جدول المحتويات
يتساءل الكثير من الأشخاص عن جواز الصيام بعد ممارسة العادة السرية في الليل دون اغتسال، وعن حكم ممارسة هذه العادة في ليل رمضان والأمور الواجب فعلها حتى يكون الصيام صحيحاً ومقبولاً، كل هذه التساؤلات وأكثر سنجيب عنها تباعاً في هذا المقال.
حكم ممارسة العادة السرية في ليل رمضان
لا يختلف اثنان على كون العادة السرية واحدة من الأمور المنكرة التي لا بد من الكف عنها بأسرع ما يمكن؛ حيث تعد نوعاً من أنواع الاعتداء وإلحاق الضرر بالنفس، وواحدة من الأمور الشهوانية التي أنكرها الشرع، وفعلاً منافياً للفطرة التي فطر الله تعالى عباده عليها، وقد ورد ذلك في الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ومنها:
- قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون} (المؤمنون: 5-6).
- عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: “يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ” [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
حكم ممارسة العادة السرية في نهار رمضان
أجمع كافة فقهاء الدين على تحريم هذا الفعل وعلى كونه انتهاكاً واضحاً وتهاوناً في حقوق الله، وأشاروا إلى أن من يقدم على هذا الفعل وهو صائم فإن صيامه باطل وغير صحيح، ويتوجب عليه الإمساك عن الطعام والشراب حتى نهاية اليوم وقضاؤه فيما بعد، وينطبق هذا الأمر على من يعلم به ومن لم يعلم، وكذلك على من يباشر زوجته في نهار رمضان، أو يتعمد نزول المني منه دون مباشرة.
هل يجوز الصيام بعد ممارسة العادة السرية في ليل رمضان دون اغتسال؟
أشار الفقهاء إلى جواز الصيام بعد ممارسة العادة السرية في ليل رمضان دون التطهر من الجنابة، وذلك لكون الجنابة في أصلها لا تؤثر في صحة الصيام ولا تبطله، وكذلك الأمر بالنسبة لمن جامع زوجته أو قام بالاستمناء في ليل رمضان ولم يغتسل، ولكن لا بد من الإشارة هنا إلى أنّ جواز الصيام لا ينفي كون هذا الفعل منكراً في هذه الأيام الفضيلة، وفي حال حدوثه فلا بد من الاغتسال في أقرب وقت ممكن وذلك لكي لا تفوت الصلوات المفروضة جميعها، والدليل على جواز الصيام على جنابة ما ورد من رواية أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قولها: “جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ يُدرِكُني الصُّبحُ وأنا جُنبٌ أفأصومُ يومي ذلك؟ فسمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: “ربَّما أدرَكني الصُّبحُ وأنا جُنبٌ فأقومُ وأغتسِلُ وأُصلِّي الصُّبحَ وأصومُ يومي ذلك، فقال الرَّجلُ: إنَّك لسْتَ مِثْلَنا إنَّك قد غفَر اللهُ لك ما تقدَّم مِن ذنبِك وما تأخَّر فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنِّي أرجو أن أكونَ أخْشاكم لله وأعلمُكم بما أتَّقِي)ِ”[ صحيح ابن حبان | خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه].
هل يجوز الصيام لمن مارس العادة السرية وهو جاهل بحكمها؟
في بداية الأمر لا بد من معرفة أن الصائم لا يفطر إلا بتوفر ثلاثة أمور أساسية في الفعل الذي يقوم به وهي: العلم، والإرادة، والذكر، وبناءً على ذلك ونظراً إلى أن الجهل بالمفطرات لا يبطل الصيام، فإن الصيام صحيح لمن مارس العادة السرية وهو جاهل بحكمها وهنا لا تعد واحدة من المفطرات، حيث قال النووي في “المجموع” (6/ 352):
” إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ جَاهِلا بِتَحْرِيمِهِ – فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ كَوْنُ هَذَا مُفْطِرًا – لَمْ يُفْطِرْ؛ لأَنَّهُ لا يَأْثَمُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ النَّصُّ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ أَفْطَرَ؛ لأَنَّهُ مُقَصِّرٌ”.