مبطلات الصيام في رمضان بين الزوجين

مبطلات الصيام في رمضان بين الزوجين 

الزواج هو أساس تكوين الأسرة المُسلمة التي تعتبر عماد المجتمع، فقد شرعه الله تعالى وجعل فيه المودّة والرحمة بين الرجل وزوجته، وقد اعتبر القرآن هذا الزواج آية من آيات الله؛ مثل خلق السماوات والأرض، وخلق الإنسان من تراب، قال الله تعالى: {وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم: 21)، وفي هذا المقال سنتحدث عن أهم مبطلات الصيام في شهر رمضان الكريم بين الزوجين والتي يقع فيها العديد من الناس، لذا على الجميع التعرف على المحظورات التي تبطل الصيام، وهل هناك بعض الأمور المتاحة بين الزوجين أثناء الصوم، والتي لا تتسبب في الإفطار، وغيرها من الأمور المتعلقة بـ مبطلات الصوم بين الزوجين.

أحكام ومبطلات الصيام للمتزوجين

 هناك العديد من الأحكام الشرعية المتعلّقة بالعلاقة الزوجية في شهر رمضان والتي توصي الزوجين بالحذر من تبعاتِ الأفعال المقترنة بالشهوة، ولا بأس بالجلوس، والمزاح، والكلام، والتعليم، وغير ذلك، ويُفضَّل اجتناب كلّ ما يُؤدّي إلى إفساد الصيام وبطلانه، إذ يجب على الصائم تركه إياها وذلك تقرُّباً لله تعالى، فقد ورد في الحديث: “خلوفُ فمِ الصَّائمِ أطيبُ عند اللهِ عزَّ وجلَّ من ريحِ المسكِ قال ربُّكم عزَّ وجلَّ عبدي ترك شهوتَه وطعامَه وشرابَه ابتغاءَ مرضاتي والصَّومُ لي وأنا أجزي به”(معجم الشيوخ)، لذلك هناك العديد من مبطلات الصيام في رمضان بين الزوجين والتي تتفاوت في خطورتها، وبالتالي إفساد الصيام، وفيما يأتي بيان بعضها.

هل الجماع يبطل الصيام؟

 يُحرّم على الصائم في نهار رمضان جماع زوجته؛ لأنّ الجماع يُعَدّ كالأكل، والشُّرب في اعتباره من مبطلات الصيام، قال الله -تعالى-{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}(البقرة: 187)، بناءً على الآية الكريمة فالصيام  يكون عن الأكل، والشُّرب، والجماع، وباقي المُفطرات، ويعود سبب تحريم الجِماع في نهار رمضان، واعتباره من المُفطرات إلى أنّ المقصود من عبادة الصيام كفّ النفس عمّا اعتادت عليه من الشهوات، كالأكل، والشُّرب، وخاصةً أنّ الراحة والانغماس في الشهوات أمر يزيد من وساوس الشيطان، ويُضعف العزيمة على العبادات والعمل، والجماع من نِعَم البَدَن، مثله في ذلك مَثلُ الأكل والشُّرب؛ ولذلك حرّمه الله تعالى في نهار رمضان، وجعله من المُفطرات.

إعلان السوق المفتوح
اقرأ أيضاً:  شرح دعاء " اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني "

كما يترتب على من أفسد صومه بالجماع الإثم وبطلان صيامه، ويجب عليه إمساك ما تبقّى من النهار؛ حيث إنّ كلّ مَن أفسد صيامه في نهار رمضان بغير عُذرٍ شرعيٍّ، وجب عليه إمساك بقيّة اليوم، بالإضافة إلى وجوب قضاء ذلك اليوم، مع  كفّارةً مغلّظة، فكفارة الجماع في نهار رمضان من أغلظ الكفّارات؛ وهي تكون بعتق رقبة، فإن لم يستطع، فصيام شهرَين مُتتابعَين، فإن لم يستطع، فإطعام ستّين مسكيناً، أمّا إن كان الصيام نافلةً وأفطر المُكلَّف بالجماع، فلا يترتّب عليه شيءٌ. 

أمَّا الجماع ناسياً فقد اختلف فيه أهل العلم، فقالوا بأنه كـحكم من أكل وشرب ناسياً وليس عليه قضاء ولا كفارة، أما كان رأي بعض أهل العلم على ذلك القول بأن الجماع ليس كالأكل والشرب لأنَّ الطرف الثاني يذكر الطرف الأول بالصيام وهو عكس الأكل والشرب الذي ليس فيه طرفان، وقالوا يجب عليه الكفارة، والله أعلم.

