صعوبات التعلم النمائية والإدراك

تعريف صعوبات التعلم

تعرّف صعوبات التعلم النمائية بأنها نوعٌ من أنواع صعوبات التعلم، التي يمر بها الأطفال في مراحل التعلم المبكرة، مثل صفوف الروضة، وتبدأ مؤشرات الصعوبات بالظهور أثناء تنفيذهم للمهام العملية، وطريقة أدائهم لها وتعاملهم مع المحيط الذي ينفذون فيه المهمات، ويعود ذلك لقصور في قدراتهم العقلية، التي تتحكم في تحليل الأمور المحيطة بهم، ونقص معدل الذكاء الذي يتمتعون به، بنسبة تقل كثيرًا عن الأطفال العاديين في مثل أعمارهم، وهم لا يصنفون ضمن الأطفال ذوي الحاجات الجسمية الخاصة، مثل: الحاجات البصرية أو الحركية، أو السمعية، أو صعوبات النطق، بل يصنفون ضمن من يعانون من صعوبات التعلم نمائيّة؛ لأن لارتباطه بشكل أساسي مع الحاجات العقلية والإدراكية الخاصة، فتظهر على شكل ضعف في الاستيعاب، وعدم فهم المهارات الأساسية.

 مؤشرات صعوبات التعلم النمائية والإدراك

• العجز عن أداء السلوك الصحيح الخاص بشيء ما: فلا يستطيع الطفل إتقان المهارات الأساسية الاعتيادية، والتي ينفذها أقرانه بسهولة؛ مثل عدم القدرة على تناول وجباته الغذائية بمفرده.
• ضعف الانتباه: إذ لا يركز الطفل على مهمة معينة، ولا يستطيع متابعتها بانتباه، بل على العكس فهو يبقى مشتتًا، ويكون منشغلًا في أمور أخرى غير واضحة لمن يتعامل معه.
• ضعف التذكر: فلا يستطيع الاحتفاظ بالمعلومات التي يدرسها أو يتعلمها، بل يحتاج لتكرار عملية التعلم أكثر من مرة حتى يتمكن من تذكرها.
• الضعف اللغويّ: فلا يستطيع الطفل فهم وإدراك المفردات المطروحة عليه بصورة صحيحة، ويلاحظ أن طريقة كلامه غير مترابطة وغير متناسقة.
• ضعف الإدراك: فلا يستطيع الطفل فهم الأوامر التي توجه إليه، ولا يستطيع استجابتها لأنه لم يفهمها.

أسباب صعوبات التعلم النمائية 

• العيوب الخلقية في تكوين الدماغ: إذ تقع بعض الأخطاء التي تؤثر على اتصال الخلايا العصبية ببعضها أثناء نمو الجنين، مما يشكل عيوبًا في نمو هذه الخلايا، وتكون السبب في مشكلة صعوبات التعلم النمائية عند بعض الأطفال.
• الوراثة: فقد تتكرر حالات صعوبات التعلم النمائية في أسر معينة، ويؤكد العلماء أن لهذا ارتباط بعامل الوراثة، فبعض الأطفال لا يملكون المهارات الخاصة بالقراءة، كفهم أصوات الحروف وإدراكها، وارتبطت تلك المشكلة بوجود أحد الوالدين الذي يعاني من المشكلة نفسها.
• ظروف الحمل والولادة: إذ يرتبط وجود مشاكل صعوبات التعلم لدى بعض الأطفال بمرحلة ما قبل الولادة؛ إذ تحدث بعض الحالات التي يتفاعل فيها الجهاز المناعي للأم مع تكوّن الجنين في داخلها، وكأنّ جسماً غريباً يهاجم الجنين، مما يؤدي إلى حدوث خلل في نمو الجهاز العصبي الخاص بالجنين، وفي حالات أخرى يمكن أن يتسبّب التواء للحبل السري حول الجنين خلال الولادة في نقص  كبير للأكسجين الذي يحتاجه الجنين، فتحدث إعاقة في المخ تتسبب في صعوبات التعلم لاحقاً، كما يعتبر تناول الأم للخمور، أو الأدوية الخطيرة، أو التدخين في فترة الحمل إلى تعريض الطفل لمشكلة صعوبات التعلم النمائية.
• التلوث والمشكلات البيئة: إذ يسبب التلوث ضررًا كبيرًا في نمو الخلايا العصبية؛ وعلى سبيل المثال إن مادة الرصاص من المواد الملوثة للبيئة، الناتجة عن احتراق البنزين، لكنه مستخدم في صناعة مواسير مياه الشرب، وهذا بدوره يؤدي إلى كثير من الصعوبات النمائية.

