جدول المحتويات
يُلقّب معاوية بن أبي سفيان بخال المؤمنين؛ حيث إن أخته أم المؤمنين أم حبيبة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ويجتمع نسبه رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه في عبد مناف، وقد وُلد قبل البعثة النبوية بخمس سنين على الرأي الراجح، وأسلم في عمرة القضاء بعد صلح الحديبية، ولكنه أخفى إسلامه خوفًا من أبيه، ومع فتح مكة أعلن إسلامه، واستقبله النبي صلى الله عليه وسلم استقبالًا حسنًا ورحب به، واتخذه كاتبًا للوحي، كما كان يكتب الحسبة للناس، وشهد بعضًا من الغزوات مع النبي، والكثير من المعارك، حيث ساهم في فتوحات إسلامية عديدة خلال عهد الخلفاء الراشدين، وتولّى إمارة الشام في عهد عمر بن الخطاب بعدما مات أخيه يزيد بن معاوية، واستمر على ذلك في خلافة عثمان بن عفان، وقد دخل في خلافات مع علي بن أبي طالب بعد استشهاد عثمان بن عفان حول ضرورة الاستعجال بالقصاص من القتلة، وانتهى الأمر إلى استشهاد علي بن أبي طالب، وتنازل الحسن بن علي لمعاوية عن الخلافة؛ ليؤسس الدولة الأُموية، ويُحقّق الكثير من الفتوحات والإنجازات لدولة الإسلام حتى وفاته سنة ستين هجريًا بدمشق.
يتحدث هذا المقال عن سيرة معاوية بن أبي سفيان، ويشمل:
- التعريف بالصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان من حيث اسمه الكامل، وميلاده، وزوجاته، وأولاده، وإخوانه وأخواته.
- الحديث عن إسلام معاوية بن أبي سفيان، وما كان يتمتع به من صفات خَلقية، وخُلقية.
- تناول أعمال معاوية بن أبي سفيان، وتوضيح سياسته أثناء خلافته لأمر المسلمين.
- استعراض قصة وفاة معاوية بن أبي سفيان، ومتى تُوفّي.
من هو معاوية بن ابي سفيان ؟
معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي هو أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كُتّاب الوحي، ويُعد سادس الخلفاء في الإسلام، ومؤسس الدولة الأموية في بلاد الشام، كان ميلاده بمكة المكرمة قبل البعثة النبوية، وتعلم في صغره الكتابة والحساب، وأسلم قبل فتح النبي لمكة المكرمة، وعند استخلاف أبي بكر الصديق، تولّى معاوية بن أبي سفيان قيادة الجيش الفاتح لبلاد الشام، فكان على رأس الجيش في فتح صيداء، وعرقة، وجبيل، وبيروت. كما تولّى معاوية إمارة الأردن، ودمشق في عهد عمر بن أبي الخطاب، ولما استُخلف عثمان بن عفان، أصبح معاوية واليًا على ديار الشام كلها، وبعد استشهاد عثمان بن عفان، أصبح علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين، ولكن وقع خلاف بين معاوية وبين الخليفة علي بن أبي طالب حول ما يجب اتخاذه حيال مقتل عثمان بن عفان، وضرورة الاقتصاص من القتلة، وفي وسط هذا الخلاف قتل أحد الخوارج، وهو عبد الرحمن بن ملجم، عليًا بن أبي طالب؛ ليكون الأمر من بعده ابنه الحسن بن علي، ولكنه سرعان ما تنازل عنها لمعاوية في عام الجماعة 41 هجريًا؛ ليتولّى خلافة المسلمين ويتخذ من دمشق مقرًا للحكم.
إسم معاوية بن ابي سفيان الكامل
هو أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان؛ الذي يتصل نسبه بنبي الله إسماعيل، وكان أبوه أحد سادات قريش، ومن ذوي الرأي والمنزلة العالية في مكة، ويلتقي معاوية مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
أما أمه، فهي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب؛ لذلك فهي تجتمع مع زوجها أبي سفيان في جدهما عبد شمس بن عبد مناف، وتُعتبر هند بنت عتبة أخت الصحابي أبو حذيفة بن عتبة.
