جدول المحتويات
الأراضي الموقوفة هي أراضي يقوم بعض الأفراد بوهبها للعمل الخيري مع ضرورة استيفائها بعض الشروط ليُصبح الوقف صحيحاً، ورغم أنّ الأرض الموقوفة لا يجوز بيعها نظراً لكونها ملكية عامة، إلا أنه في حالة عدم قدرة الوقف على توليد ريع، من الممكن أن يسمح القانون بإتمام عملية البيع.
يتحدث هذا المقال عن الأراضي الموقوفة ويشمل:
- ما هي الأراضي الموقوفة؟ وما هي أهم الشروط الواجب توافرها ليتم إيقاف الأراضي وقفا صحيحاً غير باطلاً؟
- ماهي التقسيمات المختلفة لأنواع الأراضي الموقوفة؟
- ما هي الحالات التي يجيز فيها القانون ببيع الأراضي الموقوفة؟
ما هي الأراضي الموقوفة؟
يُمكن تعريف الأراضي الموقوفة بأنها أرض تم حبسها وتسبيل ريعها للمنفعة العامة، ويمكن وصف الأراضي الموقوفة بأنها أراضي توفي ملاكها دون وجود ورثة لهم، وهو ما يجعل حكومة الدولة تضع يدها عليها وتقوم بتسبيل منفعتها للمصلحة العامة أو للأعمال الخيرية، أو أنها أراضي قرر ملاكها وهبها للمنفعة العامة، ولتحقيق هذا الأمر هناك مجموعة من الشروط اللازم توافرها لتُصبح هذه الأرض أرض وقف خيري أو وقف للمنفعة العامة كما يلي:
الواقف
هو الشخص الذي يقوم بإيقاف العين أو الأرض للعمل الخيري لصالح جهة ما، ويُشترط في الواقف العديد من الشروط:
- أن يكون حُراً ولا يحتاج لإذن من أي شخص للقيام بوقف أحد أملاكه للعمل الخيري.
- أن يكون عاقلاً ومًدركاً لتصرفاته وقادر على التمييز وألا يعاني من أي مرض عقلي يؤثر على قراراته.
- أن يكون بالغاً ومسؤولاً عن تصرفاته، حيث لا يسمح القانون للصبي غير القادر على التمييز بالقيام بوقف أحد أملاكه.
- أن يكون الشخص غير مديوناً لأي فرد أو جهة بمبلغ من المال، حيث تكون الأولوية لسداد الديون.
الموقوف
المقصود بالموقوف هو قطعة الأرض أو أي عين يرغب الفرد في وهبه للمنفعة العامة، ومن أهم الشروط الواجب توافرها في الموقوف ما يلي:
- يجب أن يكون معلوماً وواضحاً، فإذا كان الفرد يرغب في وقف قطعة أرض للمنفعة العامة، فيجب أن تكون أبعاد هذه الأرض واضحة ومُحددة بدقة.
- يجب أن يكون الموقوف ذو قيمة معلومة للجميع.
- يجب أن يمتلك الواقف الموقوف ملكية كاملة، فإذا كان يرغب في وقف قطعة أرض، فيجب ألا يكون له شركاء فيها، وفي هذه الحالة يجب أن يوافق جميع الشركاء على الوقف، وفي حالة عدم استيفاء هذا الشرط فإن الوقف يكون باطلاً.
صيغة الوقف
- يجب أن يكون الوقف نهائي، بمعنى يجب أن تكون نية الواقف هي وهب الأرض للعمل الخيري بصورة نهائية لا تراجع فيها.
- يجب ألا يقوم الواقف بتعليق الموقوف على أحد الشروط غير المتحققة أثناء وقت الوقف، فعلى سبيل المثال، إذا كان الفرد يرغب في وهب قطعة أرض زراعية للعمل الخيري، فلا يجوز أن يشترط أن يدخل الوقف حيز التنفيذ فقط في حالة طرح الأرض للثمار.
- يجب ألا يقوم الواقف بربط الوقف بشرط الخيار، حيث يكون الوقف باطلاً في حالة قيام الفرد بوهب إحدى قطع الأراضي لعمل الخير مع وضعه لشرط يسمح له بالعدول عن رأيه خلال فترة زمنية معينة.
- ألا يقوم الواقف بوضع أحد الشروط التي قد تؤثر على الوقف في المستقبل، فعلى سبيل المثال لا يمكن للواقف أن يقوم بربط إحدى قطع الأراضي للعمل الخيري مع وضع شرط أن يقوم ببنائها في المستقبل لعمل ملجأ للأطفال.
الجهة الموقوف عليها
الأصل في القيام بوقف أحد الأصول للعمل الخيري هو قيام الفرد بتحمل نفقات بعض الفقراء، حيث إنّ تحمل نفقات الأغنياء يعتبر بمثابة هبة وليس عملاً خيرياً، وبالتالي يجب على الواقف أن يتحرى اختيار الجهة الموقوف عليها مثل إحدى الجمعيات الخيرية التي تقوم بكفالة الأيتام على سبيل المثال.
