جدول المحتويات
يُعدّ التنمر شكل من أشكال العنف الذي يُمارسه شخص يتصف بالقوة تجاه شخص آخر أضعف منه بشكلٍ متكرر؛ وذلك للحصول على مبتغاه من الأفراد من حوله، ويوجد العديد من الأسباب التي تدفع شخصًا ما للتنمر، كما أنّ هنالك عدّة أنواع من التنمر، منها: المدرسي، والإلكتروني، واللفظي والجنسي، والعنصري، وتجدر الإشارة إلى أن الدين الإسلامي حرّم التنمر وتوجد العديد من الآيات والأحاديث التي تؤكد ذلك، ومن الجدير بالذكر أن التنمر لا يقتصر على الكبار، وإنّما يحدث بين الأطفال، ولكن لحسن الحظ له طرق لعلاجه، وقد أدرجت معظم الدول قانون يخص التنمر وعقوبة له للحد من انتشاره.
يتحدث هذا المقال عن ظاهرة التنمر، ويشمل:
- تعريف التنمر، وأسبابه، وأنواعه.
- التنمر في الإسلام، وأحاديث وآيات قرآنية عن التنمر.
- التنمر عند الأطفال.
- علاج التنمر.
- قانون التنمر وعقوبته.
ما هو التنمر ؟
يُعرّف التنمر بأنه شكل من أشكال العنف الذي يُمارسه فرد أو مجموعة تجاه أشخاص آخرين، ويُعتبر ظاهرة منتشرة بين طُلّاب المدارس بشكلٍ خاص، وما يميزه أنّه سلوكيات متكررة تحدث باستمرار من نفس الأشخاص باختلاف الضحية، وتحدث عادةً عندما يستخدم الشخص المتنمر القوة البدنية ليحصل على مبتغاه من الأفراد الآخرين الذين لا يمتلكون القوة البدنية للدفاع عن أنفسهم؛ ممّا يؤدي لاحقًا لتعرضهم إلى مشاكل نفسية دائمة.
أسباب التنمر
- عدم تقبّل الآخر: أحيانًا يتنمر الشخص على غيره فقط لأنّه يراه شخص مختلف عنه، وعادةً ما يسخر من هذا الاختلاف بشكلٍ علني.
- الرغبة في التأثير: يتنمر الشخص في بعض الأحيان للحصول على إعجاب من حوله من الأشخاص؛ وذلك بهدف تسليتهم وإضحاكهم من خلال التنمر على غيرهم.
- الإنتماء إلى مجموعة من المتنمرين: أحياناً عندما ينتمي شخص إلى مجموعة من المتنمرين يجب عليه إثبات أنه يشبههم، وذلك بفرض قوته وسلطته على الشخص المتنمر عليه؛ مما يكسبه دعم فريقه له.
- التعجرف: يعتقد العديد من الأشخاص المتنمرين بأنّهم أفضل من الأشخاص الذين حولهم، كما يعتبرون أنهم دون مستواهم، وهذا يعود إلى شعورهم بالفوقية ولتكبرهم على من حولهم.
- الغيرة: في بعض الأحيان يشعر المتنمر بالغيرة من شخص معين بسبب مستواه الاجتماعي أو شهرته أو أي أمر آخر؛ فيحاول إزعاجه من خلال التنمر عليه.
- عدم تقدير الذات: إن كان المتنمر يشعر بأنّه ينتقص إلى بعض الصفات مثل أنه غير ذكي أو لا يملك المال على سبيل المثال؛ فهذا يجعله يشعر بأنّه يمكنه أنّ يُحسّن من شعوره بالتنمّر على الآخرين والحط من قيمتهم وقدرهم.
- المشاكل المنزلية: يعاني الكثير من الأشخاص المتنمرين من المشاكل المنزلية؛ كالتعنيف الجسدي واللفظي والجنسي والعاطفي، ويسلك سلوك التنمر للتعبير عن غضبه المكبوت.
- الوحدة: قد يشعر المتنمر في بعض الأحيان بالوحدة، وهذا يجعله يود اكتساب الاهتمام وشد انتباه من حوله، وهذا يجعله يتنمر على من حوله ليتمكن من الشعور بنفسه وبتأثيره على من حوله.
- المتنمر عادةً ما يكون ضحية تنمر: حيث إن الكثير من المتنمرين كانوا ضحية لشخص متنمر آخر، وهذا يجعلهم يشعرون بالغضب وعدم القيمة؛ وهذا يجعله أسلوب لديهم بأن يتنمروا على من حولهم.
أنواع التنمر
التنمر الإلكتروني
هو التنمر الذي يحدث عبر الإنترنت على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الألعاب والهواتف المحمولة، ويتضمن إرسال رسائل أو تهديدات عبر الإنترنت والمواقع المختلفة، أو نشر الأكاذيب أو الصور التي تُسبّب الحرج لشخص ما، إضافةً إلى انتحال شخصية شخص معين وإرسال رسائل إلى الآخرين بهدف إحراجه.