ميلاد معاوية بن ابي سفيان
يختلف المؤرخون في ميلاد معاوية بن أبي سفيان، فمنهم من يقول أنه وُلد قبل البعثة النبوية بخمس سنين فقط، بينما هناك آخرون يقولون أنه وُلد قبل البعثة بسبع سنين، وقيل بثلاث عشرة سنة، والأصح أنه وُلد قبل البعثة بخمس سنين، ومنذ مولده، كان أبوه وأمه يتوقعان له مستقبلًا باهرًا، حيث نظر إليه أبو سفيان وهو لا يزال صغيرًا وقال له: “إن ابني هذا لعظيم الشأن، وإنه لخليقٌ أن يسود قومه” فردت عليه هند بنت عتبة مستنكرة: “قومه فقط؟ ثكلتُه إن لم يسد العرب أجمعين”، ولم يقتصر هذا التوقع على أبويه فقط، بل إنه كان يمشي مع أمه وهو لا يزال غلامًا، فعثر، فعنّفته أمه، وقالت له: قم، لا رفعك الله! فنظر إليه الأعرابي وتفرس في وجهه، وقال لم تقولين ذلك لغلامٍ أظنه يسود قومه، فردت عليه هند: لا رفعه الله إن لم يسد إلا قومه!”.
زوجة معاوية بن ابي سفيان
تزوّج معاوية بن أبي سفيان من ميسون بنت بحدل، وهي من بني كلب، وقيل عنها أنها من أبرز الشاعرات العربيات، ولكن غالبًا هذه الشهرة الكبيرة إنما تعود لامرأة أخرى، وهي ميسون بنت جندل، وقد طلّق معاوية هذه المرأة، كما تزوّج من فاختة بنت قرظة، وكنود بنت قرظة، وهي أخت فاختة، ولكن لم يجمع معاوية بين الأختين، حيث تزوّج كنود بعدما طلّق فاختة، وتزوّج أيضًا من نائلة بنت عمارة الكلبية ولكنه طلّقها.
أولاد معاوية بن ابي سفيان
أنجبت ميسون بنت بحدل لمعاوية ابنه يزيد الذي تولّى الخلافة من بعده، وكان ميلاد يزيد في الثالث والعشرين من رمضان في العام 26 من الهجرة خلال خلافة عثمان بن عفان، كما كان لمعاوية عبد الله، وعبد الرحمن من زوجته فاختة، ولكن عبد الرحمن مات صغيرًا، ومن بنات معاوية: رملة، وقد تزوّجها عمرو بن عثمان بن عفان، وهند وقد تزوّجت من عبد الله بن عامر، كما كان له عائشة، وعاتكة، وصفية.
أخوة معاوية بن ابي سفيان
يمتلك معاوية ثلاثة أخوة، وأربع أخوات، حيث كان يكبره أخوه يزيد بن أبي سفيان، وقد سمّى معاوية ابنه على اسم أخيه، كما كان له أخ يُسمى عتبة بن أبي سفيان، وقد تولّى إمارة مصر في عهد معاوية، كما كان له أخ أصغر يُدعى عنبسة بن أبي سفيان، أما أخواته فعلى رأسهن أم المؤمنين حبيبة بنت أبي سفيان زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وأم الحكم بنت أبي سفيان، وعزة بنت أبي سفيان، وأميمة بنت أبي سفيان.
