تعريف الزيادة السكانية

تعريف الزيادة السكانية

تعتبر الزيادة السكانية قضية تشغل العديد من الدول التي حدث بها الانفجار السكاني، حيث تمثل تحدي لتلك الدول سواء كانت متقدمة أو نامية، كما أنه توجد حقائق مجهولة بالنسبة لتلك المشكلة، فالزيادة السكانية لا تتصل فقط بالبعد الإقليمي، وإنما تمتد إلى حيث تصبح ظاهرة عالمية، مما حدى بالمجتمع الدولي أن يتصدى لها.

يقول المركز المصري للفكر والدراسات أن الزيادة السكانية بلغت حدًا يعيق كافة الجهود القوية بالدولة الساعية للنمو، لأنها تمثل بالمقام الأول عبئًا ثقيلًا على الموارد المحلية، وتحول دون المضي قدمًا في حل مشاكل محدودي الدخل والعاطلين عن العمل، وهذا يعكس آثاره السلبية على استقرار المجتمع، ويصعب مهمة تلبية احتياجات كافة السكان، كما يشكل تهديدًا للأجيال القادمة.

يتحدث هذا المقال عن الزيادة السكانية ويشمل:

  • تعريف وآثار الزيادة السكانية.
  • مخاطر الزيادة السكانية.
  • الزيادة السكانية في الصين ومصر.

مقدمة عن الزيادة السكانية 

تحدث المشكلة السكانية عندما يزداد حجم السكان بما لا يتوافق مع توزيعهم الجغرافي وخصائصهم والموراد التي ينبغي أن تلبي احتياجاتهم، إلى جانب التنظيم الاجتماعي والاقتصادي، فهناك تنظيم اجتماعي واقتصادي بإمكانه أن يستوعب هذه الزيادة السكانية، حيث يلبي احتياجاتها ويستخدمها في دفع الاقتصاد إلى الأمام للنمو، فيما تعجز اقتصاديات دول أخرى عن سد هذه الفجوة وعمل هذا التوافق، ما يتسبب في ظهور العديد من الأزمات وتهديد الاستقرار.  

إعلان السوق المفتوح

إنّ القاسم المشترك بين كافة المشاكل السكانية العالمية هو أنّ الزيادة السكانية ليست محكومة بقانون، وهي تختلف من مجتمع لآخر باختلاف الأطوار التي تمر بها، والنتائج التي تعكسها على المجتمع والدولة، حيث إنّ لكل مرحلة من مراحلها ظروفها اقتصاديًا، وهذا ما يسلط الضوء على جوهر الأزمة، وبالتالي يجب إحداث توائم ما بين حق الفرد في الإنجاب وبين كونه قادرًا على الإنفاق على الأبناء، إضافةً إلى حق المجتمع في الازدهار والتطور. 

يجدر بالذكر أنّ المشكلة السكانية كانت محور اهتمام لدى العديد من الفلاسفة والاقتصاديين في أزمنة مختلفة، ولقد تحدث أرسطو في هذا الشأن، وقال أنّ تلك المشكلة ستؤدي إلى الفقر وشيوع الفوضى، ويؤثر على الحكومات وممارستها لأعمالها.

أسباب الزيادة السكانية 

أسباب الزيادة السكانية 

المعطيات التي تتسبب في زيادة عدد المواليد وانخفاض عدد الوفيات هي نفسها أسباب الزيادة السكانية، إذ ينجب الأفراد العديد من الأبناء، وتكون الحالة الطبية والرعاية على ما يرام، ما يعني ولادات أكثر ووفيات أقل، والعديد من العادات والتقاليد تزيد من هذه الأزمة، ففي المجتمعات الأقل وعيًا يكون التشجيع أكثر على زيادة الإنجاب ضمن مفاهيم ريفية وقبلية، كما يتم التشجيع في المجتمعات الشرقية بصورة كبيرة على إنجاب الذكور، إضافةً إلى الزواج المُبكر، وإهمال أدوات تنظيم الأسرة. 

