جدول المحتويات
فهرس سورة مريم
مريم سورة مكية أم مدنية ؟ | مكية ما عدا الآيات 58 و 71 |
عدد آيات سورة مريم | 98 |
عدد كلمات سورة مريم | 972 |
عدد حروف سورة مريم | 3835 |
ترتيب سورة مريم في القرآن الكريم | 19 |
فضل قراءة سورة مريم
يكمن فضل قراءة سورة مريم في الأثر الإيجابي التي تتركه على حياة من يقرأها، ويتدبّر معانيها، مثل:
- التأكيد على عظمة وإعجاز القرآن الكريم، والحث على اتباع منهجه في جميع نواحي الحياة، وأنّ الله تبارك وتعالى أنزل القرآن باللغة العربية الفصحى، وفي هذا تشجيع على تدارس اللغة العربية وإتقانها، لفهم القرآن الكريم.
- ذِكر ما حل بالأمم السابقة من أهل الزيغ والضلال الذي كذبوا بالقرآن الكريم، والرسالة المحمدية، وما حل بهم من عقاب ودمار نتيجة تكذيبهم هذا، وفي هذا تثبيت للإيمان في قلوب المسلمين.
- ذكر قصة زكريا عليه السلام إذا دعا ربه بأن يكون له ولد صالح، فاستجاب له ربه، وفي هذا تأكيد على أن الله سبحانه وتعالى قريبٌ مجيب الدعاء، على المسلم أن يدعوه في أمور الدنيا والآخرة.
- وصف الجنة وما بها من نعيم، وفي هذا تشجيع للمسلمين للثبات على طريق الحق.
- التأكيد على أن الله سبحانه وتعالى ناصر الرسول ومن اتبعه لا محالة، وفي هذا تثبيت لقلوب المسلمين على مصاعب الطريق.
سبب تسمية سورة مريم بهذا الاسم
سميت هذه السورة الكريمة بإسم مريم تخليدًا لمريم بنت عمران، التي أنجبت المسيح عليه السلام بمعجزة إلهية، فهي ولادة عذرية دون أن يمسسها بشر، وهي السيدة الوحيدة التي ذُكر اسمها صراحةً في القرآن الكريم، وذلك تكريمًا لها، وتخليدًا لقصتها المعجزة.
سبب نزول سورة مريم
- ورد في الأثر عن سبب نزول الآية 64: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} ما رواه عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “يا جِبْرِيلُ، ما يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورَنا أكْثَرَ ممَّا تَزُورُنا، فَنَزَلَتْ: {وَما نَتَنَزَّلُ إلَّا بأَمْرِ رَبِّكَ له ما بيْنَ أيْدِينا وما خَلْفَنا} [مريم: 64] إلى آخِرِ الآيَةِ، قالَ: كانَ هذا الجَوابَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”. [صحيح البخاري l خلاصة حكم المحدث: صحيح]
- ذكر الكلبي في سبب نزول الآية 66: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} أنها نزلت في أُبيّ بن خلف حين أخذ عظامًا بالية يفتها بيده ويقول: “زعم لكم محمد أنّا نبعث بعدما نموت”.
- ذكرت كتب التفسير أن الآية 77: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} نزلت في المشرك العاص بن وائل السهمي، الذي كان له دَيْن على خباب بن الأرت، وكان هذا الأخير أول من أظهر إسلامه، وكان العاص يؤخّر مطالبته بالدين، وعندما أعلن الخباب إسلامه جاءه العاص مطالبًا بدينه، قائلاً له: “لا أقضيك حتى تكفر بمحمد”، فرفض الخباب وقال للعاص: “لا أكفر حتى تموت وتبعث”، فقال له العاص مستهزءًا بعقيدة المسلمين: “إني إذا مت ثم بعثت؛ جئني وسيكون لي ثم مال وولد فأعطيك”.