طرق علاج صعوبات التعلم النمائية والإدراك

يتساءل البعض ما إذا كان هناك علاج للصعوبات النمائية والإدراكية، والإجابة: أن هناك مجموعة من السلوكيات الواجب اتباعها لتجاوز تلك الصعوبات عند الأطفال، ومحاولة علاجها، ومنها ما يلي:

• تمرينات الانتباه: بجعل الطفل يركز الأصوات التي يسمعها، حتى يستطيع تطوير مهارة الاستماع.
• تمرينات التركيز: بجعل الطفل يركز بقوة على كل ما يدور حوله، لتحسين قدرة التركيز.
• تسمية الأشياء: وتكرار تذكيره بأسمائها حتى يحفظها تمامًا.
• الحد من فرط الحركة: لأنه يشتت الانتباه والتركيز لما يجب التركيز عليه.
• تمرينات التفريق بين الأشياء: بتعليمه التفريق بين الألوان أو الأشكال وأنواع الخضروات، والفواكه والحيوانات.
• الاستعانة بالوسائل التعليمية: كنماذج تعليم الحروف والأرقام، وممارسة العمليات الحسابية عليها.

 طرق تنمية مهارات الإدراك

تقوم تنمية مهارات الإدراك لدى الأطفال على بناء مهارات التعلم بشكل تدريجي؛ مثل الانتباه والتذكر والتفكير؛ إذ يستخدمها الأطفال لفهم وتحليل السبب والنتيجة، وعلى الرغم من أن بعض تنمية تلك المهارات مرتبطة بالتركيب الوراثي للطفل، إلا أنه يمكن تعلم معظمها، وتحسينها من خلال التدريب المناسب، كما يلي:

تنمية الانتباه

هي مهارة مهمة؛ إذ يستخدمها الطفل في تعلّمه المستقبلي كله، وتتم تنميتها بجعل الطفل يركز على مهمة أو محادثة واحدة لفترة زمنية طويلة؛ فالأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات يميلون إلى الحصول على فترات قصيرة من الانتباه تستغرق عادة 15 دقيقة أو أقل، وحين يبلغ الطفل سن الثامنة، يجب أن يتمتع بقدرة أكبر على التركيز على شيء واحد لفترات أطول، ثم إتمام المهام، ويكون أكثر مهارة في تجاهل المُشتتات، ويمكن للوالدين والمعلمين مساعدة الطفل على تطوير تركيزه بالإشارة إلى الأشياء المهمة أو المثيرة للاهتمام ثم مطالبة الطفل بإبداء رأيه عنها والتعبير عن ملاحظاته، كتحديد أسئلة معينة عند زيارة حديقة الحيوان، مثل: “ما هو الحيوان المفضل لديك؟” و “ما الذي أعجبك أكثر في هذا الحيوان؟”؛ فهو بإجابته سوف يتعلم مهارات أخرى أيضًا، كاختيار كلمات محددة للوصف، وتحديد أفكاره.

تنمية القدرة على الحفظ والتذكر

هي مهارة إدراكية مهمة تزود الطفل بالاحتفاظ بما تعلمه، واستثماره في بناء قاعدة مستقبلية للمعرفة؛ إذ يواجه الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات صعوبة في الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة على المدى القصير والطويل، لكن مع تقدم الطفل في السنوات الدراسية، تزداد مهارة التذكر على المدى الطويل وتسمح للطفل بالبناء التدريجي على المعرفة السابقة، ومن الطرق المفيدة في تسهيل الحفظ تعليم المادة المطلوبة باستخدام القوافي أو تلحينها بإيقاع موسيقي على سبيل المثال ، هناك طريقة غربية شائعة لتعليم الأطفال أشهر السنة من خلال هذه القافية:

ثلاثون يومًا في سبتمبر،

أبريل ويونيو ونوفمبر.

والباقي لديهم واحد وثلاثون،

باستثناء فبراير وحده،

هذا له ثمانية وعشرون يوم

وتسعة وعشرون في كل سنة كبيسة. 

تنمية مهارة التفكير

هي مجموعة من العمليات العقلية التي يقوم بها الطفل لمعالجة وفهم المعلومات، وتقسم إلى مهارات دنيا وعليا، وتتطور تلك المهارات بتقدم مراحل نموه، ولها أنماط متعددة منها: التفكير الناقد، والتفكير الإبداعي، والتفكير التأملي، والتفكير العلمي، والتفكير المعرفي وغيرها، ويلعب المعلم دورًا مهمًا في تنميتها لدى الأطفال داخل الصف، باتباع مجموعة من السلوكيات والتوجيهات كطرح الأسئلة المثيرة للتفكير، والتي تبدأ بكيف؟ من؟ متى؟ ماذا؟، وتنظيم الصف بشكل مريح يسهل عملية التفكير وتنفيذ الأنشطة، ومناقشة أفكار الطلبة دون إعطاء حكم فوري عليها، وتغيير أساليب الاختبارات والتركيز على الاختبارات التي تقيس القدرة على التفكير وحل المشكلات.