إن انتشار الأمية والجهل بين الأفراد في المجتمعات المختلفة له يد في استفحال الزيادة السكانية، فالشخص الذي لا يستطيع أن يقرأ لن يتمكن من فهم ضرورة ضبط النسل، مما يعني أن العديد من الأسر غير قادرة على الاكتفاء بطفلين، كما تنتشر الأمية بصورة كبيرة بين النساء، إذ إنّ الوعي بالمسألة الصحية والتربوية ضعيف، فهم غير واعين بما يقع على عاتقهم من مسؤولية تجاه المجتمع والدولة التي يعيشون فيها، كما أن مشكلة الطلاق تحفز على إنجاب المزيد من الأبناء كتجربة أسرية جديدة، إضافةً إلى تعدد الزوجات، وانخفاض مستوى المعيشة، فالأسر ذات الدخول المحدودة لا تكون قادرة على ضبط الإنجاب، وتوفير الرعاية اللازمة للابناء. 

آثار الزيادة السكانية 

الآثار الإيجابية للزيادة السكانية 

أهم ما يميز الزيادة السكانية أنها تمثل قوة عاملة هائلة، وهذا يرفع من الفئة المنتجة في المجتمع وخاصةً الشباب، ما يؤدي إلى رفع إجمالي الإنتاج بالدولة، لكن يجب توفير فرصة عمل لهذه القوى العاملة من أجل استخدامها، فإذا لم تتوفر لهم فرص العمل سيتحولون من قوة عاملة قوية إلى سكان معالين على الدولة ويمثلون عبئَا على دخلها القومي، كما أنّ الزيادة السكانية تقترح المزيد من التنوع في مجالات العمل المختلفة، لكن ذلك يكون مرهون بنشر الوعي في المجتمع، حيث يجب إعلام الناس بضرورة التنوع في مجالات الحياة المختلفة، لا أن يركز غالبية السكان على مجالات معينة كما الحال في دولة مصر التي يفضل سكانها مجالات الطب والهندسة.

الميزة الثالثة للزيادة السكانية هي تدفق العمالة التي تحتاجها المصانع والمزارع، فتلك المؤسسات في حاجة إلى العديد من العمال، وهذا ينعش الدخل القومي المحلي، ومن مميزات الزيادة السكانية أنها تعطي فرصة للدول التي لديها عجز في العمالة بأن تستورد عمالة من الخارج، فدول أوروبا المتقدمة التي لديها عجز كبير في العمال تفتح الباب كل عام للهجرة السنوية، إذ يهاجر إليها ملايين من الأشخاص من دول العالم الغنية بالسكان مثل دول شرق آسيا ودول الشرق الأوسط، وهي دول نامية يبحث مواطنيها عن حياة أفضل، فتكون الهجرة بالنسبة لهم فرصة رائعة. 

الزيادة السكانية وآثارها على التنمية 

عكست الزيادة السكانية العديد من الآثار السلبية على التنمية في كل من المجتمعات التي تتفاقم بها، حيث تؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب كون فرص العمل المتوفرة لا تستوعب كم المقبلين على العمل والباحثين عنه، إضافةً إلى أنها تؤدي إلى انخفاض إجمالي الادخار في الدولة، كما أن إجمالي الناتج المحلي لتلك الدول يعاني مع عدم قدرته على تغطية الانفجار السكاني.

هناك العديد من الدراسات التي تثبت أنّ الكثافة السكانية تؤثر بالضرر على التنمية المستدامة، والتي خلصت إلى أنّ الزيادة السكانية كارثة حقيقية، حيث إنّ الفرد يرتفع استهلاكه، ولا يوفر مدخراته، وهذا يحول دون رفع مستوى معيشته، إذ يقل الدخل القومي كلما تقدمنا في الوقت وزاد عدد السكان، كما تغدق الدولة المزيد من إجمالي ناتجها المحلي على الخدمات الأساسية، وذلك على حساب نفقات التنمية الأخرى مثل المصانع والزراعة والتجارة التي ترتقي بالتنمية المستدامة.

اقرأ أيضاً:  دليلك الشامل عن فصول السنة

وطالما أن الطلب أكبر على الوحدات السكنية، فمن الطبيعي أن ترتفع أثمانها من حيث لا يقدر الفرد على شراء شقة، ويتسبب سوء التوزيع السكاني في المدن إلى الزحف العمراني على الأراضي الزراعية، وهذا يقلل من الإنتاج الزراعي ويؤثر على التنمية المستدامة.

