جدول المحتويات
الإجابة هي نعم إذا كان حدثًا أصغر، أما إذا كان حدثًا أكبر؛ فإنه ينبغي الطهارة أولًا، حيث إنه إذا كانت الطهارة من الحدث الأصغر، وهو: خروج الريح، البول، الغائط؛ فهذا يستوجب الوضوء للصلاة، ومس المصحف عند الجمهور، ولكنه لا يؤثر على الصوم، ولكن إذا كانت الطهارة من الحدث الأكبر، مثل: إنزال المني سواء بالاحتلام دون قصد، أو الاستمناء بقصد، أو الجماع بين الرجل وزوجته، ومثل: الحيض، والنفاس للمرأة، وكل هذا يوجب الغسل، ولا يجزئ الصيام فيه.
ما الفرق بين الحدث الأكبر والأصغر؟
قد قال الإمام النووي -رحمه الله- في كتاب روضة الطالبين: الحدث يطلق على ما يوجب الوضوء، وعلى ما يوجب الغسل؛ فيقال: حدث أكبر، وحدث أصغر، وإذا أطلق كان المراد الأصغر، فعلى هذا فالحدث الأكبر ما يوجب الغسل، وهو ثلاثة أنواع: الجنابة، والحيض، والنفاس؛ فالجنب، والحائض، والنفساء حدثهم حدث أكبر، ولا يرتفع إلا بالغسل، وأما الحدث الأصغر فلا يوجب الغسل، ويكفي فيه الوضوء،
والله تعالى أعلى وأعلم.
الطهارة من الحدثين
الطهارة من الحدث الأصغر
الطهارة من الحدث الأصغر وهو خروج الريح، والبول، والغائط؛ فهذا يستوجب الوضوء للصلاة، ومس المصحف عند الجمهور، ولكنه لا يؤثر على الصوم.
الطهارة من الحدث الأكبر
الحدث الأكبر، مثل: إنزال المني سواء بالاحتلام دون قصد، أو الاستمناء بقصد، أو الجماع بين الرجل وزوجته، ومثل: الحيض، والنفاس للمرأة، وكل هذا يوجب الغسل، ولا يجزئ الوضوء فيه.
هل يجوز صيام الجنب بدون طهارة؟
يصحُّ الصَّومُ مِن الجنُب، ومن الأدلَّة على ذلك:
الدليل من القرآن الكريم
قَولُ الله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، لذا إن وجه الدَّلالة من الآية السابقة أنَّ الجِماع مباحٌ في ليل رمضانَ إلى طلوعِ الفجْرِ، وإذا جامَعَ قبل طلوعِ الفجْرِ مباشرة، فإنَّه بالطبع سوف يطلُعَ الفجرُ عليه، وهو جنُبٌ، وله أن يصبح جنبًا، ويتطهر، ويغتسل بعد الفجر، ويكمل صومه.
الدليل مِن السُّنَّةِ
عن عائشةَ وأمِّ سلمةَ -رَضِيَ اللهُ عنهما- أنَّ رسولَ الله (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) كان يُدرِكُه الفجرُ، وهو جنُبٌ مِن أهلِه، ثمَّ يغتسلُ ويصومُ”، ونقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ العربيِّ، والنوويُّ، وابنُ حجر.
هل يجوز صيام الحائض والنفساء؟
مَن حاضَت (رأت دم الحيض)، أو نَفِسَتْ (وهو دم الولادة) أثناءَ نهارِ رَمَضانَ؛ فقد فسدَ صَومُها، ويلزَمُها قضاؤه، والأدِلَّة على ذلك مِن السُّنَّةِ النبوية المطهرة: عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ -رَضِيَ اللهُ عنه- أنَّ النَّبيَّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) قال: “أليس إذا حاضَتْ لم تُصَلِّ، ولم تَصُمْ”، وقول عائشةَ -رَضِيَ اللهُ عنها- لَمَّا سُئِلَت: “ما بالُ الحائضِ تقضي الصَّومَ، ولا تقضي الصَّلاةَ؟ قالت: كان يُصيبُنا ذلك على عَهدِ رَسولِ الله (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)؛ فنُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّلاة” نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ، وابنُ رُشدٍ، والنَّوويُّ، وابنُ تيمية.
حُكمُ إمساكِ بقيَّةِ اليومِ لِمَن فسدَ صومُها بخروجِ دَمِ الحَيضِ أو النِّفاسِ
مَن فَسد صومُها بخروجِ دمِ الحَيضِ، أو النِّفاس في نهار شهر رمضان؛ فإنَّه لا يلزَمُها إمساكُ باقي اليومِ، وهذا مذهَبُ جُمهورِ العلماء: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيّة، وذلك لعدة أسباب منها: لأنَّها ليست بأهلٍ للصَّومِ، والتشبُّهُ بأهلِ العِبادةِ لا يصِحُّ مِن غَيرِ الأهلِ، ولأن الحَيضَ لو كان موجودًا في أوَّلِ النَّهارِ لم تُؤمَرْ بالصِّيامِ، فكذلك إن وجد في وسطه، أو آخره.
حكم صيام الحائض إذا طهرت قبل طلوع الفجر أو بعده
إذا طهرت المرأة من الحيض قبل طلوع الفجر، ونَوت الصيام؛ فصومها صحيح، ولو لم تغتسل إلا بعد الفجر، ولكن إن أخرت المرأة الاغتسال للظهر مع إمكانية الاغتسال؛ فقد أثمت إثماً عظيماً، بسبب تضييع صلاة الصبح، وإخراجها عن وقتها، ووجب عليها التوبة، وقضاء تلك الصلاة، وأما إذا لم تكن المرأة طهُرت إلا بعد طلوع الفجر ولو بلحظة؛ فلا يصح صيامها في ذلك اليوم، ولو كانت نوت الصيام من الليل؛ لوجود المانع من صحة الصوم، وهو: الحيض.
قال ابن قدامة رحمه الله: “ومتى وجد الحيض في جزء من النهار؛ فسد صوم ذلك اليوم، سواء وجد في أوله أو في آخره” وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: “إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر ولو بدقيقة واحدة، ولكن تيقنت الطهر؛ فإنه إذا كان في رمضان فإنه يلزمها الصوم، ويكون صومها ذلك اليوم صحيحاً، ولا يلزمها قضاؤه؛ لأنها صامت وهي طاهر، وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فلا حرج في ذلك، كما أن الرجل لو كان جنباً من جماع، أو احتلام وتسحر، ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحاً إن شاء الله تعالى.