على ذلك حديث أم الفضل بنت الحارث-رضي الله عنهما- حينما قالت: “أنَّ النَّاسَ شَكُّوا في صِيَامِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ عَرَفَةَ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بحِلَابٍ وهو واقِفٌ في المَوْقِفِ، فَشَرِبَ منه والنَّاسُ يَنْظُرُونَ” [البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، والأولى على كل مسلم ومسلمة أن يتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في جميع أفعاله.
هل صيام يوم عرفة فرض أم سنة؟
إن صيام يوم عرفة سنة لجميع المسلمين غير الحجاج؛ فلا ينبغي لهم أن يصوموا في هذا اليوم اتباعًا للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن وجد مشقة في صيام يوم عرفة أو حبسه عذر أو مرض؛ فلا يصم، ويُرجى له الثواب كاملًا إن شاء الله تعالى.