أنواع الأراضي الموقوفة
يمكن تقسيم الأراضي الموقوفة لنوعين كما يلي:
- الأراضي الموقوفة وقفاً صحيحاً: هي أراضي استوفت شروط الوقف السابق ذكرها.
- الأراضي الموقوفة وقفاً غير صحيحاً: هي عبارة عن أراضي خاصة بالحكومة تم إيقافها دون قيام أي فرد بالاعتراض، وفي حالة قيام أحد الأفراد بالتضرر من هذا الوقف، فيمكن العدول عن الوقف مع العلم بأنه لا يمكن لأي مُتضرر الاعتراض بعد مضي فترة طويلة على الوقف.
بصفة عامة يمكن تقسيم الأراضي الموقوفة أو أي أصل يتم وقفه للعمل الخيري وفقاً للتقسيمات التالية:
من حيث الوضع الشرعي
هناك أراضي موقوفة وقفاً صحيحاً استوفت جميع شروط الوقف، وأراضي موقوفة وقفاً باطلاً نتيجة عدم تحقق أحد شروط الوقف الصحيح.
من حيث الجهة الموقوف عليها
هناك أراضي موقوفة لجهات عامة مثل وقف قطعة أرض لأحد الجمعيات التي تعول الفقراء، وهناك أراضي موقوفة لشخص أو عائلة محددة.
من حيث الاشتراك
هناك أراضي يشترك في وقفها أكثر من شخص، وهناك أراضي يتم إيقافها بواسطة شخص واحد.
من حيث قُرب الجهة الموقوف عليها
هناك أراضي توُقف وقف خيري، حيث يتم إنفاق ريعها على الفقراء بصفة عامة، وهناك أراضي توُقف وقف ذُري وهي أراضي يقتصر إنفاق ريعها على ذرية شخص أو عائلة محددة.
من حيث حال الواقف
هناك أراضي يتم إيقافها بواسطة واقف يتمتع بحالة صحية جيدة، بينما هناك أراضي يتم إيقافها بواسطة واقف يُعاني من بعض الأمراض.
من حيث الجهة الموقوف لها
من الممكن أن يقوم الفرد بوقف إحدى قطع الأرض لجهة حكومية لتقوم بالإنفاق من ريعها على الفقراء بصفة عامة، ومن الممكن أن يقوم بوقف قطعة أرض لجهة خاصة مثل إحدى الجمعيات الخيرية التي تعول الأيتام.
من حيث محل الوقف
المقصود بمحل الوقف هو كل ما يتعلق بالوقف، فإذا قام أحد الأفراد بوقف قطعة أرض للعمل الخيري، فهنا يتم تحديد ريعها واستخداماتها و ما إن كانت تحتوي على بعض التجهيزات التي تساعد على زيادة ريعها.
من حيث انقطاع الوقف واتصاله
- متصل الابتداء والانتهاء: هو عبارة عن الوقف الذي يتم تخصيصه لأمر مستمر ولا يتوقف مثل القيام بتخصيص ريع الأرض الموقوفة للإنفاق على طلاب العلم من غير القادرين.
- متصل الابتداء منقطع الانتهاء: مثل تخصيص ريع الأرض الموقوفة للإنفاق على شخص محدد حتى وفاته.
- منقطع الابتداء والانتهاء: مثل تخصيص ريع الأرض الموقوفة للإنفاق على ذرية شخص أو عائلة محددة وهي معدومة.
من حيث الإدارة
في حالة الوقف المضبوط يتم تعيين إدارة مستقلة لتشغيل الأرض الموقوفة وتوزيع ريعها على الفقراء، أما في حالة الوقف المُلحق فإن إدارة الأرض الموقوفة تكون بواسطة إحدى الجهات مثل إدارات الجمعيات الخيرية.
حكم بيع الأراضي الموقوفة
الأراضي الموقوفة ذات المصالح الباقية
إذا تم وقف إحدى الأراضي الزراعية للعمل الخيري ليتم بيع المحصول الذي تنتجه سنوياً و استخدام ربحه في كفالة الفقراء، ففي هذه الحالة لا يجوز شرعاً وقانوناً بيع هذه الأرض و ذلك لكونها ذات مصالح باقية وقادرة على توليد ريع للعمل الخيري.
الأراضي الموقوفة ذات المصالح الفانية
في حالة وقف إحدى الأراضي الزراعية للعمل الخيري، وبعد فترة تحولت هذه الأرض لأرض بور لا يُمكن استخدامها لزراعة أي محصول لتوليد الريع، ففي هذه الحالة يُطلق على هذه الأرض أرض موقوفة ذات مصالح فانية وبالتالي فإنه يجوز بيعها والاستفادة من ثمنها لكفالة الفقراء مع مراعاة ألا يقوم القائمون على هذا الوقف باستخدام ثمنه مرة واحدة مثل توزيع ثمنه على الفقراء، حيث أكد العديد من الفقهاء على ضرورة استخدام ثمن الوقف ذو المصالح الفانية في شراء أصل جديد قادر على توليد ريع مثل شراء قطعة أرض زراعية جديدة، أو شراء عقار والاستفادة من إيجاره الشهري.
