دليلك الشامل حول حياة البرزخ

البرزخ هي الحياة بعد الموت، أي بعد قبض الروح؛ حيث يذهب الجسد إلى القبر، وتذهب الروح إلى السماء، ولكنها تعود إلى الجسد في بعض الأوقات عند سؤال الملكين، وعندما يسلم عليه أهله وأصدقائه؛ فهو يسمع صوتهم وأحاديثهم، ويقال أن الميت يعرف أخبار أهله الأحياء من فرح أو حزن، وتكون حياة البرزخ على حسب إذا كان العبد مؤمناً أم  كافراً، حيث يرى مقعده في الجنة أو النار.

نتحدث في هذا المقال حول حياة البرزخ، ويشمل:

• تعريف البرزخ، وما هي حياة البرزخ.
• مراحل حياة البرزخ.
• ماذا يحدث للأرواح في حياة البرزخ.
• أكثر الأسئلة الشائعة عن حياة البرزخ.

ما هو البرزخ ؟

معنى البرزخ في اللغة العربية الحاجز الفاصل بين شيئين مختلفين، وهو مجرد في الفكر الإسلامي عن عالم غير ملموس، العالم الذي يفصل بين عالم الموت ويوم القيامة، وقد ذكر البرزخ في القرآن الكريم، وتم تفسيره بالأحاديث النبوية الشريفة.

ماهي حياة البرزخ ؟

تختلف حياة البرزخ عن الحياة الدنيا والحياة الآخرة، حيث تبدأ حياة البرزخ بعد قبض الروح والعروج بها إلى أهوال القبر وضمة وسؤال الملكين الذي يحدد مصيره ويعرض مقعده من الجنة إذا كان من الصالحين ومقعده من النار إذا كان من الطالحين، وتبقى الروح متعلقة بالجسد حتى عند قبضها فإنها لا تفارقه كلياً؛ حيث ترد إليه في بعض الأوقات عند تسليم المسلم عليها عند زيارته للميت وعند سؤال الملكين، حيث في حياة البرزخ تعرف الروح من يزورها من الأحياء وتسمعهم، وتبقى الحقيقة غائبة لا يعلمها إلا الله تعالى.

مراحل حياة البرزخ

مرحلة سؤال الملكين

تبدأ حياة البرزخ بمجرد أن تقبض الروح وتخرج من الجسد، فبعد دفن الميت وإغلاق القبر عليه يأتي ملكان من الله سبحانه وتعالى، ثم يبدأن بسؤال الميت عن الله تعالى والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم عن دينه، أما من كان مؤمناً في الحياة الدنيا سيجيب عن تلك الاسئلة بثبات ويرى مقعده في الجنة، ويكون من أهل النعيم، ومن كان من الطالحين في هذه الدنيا يرى مقعده في النار ويكون من أهل الجحيم.

مرحلة العذاب أو النعيم

اختلف العلماء حول العذاب أو النعيم الذي يقع على الميت، فمنهم من يقول أن النعيم أو العذاب يقع على الروح ولا يقع على الجسد، ومنهم من يقول العكس تماماً؛ انه يقع على الجسد ولا تشعر الروح به، أما آراء البعض الآخر يقولون أن الروح تعود إلى الجسد وكلاهما يشعران إما بالعذاب أو النعيم، وإن كان من أهل النعيم يتسع له قبره على مد نظره وينعم فيه كأنه روضة من رياض الجنة، فيتمنى بقيام الساعة الوصول إلى المنزلة التي يراها ويتنعم بها، وأما إن كان من أهل الجحيم فإنه يرى ما ينتظره من أصناف العذاب وأشكاله ويسأل الله تعالى أن يطيل حياة البرزخ وأن لا تقوم الساعة أبداً، غير أنه يضيق عليه قبره كأنه حفرة من حفر النار، ومن أنواع العذاب التي يتعرض لها أيضا أنه يرى منزلته في النار كل يوم مرتين في الصباح والمساء.

اجتماع الأرواح في البرزخ

تبقى الأسئلة تطرح في أذهاننا هل تتلاقى الارواح بعد الموت في حياة البرزخ؟ هل هناك منازل ودرجات للأرواح بحيث لا تستطيع التلاقي؟ أن ما سنجيب عنه كفيل بأن يخبرنا عن كيفية التلاقي بين الأرواح، فقد ثبت ببعض الأحاديث الدالة على بعض فتاوى أهل العلم أن أرواح المؤمنين تتلاقى وتتزاور، وإن الميت إذا عرج بروحه فإن الأرواح تلتقي به وتسأله عن الأحياء؛ فإن أعمال الأحياء تعرض على الموتى في حياة البرزخ، أما عن منازلهم فهي تختلف على حسب عمل كل شخص؛ حيث من كان أكثر إيماناً فإن منزلته في حياة البرزخ تكون أعلى ويستطيع النزول ليزور أهل المنازل السفلية، ولكن على العكس أن أهل المنازل السفلية لا يستطيعون الصعود إلى أهل المنازل العلوية، وسواء كانت المدافن بعيدة أو قريبة من بعضها فإن الأرواح تجتمع على ولاتهم المسافة بين المدافن، وتقسم الأرواح إلى الارواح معذبة وهي مشغولة بما هي فيه من العذاب عن التزاور، أما الارواح المنعمة فهنالك الأرواح المحبوسة والارواح غير المحبوسة التي تتلاقى وتتزاور.