التنمر المدرسي
هو التنمر الذي يتعرض لها الطالب بشكلٍ متكرر، وقد يكون تنمرًا لفظيًا أو قد يتعرض فيه الطالب إلى العنف الجسدي والضرب من قبل طالب آخر، وعادةً ما يُهاجم المتنمر الذي يتصف بالقوة البدنية شخص آخر يتصف بالضعف الجسمي والضعف النفسي؛ مما يؤثر عليه نفسيًا على المدى الطويل.
التنمر اللفظي
هو الإساءة اللفظية التي يهاجم بها المتنمر الشخص المتنمر عليه؛ إذّ يطلق عليه ألفاظًا في معظم الأحيان لا تنطبق على الضحية في الواقع، وقد يصفه بصفات غير موجودة به؛ بهدف التأثير على الضحية وجعله يشعر بالسوء، ويحاول في هذه المرحلة المتنمر أن يُقنع الضحية بأنّه شخص سيء بالفعل، كأن يتهكم المتنمر على الضحية من حيث ذوقه في الموسيقى التي يستمع لها؛ وهذا يُقلل من احترام الضحية لنفسها وذوقها؛ حيث إن المتنمر يُحاول أن يُقنع الضحية بأن اختياراته سيئة وغير مناسبة، ولكن للأسف في معظم الأحيان لا يتم التعامل مع التنمر اللفظي بجدية؛ كالإساءة الجسدية رغم أنّها مشكلة قد تُسبّب لهم معاناة نفسية تدوم معهم مدى حياتهم، ويُقسم التنمر اللفظي إلى عدّة أقسام، وهي:
- التنمر على اسم الضحية.
- التهكم على حديث الضحية وإلقاء النكات.
- التلاعب.
- اللوم.
- التهديدات.
- الحجج.
- الاتهامات.
- عدم تحمّل المسؤولية.
- النقد الهدّام.
- التعليقات المهينة.
التنمر العنصري
يُعرّف التنمر العنصري بأنّه التقليل من شأن شخص ما بسبب مظهره الجسمي، أو عرقه، أو دينه الذي يتبعه، أو ثقافته، وقد يشمل تشويه السمعة والإساءة الدينية إلى الضحية، ويتراوح التنمّر العنصري بين الاعتداء اللفظي وقد يصل إلى الاعتداء الجسدي، ويؤدي التنمر العنصري إلى تقليل شعور الضحية إلى المجتمع، كما قد يؤثر على صحة الطلاب العقلية والبدنية، ويؤدي إلى غياب الطلاب وتقليل تحصيلهم العلمي.
التنمر الجنسي
يُعرّف التنمّر الجنسي بأنّه نوع من أنواع التنمّر التي تشيع بين المراهقين خاصةً في غياب البالغين، وتكون عبر تعليقات وأفعال تتعلق بالجنس، وقد تكون أفعال مباشرة أو عبر شبكة الإنترنت، وعادةً يصعب تحديد التنمر الجنسي؛ حيث إنّه لا يترك علامة واضحة، ويعتبر نوع من أنواع التحرش الجنسي، ومن الأمثلة عليه النكات الجنسية أو إبداء إيماءات جنسية جسدية، وإبداء تعليقات حول التفضيل الجنسي للشخص، أو مناداة شخص ما بأحد الأسماء الجنسية الصريحة، أو لمس أحد أعضاء جسم شخص ما بطريقة جنسية، أو إرسال رسائل نصية أو فيديوهات وصور على الهاتف.
التنمر في الإسلام
اعتبر الإسلام التنمر من أنواع السلوكيات العدوانية التي حذّر منها ونهى عنها، حيث يحث الإسلام على الإعلاء من قيمة السلام ونهى عن كل أمر فاحش، ويُعدّ التنمر سلوكًا يتنافى مع حسن الخلق والسلام، وأمرًا محرمًا سواء كان تنمر لفظي أو معنوي أو حتى لو كان بنظرة أو بالإشارة، ومن المعروف أن حسن خلق المسلم هو من الأمور التي تثقل ميزانه في يوم القيامة، ويُعدّ كذلك دليلًا على كمال الإيمان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا” [خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح].
حديث عن التنمر
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”. [خلاصة حكم المحدث: حسن].
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لمسلم أن يروّع مسلمًا”. [خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ”. [خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا، وَلَا جَادًّا”. [خلاصة حكم المحدث: حسن].
آيات قرآنية عن التنمر
- قال تعالى: “وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”. [سورة البقرة: الآية 190].
- قال تعالى: “وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ”. [سورة الهمزة: الآية 1].
- قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”. [سورة الحجرات: الآية 11].
- قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”. [سورة الحجرات: الآية 13].