تستنزف الزيادة السكانية موارد الدولة من الأرض والغذاء والماء والهواء والوقود الأحفوري والمعادن، كما ترفع من كم النفايات المُلوثة للبيئة، واستهلاك المواد التي تنتج منها آثار سامة وغازات الاحتباس الحراري، وبالتالي فإن الزيادة السكانية تتناسب عكسيًا مع الموارد الطبيعية من حيث الكم والجودة. 

الزيادة السكانية وآثارها على الفرد والمجتمع

إن كون الزيادة السكانية تؤثر على التنمية المستدامة، فهذا يجعلها بالتالي تؤثر على الفرد، وعلى الاستقرار الاجتماعي ككل، فتدهور الحالة الاقتصادية يصيب الشباب بالإحباط كونهم غير قادرين على الحصول على عمل وتحقيق الذات والمال.

يندفع الكثيرون إلى اتباع سبل أخرى غير مشروعة لذلك الكسب، منها السرقة والرشوة والتسول، كما أن الزيادة السكانية تعزز من وجود فوارق طبقية عملاقة، حيث نجد الأثرياء للغاية والفقراء للغاية يعيشون في المجتمع الواحد ويحاربون بعضهم بعضًا، وهذا يزيد من النعرات ويرفع من الاتجاهات العدوانية والعنف من الأفراد، ما يهدد من الاستقرار في المجتمع، وينشر الكراهية ويضعف من الأمن والأمان. 

ترفع المشكلة السكانية من عدد المديونين والغارمين كذلك، وتزيد من معدلات الفقر والاحتياج، ليس الفرد من المجتمع فقط من يصبح مديونًا، لكن الدولة تتكبد مديونية كبيرة، وهذا يزيد من فقر الشعب، كما أنّ التعليم والصحة لا يكونون قادرين على تغطية هذا العدد من السكان بالجودة المناسبة، مما يؤدي إلى تفشي الجهل، وتسوء الحالة الصحية في الدول النامية، يظهر هذا في تدني الخدمة التعليمية والصحية. 

أثر الزيادة السكانية على التعليم

يؤدي ارتفاع الكثافة السكانية إلى ارتفاع عدد المعلمين، غير أن زيادة عدد المعلمين لا تغطي عدد السكان أيضًا، وبالتالي تضطر المنظومة في الكثير من الأوقات إلى تعيين غير الأكفاء لمزاولة المهنة مثلما حدث في محافظة اللاذقية، إلى جانب تغيير المعلم أكثر من مرة أثناء العام الدراسي الواحد، وهذا يأتي بمؤثرات سلبية خطيرة على البنيان والانسجام النفسي ما بين الطالب والمعلم القائم بالمهمة التربوية، والذي لا يُستغنى عنه حتى بعد استحداث طرق التعليم الحديثة المُعتمدة على التكنولوجيا. 

إن عدم قدرة الدولة على بناء المزيد من المدارسة لضعف الميزانية يؤدي إلى تكدس الطلاب بأعداد كبيرة داخل الفصل الواحد، وهذا يقلل من الحافز المعنوي للتعليم، كما سنجد أنّ المدارس الحكومية بالدول النامية تعاني من التشوه والتهالك في أدواتها ومنشآتها، إلى جانب أن العديد من المعلمين ليس لديهم القدرة والمهارة والثقافة الملائمة للتعامل تربويًا مع الأطفال، كما أنّ تأثير البطالة على الشباب المتخرجين من الجامعات أو اشتغالهم في وظائف قد يرونها أدنى من تخصصاتهم وشهاداتهم العلمية تجعل العديد من الناس يتسربون من التعليم ولا يكملونه بحثًا عن وظيفة تعين الأسرة على صعوبات الحياة، فتنتشر الأمية نتيجة إهمال التعليم ككُل من المجتمع طالما أن أهميته الاجتماعية تتراجع مع مرور السنين وازدياد الظروف الحياتية سوءً. 