- ذكر جلال الدين السيوطي في كتابه (لُباب النقول في أسباب النزول) عن سبب نزول الآية 96: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّ}، أنها نزلت ليخبر الله سبحانه وتعالى المسلمين أنه يغرس في قلوب عباده المودة والرحمة، وفي ذلك روى أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: “إذا أحبَّ اللهُ عبدًا نادى جبريلَ إني قد أحببتُ فلانًا فأحبَّه – قال- فيُنادي في السماءِ ، ثمَّ تنزلُ له المحبةُ في أهلِ الأرضِ ، فذلك قولُه تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} وإذا أبغضَ الله عبدًا نادى جبريلُ إني أبغضتُ فلانًا، فنادي في السماءِ، ثمَّ تنزلُ له البغضاءُ في الأرضِ“. [تفسير القرطبي l خلاصة حكم المحدث: خرجه البخاري ومسلم بمعناه]
سورة مريم مكتوبة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)}
تفسير سورة مريم
رقم الآية | الآية الكريمة | المعنى |
1 | كهيعص | وأما الحروف المقطعة في أوائل السور فالأسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها من غير مستند شرعي، مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثًا بل لحكمة لا نعلمها. |
2 | ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا | هذا ذكر رحمة ربك بعبده زكريا عليه السلام، نقصّه عليك للاعتبار به. |
3 | إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا | إذ دعا ربه سبحانه دعاء خفيًّا ليكون أقرب إلى الإجابة. |
4 | قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا | قال: يا رب، إني ضعفت عظامي، وكثر شيب رأسي, ولم أكن خائبًا في دعائي لك، بل كما دعوتك أجبتني. |
5 | وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا | وإني خفت قرابتي ألا يقوموا بعد موتي بحق الدين لانشغالهم بالدنيا، وكانت امرأتي عقيمًا لا تلد، فأعطني من عندك ولدًا مُعِينًا. |
6 | يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا | يرث النبوّة عني، ويرثها من آل يعقوب عليه السلام، وصيِّره -يا رب- مرضيًّا في دينه وخلقه وعلمه. |
7 | يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا | فاستجاب الله دعاءه, وناداه: يا زكريا، إنا نخبرك بما يسرّك، فقد أجبنا دعاءك، وأعطيناك غلامًا اسمه يحيى، لم نجعل لغيره من قبله هذا الاسم. |
8 | قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا | قال زكريا متعجبًا من قدرة الله: كيف يولد لي ولد وامرأتي عقيم لا تلد، وقد بلغت نهاية العمر من الكبر وضعف العظام؟! |
9 | قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا | قال المَلَك: الأمر كما قلت من أن امرأتك لا تلد، وأنك قد بلغت نهاية العمر من الكبر وضعف العظام، لكن ربك قال: خلْق ربك ليحيى من أمّ عاقر ومن أب بلغ نهاية العمر سهْل، وقد خلقتك -يا زكريا- من قبل ذلك ولم تكن شيئًا يذكر؛ لأنك كنت عدمًا. |
10 | قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا | قال زكريا عليه السلام: يا رب، اجعل لي علامة أطمئنّ بها تدل على حصول ما بشّرتني به الملائكة، قال: علامتك على حصول ما بُشِّرتَ به ألا تستطيع كلام الناس ثلاث ليال من غير علة، بل أنت صحيح معافى. |
11 | فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا | فخرج زكريا على قومه من مصلّاه، فأشار إليهم من غير كلام: أن سبّحوا الله سبحانه أول النهار وآخره. |
12 | يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا | فولد له يحيى، فلما بلغ سنًّا يخاطب فيها قلنا له: يا يحيى، خذ التوراة بجدّ واجتهاد، وأعطيناه الفهم والعلم والجد والعزم وهو في سنّ الصبا. |
13 | وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا | ورحمناه رحمة من عندنا، وطهّرناه من الذنوب، , وكان تقيًّا يأتمر بأوامر الله، ويجتنب نواهيه. |
14 | وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا | كان برًّا بوالديه، لطيفًا بهما، محسنًا إليهما, ولم يكن متكبّرًا عن طاعة ربه ولا طاعتهما, ولا عاصيًا لربه أو لوالديه. |
15 | وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا | وسلام عليه من الله وأمان له منه يوم ولد، ويوم يموت ويخرج من هذه الحياة، ويوم يبعث حيًّا يوم القيامة، المواطن الثلاثة هي أوحش ما يمرّ به الإنسان، فإذا أمن فيها فلا خوف عليه فيما عداها. |
16 | وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا | واذكر -أيها الرسول- في القرآن المنزل عليك خبر مريم عليها السلام إذ تنحّت عن أهلها، وانفردت بمكان على جهة الشرق منهم. |