إسلام معاوية بن ابي سفيان
تتعدد الآراء في الوقت الذي أسلم فيه معاوية بن أبي سفيان، فهناك رأي يقول أنه أسلم هو وأبوه وأمه وأخوه يزيد يوم أن فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، بينما هناك رأي آخر أنه أسلم قبل الفتح، ولكنه كان يُخفي إسلامه، حيث يقول الإمام الذهبي: أسلم معاوية قبل أن يُسلم أبو سفيان، وقد كان ذلك في عمرة القضاء، ولكنه خاف من أن يخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسبب أبيه وسيادته لقريش، ويُروى عن معاوية أنه قال: لما كان عام الحديبية، وتصدّت قريش للنبي، ودافعوا عن دخوله البيت بالراح، وكتبوا بينهم القضية، عندها وقع الإسلام في قلبي، فلما ذكرت ذلك لأمي، قالت لي: إياك أن تُخالف أباك، أو تقطع أمرًا دونه؛ لئلا يقطع عنك قوتك، فأسلمت وأخفيت إسلامي عن أبي، ولكن أبي علم بإسلامي فقال: أخوك خير منك، فهو لا يزال على ديني، فقلت: لم آل نفسي خيرًا، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا، فأظهرت إسلامي، والتقيت به، فرحب بي.
صفات معاوية بن ابي سفيان
تنقسم صفات معاوية بن أبي سفيان إلى صفات خَلقية وأخرى خُلقية، أما عن صفاته الخَلقية، فقد كان طويل الجسد، وذا بشرة بيضاء، حيث يقول عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “قدم علينا معاوية بن أبي سفيان وهو أبيض القوم وأجملهم”، فامتاز بجمال هيئته، وجمع صفات الجمال حتى قال عنه أحد الأعراب سيملك قلوب قومه، وقال ابن أبي الدنيا: “كان معاوية رجلًا طويلًا، وأبيض الوجه، وكان إذا ضحك، تنقلب شفته العليا، كما كان يخضب”، أما صفاته الخُلقية، فهو من أفصح العرب لسانًا، كما كان يتسم بالصبر، والحلم، والذكاء؛ لدرجة أن ابن عباس قال فيه: لا أرى أحدًا أحق منه بالملك؛ لشدة دهائه، كما أنه كان ذا هيبة ووقار، وامتلك معاوية صفات القادة من الحكمة، وبعد النظر، والسخاء، ولا سيما مع أهل البيت وصحابة رسول الله، حيث تقول أم المؤمنين عائشة: بعث لي مرة بمائة ألف درهم، وكان معاوية إذا التقى بالحسن بن علي قال له: مرحبًا بابن رسول الله، وأمر له بثلاث مائة ألف درهم، كما أمر لعبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله بمائة ألف درهم.
أعمال معاوية بن ابي سفيان
امتاز معاوية بن أبي سفيان بمنزلة عالية في الإسلام، فقد صحب رسول الله ونال من بعده ثقة خلفائه الراشدين، ومن أبرز أعمال معاوية بن أبي سفيان:
الكتابة للنبي صلى الله عليه وسلم
لعل من أشرف أعمال معاوية بن أبي سفيان أنه كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم مع زيد بن ثابت، وكانت كتابة معاوية قبل أن يتوفّى النبي بأشهر، كما كان يكتب الرسائل التي يُوجّهها الرسول إلى الأعراب في البادية، وفيما يُروى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (اذهبْ فادْعُ لي معاويةَ، قال: وكان كاتبَه). (( رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5/42، صحيح ))
الجهاد في سبيل الله