أثر الزيادة السكانية على البيئة 

البيئة لا تتمثل فقط في الظروف المناخية والعناصر الطبيعية، وإنما أيضا وجود كائنات حية في هذه البيئة تتفاعل مع عناصرها الطبيعية، نتائج عدد من الدراسات يؤكد أن العلاقة بين الزيادة السكانية الغير حميدة يؤدي إلى تراجع مستوى البيئة، فلقد أدت إلى ارتفاع عدد المرضى على المستويين الجسدي والنفسي، كما أنّ انتقال سكان الريف إلى الحضر جلب معه العادات والتقاليد لهؤلاء السكان، ما جعلهم يحدثون انفجارًا سكانيًا في قلب المدن الكبرى، حيث انتشرت الأمراض وتلوث الجو. 

أثر الزيادة السكانية على الاقتصاد 

يصف العديد من المختصين الاقتصاديين الزيادة السكانية بأنها تقرع نواقيس الخطر في البلاد، فهي تحرم الدولة من أن توفر حياة كريمة لمواطنيها، وتقف عائقًا صلبًا أمام النهضة الاقتصادية، والتناسب ما بين ارتفاع عدد السكان وبين النمو الاقتصادي هو تناسب عكسي، لأن نصيب المواطن الواحد من إجمالي الدخل المحلي ينخفض طالما أن الكثافة السكانية في ازدياد.

نتائج الزيادة السكانية 

نتائج الزيادة السكانية 

إن الدول التي تعاني من الزيادة السكانية تعتبر مكان مناسب لتفشي الفقر والمرض والجهل طالما انها لا تُدرس ولا تُوظف بعناية، أي أنّ المهم أن يكون الفرد الواحد من المجتمع قوي ونشيط ومتعلم وواعي، بدلًا من أن يرتفع عدد السكان بينما هم في حال مزرية، كما أنّ الجودة السكانية تعني أيضًا توفير حياة كريمة لكل السكان من دخول مرتفعة ومرافق وخدمات راقية. 

حلول الزيادة السكانية 

هناك دائمًا صفارات إنذار يطلقها المتخصصين في الاقتصاد ورجال الدولة عن الزيادة السكانية كونها تجاوزت مرحلة الضرر واتجهت إلى مرحلة الخطر، والتعويل دائمًا يكون على نماذج تحديد الناس وتنظيم الأسرة، وعمل حملات توعوية للسكان الأميين تحاول إقصاء القناعات القديمة عن كثرة الأبناء، وأن العزوة تكون في مستقبل الابناء والحياة الراقية لهم وليست في كثرتهم.

عدد من الدول طبقت ضرائب إضافية عند زيادة عدد المواليد عن حد معين لكي تنبه المواطن إلى الضرر المترتب على إنجاب العديد من الأطفال، إلى جانب تحميله المسؤولية المادية عنهم بضريبة يدفعها للدولة كي تنفق عليهم بها في المرافق والخدمات، ومن أجل تحقيق أجندات تحديد النسل وردع المشكلة السكانية تقرر الدول عدد من الإجراءات ومنها رفع مستوى خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، ونشر عدد مُكثَّف من حملات التوعية، وعمل صياغة جديدة للخطاب الديني بغرض القضاء على التقاليد والمعتقدات الخاطئة المرتبطة به مثل أن تحديد النسل يعد وقوفًا في وجه إرادة الله في خلق الناس، وأن كل طفل يأتي على الله رزقه، وتربط الحكومات بين الدعم النقدي والالتزام بالضوابط التي تم تحديدها لكل أسرة، كما يجب تنشيط برامج محو الأمية بكثافة أكبر، وإتاحة الفرصة للإناث بأن يعملوا، وتقنين عمالة الأطفال ومنعها بشدة، لأن الدافع للإنجاب عند الكثيرين يكون بغرض بعثرة الأطفال للعمل وجلب المال. 

