جدول المحتويات
قال جمع من العلماء أنه لا يلزم الصيام للمريض الذي يمرض مرضًا يرجى برؤه، وذلك بعد تحديد الطبيب ذلك، وينبغي عليه أن يفطر ثم يقضي فقط، ولكن إذا أخر القضاء حتى إذا دخل رمضان ثانٍ بدون عذر؛ فإنه في هذه الحالة يقضي، ثم يكفر كفارة تأخير القضاء، وتكون: مد عن كل يوم لمسكين، بينما إذا اتفق الطبيب على أن المريض لا يرجى برؤه؛ فإنه حينها يفطر، ويُكفر هذا المريض عن كل يوم أفطره مداً لمسكين، أي: ما يساوي 750 غرامًا من الأرز، أو غيره من الأطعمة التي يقتات بها، وذلك على حسب اختلاف الأعراف والعادات.
مقدار كفارة الصيام للمريض
إذا كان المريض مريضًا مرضًا يرجى برؤه، وذلك على رأي الأطباء؛ فإنه يجب عليه القضاء، ولا يكون له كفارة، بينما إذا كان المرض يقول الأطباء عنه أنه لا يرجى برؤه؛ فإنه يجزيه عن كل يوم إطعام مسكين نصف صاع من: الأرز، أو التمر، أو الحنطة… إلخ من قوت البلد؛ بمقدار كيلو ونصف تقريبًا، ولا يجوز إخراج النقود حينها، والواجب إخراج الطعام قبل أو بعد الصيام، ويكفي أن يدفع المريض ذلك إلى مسكين واحد أو أكثر.
كفارة الصيام للمريض بالمال
مقدار كفارة الصيام بالمال
أفتى جمهور العلماء بعدم جواز النقود، والواجب على المريض إخراج الطعام قبل أو بعد الصيام، سواء أخرج هذا الطعام إلى مسكين واحد أو أكثر.
كفارة الصيام للمريض بمرض مزمن
ينبغي على المريض بمرض مزمن القضاء إذا شفاه الله؛ فلقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185]، ولكن هذا إذا كان المرض يرجى برؤه، بينما إذا قرر الأطباء أن هذا المرض لا يرجى برؤه، ويشق الصيام عليه؛ فحينها يجب إطعام عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من الأرز، أو التمر، أو الحنطة، ثم يجمعهم ويعطيهم لبعض الفقراء، في مطلع الشهر، أو في وسطه، أو في آخره، والله تعالى أعلى وأعلم.
هل يجوز دفع كفارة الصيام نقدًا؟
لا يجوز دفع النقود كفارة الإفطار في نهار شهر رمضان المبارك؛ لأن الله -عز وجل- نص بذلك، قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [سورة البقرة: 184]، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “صاع من بر، صاع من شعير، صاع من تمر…إلخ الحديث” رواه البخاري، وإذا نص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الإطعام؛ فإنه ينبغي علينا التقيد به، والجدير بالذكر أن النقود والدراهم كانت موجودة حينئذ وقت التشريع، ولقد نص الشارع على الطعام؛ فإذا كان يجوز دفع النقود؛ لبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلم للناس، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وكذلك يجوز نقل الصدقة من بلد إلى بلد قريب أشد حاجة.
كيفية إخراج كفارة الإطعام عن الصيام
نص العلماء أنه يجوز للمريض دفع كفارة الصيام عن الأيام من رمضان أو عن كلها مقدمًا في مطلع الشهر، أو في وسطه، أو في آخره، كما أنه يجوز أن يدفعها متفرقة، أو أن يدفعها دفعة واحدة، بالإضافة إلى أنه يجوز أن يدفعها لأقل من ثلاثين، أو أقل، حيث إنه لم يشترط عليه أن يدفعها لعدد محدد، بل لعدد من الفقراء والمساكين، والأمر في جمع المساكين على الطعام أن يصنع المريض طعامًا يكفي عن ثلاثين يومًا، أو عن عدد الأيام التي أفطرها، ولا يجوز أن يجمع المساكين للطعام، بل ينبغي تمليك المسكين لذلك الطعام إذا شاء أكله، أو إذا شاء باعه، أو يفعل بهما كما يحلو له؛ لذلك ينبغي إعطاء الطعام غير مطبوخ؛ لأن ذلك أنفع للمسكين من المطبوخ، ويفعل به ما يشاء عكس المطبوخ الذي لا ينتفع به إلا بالأكل.
متى تخرج كفارة الصيام للمريض؟
المريض مخير بين إخراج فديةَ كل يوم على حدة، وبين إخراجها فن الشهر بأكمله بعد انقضائه، قال الرملي الشافعي -رحمه الله- “ويتخير في إخراجها بين تأخيرها، وبين إخراج قيمة كل يوم فيه، أو بعد فراغه، ولا يجوز تعجيل شيء منها لما فيه من تقديمها على وجوبه” والجدير بالذكر أنه يجوزُ دفع فدية الشهر بأكمله لمسكينٍ واحد؛ لأن كل يومٍ هو عبادة مستقلة، قال في الإنصاف: “يجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة” وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: “وإذا عشيت مسكيناً، أو غديته بعدد الأيام التي عليك كفى ذلك”.
لمن تدفع كفارة الصيام؟
لا يجوز إعطاء كفارة الصيام إلا لمن يستحقها، وعلم بذلك، بينما إذا لم يُعلم حاله، ولا يوجد عليه أمارات الحاجة؛ فحينها لا يجوز إعطاؤه إلا إذا ادّعى ذلك الشخص الفقر، ولم يوجد عليه ما يدل على ضد ذلك، فحينها يجوز إعطاؤه، وإذا كان ظاهر حال هذا الحاجة الحاجة جاز إعطاؤه، وإن كان متعففًا عن السؤال؛ فهو أولى أن يعطى من الشخص الذي يسأل، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس”
(متفق عليه)، وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في شرح الموطأ: “ومع ذلك لا يتعرض للناس، لا يسأل، وهذا لا شك أنه أحوج من الذي يتعرض للناس، أحوج؛ لأنه قد يموت وهو في بيته” ويجوز إعطاء فدية القضاء لمسكين واحد، قال ابن مفلح في الفروع: “وَيَجُوزُ صَرْفُ الْإِطْعَامِ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً” أو أكثر، والله تعالى أعلى وأعلم.