قدِم معاوية إلى النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة، وأعلن إسلامه، ثم خرج مجاهدًا في سبيل الله تحت راية الرسول، فقد شهد بعض المواقف العظيمة مثل غزوة الطائف، وغزوة حُنين، وقد أعطاه النبي من غنائم هذه الغزوة مائة من الإبل إضافةً إلى أربعين أوقية من الفضة، وحظى معاوية بثقة أبي بكر بعد وفاة النبي، فبعدما خرجت الجيوش صوب الشام، جاء جماعة من المسلمين إلى خليفة رسول الله، فأمرهم بالخروج للشام، وأرسل معهم معاوية أميرًا، وطلب منه أن يلحق بأخيه يزيد، ويقاتل معه، فشهد معركة اليرموك، وشارك في فتح دمشق، وكان على رأس الجيش الذي خرج إلى سواحل الشام، واستطاع أن يفتحها بإذن الله، كما أمره عمر بن الخطاب عام 15 هجريًا بأن يتوجّه إلى قيسارية في فلسطين، فحاصرها، ودارت بينه وبين أهلها حرب ضارية، ولكنه استطاع أن يفتحها، ويقتل من مقاتلي الأعداء مائة ألف، ثم بعث بالغنائم إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
إنشاء أول أسطول في الإسلام
بعدما خاض معاوية بن أبي سفيان العديد من المعارك مع الروم، أدرك أنه يتفوقون على المسلمين في استغلالهم البحر لصالحهم، وذلك لأن الشام تمتاز بمدنها الساحلية، وبالتالي كانت هذه المدن دائمًا تحت تهديد القوة البحرية للروم؛ لذلك قرر إنشاء أول أسطول بحري في الإسلام من أجل التصدي لسيطرة الروم على البحر، فكتب رسالة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بذلك وقال له: (يا أمير المؤمنين، إنّ بالشام قرية يسمع أهلُها نباحَ كلاب الروم وصياح ديوكهم، وهم تلقاء ساحل من سواحل حمص، فإن أذنت بركوب البحر، وإني رأيت خلقًا عظيمًا يركبه خلق صغير ليس إلّا السماء والماء، إِنْ ركن خرق القلوب، وإن تحرك أزاغ العقول، إن مال غرق، وإن نجا برق)، ولكن عمر بن الخطاب لم يوافق على إنشاء هذا الأسطول خوفًا على المسلمين، ولكن مع تولّي عثمان بن عفان الخلافة، أعاد معاوية الطلب عليه، فوافق عثمان بعد طول إلحاحٍ من معاوية، فُبنيت السفن في طرابلس، وعكا، وصور، وكان لهذا الأسطول فضلٌ كبير في فتح جزيرة قبرص.
ولاية أمر المسلمين
تولّى معاوية ولاية الأردن ببلاد الشام بأمر من عمر بن الخطاب وذلك عام 21 من الهجرة، وعندما مات أخوه زيد بن أبي سفيان بطاعون عمواس، أذن له عمر بن الخطاب بولاية دمشق وما يتبعها من بلدان، وفي عهد عثمان بن عفان أصبح لمعاوية أمر الشام كلها، وبعد أن استُشهد عثمان بن عفان عام 35 من الهجرة، نادى معاوية بالقصاص من القتلة، وحرض على قتلهم؛ لتدور معركة الجمل، ومن بعدها يقود معاوية جيشًا ضد الخليفة علي بن أبي طالب في صفين، وانتهت هذه الموقعة بالتحكيم الجبري، وبعدما استُشهد علي بن أبي طالب، وأصبحت الخلافة للحسن بن علي، ثار معاوية على الحسن؛ ليتناول الحسن عن الخلافة حقنًا لدماء المسلمين، وأقام عهدًا مع معاوية بالبيعة على ما بايع المسلمون عليه الخلفاء الراشدين، وأن يسير على دربهم، وأن يعود الأمر من بعد للمسلمين ليختاروا خليفتهم، ولكن ذلك لم يحدث، حيث تولّى معاوية أمر المسلمين، وحكم العرب، والعجم، وأصبح ملكًا على بلاد الشام، ومصر، والحرمين، إضافةً إلى فارس، وخراسان، والعراق، واليمن، والجزيرة، وبلاد المغرب، وكان الحكم لابنه يزيد بن معاوية من بعده.
سياسة معاوية بن ابي سفيان
يُضرب بمعاوية بن سفيان المثل دائمًا في السياسة والدهاء، وقد استخدم العرب في ذلك مصطلح “شعرة معاوية” وهذا المصطلح كناية على ما يتمتع به الصحابي معاوية بن أبي سفيان من سياسة وحنكة أو ما يُعرف بالدبلوماسية في المصطلح السياسي الحديث، وقد نشأ هذا المصطلح من قول معاوية: “لو أن بيني وبين الناس شعرةً ما انقطعت، فإذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها”.
