شرح مفصّل عن أسلوب النهي : اقرأ

جدول المحتويات

إن علم النحو من أعظم العلوم التي لا يستغنى عنها مهما ارتفع قدر العلم وتطورت منزلته، فيعتبر علم النحو من أغنى علوم اللغة العربية بمختلف أساليبه وقواعده، ومن هذه الأساليب أسلوب الأمر، وأسلوب التحذير، وأسلوب الإغراء، وأسلوب الإباحة، أسلوب الندبة، بالإضافة إلى أسلوب النهي الذي تدخل صيغته على الفعل المضارع، وتقوم بتحويله إلى الاستقبال وتجزمه، ويكون دخول لا الجازمة على الفعل المضارع لنهي المخاطب، أو الغائب، فتكون الأداة لا ناهية جازمة.

يتحدث هذا المقال عن أسلوب النهي، ويشمل:

تعريف أسلوب النهي.
صيغة أسلوب النهي.
الفرق بين النهي والأمر.
أسلوب النهي في القرآن.
جمل عن أسلوب النهي.
تمارين وأمثلة على أسلوب النهي.

تعريف أسلوب النهي

لغةً

هو نهاية الشيء وقد بلغ نهايته، فمن نهاه فانتهى، وتناهوا عن المنكر، والنهي من أفعال: نهَاه، نهَيَا، يَنهَاه، ضد أمره، فانتَهَى، وتَنَاهى.

اصطلاحاً

هو الأسلوب الإنشائي الذي يطلب فيه المتكلم من المخاطب التوقف عن فعل شيء ما، ويجب أن يصدر النهي من الشخص الأعلى، فإذا صدر من شخص مساوٍ يعتبر التماس، وإذا صدر من شخص أقل يكون دعاء، والنهي هو ضد الأمر، ويكون فعله مجزوماً أو مبنياً في محل جزم في حال اتصلت به نون التوكيد، وقد عرفه البلاغيون بأنه، طلب الكف عن فعل على وجه الاستعلاء، ولا يكون إلى في صيغة المضارع المقترن مع لا الناهية، ويكون مدلوله هو طلب الكف عن الفعل فوراً.

صيغة أسلوب النهي

لأسلوب النهي صيغة واحدة وهي لا الناهية المقترنة بالفعل المضارع، وتعرف أيضاً باسم لا الجازمة، وتدخل على الفعل المضارع وتقوم بتحويله إلى الاستقبال وتجزمه، ويكون دخول لا الجازمة على الفعل المضارع لنهي المخاطب، أو الغائب، فتكون الأداة لا ناهية جازمة.

قد تخرج صيغة النهي عن معناها الحقيقي إلى مجموعة معاني أخرى يستفاد منها في سياق الكلام، مثل:

التهديد: في حال كان النهي يتضمن الترهيب والتخويف، كالقول: لا تقلع عن كسلك.
التمني: في حال كان النهي لما لا يحصل، أو ما لا يعقل، كالقول: لا تتوانَ عن القدوم.
الإرشاد: في حال المتكلم يسعى بنهيه إلى التأديب والنصح، كقول: لا تلتفت وأنت في الصلاة.
الدعاء: في حال كان النهي من البشر إلى الله سبحانه وتعالى، كقول: ربنا لا تؤاخذنا إن أخطئنا.
التوبيخ: في حال كان النهي يتضمن الحط من قدر بشكل أعظم، كالقول: ولا تلبسوا الحق بالباطل.
التحقير: في حال كان النهي يحط من شأن شخص ما وينتقص من قدره وقيمته، كالقول: ولا تبالِ بشعرٍ بعد شاعره.

الفرق بين النهي والأمر

أسلوب النهي: هو طلب الاستمرار في عدم الفعل، كما أنه يقتضي على المخاطب أن يكف عن الأمر المنهي عنه، فيكون النهي متعلق الطاعة عن طريق الكف عن الفعل.
أسلوب الأمر: هو طلب القيام بالفعل، فيقتضي على المخاطب أن يقوم بالفعل المطلوب منه، فيكون في الأمر متعلق الطاعة عن طريق القيام بالفعل.

في كلا الحالتين يتعلق الأمر والنهي بالغير فلا يمكن للإنسان أن يكون ناهياً او أمراً لنفسه، ولا بد من اعتبار الاستعلاء في الصيغتين، بالإضافة إلى أنهما يأخذان بالاعتبار حال فاعلمها بكونه مريداً لهما.

أسلوب النهي في القرآن

كان لأسلوب النهي وجود كبير في الآيات القرآنية، وذلك لمخاطبة السامع والقارئ بأسلوب مميز، والذي يفيد في تحريم الفعل المنهى عنه، كما استخدم أسلوب النهي في القرآن الكريم متجرداً عن معناه الحقيقي إلى معانٍ مجازية خاطبنا بها الله سبحانه وتعالى، فكان الهدف من هذا الأسلوب هو التفكر والتدبر لآياته حتى نكتشف أسرارها وبلاغتها.

اقرأ أيضاً: تخصصات الأدبي الدليل الشامل

ومن الأمثلة على النهي الحقيقي في القرآن الكريم، قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (الإسراء: 31)، ففيها يطلب الكف عن الفعل على وجه الإلزام، حيث أفاد النهي في هذه الآية طلب الكف عن قتل الأولاد.

بعد التمعن بآيات القرآن الكريم نرى أنه استخدم هذا الأسلوب لأغراض أخرى غير الكف عن الفعل فحسب، فقد استخدم معانٍ بلاغية مجازية تتعلق بأسلوب النهي، فمنها كان على سبيل الدعاء، وذلك عندما تكون الصيغة من الأدنى إلى الأعلى، كما في القول: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} (البقرة: 286) فالمقام هنا للتضرع والخضوع، فالمقصود من هذه الآية هو الدعاء والابتهال للمولى، فقد جاء النهي في القرآن الكريم بعدة معاني واستخدامات بحسب موقعها من الكتاب الشريف، فمنها التضرع ومنها النهي الحقيقي، بالإضافة إلى الالتماس والكثير غيرها من معاني أسلوب النهي.