جدول المحتويات
حصن جبرين
يتوافد السياح بصورةٍ مستمرّةٍ إلى حصن جبرين ذي الجذور الضاربة في القدم والتي تعود في تاريخها إلى العام 1670 أي ما يزيد عن 330 عاماً، حيث شيّد هذا الحصن في عهد الإمام بلعرب بن سلطان ثالث أئمة دولة اليعاربة وقد صار من السهل على السياح اليوم التعرف على مكوناته وتصميماته البديعة وذلك بفضل خدمة المرشد الآلي التي زوّد بها؛ إذ يتم إرشاد السياح بست لغاتٍ مختلفةٍ هي: العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، واليابانية، والهندية، الأمر الذي ساهم في جذب السياح إليه من شتى أنحاء العالم.
اين تقع مدرسة حصن جبرين
أسس الإمام بلعرب مدرسة حصن جبرين بسبب حبه الشديد للعلم وأهله، وذلك عام 1091-1104هـ/1679-1692م، إذ أنه رأى أن العمانيين بلغوا شأناً كبيراً في الزعامة وأن لهم صوتاً عالياً في الممالك المجاورة مع التقدم البطيء في العلم، فكانت رغبته كبيرةً بنشر العلم كما يجب في عمان وما حولها؛ فقرر إنشاء مدرسة علمية تساهم بشكل كبير في نشر العلم، وقد زار عمان في هذه الأثناء الشيخ عمر بن سعيد بن محمد بن زكريا الجربي وهو أحد علماء الإباضية من أهل المغرب، فنصح الإمام اليعربي بالالتفات لنشر العلم وبناء المدارس، لكن اين تقع مدرسة حصن جبرين بالتحديد؟
شيدت المدرسة في قصر جبرين بالتحديد، إذ تم تعيين غرف القصر المميزة للمدرسة والتي كانت عبارة عن غرف فاخرة ذات رونق جميل تطل على فلج جبرين الذي يخترق القصر، كما كانت هذه الغرف معزولة بشكل كامل عن غرف القصر الأخرى، فلا يرى الطلاب فيها عوائل القصر، أو الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون من قصر جبرين، وهذا بسبب التصميم الهندسي الفريد للقصر الذي يعتبر من بدائع ذلك الزمان، وقد كانت بعض الغرف مخصصة لمبيت الطلاب القادمين من خارج المنطقة خصوصاً من المغرب طوال فترات الدراسة، وقد اتجه لمدرسة جبرين العديد من طلبة العلم في ذلك الزمان؛ فكانت مركزاً مميزاً لرجال العلم والأدب، وذاع صيتها في كل البلاد، فقد تخرج منها أكثر من خمسين عالماً من أهم أهل العلم والاجتهاد بالإضافة لعدد كبير من الشعراء والمهتمين بالأدب، إذ كانت الحصون العمانية في ذلك الوقت تستخدم لغايات عديدة عدا عن كونها مخصصة للدفاع عن المنطقة، فكان قصر جبرين ومدرسته يعد أهم الجامعات في عصره ومنارةً علمية مميزة.
موقع الحصن الجغرافي
يعتبر حصن جبرين واحداً من أهم المعالم التراثية العريقة الموجودة في سلطنة عمان، حيث تتجلَّى مكانته في إبراز ملامح العمانيين وإبداعاتهم الهندسية وجمال فنونهم المعمارية، وهو موجودٌ وسط واحةٍ واسعةٍ من النخيل في قرية جبرين التي اقتبس اسم الحصن من اسمها، أما عن قرية جبرين فهي إحدى قرى ولاية بهلا العمانية التي تعد إحدى أهم ولايات محافظة الداخلية، حيث تبعد هذه القرية العريقة حوالي 10 كيلومتراتٍ إلى الغرب من مركز ولاية بهلا، ولعل أبرز ما يميّز الموقع الذي شيّد فيه الحصن هو وفرة المياه والتربة الصالحة للاستخدام الزراعي، وقد يكون هذا واحداً من الدوافع الرئيسيّة لبنائه من قبل الإمام بلعرب بن سلطان واتخاذه مكاناً للإقامة.