تتطلب هذه الحلول إجراءات مُتقنة ومُركزة، فتحسين جودة تنظيم الأسرة يتطلب تدريب كوادر متخصصة ذات مهارة عالية، ونشر عدد كبير منهم في المناطق التي تعتبر بؤرة المشكلة، وتخصيص ميزانية كبيرة ومضاعفة لهذه الإجراءات وكافة ما يرتبط بها من منظمات ومجالس ستشارك بقوة في ردع المشكلة، إلى جانب عمل برامج توعوية للشباب والأطفال تحدثهم عن الخطورة التي تمثلها الزيادة السكانية على الدولة، ولا بد من عدم التواني في إنزال العقوبة بمن يخالفون قوانين عدم تشغيل الأطفال، والاهتمام بحقوق المرأة، أي حقها في التعليم والعمل، والتعديد في المحاسن التي تعود على الأسرة صغيرة العدد عن طريق وسائل الإعلام. 

اقرأ أيضاً:  أفضل دورة أمن وسلامة

مخاطر الزيادة السكانية 

إنّ تحول الزيادة السكانية من مرحلة الضرر إلى مرحلة الخطورة جاء بعد أن حدثت ثغرة كارثية بين معدل نمو السكان وبين إجمالي الناتج المحلي للفرد، حيث يرتفع عدد الواقعين تحت خط الفقر كل عام، وبالتالي يزداد عدد المدمنين والمجرمين، ولا تستطيع حكومات الدول النامية أن تسيطر على فيضان السكان الجارف، لا من إيقافه، أو بتوفير الموارد الكافية له، أو بالسيطرة على الأضرار المترتبة عليه، ومنع الخارجين عن القانون من الفقراء من إشاعة الجريمة والسرقة بالإكراه. 

الزيادة السكانية حسب الدولة 

تباينت ظروف الزيادة السكانية من دولة لأخرى تبعًا للكثير من المعطيات أهمها الإدارة، ولنا أن نقدم نموذجين على الزيادة السكانية في هذا المقال في دولتي مصر والصين كنماذج بارزة في المشكلة السكانية، فالصين تجربة زيادة سكانية ناجحة، ومصر تجربة زيادة سكانية كارثية. 

الزيادة السكانية في الصين 

الزيادة السكانية في الصين 

لا أحد ينكر أن الصين قوة اقتصادية ضاربة في العالم، وهي التي صعدت بقوة في العقود القليلة الماضية لتجتاح واردات العالم، تعتمد الصين على الحشد الكاسح من الأيدي العاملة الموجودة فيها بغرض ضخ إنتاج سنوي هائل للسوق العالمي والمحلي، ولقد بدأت خطط تنموية جادة في هذه العقود، ورأت أن تخلق ازدواجية في الاستراتيجية من أجل التنمية، حيث استفادت بشتى الطرق مما لديها من مقومات جغرافية طبيعية وأيدي عاملة بشرية.

صبت الصين جام تركيزها على دعم الإنتاج والتصدير إلى الخارج، والجدير بالذكر أنّ الصناعات التكنولوجية تمثل جزء كبير من المنتجات الصينية، والصين هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد سكانها، فهي تمثل وحدها خمس أهل الأرض، وهم يأتون بتوزيع سكاني متفاوت، ووفقًا للإحصائيات فإنّ الصين بعد لم تبلغ ذروة النمو السكاني، ومن المتوقع أن تبلغه عما قريب، ويمكننا أن نلاحظ أن القرون الثلاثة الماضية شهدت تحولات في الأنماط السكانية، إذ كانت الصين في البداية تدفع السكان إلى الخصوبة والنمو، ثم بعد ذلك ضربت بيد من حديد على ذلك النمو، حيث جاء تحفيز السكان على الخصوبة في بداية فترة الخمسينيات من القرن المنصرم، ولما انتصفت الخمسينيات تم تطبيق إجراءات ضبط النسل.

أسباب الزيادة السكانية في الصين 

لقد عبرت إستراتيجية التنمية في المجتمع الصيني خلال ثلاثة مراحل؛ المرحلة الأولى هي التوجه لرفع إجمالي الناتج المحلي إلى الضعف في عام 1980، لأنّ الدولة أرادت أن ترفع مستوى معيشة المواطنين، وتمكنت الصين من حل مشكلة نقص الغذاء والملبس لمواطنيها، أما في عام 1991 طمحت الصين في أن توصل إجمالي الناتج المحلي الخاص بها إلى الضعف مرةً أخرى، ولقد عكس هذا نتائج رائعة على مستوى معيشة الفرد وصار المواطن الصيني أكثر رفاهية، وكانت هذه هي المرحلة الثانية. 