17 | فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا | فاتخذت لنفسها من دون قومها ساترًا يسترها حتى لا يروها حال عبادتها لربها، فبعثنا إليها جبريل عليه السلام، فتمثل لها في صورة إنسان سَوِيّ الخلقة، فخافت أنه يريدها بسوء. |
18 | قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا | فلما رأته في صورة إنسان سَوِيّ الخَلْق يتّجه إليها قالت: إني أستجير بالرحمن منك أن ينالني منك سوء -يا هذا- إن كنت تقيًّا تخاف الله. |
19 | قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا | قال جبريل عليه السلام: أنا لست بشرًا، إنما أنا رسول من ربك أرسلني إليك لأهب لك ولدًا طيّبًا طاهرًا. |
20 | قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا | قالت مريم متعجبة: كيف يكون لي ولد ولم يقربني زوج ولا غيره، ولست زانية حتى يكون لي ولد؟! |
21 | قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا | قال لها جبريل: الأمر كما ذكرت من أنك لم يمسسك زوج ولا غيره ولم تكوني زانية، لكن ربك سبحانه قال: خَلْق ولد من غير أب سهل على، وليكون الولد الموهوب لك علامة للناس على قدرة الله، ورحمة منا لك ولمن آمن به، وكان خَلْق ولدك هذا قضاء من الله مقدّرًا، مكتوبًا في اللوح المحفوظ. |
22 | فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا | فحملت به بعد نفخ الملك، فتنحت به إلى مكان بعيد عن الناس. |
23 | فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا | فضربها المخاض، وألجأها إلى ساق نخلة، قالت مريم عليها السلام: يا ليتني متّ قبل هذا اليوم، وكنت شيئًا لا يُذْكَر حتى لا يُظَن بي السوء. |
24 | فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا | فناداها عيسى من تحت قدميها: لا تحزني، قد جعل ربك تحتك جدول ماءٍ تشربين منه. |
25 | وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا | وأمسكي بجذع النخلة وهزيه تساقط عليك رطبًا طريًّا جُنيَ من ساعته. |
26 | فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا | فكلي من الرطب، واشربي من الماء، وطيبي نفسًا بمولودك ولا تحزني، فإن رأيت من الناس أحدًا فسألك عن خبر المولود فقولي له: إني أوجبت على نفسي لربي صمتًا عن الكلام، فلن أكلم اليوم أحدًا من الناس. |
27 | فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا | فجاءت مريم بابنها إلى قومها تحمله، قال لها قومها مستنكرين: يا مريم، لقد جئت أمرًا عظيمًا مفترى، حيث جئت بولد من غير أب. |
28 | يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا | يا شبيهة هارون في العبادة (وهو رجل صالح ما كان أبوك زانيًا، ولا كانت أمك زانية، فأنت من بيت طاهر معروف بالصلاح، فكيف تأتين بولد من غير أب؟! |
29 | فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا | فأشارت إلى ابنها عيسى عليه السلام وهو في المهد، فقال لها قومها متعجبين: كيف نكلّم صبيًّا وهو في المهد؟! |
30 | قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا | قال عيسى عليه السلام: إني عبد الله، أعطاني الإنجيل، وجعلني نبيًّا من أنبيائه. |
31 | وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا | وجعلني كثير النفع للعباد أينما كنت، وأمرني بأداء الصلاة وإعطاء الزكاة طيلة حياتي. |
32 | وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا | وجعلني برًّا بأمي، ولم يجعلني متكبرًا عن طاعة ربي، ولا عاصيًا له. |
33 | وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا | والأمان من الشيطان وأعوانه عليّ يوم ميلادي ويوم موتي ويوم بعثي حيًّا يوم القيامة، فلم يتخبّطْني الشيطان في هذه المواقف الثلاثة الموحشة. |
34 | ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ | ذلك الموصوف بتلك الصفات هو عيسى بن مريم، وهذا الكلام هو قول الحق فيه لا ما يقوله الضالّون الذين يشكّون في أمره ويختلفون. |
35 | مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ | ما ينبغي لله أن يتخذ من ولد، تقدس عن ذلك وتنزّه، إذا أراد أمرًا، فإنما يكفيه سبحانه أن يقول لذلك الأمر: (كن)، فيكون لا محالة، فمن كان كذلك فهو مُنَزَّه عن الولد. |
36 | وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ | وإن الله سبحانه هو ربي وهو ربكم جميعًا، فأخلصوا له العبادة وحده، هذا الذي ذكرت لكم هو الطريق المستقيم الموصل إلى مرضاة الله. |
37 | فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ | فاختلف المختلفون في شأن عيسى عليه السلام فصاروا أحزابًا متفرقين من بين قومه، فآمن به بعضهم وقالوا: هو رسول، وكفر به آخرون كاليهود، كما غلا فيه طوائف فقال بعضهم: هو الله، وقال آخرون: هو ابن الله، تعالى الله عن ذلك، فويل للمختلفين في شأنه من شهود يوم القيامة العظيم بما فيه من مشاهد وحساب وعقاب. |
38 | أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ | ما أسمعهم يومئذ وما أبصرهم، سمعوا حين لم ينفعهم السمع، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر، لكنِ الظالمون في الحياة الدنيا في ضلال واضح عن الصراط المستقيم، فلا يستعدّون للآخرة حتى تأتيهم بغتة وهم على ظلمهم. |
39 | وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ | وأنذر -أيها الرسول- الناس يوم الندامة حين يندم المسيء على إساءته، والمحسن على عدم استكثاره من الطاعة، إذ طويت صحف العباد، وفرغ من حسابهم، وصار كلٌّ إلى ما قدّم، وهم في حياتهم الدنيا مُغْتَرُّون بها, لاهون عن الآخرة، وهم لا يؤمنون بيوم القيامة. |
40 | إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ | إنا نحن الباقون بعد فناء الخلائق، نرث الأرض، ونرث من عليها لفنائهم وبقائنا بعدهم، وملكنا لهم، وتصرّفنا فيهم بما نشاء، وإلينا وحدنا يرجعون يوم القيامة للحساب والجزاء. |
41 | وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا | واذكر -أيها الرسول- في القرآن المنزّل عليك خبر إبراهيم عليه السلام، إنه كان كثير الصدق والتصديق بآيات الله، ونبيًّا من عند الله. |
42 | إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا | إذ قال لأبيه آزر: يا أبت؛ لِمَ تعبد من دون الله صنمًا لا يسمع دعاءك إنْ دعوْتَه، ولا يبصر عبادتك إن عبدته، ولا يكشف عنك ضرًّا, ولا يجلب لك نفعًا؟! |
43 | يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا | يا أبت، إني قد جاءني من العلم عن طريق الوحي ما لم يأتك، فاتّبعني أرشدك إلى طريق مستقيم. |
44 | يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا | يا أبت، لا تعبد الشيطان بطاعتك له، إن الشيطان كان للرحمن عاصيًا، حيث أمره بالسجود لآدم فلم يسجد. |
45 | يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا | يا أبت، إني أخاف أن يصيبك عذاب من الرحمن إن متّ على كفرك، فتكون قرينًا له في العذاب لموالاتك له. |
46 | قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا | قال آزر لابنه إبراهيم عليه السلام: أمعرضٌ أنت عن أصنامي التي أعبدها يا إبراهيم؟! لئن لم تكفّ عن سبّ أصنامي لأرمينّك بالحجارة، وفارقني زمانًا طويلًا فلا تكلّمني، ولا تجتمع معي. |
47 | قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا | قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: سلام عليك مني، لا ينالك ما تكره مني، سأطلب لك المغفرة من ربي والهداية، إنه سبحانه كان كثير اللطف بي. |
48 | وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا | وأفارقكم وأفارق معبوداتكم التي تعبدونها من دون الله، وأدعو ربي وحده لا أشرك به شيئًا، عسى ألا يمنعني إذا دعوته، فأكون بدعائه شَقيًّا. |
49 | فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا | فلما تركهم وترك آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، عوّضناه عن فقد أهله فوهبنا له ابنه إسحاق، ووهبنا له حفيده يعقوب، وكل واحد منهما جعلناه نبيًّا. |
50 | وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا | وأعطيناهم من رحمتنا مع النبوة خيرًا كثيرًا، وجعلنا لهم ثناءً حسنًا مستمرا على ألسنة العباد. |
51 | وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا | واذكر -أيها الرسول- في القرآن المنزل عليك خبر موسى عليه السلام، إنه كان مختارًا مصطفى، وكان رسولًا نبيًّا. |
52 | وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا | وناديناه من جانب الجبل الأيمن بالنسبة لموقع موسى عليه السلام، وقرّبناه مناجيًا، حيث أسمعه الله كلامه. |
53 | وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا | وأعطيناه -من رحمتنا وإنعامنا عليه- أخاه هارون عليه السلام نبيًّا؛ استجابة لدعائه حين سأل ربه ذلك. |
54 | وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا | واذكر -أيها الرسول- في القرآن المنزل عليك خبر إسماعيل عليه السلام، إنه كان صادق الوعد، لا يَعِدُ وعدًا إلا وَفَى به، وكان رسولًا نبيًّا. |
55 | وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا | وكان يأمر أهله بإقامة الصلاة، وبإعطاء الزكاة, وكان عند ربه مرضيًّا. |
