جدول المحتويات
إن كان الشخص جنبًا وقت طلوع الفجر؛ لا يؤثّر على صحّة صيامه البتة إذا خلا من مبطلات الصيام الأخرى كالأكل، والشرب، والجماع في نهار رمضان، ولكن الإسراع في الاغتسال قبل طلوع الفجر أفضل للإنسان، ومن الواجب على الجنب أن يغتسل من الجنابة بعد طلوع الفجر وقبل أن تطلع الشمس؛ وذلك لكي لا تفوته صلاة الفجر، وبذلك فإن تأخير الاغتسال من الجنابة إلى ما قبل صلاة الظهر يُفوّت وقت صلاة الفجر من دون أدائها وهذا غير جائز، وعليه فإنّ تأخير غسل الجنابة للمسلم الذي يتوفر لديه الماء، وهو قادر على استعماله؛ لا يجوز، خاصّة إذا كان تأخير الغسل يؤدّي إلى خروج وقت الصلاة الحاضرة، أمّا المسافر؛ فيجوز له ذلك إن أراد الجمع في الصلاة جمع تأخير، ويتوجب عليه الغسل قبل فوات وقت الصلاة الثانية، ومن الواجب التنبيه على خطورة تأخير الاغتسال من الجنابة عمدًا حتّى يفوت وقت الصلاة، لأنّ هذا إثمٌ عظيم يجب على صاحبه التوبة منه.
ما هي الجنابة؟
الجنابة في اللغة
هي البُعد؛ فهي ضد القُرب، أو القرابة، وهي على وزنها، كما أنّها تُعرَّف كذلك بمجانبة الشيء، واجتنابه، يُقال: فلان جُنُبٌ؛ بسبب النّهي عن أن يقرب الصلاة إلّا إذا تطهّر من جنابته، وكذلك قِيل: لاجتنابه الناس حتى يتطهر.
الجنابة شرعًا
عرَّفها النووّي بأنّها: صفةٌ تُطلَق على الشخص الذي أنزل المَني بقصد، أو دون قصد، وكذلك على مَن جامع زوجته، وعليه فقد سُمِّي جُنُباً؛ وذلك لكونه يتجنّب الصلاة، والمسجد، ومس المصحف.
هل يجوز الصوم على جنابة؟
اتّفقت مذاهب الأئمّة الأربعة على صحّة صيام الجُنُب؛ واعتمدوا في ذلك على عددٍ من الأدلّة من القرآن الكريم، والسنّة النبويّة المطهرة، وهي:
قول الله عز وجل
قول الله -سبحانه وتعالى- {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، حيث جاءت الإشارة في الآية الكريمة إلى صحّة صيام الجُنب؛ فقد دلّت على جواز الجِماع ليلة الصيام وهو حل لنا، وذلك حتى طلوع الفجر؛ وذلك جواز جِماع الرجل لزوجته حتى الفجر يقتضي طلوع الفجر عليهما، وهما على جنابةٍ.
قول الإمام البخاري
ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عائشة وأمّ سلمة -رضي الله عنهما- أنَّ رَسولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) كانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ، وهو جُنُبٌ مِن أهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، ويَصُومُ، فقد بيّن الحديث أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُجامع زوجاته في شهر رمضان في الليل، ويتأخّر في غُسله إلى ما بعد طلوع الفجر، وقد كان ذلك بعد جِماعٍ، وليس احتلام.
قول الإمام مسلم
ممّا يُؤيّد ذلك أيضًا ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أم سلمة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- كانَ رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) يُصْبِحُ جُنُبًا مِن جِمَاعٍ، لا مِن حُلُمٍ، ثُمَّ لا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي، وبالاعتماد على ما سبق من الأدلّة الواضحة؛ فإنّ الجنابة ليست من مبطلات الصيام، وتشمل صحّة الصيام أيضاً مَن أصبح على جنابةٍ بسبب الاحتلام.
هل يجوز للمرأة الصيام على جنابة؟
الجنب لفظ يطلق على الرجل والمرأة، وبذلك فهما مشتركان في الأحكام المترتبة على صحة الصوم في حالة الجنابة؛ فيجوز للمرأة الصيام، وهي على جنابة، ويُفضل لها الغسل بعد طلوع الفجر وقبل شروق الشمس، وذلك لأداء صلاة الفجر في وقتها.
هل الجنابة تبطل صيام النافلة؟
إذا طلع الفجر على الشخص ذكرًا كان أم أنثى وهو على جنابة، ولم يغتسل منها، وكان يريد الصيام؛ فصيامه صحيح، والأصل في ذلك ما روي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: “كان رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) يُصبِحُ جُنُبًا مِن غَيرِ احْتِلامٍ، ثم يُصبِحُ صائِمًا” ولا فرق في صيام النوافل، وهو على جنابة، أو صيام الفرض؛ لأنّ هذا الحديث جاء مُطلقًا، وغير مقيّد بصيام الواجب أو النفل، أي: بين صيام رمضان، أو غيره.