أرادت الصين أن يبلغ نصيب المواطن الواحد من إجمالي الدخل المحلي إلى نصيب المواطن في الدول الغنية والمتقدمة، أي أن يعم الرخاء في البلاد بصورة ملحوظة، وكانت من هنا المرحلة الثالثة، والتي تستمر حتى اليوم، وتعمل الحكومة على هذا الطور الثالث حتى تحقق نتائجه في منتصف القرن الجاري. 

إن الأسباب التنموية وسعي الحكومة الصينية لأن تكون قوة اقتصادية ضاربة هو ما جعلها تسمح بالزيادة السكانية وتشجع عليها إلى جانب أن المجتمع الريفي في الصين يمثل كتلة كبيرة من جملة السكان، وهم أصحاب التقاليد التي تحفز على إنجاب العديد من الأطفال، وهذا ما جعل زمام الأمور تفلت من الحكومة الصينية قبل أن تتمكن من السيطرة عليه فيما بعد بصعوبة وجهود ضخمة. 

مخاطر الزيادة السكانية في الصين

برزت مخاوف عديدة من الزيادة السكانية الغير منضبطة في الصين، وهذا جعل الخبراء يتحدثون عن ضياع الأمل في توفير حياة كريمة للمواطنين، كما أنّ معارضي السياسة الصينية السكانية اعترضوا على ما وصفوه بالاستنزاف للموارد الطبيعية والبيئية والإضرار بالبيئة، فهذا الانفجار السكاني يستهلك من الحياة بصورة مرعبة، ومن ثم يؤثر على طبيعة العالم ككل، إذ إنّ سكان هذه المناطق لن يبقوا في بلادهم، لكنهم سينتشرون في العالم بموجات هجرة صاخبة. 

كيف استطاعت الصين تحقيق التنمية الاقتصادية رغم زيادة عدد سكانها

شهدت الستينيات من القرن الماضي انتشارًا لوسائل تنظيم الأسرة بشكلٍ محموم، وساعدها هذا على تحقيق الاكتفاء الذاتي ونمو الاقتصاد، أما في السبعينيات فقد شرعت الصين في بدء أضخم مبادرة لضبط النسل في تاريخ الإنسانية، وهي ما عرفت بسياسة الطفل الواحد، ولم توافق الدول في الغرب على هذه السياسية، وتحدثت أفواه كثيرة عن حقوق الأسرة في حيازة أكثر من طفل، لكن الصين استهدفت السيطرة على الزيادة السكانية بأي طريقة.

لم تتوانى الحكومة في استخدام أساليب قمعية وحادة، كما قدمت محفزات ومغريات أخرى، حيث يتم تشجيع الإناث على عمل تعقيم ما بعد الولادة، وضخت برامج التوعية بتحديد النسل بصورة مطردة، لكن لم يتوقف عدد كبير من الصينيين من مقاومة تلك السياسة، وخاصة أهل الريف، ما جعل الحكومة تضطر للسماح للأسر في هذه المناطق إنجاب طفل ثالث، واستمرت جهود الدولة المتمثلة في المثبطات وتخصيص الموارد، وكان العام 1993 شاهدًا على نجاح الدولة في عمل لجنة لتنظيم الأسرة، وأصبح معدل الخصوبة في متناول اليد. 

إذا ما قارنا بين مستوى معيشة المواطن في الصين في عام 2000 وبين حياته اليوم في 2021 سنجد أن المواطن الصيني تحسنت حالته المادية والمعيشية إلى حدٍ كبير، فلقد أصبح ثريًا ومرفهًا، ومن أجل أن تنظم الصين نسلها وتستغل التدفق السكاني لديها، عمدت إلى تنظيم كيانات لتنظيم الأسر وتوعيتهم بخطورة الانفجار السكاني.