ماذا يحدث في حياة البرزخ ؟

تبدأ حياة البرزخ عندما تقبض الروح إلى قيام الساعة، فماذا يحدث عند إغلاق القبر، وبدأ هذه الحياة الفاصلة بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة؟ إن الجواب عن السؤال السابق لا يعلمه إلا إلى الله سبحانه وتعالى، وإن ما يحصل في هذه الحياة بتفاصيلها لا يعلمه إلا هو العليم الخبير، فلا نستدل على هذه الحياة إلا بما ذكر بالقرآن والسنة، أما باقي تفاصيلها فالله وحده هو الأعلم، حيث ذكر القرآن الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تفاصيل قليلة عن هذه الحياة؛ وهي أن المؤمن يرى مقعده من الجنة ويزور ويلتقي بأحبائه الصالحين، ويوسع عليه قبره كأنه من رياض الجنة، أما الكافر يرى مقعده من النار، ويضيق عليه قبره، ويبقى في العذاب حتى قيام الساعة.

اسئلة متداولة عن حياة البرزخ

هل يلتقي الزوجان في حياة البرزخ ؟

اختلف علماء الفقه حول التقاء الزوجين في حياة الرزج فانقسمت آرائهم إلى: 

• أن الزوجين لا يلتقيان في حياة البرزخ؛ حيث لا يوجد دليل على التقائهما في هذه الفترة.
• الرأي الآخر يعتقد بأن الأزواج تتلاقى في حياة البرزخ إذا ماتا وهما على عقد الزواج، وإن كانا من المؤمنين الصالحين.

هل حياة البرزخ جميلة ؟

لا نعلم إذا ما كانت حياة البرزخ جميلة أم لا ؟  لأن علمها عند الله وحده سبحانه وتعالى وأسرارها يعجز العقل البشري الوصول إليها، ولكن القليل من دلائل القرآن والسنة النبوية الشريفة وبعض الاجتهادات تشير إلى أن حياة البرزخ جميلة لمن كان مؤمناً صالحاً من أصحاب النعيم، ويبقى المنعم منعماً إلى قيام الساعة، أما أصحاب الجحيم فهم يرون فيها أصناف العذاب وأهواله، ويبقى المعذب معذباً إلى قيام الساعة.

هل حياة البرزخ افضل من الدنيا ؟

تختلف حياة البرزخ عن الحياة الدنيا وهي ليست امتدادًا لها، وإلا كان البرزخ تكراراً لما عاشه في حياته؛ حيث في حياة البرزخ ينتهي حب الإنسان للدنيا، أما عن أنها أفضل من الدنيا أولا ؟ يبقى الجواب وحده لله العليم الخبير، وعلى حسب ما نعلم من القليل من الدلائل الموجودة في  القرآن الكريم والسنة النبوية أن حياة البرزخ أفضل للمؤمن من حياته الدنيا؛ لأنه يرى مقعده في الجنة فيكون في طمأنينة، وعلى العكس للكافر فهو يرى مقعده من النار ويعيش أنواع من العذاب، وبالنسبة له الحياة الدنيا هي الافضل.

هل يوجد ليل ونهار في عالم البرزخ ؟

حياة البرزخ حياة غيبية ولا يعلم الغيب إلا الله، فلا نستطيع فرض شروط الحياة الواقعية عليها؛ فالحياة الدنيا بها الليل والنهار، أما حياة البرزخ لا يوجد أي دليل على وجود الليل والنهار بها، فيبقى الجواب والعلم عند الله وحده سبحانه وتعالى.

أين مستقر الأرواح في البرزخ ؟

قد اختلفت الآراء حول مستقر الأرواح ما بعد الموت إلى قيام الساعة، فقيل في أرواح المؤمنين أنها موجودة بفناء الجنة على بابها يأتيهم من نعيمها ورزقها، وقيل أيضاً أنها على أفنية قبورهم، وأن الروح مرسلة تذهب حيث تشاء، وأنها أيضاً موجودة عند الله سبحانه وتعالى، وأنها في بئر زمزم، وأنه حتى مستقرها يعود حيث كانت قبل خلق أجسادها، أما عن أرواح الكافرين قيل أنها مستقرة في الأرض السابعة عند إبليس، أو مستقرة ببئر برهوت، أو على شمال سيدنا آدم، والله أعلم حيث مستقرها ومرساها.

اين يقع البرزخ المذكور في سورة الرحمن ؟

قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَان، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} (الرحمن: 19-20).

تحدث القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنا عن ظواهر فيزيائية لا يمكن للعقل البشري أن يدركها، ومع مرور الوقت واكتشافات العلماء تبين أن هنالك حاجز فاصل داخل البحار يفصل المياه العذبة عن المياه المالحة بحيث لا تختلطان أبداً، وهذا الحاجز هو البرزخ بمعناه اللغوي المقصود بالحاجز الفاصل بين شيئين مختلفين، وهو يمكن أن يتمثل بعدة أماكن، مثل: التقاء مياه البحر الأحمر والمحيط الهندي في مضيق باب المندب، والتقاء مياه البحر الأبيض المتوسط مع المحيط الأطلسي عند مضيق جبل طارق. 

ماذا يفعل الميت في حياة البرزخ ؟

دلت بعض الأحاديث النبوية أن الأموات تتلاقى وتتزاور في حياة البرزخ؛ وهذا بالنسبة إلى أرواح الصالحين، أما بالنسبة إلى أرواح الكافرين فهي تبقى بالعذاب إلى قيام الساعة.

“حياة البرزخ لا يعلم طبيعة الروح فيها الا الله سبحانه وتعالى؛ فهي سر من أسراره، وأكبر من أن يدركها العقل البشري، ولو أراد الله تعالى أن يبين لنا ما هي حياة البرزخ لانزل الآيات المفصلة يوضح لنا فيها تلك الأمور، وتبقى الإجابة اليقينية عن جميع الأسئلة هي أن الله وحده الأعلم.”