تصميم حصن جبرين
يعد حصن جبرين واحداً من أجمل وأروع الحصون العمانية حيث وصفه كل من رآه بأنه تحفةٌ فنيةٌ نادرةٌ جمعت ما بين الفن الزخرفي والعمارة العمانية التراثية، وهو عبارةٌ عن بناءٍ مستطيل الشكل يصل طوله إلى 42 متراً ويصل عرضه إلى 22 متراً، بينما يصل أقصى ارتفاعٍ له إلى 22 متراً، ويضمّ برجي مدفعيّةٍ دائريّين متقابلين أحدهما في الجهة الشمالية والآخر في الجهة الجنوبية وهما مخصّصان لحماية القصر من جهاته الأربعة، ويحيط به سورٌ يضم البوابة الرئيسية للحصن في الجهة الشمالية الشرقية، أما عن مبنى الحصن الرئيسي فهو مؤلفٌ من خمسة أدوارٍ ويحتوي على 55 غرفة، وقد تم تقسيم هذه الأدوار إلى قسمين أحدهما يتألف من طابقين وارتفاعه 16 متراً، والآخر يتألف من ثلاث طوابق وارتفاعه 22 متراً، ومن أشهر الغرف التي يضمها الحصن ما يلي:
- غرفة الشمس والقمر: وهي غرفةٌ مخصّصةٌ للاجتماعات وقد كانت مكاناً يلتقي فيه الإمام بلعرب مع كبار الزائرين لغايات التشاور والتباحث، وأبرز ما يميزها وجود 14 نافذةً فيها منها سبع نوافذ علويةٍ وسبعٌ أخرى سفلية، وقد صممت بهذا الشكل الفريد لغايات التهوية والتبريد.
- غرفة حماية الإمام: وهي غرفةٌ مبنيّةٌ بشكلٍ يسمح للجنود بالاختباء في مقرّاتٍ سريةٍ بنيت تحتها وذلك لحماية الإمام من الأشخاص المشكوك بأمرهم ممن يجتمعون معه.
إضافةً إلى هاتين الغرفتين يضم الحصن عدداً من الغرف الأخرى المهمة مثل: غرفة الصلاة، ومخزن التمور، وغرفة البنات وغيرها.
تاريخ حصن جبرين
يعود تاريخ بناء حصن جبرين إلى عهد الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي الذي اختلف الكثيرون حول فترة إمامته، حيث يشير الرأي الراجح إلى أن فترة إمامته استمرت خلال الفترة الواقعة ما بين العامين( 1680- 1692) ميلادي، من ناحيةٍ أخرى تشير الدراسات التاريخية المستمدة من زخارف القصر إلى أنه قد بني في العام 1670 أي في عهد والده الإمام الجليل سلطان بن سيف اليعربي، وهذا بدوره يشير إلى أن القصر قد اكتمل خلال فترة إمامة والده وبداية إمامته، وقد بقي على حاله إلى أن قامت وزارة التراث العمانية بالمرحلة الأولى من مراحل الترميم في العام 1976، ثم أعقبها المرحلة الثانية وذلك في الفترة الممتدة ما بين العامين (1991-1993) ميلادي، حيث اتخذت الوزارة خلال أعمالها كافة التدابير اللازمة للحفاظ على مقومات الحصن لتبقى كما هي دون أيّ تغييرٍ يذكر.
الفن المعماري في الحصن
يتميز حصن جبرين عن غيره من القلاع العمانية بزخارفه الجميلة والمتنوعة التي تجمع ما بين الأشكال الهندسية والنباتية والكتابة الزخرفية، حيث يمكن للزائر ملاحظة ثلاثة أنواعٍ من السقوف المختلفة عن بعضها البعض وهي: السقوف المسطحة، والسقوف ذات العقود البرميليّة، والسقوف ذات القناطر المضلّعة.
