جدول المحتويات
يعد الصيام واحداً من العبادات العظيمة التي اختص الله تعالى به عباده المؤمنين، وواحداً من الأعمال الصالحة التي تحقق التقوى في القلب وتقي من عذاب النار، وعلى ذلك يتساءل الكثير من الأشخاص عن صيام يوم السبت، وعن الحالات التي يكون فيها صيام هذا اليوم مكروهاً أو جائزاً، وهذا ما سنتناوله بالتفصيل في السطور القادمة.
هل يجوز صيام يوم السبت منفرداً؟
يعد صيام هذا اليوم منفرداً أمراً مكروهاً لدى الحنفية، والشافعية، والحنابلة، أما المالكية فاعتبروه غير مكروه وذلك استناداً لما ورد عن الصماء بنت بسر – رضي الله عنها – حيث قالت أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “لا تصوموا يومَ السبتِ، إلا فيما افتُرِضَ عليكم، فإن لم يَجِدْ أحدُكم إلا لِحَاءَ عنبةٍ أو عودَ شجرةٍ فلْيَمْضُغْهُ” [الترمذي | خلاصة حكم المحدث: حسن].
من أقوال العلماء الواردة في ذلك ما يأتي:
- قال الكاساني الحنفي: “ويُكْرَهُ صَوْمُ يوم السَّبت بانفراده؛ لأَنَّهُ تَشَبُّهٌ باليَهود، وكَذَا صَوم يَوم النَّيرُوز، والمهرجان؛ لأنّه تَشَبُّه بالمجوس”.
- قال ابن قدامة الحنبلي في كتابه المغني: “قال أصحابنا: يُكْرَه إفراد يوم السبت بالصوم، والمكروه إفراده، فإن صام معه غيره، لم يُكرَه؛ لحديث أبي هريرة وجويرية، وإن وافق صوماً لإنسان لم يُكْرَه”.
- قال النووي الشافعي في المجموع: ” يُكْرَهُ إفرادُ يومِ السبتِ بالصَّوم، فإن صام قَبْلَهُ أو بعده معه لم يُكره صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ إِفرادِهِ أَصْحَابُنَا، مِنهُمُ الدَّارمي والبغوي والرافعي وغيرهم؛ لحديث عبد الله بن بسر، وقال الترمذي: هو حديث حسن، قال: ومعنى النهي أن يختصّه الرجل بالصيام؛ لأن اليهود يُعَظِّمُونه”.
متى يكون صيام يوم السبت منفرداً جائزاً؟
- الحالة الأولى: في حال كان صياماً مفروضاً كصيام رمضان، سواءاً كان أداءً أو قضاءً، أو صيام كفارة، وغيره من الصيام المفروض، وذلك دون اختصاصه بالصيام أو الاعتقاد بأن له ميزة عن باقي الأيام.
- الحالة الثانية: في حال سبق بصيام يوم الجمعة، والدليل على ذلك ما روي عن أم المؤمنين جويرية أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: “أَصُمْتِ أَمْسِ؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: فَأَفْطِرِي” [ صحيح البخاري | خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- الحالة الثالثة: في حال وافق صيامه أياماً مشروعة للصيام مثل: يوم عرفة، ويوم عاشوراء، والأيام البيض من كل شهر، وستة أيام من شهر شوال؛ حيث يكون الصيام هنا لمشروعية اليوم وليس اختصاصاً أو تمييزاً ليوم السبت عن باقي الأيام.
- الحالة الرابعة: أن يوافق صيام يوم السبت عادةً عند الصائم، كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، ومن الأدلة على ذلك قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “لا تَقَدَّمُوا رَمَضانَ بصَوْمِ يَومٍ ولا يَومَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ” [ صحيح مسلم | خلاصة حكم المحدث: صحيح ].
هل توجد حالات أخرى يكون فيها الصيام مكروهاً؟
إلى جانب ما سبق ذكره توجد مجموعة من الحالات الأخرى التي يكون فيها الصيام مكروهاً ومنها ما يأتي:
- صيام الوصال: ويقصد به مواصلة الصيام بين الأيام دون الإفطار، وهو أمر مكروه عند المالكية، والحنفية، والحنابلة، ومحرم عند الشافعية.
- صيام الدهر: ويقصد به صيام أيام السنة كلها باستثناء الأيام المنهي عن صيامها، وهو أمر مكروه لكونه يلحق الضعف والمشقة بالصائم، ويعيق قدرته على أداء ما عليه من الأعمال والواجبات، ومن الأدلة على ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال في صيام الدهر: “لا صَامَ مَن صَامَ الأبَدَ” [ صحيح البخاري | خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- صيام يوم أو يومين قبل رمضان: قال الحنابلة والحنفية بأن صيام يوم أو يومين قبل رمضان أمر مكروه، أما الشافعية فقد حرموا ذلك، بينما أجازه المالكية.