جدول المحتويات
الاستغفار
إنّ معنى الاستغفار هو: طلب المغفرة من الله، وفي الحديث القدسي: “قالَ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ لو بلغت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ، ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً”[صحيح الترمذي]، وللاستغفار أهمية كبيرة في حياة الإنسان فهو سبيل تكفير السيئات ومحو الذنوب وقد أمر الله –عزّ وجلّ- بالاستغفار في مواضع كثيرة من القرآن الكريم.
أنواع الظلم
الظلم أنواع وأشدّ هذه الأنواع هي ظلم الإنسان لنفسه من خلال الشرك بالله تعالى والتعدّي على حدوده، ومن أنواع الظلم أيضًا ظلم الإنسان لغيره من عباد الله؛ ولهذا الظلم صور عديدة ومتنوعة، منها:
- الظلم القولي: كالغيبة والنميمة، والاستهزاء والسخرية، والشتم والتنابز بالألقاب إلى غير ذلك من الصور والنماذج.
- الظلم العملي: وهو من صور ظلم العباد لبعضهم البعض، مثل: القتل بغير حق، وأخذ مال الغير عنوةً وغصبًا، ومنه أيضًا الظلم الذي يحصل داخل البيوت والأُسر كظلم الأزواج لزوجاتهم وضربهن وظلم الأولاد للوالدين بعقوقهم وعدم برّهم، ومن صور الظلم العملي أكل أموال الناس بغير حق كالامتناع عن دفع أجور العمال والتعدّي على أموال اليتامى والضعفاء.
كيفية استغفار الإنسان لمن ظلمه
إنّ ظلم العباد لبعضهم البعض من أشهر أنواع الظلم وأكثرها وقوعًا، وقد قال سفيان الثوري: (إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنبًا فيما بينك وبين الله تعالى، أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد)، وللتحلّل من ظلم العباد لابد من الحرص أولًا على ردّ المظالم إلى أهلها وذلك بإعادة الحقوق والاعتذار وطلب الصفح والغفران، ولكن في بعض الأحيان لا يكون هناك سبيل للقاء الشخص المظلوم أو الحديث معه، وهذا ما يجعل كثير من الناس يسألون عن كيفية التحلّل من ظلم العباد دون علمهم.
إنّ الظلم ذنبٌ عظيم ولكنّ الاعتذار المباشر والصريح قد يؤدي في بعض الأحيان إلى حصول منكر أكبر أو أنّ هذا الاعتذار يسبب حرجًا شديدًا للشخص المعتذِر لذلك فإنّ البديل عن الاعتذار المباشر هو الدعاء للشخص المظلوم والتصدّق عنه والاستغفار له حتى يوفيّه حقّه، بالإضافة إلى ضرورة التوبة من ظلم الناس وبذل الجهد والطاقة في ردّ الحقوق إلى أصحابها، أمّا عند تعذّر هذا فالاستغفار والدعاء والصدقة هو الحل البديل، وعلى الإنسان أن يحذر من ظلم الآخرين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن كانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْها، فإنَّه ليسَ ثَمَّ دِينارٌ ولا دِرْهَمٌ، مِن قَبْلِ أنْ يُؤْخَذَ لأخِيهِ مِن حَسَناتِهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ له حَسَناتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئاتِ أخِيهِ فَطُرِحَتْ عليه”[صحيح البخاري]، أمّا الغيبة فلا يكفي فيها الاستغفار والدعاء والصدقة إذ لابد من أن يذهب المسلم للمكان الذي تكلّم فيه عن أخيه بالسوء ويذكره بصفاتٍ حسنة وحميدة وكأنّه بهذا الفعل يتبرأ من كلامه السابق وينقضه.
فضائل وثمرات الاستغفار
إنّ للاستغفار فضائلٌ كثير وثمراتٍ جمّة، والإنسان الحريص على أمر دينه ودنياه يُكثر منه رغبةً بتحصيل هذه الثمرات والفضائل، فمن فضائله: أنّه سببٌ في رفع درجات العبد وعلوِّ منزلته، كما أنّ الله عزّ وجلّ قد وعد المستغفرين بالمغفرة والصفح والتجاوز عن ذنوبهم وأخطائهم، وهو سببٌ في تنقية القلب وتطهيره، وفيه قوةٌ للبدن وشفاءٌ من الأسقام والأمراض بإذن الله تعالى.
ثمراته في الدنيا كثرة الرزق والمال والذريّة ونزول المطر، وفيه تفريجٌ للهم وكشفٌ للكربات، وهو وقاية من العذاب الدنيوي وأحد الوسائل المعينة في النصر على الأعداء، كما أنّه سببٌ من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار وتنزّل الرحمة في الدنيا والآخرة، فالاستغفار من صفات المتقيّن ومن سنن النبيّين التي في لزومها والحرص عليها الخير الكثير، وقد امتدح الله عزّ وجلّ عباده المستغفرين وأمر بالاستغفار في مواضع عديدة من القرآن الكريم.
صيغ الاستغفار
- استغفار النبي يونس عليه السلام: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء: 87].
- استغفار النبي موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16].
- سيد الاستغفار: “االلَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ”[صحيح البخاري].