- قال تعالى: “الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”. [سورة التوبة: الآية 79].
- قال تعالى: “وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ”. [سورة هود: الآية 38].
- قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ”. [سورة إبراهيم: الآية 24].
ما هو التنمر عند الاطفال
التنمر عند الأطفال هو سلوك يظهر في سن المدرسة، ويتصف بأنّه سلوك عدواني يُحاول فيه الطفل فرض سلطته وإظهار قوته على الأطفال الآخرين الأضعف منه، وعادةً ما يكتسب الأطفال هذا السلوك من عائلاتهم ومعاملتهم لهم بطريقة فظّة، وللأسف يُعاني الأطفال المتنمرين من المشاكل النفسية ويحتاجون إلى العلاج النفسي والدعم، وتوجد عدّة أساليب من التنمر لدى الأطفال منها التنمر اللفظي الذي يشمل الاستفزاز والسخرية والتهديد والتعليقات الجنسية، أو التنمر الاجتماعي مثل النفور من شخص ما، وتحريض الأطفال الآخرين على مصادقة طفل معين، إضافةً إلى نشر الشائعات وإحراج شخص ما في مكان عام، وأخيرًا التنمر المادي الذي يشمل الضرب، والدفع، والبصق، وتكسير ممتلكات الضحية.
علاج التنمر
- تقوية الوازع الديني لدى الأطفال منذ صغرهم.
- الحرص على التواصل بين الآباء والأبناء ومعرفة ما يحصل معهم داخل المدرسة وخارجها، وتقديم النصح اللازم لهم.
- اتخاذ إجراءات رادعة في المدرسة ضد الطفل المتنمر على زملائه.
- التركيز على نقاط قوة الطفل وتنبيهه على نقاط ضعفه ومعالجتها؛ إضافةً إلى تعزيز ثقته بنفسه.
- تعليم الطفل الرياضة التي تمنحه القوة اللازمة للدفاع عن نفسه.
- الحديث مع الطفل عن الأشخاص الذين يتنمرون عليه داخل المدرسة، وإيجاد حلول له.
- عرض الطفل على أخصائي نفسي لمساعدته في الخروج من هذه الحالة.
- التدريب والتعليم المستمر بهدف وقف التنمر ومنع حدوثه في المجتمع.
- تحدّث المعلمين مع الطلاب لوقتٍ كافٍ لتوجيههم والحد من هذه التصرفات غير المسؤولة.
- توضيح السلوكيات التي تُعدّ تنمرًا، وتوجيه الأطفال إلى عدم السكوت عنها.
- بناء استراتيجية في المجتمع لعلاج التنمر وتوضيح نتائجه الخطيرة؛ وذلك بعمل دورات توعوية للطلاب، والآباء، والمعلمون، والسائقين في المدرسة، والمدربين والممرضات في المدرسة.
- مشاركة الطفل الضحية في بعض النشاطات اللامنهجية التي توضّح تفوّقه في بعض الهوايات وإبداعه فيها؛ وهذا يُعزز من ثقته بنفسه؛ كالعروض المسرحية، وبعض أنواع الرياضة.
- تفعيل دور المدرسة في علاج التنمر من خلال استخدام المعلم لتقنيات التدخل لمساعدة الضحية وفهم أسباب التنمر ومحاولة التخلص منها، إضافةً إلى الحديث إلى المتنمرين وضحاياهم كلٍ على حدة وإحالة كلاهما إلى الاستشارة النفسية.
- تعزيز شعور التفاؤل لدى الطفل الضحية المتنمر عليه وإعادة بناء احترامه لذاته.
تجدر الإشارة إلى وجود بعض الأدوية التي تُساعد في علاج التنمر، وهي: أدوية مضادة للاكتئاب، والأدوية المضادة للقلق، ولكن يجب عرض الطفل على الطبيب النفسي واستخدام الأدوية تحت إشراف الطبيب.
قانون التنمر
ينص قانون التنمر على أن “التنمر هو كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغلال ضعف المجني عليه، أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسيء للمجني عليه، الجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويف المجني عليه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه الاجتماعي”.
عقوبة التنمر
تختلف عقوبة التنمر من بلد إلى آخر؛ فمثلًا في الأردن يُعتبر التنمر الإلكتروني سلوك يُسبب الأذى للآخرين، ويعد من جرائم القدح والذم، إضافةً إلى انتهاك حياة شخص ما، أو ابتزازه، أو انتحال شخصيته، وتصل عقوبتها إلى السجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ثلاثة سنوات.
عقوبة التنمر في مصر
عقوبة التنمر في مصر يجب ألّا تقل عن ستة شهور ودفع غرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن 30 ألف جنيه، ولكن في حال كانت الجريمة قد حصلت من قبل مجموعة من الأشخاص فإنّ مدة الحبس لا تقل عن سنة، والغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه.