جدول المحتويات
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن موعد ليلة القدر أنها تكون في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وخاصة في أوتار العشر الأواخر منه؛ فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في كل وتر”، ولا يوجد يوم محدد لها؛ فقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -صلى اللّه عليه وسلم- أنّ هذه الليلة متنقلة في العشر، وليست في ليلة محددة منها دائمًا، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، أو في ليلة ثلاث وعشرين، ومن المحتمل أن تكون في ليلة خمس وعشرين، أو في ليلة سبع وعشرين وهي أحرى الليالي، ومن المحتمل أن تكون في يوم تسع وعشرين، وأيضًا قد تكون في الأشفاع؛ لذا من قام كافة ليالي العشر إحتسابًا وإيمانًا؛ أدرك ليلة القدر بلا ريب، وفاز بما وعده الله.
معنى ليلة القدر
معنى القدر في اللغة
إن معنى القدر في اللغة اسم مصدر، وهو من قدر الشيء يقدره تقديراً، وهو عبارة عما حكم الله به وقضاه من الأمور، وقدّر الله هذا الأمر بقدره قدرًا، حيث جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة، وقيل أنه كون الشيء مساويًا لغيره من غير نقصان ولا زيادة، وإن ليلة القدر هي اسم مركّب من كلمتين، والقدر بتسكين الدال أي: الشأن، والوقار، والمكانة الاجتماعية، والشرف، والحرمة، والنصيب، والعظمة.
معنى القدر في الشرع
إن القدر في الشرع هو ما يحكم به الله -عز وجل- ويقدره من القضاء، ويُطلق على ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك في العشر الأواخر، وتكون وترًا، وقد اختلف فقهاء أهل العلم في المعنى الذي يقصد به القدر الذي ارتبطت به تسمية هذه الليلة من حيث اللغة؛ حيث إنّ المعنى الاصطلاحي والشرعي لا يخرج عن المعنى اللغوي كثيرًا الذي من أجله تم وضع الاسم، فقد قال جمع من العلماء إنّ معنى القدر هنا المكانة والشرف؛ ولذلك سميت بهذا الاسم تشريفًا وتعظيمًا لها، واختلفت الآراء حول تسميتها، ولكن المعلوم أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.
وقت ليلة القدر
أجمع العلماء والفقهاء أن ليلة القدر هي ليلة تكون في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وخاصة في الليالي الوترية، ولكن تحديدها في يوم محدد في العشر الأواخر صعب، ويختلف طبقًا لاختلاف الروايات الصحيحة، حيث إن معلوم أنه في ليالي الوتر من العشر الأواخر من الشهر، وأرجى ليلة لليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين.
ليلة القدر من رمضان تكون في العشر
أجمع جمهور العلماء أن ليلة القدر تكون في شهر رمضان يقينًا، لأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن؛ لقول الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة : 185]، وعن ابن عمر قال أيضًا: “التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز؛ فلا يُغلبن على السبع البواقي” [رواه أحمد ومسلم والطيالسي عن ابن عمر كما في صحيح الجامع الصغير 1242].
حقيقة ليلة القدر
تعد ليلة القدر ليلة ذات شرف وفضلٍ عظيم، حيث اختصها الله -عز وجل- بالمنزلة والرفعة العالية من بين الليالي، وسميت بهذا الاسم؛ لأنها ذات شرف وقدرٍ وعظيم، وقيل لأن فيها تقدرُ آجال العباد، وأرزاقهم على وفق ما سبق به علمُ الله، قال تعالى: {فِيْهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:4].
دعاء ليلة القدر
عم أمُّ المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق -رضي الله عنها وأرضاها- أخرج الترمذي في السنن عنها أنها قالت: “قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ فقال -صلوات الله وسلامه عليه- قولي: “اللهم إنك عفوٌ كريم تحبُ العفوَ فاعف عنِّي”؛ لذا بهذا الحديث الصحيح ينبغي أن نكثر هذا الدعاء؛ فهو يجمع بين خيري الدنيا والآخرة، وهناك أدعية أخرى، مثل:
الدعاء الأول
رب أعني ولا تعن علي، وانصر لي ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى إليَّ، وانصرني على من بغى علي.
الدعاء الثاني
يا مقلِّب القلوب ثبت قلبي على دينك، وقد كان هذا الدعاء أكثر دعاء يقوله النبي (صلى الله عليه وسلم).
الدعاء الثالث
يا مصرِّف القلوب صرِّف قلبي على طاعتك، وأيضًا: اللهم إني أسألك اليقين والعافية.
الدعاء الرابع
اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
فضل ليلة القدر
خير من ألف شهر
إن العمل في ليلة القدر خير من ألف شهر، أي فيما يقارب أكثر من ثلاث وثمانين عامًا؛ فقد قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}(القدر: 1-3).
تتنزل فيها الملائكة
عن مجاهد -رحمه الله- قال: إن الملائكة تتنزل تلك الليلة، حيث قال الله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}(القدر: 4)، قال ابن كثير -رحمه الله- معنى ذلك أن الملائكة يكثر تنزلهم في تلك الليلة؛ لكثرة خيرها وبركتها، حيث إنهم يتنزلون مع تنزل الرحمة والبركة.
غفران للذنوب
قال النبي (صلى الله عليه وسلم) إن من قامها إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه، حيث روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : “مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” وإيمانًا المقصود بها تصديقاً بما وعد الله تعالى من الثواب والأجر العظيم، واحتسابًا المقصود بها احتساب للثواب والأجر من الله تعالى، ولن يحصل المسلم على غفران ذنوبه إلا إذا حقق هذان الشرطان.
خالية من الشرور
إن الله -سبحانه وتعالى- وصف ليلة القدر بأنها سلام حتى مطلع الفجر، حيث قال تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}(القدر: 5)، أي: خالية من الشرور، وقال مجاهد -رحمه الله- “إن ليلة القدر سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا، ولا أن يحدث فيها أذى”.
أسئلة شائعة
ما هي علامات ليلة القدر كاملة؟
قال العلماء أنها ليلة بلجة، أي: ذات الضياء والنور، حيثما جاء في مسند أحمد: “إنَّ أَمارةَ ليلةِ القدرِ أنَّها صافيةٌ بلِجةٌ كأنَّ فيها قمَرًا ساطِعًا” وأيضًا من علاماتها: أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها صافية، حيثما جاء عند مسلم من حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: “أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها”.
من يرى ليلة القدر؟
إن من يرى ليلة القدر من وفقه الله -سبحانه وتعالى- وذلك عن طريق رؤية أماراتها، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يستدلون عليها بعلامات، ولكن الجدير بالذكر أن عدم رؤيتها لا يمنع تحصيل فضلها لمن قامها إيمانًا واحتسابًا؛ حيث إن المؤمن يجب عليه أن يجتهد في تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان كافة، وفي الوتر منها خاصة.