اقرأ أيضاً:  الفرق بين العدل والمساواة

 لقد أثبتت الصين أن الزيادة السكانية ليست أزمة بقدر ما هي فرصة، فوقت يمثَّل ابناء المجتمع عبئًا على ميزانيات الدول، فهم أيضًا يشكلون قوة عاملة ممتازة تدفع الاقتصاد إلى الأمام، ولم تغفل الصين عن تطبيق سياسات تنمية تعتمد على استغلال ابناء الشعب في دفع الاقتصاد إلى الأمام، وهذا ما جعلها -عكس الدول النامية التي تعاني من زيادة السكان- تنجح في تجربتها السكانية والاقتصادية. 

معدل الزيادة السكانية في الصين

عندما بدأت الصين في العمل على سياسة الإصلاح والانفتاح، انتهج نظام النمو السكاني الطريقة التقليدية المتميزة، ففي عام 2009 كان معدل الولادات في الصين 012.13%، وكان أقل من عام 1978 بنسبة 006.12%، وبعد تطبيق سياسات تحديد النسل في سنة 1969، وبعد مضي 10 أعوام على هذا التاريخ، انخفض معدل الولادات من 0.34% إلى 00.18%. 

لقد أخذ معدل الانخفاض يتباطأ في فترة الثمانينيات لأن الرقابة قد ضعفت نتيجة لتفكك البنية الاجتماعية في الأرياف، وبعد أن تمكنت الصين من إنجاز مخططها الانفتاحي صارت تتمتع بعدد أقل من حيث الوفيات وهو %006.5 ومعدل ولادات 00.13%، وكانت الزيادة الطبيعية في الصين هي 0.6 سنويًا، أي ما يعادل ما بين 7 إلى 8 مليون شخص، والأعوام القليلة الماضية شهدت انخفاضًا في معدل الخصوبة، فالسياسات المتبعة في الثلاثة عقود الماضية جعلت الزيادة الطبيعية تكون 1.3 مليار نسمة. 

الزيادة السكانية في مصر

الزيادة السكانية في مصر وأثرها على الفرد والمجتمع

في البداية كانت المستوطنات والقبائل المصرية قليلة العدد، وكان الإنسان الأول في مصر قد استعمر أماكن بها زيادة في الموارد فائضة عن احتياجه، والضابط لزيادة عدد المواليد في هذه الفترة كان الخوف من الأمراض والأوبئة، تلك التي قتلت الآلاف، ثم جاء القرن الثامن عشر ومعه الثورة الصحية التي وقفت جنبًا إلى جنب مع الصحوة العلمية والتكنولوجية، فلقد تمكن الإنسان من التطور في كافة العلوم، مما أدى إلى انخفاض معدل الوفيات بصورة كبيرة، ومن هنا بدأ النمو السكاني في مصر ينتعش.

بعد تلك الفترة انتقلت الحياة لتكون أكثر إيجابية، وازدادت معدلات كبار السن من الفئة غير المنتجة نتيجة للرعاية الصحية الجيدة، ولا شك في أنّ هذه الزيادة جاءت ومعها زيادة في الاستهلاك من الموارد المختلفة، ومن أجل أن يحافظ المجتمع على التوازن، فإنه اتجه إلى توسيع رقعة المساحات الزراعية، إلى جانب إقبال العمالة على المصانع أيضًا ضمن الثورة الصناعية، ما وقع في مأزق هي موارد البيئة الغير متجددة من مصادر الطاقة مثل البترول والمعادن والمياه الجوفية، كما شرع التلوث البيئي في الظهور، فأصاب التلوث كل من الماء والهواء والطعام. 

بعد أن شاعت الزيادة السكانية في أصقاع مصر، وأصبح إيقافها أمر عسير، ودُقت نواقيس الخطر، أصبحت هناك ضرورة في عمل سياسة سكانية جديدة تقف حائلًا أمام المزيد من هذه الزيادة، ما يقلل من معدلات الفقر والبطالة التي أصابت المجتمع، وترشيد استهلاك الموارد الطبيعية.

أحدث النمو السكاني في مصر تضخمًا كبيرًا وقع على عاتق المدن، وزادت معدلات البطالة في تلك المدن، وهي ليست بهذا الانخفاض في القُرى، كما تزداد معدلات التلوث البيئي في المدن أكثر من القُرى، إلى جانب اضطرابات اجتماعية حادة تتمثل في السرقات وتفشي الجريمة والأمراض، لأن المدن ما عادت تقوى على عمل اكتفاء لمتطلبات السكان. 