هل القبلة بين الزوجين تبطل الصيام؟ 

أجمع أهل العلم على أن  التّقبيل الذي يُفطر الصائم بسببه هو ما نتج عنه إنزال، أمّا إن لم ينتج عن التقبيل إنزالٌ؛ فيكون الحُكم  يعتمد على طبيعة الصائم نفسه؛ فإذا كانت القُبلة تُؤثّر فيه، وتُحرّك شهوته، فحُكمها الكراهة، إلّا أنّها لا تعتبر مُبطلةٌ للصيام، وقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، أنّها قالت: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهو صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهو صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ”(صحيح الترمذي)، أما القبلة يكون حكمها الإباحة إذا  كانت لا تُؤثّر في الصائم، ولا تُحرّك شهوته، رغم أن الأولى والأفضل له تركها، استدلالاً بما رُوي عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-، أنّه قال: “هشَشتُ فقبَّلتُ وأَنا صائمٌ، فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ صنَعتُ اليومَ أمراً عَظيمًا قبَّلتُ، وأَنا صائمٌ قالَ: أَرأَيتَ لو مَضمَضتَ منَ الماءِ، وأنتَ صائمٌ قُلتُ: لا بأسَ بِهِ، قالَ: فمَهْ، بالتالي فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ علّة الحكم مرجعها إلى تحريك الشهوة أو الإنزال، وتنتقل بين الكراهة والجواز تبعاً لذلك، ولا فرق في الحكم بين الشّاب وكبير السّن. 

اقرأ أيضاً:  دليلك الشامل عن القراءات العشر

ما حكم المداعبة بين الزوجين في رمضان؟ 

اتفق جمهور العلماء على جواز المُداعبة بين الرجل وزوجته أثناء الصيام، بشرط التأكُّد من عدم اشتداد الشهوة والوقوع في المحظور، ففي هذه الحالة لا تجوز المداعبة؛ لأنّ ذلك ممّا يُعرّض الصيام للفساد، وفي الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، أنّها قالت: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُ ويُبَاشِرُ وهو صَائِمٌ، وكانَ أمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ”(صحيح الترمذي)، كما رُوِي عن عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- أنّه سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: سَلْ هذِه لِأُمِّ سَلَمَةَ فأخْبَرَتْهُ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ ذلكَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، قدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَما وَاللَّهِ، إنِّي لأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَخْشَاكُمْ له”(صحيح مسلم)، وبناءً على ما في ورد في الحديث يجوز التقبيل للصائم، ويُقاس عليه حُكم المُداعبة، والضمّ، وغير ذلك من مُقدّمات الجماع. 

ما حكم لمس الفرج بين المتزوجين أثناء الصيام؟ 

إنَّ مس فرج الرجل والمرأة لبعضهما يدخل في باب الاستمتاع أو مقدمات الجماع، فلو استطاع أن يمتلك نفسه أي لا ينزل فله ذلك، أمَّا لو خشي من فساد صومه ولا يستطيع أن يمتلك نفسه فلا يجوز له ذلك، فالمس في هذه الحالة خطوة لفساد الصوم، وكل ما يؤدي للحرام فهو حرام.

ما حُكم صيام الجُنب؟ 

اتفق جمهور العلماء على جواز تأخير الغُسل لِمَن جامع زوجته في الليل أو لحقته جنابة إلى أن يُصبح من غير أن يؤثّر ذلك في صحة صيامه، وذهب الإمام النووي إلى أنّ إجماع جمهور العلماء قد استقرّ على ذلك، ومن جملة ما استدلوا به ما أخرجه الإمام مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، أنّها قالت: “أنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَسْتَفْتِيهِ، وَهي تَسْمَعُ مِن وَرَاءِ البَابِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ، أَفَأَصُومُ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فأصُومُ فَقالَ: لَسْتَ مِثْلَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ، فَقالَ: وَاللَّهِ، إنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بما أَتَّقِي”(صحيح ابن حبان).

اقرأ أيضاً:  مدينة عاد وثمود

تعرف على ما هي سنن الصيام؟

الحكمة من مشروعية الصيامما هي مبطلات الصيام؟
ما حكم إفطار رمضانمبطلات الصيام عند البنات
ما حكم العطور في رمضانمبطلات الصيام عند الرجل
ما هو صيام التطوعما هي سنن الصيام؟

فيديو مبطلات الصيام في رمضان بين الزوجين 

مقالات مشابهة

فضل قول اللهم صل على سيدنا محمد

فضل قول اللهم صل على سيدنا محمد

الهيئة العامة للزكاة والدخل

الهيئة العامة للزكاة والدخل

سورة طه وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة طه وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

صفات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم

صفات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم

علامات ليلة القدر

علامات ليلة القدر

اللّهم بلغنا رمضان

اللّهم بلغنا رمضان

سورة الطارق وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الطارق وسبب نزولها وفضلها مع التفسير