كيف كان الصحابة يستقبلون رمضان؟

كان عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- عندما يأتي شهر رمضان الكريم يقول “مرحبًا بمطهرنا من الذنوب”، ولذلك سمي شهر رمضان بالمطهر، وكان الصحابة يكثرون فيه من الدعاء لمعرفتهم بفضل هذا الشهر، فعن عبد الله بن عمر أنه إذا أفطر قال: “اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي” وقال يحيى بن أبي كثير فمن دعائهم أيضًا “اللهم سلمني إلى رمضان، اللهم سلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلًا” ويقول معلى بن الفضل “كان الصحابة يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم”.

ماذا كان يفعل الصحابة في رمضان؟

قد ورد عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أبي بن كعب وتميم الداري -رضي الله عنهما- أن يقوما في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر، فقد كان الصحابة يطيلوا الوقوف بين يدي الله تعالى في القيام، فعن عبدالرحمن بن هرمز قال: “ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في شهر رمضان، قال: فكان القراء يقومون بسورة البقرة في ثماني ركعات، فإذا قام بها القراء في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف عنهم”، فصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يقرأون بآية أو آيتين كما يفعل بعض المسلمين؛ فهم على معرفة بفضل هذا الشهر الكريم رضوان الله عليهم أجمعين.

أحوال الصحابة والتابعين في رمضان

أخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: لما نزلت آية: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضحَكونَ وَلا تَبْكون}(النجم: 59-60)، بكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهم بكى معهم فبكينا ببكائه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يلِجُ النَّارَ رجُلٌ بَكَى مِن خشيَةِ اللَّهِ حتَّى يَعودَ اللَّبنُ في الضَّرعِ ، ولا يجتَمِعُ غبارٌ في سبيلِ اللَّهِ ودخانُ جَهَنَّمَ”(صحيح الترمذي)، وكان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يختم القرآن مرة كل يوم، وبعض الصحابة يختم القرآن كل سبع ليال في القيام، وكان قتادة يختم في رمضان كل ثلاثة أيام، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وبعض السلف يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع ليال، وبعضهم في كل عشر.

هدي الصحابة في رمضان

عن مالك عن عبدالله بن أبي بكر -رضي الله عنهما- قال: سمعت أبي يقول: “كنا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر” فقد كانو يقومون الليل حتى يقترب الفجر، وعن نافع مولى بن عمر أنه قال: “كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوة من ماء، ثم يخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح” وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، وإن جبريل -عليه السلام- كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ، فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة”، وقال عبد العزيز بن أبي رواد: “أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم: أيقبل منهم أم لا؟”.

ماذا كان يفعل الصحابة في العشر الأواخر من رمضان؟

قد كانوا يجتهدون في العشر الأواخر اجتهادًا ليس له مثيل؛ اقتداء برسول الله -عليه الصلاة وأتم التسليم- فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر”(رواه البخاري ومسلم)، ويقضون أوقاتهم بين ذكر، وصلاة، وقراءة القرآن، يضاعفون العمل في العشر الأواخر؛ استعدادًا لليلة القدر تقربًا لله تعالى، وفي رواية لمسلم “كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره”.

حال السلف في رمضان

كان عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- إذا جاءه سائل، وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه إياه، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي من طعام، فيصبح صائمًا ولم يأكل شيئًا، وعن ابن جرير -رحمه الله- أن كثيرًا من أهل السلف الصالح كانوا يغتسلون في كل ليلة من ليالي العشر، فكان الرجل منهم يغتسل، ويتطيب، ويلبس حلة لا يلبسها إلى العام القادم من شهر رمضان، فيما يرجح عنده أنه من ليالي القدر كان يفعل ذلك أيوب السختياني -رحمه الله – وكان الإمام مالك يفعل ذلك أيضًا. 

فيديو كيف كان الصحابة يستقبلون رمضان؟