جدول المحتويات
صيام يوم الجمعة مفردًا مكروه، ولكن إذا كان الشخص يعمل عملًا شاقًا طوال أيام الأسبوع، ولا يجد وقتًا لصيام التطوع غير يوم الجمعة، وهو يوم راحته؛ فلا بأس بصيامه في هذه الحالة؛ وذلك لأنه لم يقصد تخصيص يوم الجمعة بصيام، وإنما قصد صيام يوم تيسر له، ولأن الكراهة تنتفي بأدنى سبب كما قال العلماء.
يوم الجمعة
هو اليوم الأسبوعي المميز للمسلمين، وهو خير يوم طلعت فيه الشمس، فيه خُلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة.
الآثار الواردة في صيام يوم الجمعة
من الآثار الواردة في صيام يوم الجمعة قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم” رواه مسلم.
هل يجوز صيام يوم الجمعة؟
صيام يوم الجمعة مفردًا مكروه، ولكن إذا كان الشخص يعمل عملًا شاقًا طوال أيام الأسبوع، ولا يجد وقتًا لصيام التطوع غير يوم الجمعة، وهو يوم راحته، فلا بأس بصيامه في هذه الحالة؛ وذلك لأنه لم يقصد تخصيص يوم الجمعة بصيام، وإنما قصد صيام يوم تيسر له، ولأن الكراهة تنتفي بأدنى سبب كما قال العلماء، وجاء في شرح زاد المستقنع لأحمد الخليل: فهم من الأحاديث أن المنهي عنه هو تخصيص يوم الجمعة بالصيام؛ فإن صام الجمعة لا قصداً، وإنما لأنه هو المتيسر فقد أفتى الإمام أحمد أن من صام الجمعة بلا قصد؛ فلا بأس، وهذا مما فيه تخفيف على المسلمين، والحمد لله.
الحكمة في كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم
ومن الحكمة في كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم أنه يوم عيد المسلمين، وهو موسم كريم عظيم للذكر، والعبادة، والدعاء فيه مستحب وهو أرجي ما يكون؛ فهو يوم دعاء، وذكر، وعبادة، حيث يستحب فيه الغسل، والتبكير إلى الصلاة، وانتظارها، واستماع الخطبة، والإكثار من الذكر بعدها، وذلك لقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 9، 10]، قال الإمام النووي: ويستحب فيه أيضًا الإكثار من الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغير ذلك من العبادات في يومها، ولكن يستحب له الفطر فيه؛ ليكون عونًا له على هذه الطاعات، وأدائها بنشاط، وانشراح، والتلذذ بها من غير ملل، ولا كلل، ولا ضعف، وهو مثل الحاج بعرفات، فإن الأولى له الفطر؛ ليستعين به على الطاعة.
مذاهب العلماء في صيام يوم الجمعة
قال النووي في المجموع: “كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم هو الصحيح المشهور، وعليه جمهور العلماء”، وقال القاضي أبو الطيب في المجرد روى المزني في الجامع الكبير عن الإمام الشافعي: أنه قال: “لا يستحب صوم يوم الجمعة لمن كان إذا صامه منعه من الصلاة ما لو كان مفطرًا فعله” هكذا نقل القاضي، وقال صاحب الشامل وذكر في جامعه، وقال الشافعي: ولا يبين لي أن أنهى عن صوم يوم الجمعة إلا على اختيار لمن كان إذا صامه منعه عن الصلاة التي لو كان مفطرًا لفعلها، قال صاحب الشامل، وذكر الشيخ أبو حامد في التعليق أنه يكره صومه مفردًا، قال: وهذا خلاف ما نقله المزني، قال: وحمل الشافعي الأحاديث الواردة في النهي على من كان الصوم يضعفه، ويمنعه عن الطاعة.
نقل ابن المنذر عن الشافعي هذا الذي قاله صاحب الشامل مختصرًا، ولم يذكر عنه غيره، وقد قال صاحب البيان في كراهة إفراده بالصوم وجهان: المنصوص الجواز، ويحتج لظاهر ما قاله الشافعي، ومن قال بالمذهب المشهور أجاب عنه بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يصوم الخميس؛ فوصل الجمعة به، وهذا لا كراهة فيه بلا خلاف.
ذكر أيضًا الإمام النووي مذاهب العلماء في إفراد يوم الجمعة بالصوم بقوله: أن المشهور من مذهب الشافعية كراهته، وبه قال أبو هريرة، والزهري، وأبو يوسف، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر، وقال مالك، وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن: “لا يكره”، وقال الإمام مالك في الموطأ: لم أسمع أحدًا من أهل العلم، والفقه، ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن، قال: وصامه، قال: وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه وأراه كان يتحراه، فهذا كلام مالك” وقد يحتج لهم بحديث عن ابن مسعود قال: “كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام، وقلما كان يفطر يوم الجمعة”.
قال النووي: “وقد سبق الجواب عن حديث ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يصوم الخميس والجمعة فلا يفرده” والقائلون بكراهة إفراد يوم الجمعة بصيام استدلوا بالأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك، ومنها الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده” وسئل جابر بن عبد الله: “أنهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم”.
أحاديث عن كراهة صيام يوم الجمعة
عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال “لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين سائر الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم”، وعن جويرية بنت الحارث أم المؤمنين أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: “أصمت أمس؟” قالت: لا، قال: “أتريدين أن تصومي غدًا؟” قالت: لا، قال: فأفطري” وقال النووي: وأما قول مالك في الموطأ أنه ما رأى من ينهي فيعارضه أن غيره رأى فالسنة مقدمة على ما رآه هو وغيره، وقد ثبتت الأحاديث بالنهي عن إفراده؛ فيتعين على المسلم العمل بها لعدم المعارض لها، ومالك معذور فيها؛ فإنها لم تبلغه، قال الداودى من أصحاب مالك: لم يبلغ مالكًا حديث النهي، ولو بلغه لم يخالفه”.
خلاصة القول
على كل ما سبق فيمكننا القول بأن صيام يوم الجمعة مفرداً صحيح، ولكنه مكروه،
ولكنه جائز لمن صام يومًا قبله، أو يومًا بعده، ومن وافق له عادة كصيام الثلاثة أيام القمرية من كل شهر عربي، وكصيام القضاء للمرأة التي أفطرت في رمضان؛ بسبب حيض، أو نفاس، والله تعالى أعلى وأعلم.