أسباب المشكلة السكانية في مصر

  • زيادة معدل المواليد بصورة محمومة، حيث إننا نتحدث عن مولود كل 15 ثانية، ويتفوق عدد المواليد على عدد الوفيات بفارق هائل، ما استدعى إيجاد برامج مخصصة في ضبط النسل من أجل أن تخفض في معدل المواليد شيئًا فشيئًا لتقترب بشكل صحي من معدل الوفيات، وهذه الحملات ينبغي أن تستهدف الأسر المصرية غير الواعية والتي تنجب كثيرًا. 
  • رفع كفاءة المؤسسات الصحية، مما أدى إلى التقليل من معدل الوفيات، حيث عانى الإنسان المصري في حقب زمنية مختلفة من الأمراض والأوبئة التي لم يكن لها علاج، فكان الوباء يقتل قرية عن بكرة أبيها، لكن إيجاد علاج لتلك الأمراض جعل معدل الوفيات يقل للغاية. 
  • الزواج المبكر في الريف، هو من العادات التي تحرم المرأة من التعليم والمشاركة مجتمعيًا في العمل، وتبعًا لهذا يزداد معدل المواليد، فالزوجين في هذا السن الصغير لا يحصلان على فرصة التوعية من مخاطر كثرة الإنجاب على المستوى الاقتصادي، وهم يتأثرون بتقاليد المجتمع التي تقترح كثرة الإنجاب.

مخاطر الزيادة السكانية في مصر 

الخطورة الأم للزيادة السكانية في دولة مصر هي أنها تستنزف الموارد الطبيعية مثل الأرض، والطعام، والماء، والهواء، إلى جانب مصادر الطاقة غير المتجددة مثل البترول والمعادن، فالاستمرار في استنزاف هذه الموارد يتجه بالدولة إلى كارثة معيشية تفوق ما تعانيه البلاد الآن من فقر قاتم بكثير، كما أنّ الزيادة في استهلاك المواد التي تُخلِّف نفايات ذات طابع سام تتجه بصحة الإنسان المصري إلى الأسفل.

يرفع التضخم من أسعار المنتجات بشكل عام مثل المأكل والمشرب والخدمات طالما أنّ الطلب على هذه السلع بات مرتفعًا، ويحدث هذا جنبًا إلى جنب مع نقص الدخول،ـ ولقد وصلت المشكلة المرورية إلى ذروتها، وشاعت المناطق العشوائية مقفرة الخدمات، حيث تتجه مصر لأن تكون دولة أكثر فقرًا وجوعًا وترديًا في الأوضاع الاجتماعية والثقافية. 

معدل الزيادة السكانية في مصر

كان معدل النمو السكاني في مصر قد بلغ ذروته في عام 1978، حيث ارتفع في هذا العام من 2.75% إلى 6.8%، وفي نفس العام قل العجز في ميزان الحساب الجاري ليكون -4%، وفي عام 1998 وصل معدل الزيادة الطبيعية حوالي 2.02% إذ شهد هذا العام تراجعًا في معدلات البطالة، والفترة التي برزت فيها المشكلة بقوة كان ما بين عامي 1999 و2018، لأنه في عام 2013 وصل نمو السكاني إلى ذروته 2.29%، وارتفعت البطالة بنسبة 13.2%، كما حدث انخفاض في عجز الميزانية في 2013 ليكون -1.2%.

فيديو عن الزيادة السكانية

مقالات مشابهة

الرؤية و الضوء

الرؤية و الضوء

ما هي مهارات القراءة الجهرية؟

ما هي مهارات القراءة الجهرية؟

أنواع التفاوض

أنواع التفاوض

مهام موظف خدمة العملاء

مهام موظف خدمة العملاء

أنواع التسويق الشبكي

أنواع التسويق الشبكي

إدارة المكاتب

إدارة المكاتب

متطلبات وظيفة مندوب مبيعات

متطلبات وظيفة مندوب مبيعات