بالنسبة إلى سياسة معاوية بن أبي سفيان الداخلية، فقد أنشئ الدواوين المركزية مثل ديوان الرسائل، وهو بمثابة هيئة تُشرف على تحرير رسائل الخليفة، وما يُصدره من أوامر، وما يتفق عليه من عهود، إضافةً إلى ديوان الخاتم، حيث أنشئ معاوية هذا الديوان ليُحقّق السرية، ويُحافظ على عدم تسريب مراسلات الدولة للخارج، أما ديوان البريد فهو خاص بالمراسلات، ويُنسب لمعاوية الفضل في إدخال نظام البريد إلى بلاد الإسلام، وكان مقر هذا الديوان في دمشق، وكان هناك نظام يُعرف بالكتبة، حيث عيّن كاتبًا لديوان الرسائل، وآخرًا لديوان الخراج، وثالثًا لديوان الجند، كما كان هناك كتاب لديوان الشرطة، وكتاب لديوان القضاء.
وطّد معاوية الأمن في خلافته، وذلك باتخاذ مجموعة من الحرس، وذلك للحماية من الخوارج الذين كانوا يمثلون شوكة تُهدّد أمان الدولة، كما كانوا يُخططون لقتله، كما استمر نظام الشرطة الذي عرفه المسلمون في عهد علي بن أبي طالب، وكانت مهمة الشرطة المحافظة على النظام في الولايات الإسلامية، واتخذ معاوية أيضًا الحاجب؛ وذلك احترازًا من محاولات الاعتداء عليه، واهتم معاوية بجهاز المخابرات حتى يكون مطلعًا على ما يدور داخل الدولة الإسلامية وخارجها، ومن الدلائل على قوة هذا الجهاز في عهد معاوية أنه اطلع على المراسلات التي كانت تدور بين الحسين رضي الله عنه وبين أهل العراق، إضافةً إلى قصة الأسير المسلم الذي لُطم بين يدي ملك الروم في الإمبراطورية البيزنطية، فقد قال الأسير: وا إسلاماه، أين أنت يا معاوية؟ ووصل الخبر إلى معاوية، واستطاع أن يرد الاعتبار لهذا الرجل الأسير.
من أهم معالم السياسة في عهد معاوية بن أبي سفيان أنه أحسن اختيار الرجال والأعوان، كما استخدام المال في الحفاظ على ولاء الناس له؛ لذلك يُقال عن معاوية بأن الملك الذي لم يهجوه أحدٌ من رعيته، كما اهتم معاوية ببناء الجيش الإسلامي بدليل اتساع رقعة بلاد المسلمين في عهده جهة بلاد الروم، وبلاد السند، والأهواز، وبلاد ما وراء النهر، وشمال أفريقيا، كما اعتنى بالأسطول، وفتح به بعض الجزر مثل قبرص، وصقلية، وبعض الجزر في البحر الأبيض المتوسط.
وفاة معاوية بن ابي سفيان
عندما أحسّ معاوية بن أبي سفيان باقتراب أجله، خطب في الناس خطبة مُودّع، وأوصى ابنه يزيد أن يُحافظ على وصية الله تعالى بالوالدين، وأن يكلف له أحدًا بغسله بعد أن يموت، وكان لدى معاوية ثوب من أثواب النبي ليُلف به جسده قبل تكفينه، وأوصى بنصف ماله لبيت مال المسلمين، وقال: اللهم اجعلني فيمن تشاء أن تغفر له، وأوصى أهله بالتقوى، وكانت وفاته في شهر رجب عام ستين من الهجرة عن ثمانية وسبعين عامًا، وذلك في دمشق الذي دام حكمه فيها أربعين عامًا، منها عشرين عامًا واليًا، وعشرين أخرى خليفةً للمسلمين.