56 | وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا | واذكر -أيها الرسول- في القرآن المنزل عليك خبر إدريس عليه السلام, إنه كان كثير الصدق والتصديق بآيات ربه، وكان نبيًّا من أنبياء الله. |
57 | وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا | ورفعنا ذكره بما أعطيناه من النبوة، فكان عالي المنزلة. |
58 | أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا | أولئك المذكورون في هذه السورة ابتداءً بزكريا وختامًا بإدريس عليه السلام، هم الذين أنعم الله عليهم بالنبوة من أبناء آدم عليه السلام، ومن أبناء من حملنا في السفينة مع نوح عليه السلام، ومن أبناء إبراهيم وأبناء يعقوب عليه السلام، وممن وفقنا للهداية إلى الإِسلام، واصطفيناهم وجعلناهم أنبياء، كانوا إذا سمعوا آيات الله تقرأ سجدوا لله باكين من خشيته. |
59 | فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا | فجاء من بعد هؤلاء الأنبياء المصطفين أتباع سوء وضلال، ضيعوا الصلاة، فلم يأتوا بها على الوجه المطلوب، وارتكبوا ما تشتهيه أنفسهم من المعاصي كالزنى، فسوف يلقون شرًّا في جهنم وخيبة. |
60 | إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا | إلا من تاب من تقصيره وتفريطه، وآمن بالله وعمل عملًا صالحًا فأولئك الموصوفون بهذه الصفات يدخلون الجنة، ولا ينقصون من أجور أعمالهم شيئًا ولو قلّ. |
61 | جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا | جنات إقامة واستقرار التي وعد الرحمن عباده الصالحين بالغيب أن يدخلهم فيها، وهم لم يروها فآمنوا بها، فوعْد الله بالجنة -وإن كان غيبًا- آت لا محالة. |
62 | لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا | لا يسمعون فيها فضولًا, ولا كلامَ فحش، بل يسمعون سلام بعضهم على بعض، وسلام الملائكة عليهم، ويأتيهم ما يشتهون من الطعام فيها صباحًا ومساءً. |
63 | تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا | هذه الجنّة الموصوفة بهذه الصفات هي التي نورثها من عبادنا من كان ممتثلًا للأوامر، مجتنبًا للنواهي.ولما ذكر سبحانه ثواب المتقين ذكر أن التقوى هي الوقوف مع أمره، فقال: |
64 | وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا | وقيل -يا جبريل- لمحمد – صلى الله عليه وسلم -: إن الملائكة لا تتنزل من تلقاء أنفسها، وإنما تتنزّل بأمر الله، لله ما نستقبله من أمر الآخرة، وما خلّفناه من أمر الدنيا، وما بين الدنيا والآخرة, وما كان ربك -أيها الرسول- ناسيًا شيئًا. |
65 | رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا | خالق السماوات وخالق الأرض، ومالكهما ومدبر أمرهما، وخالق ما بينهما ومالكه ومدبره، فاعبده وحده، فهو المستحق للعبادة، واثبت على عبادته، فليس له مثيل ولا نظير يشاركه في العبادة. |
66 | وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا | ويقول الكافر المنكر للبعث؛ استهزاء: أإذا متّ فإني سوف أخرج من قبري حيًّا حياة ثانية؟! إن هذا لبعيد. |
67 | أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا | أَوَلا يتذكر هذا المنكر للبعث أنا خلقناه من قبل ولم يكن شيئًا؟! فيستدلّ بالخلق الأول على الخلق الثاني، مع أن الخلق الثاني أسهل وأيسر. |
68 | فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا | فوربّك -أيها الرسول- لنخرجنّهم من قبورهم إلى المحشر مصحوبين بشياطينهم الذين أضلّوهم، ثم لنسوقنّهم إلى أبواب جهنم أذلاء، باركين على ركبهم. |
69 | ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا | ثم لنجذبنّ بشدة وعنف من كل طائفة من طوائف الضلال أشدهم عصيانًا، وهم قادتهم. |
70 | ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا | ثم لنحن أعلم بالذين هم أحقّ بدخول النار ومقاساة حرّها ومعاناته. |
71 | وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا | وما منكم -أيها الناس- أحد إلا سيعبر فوق الصراط المضروب على متن جهنم، كان هذا العبور قضاء مُبْرَمًا قضاه الله، فلا رادّ لقضائه. |
72 | ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا | ثم بعد هذا العبور على الصراط نسلّم الذين اتقوا ربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ونترك الظالمين باركين على ركبهم، لا يستطيعون الفرار منها. |
73 | وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا | وإذا تُقْرأ على الناس آياتنا المنزلة على رسولنا واضحات قال الكفار للمؤمنين: أيُّ فريقينا خير إقامة ومسكنا، وأحسن مجلسًا ومجتمعًا: فريقنا أم فريقكم؟! |
74 | وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا | وما أكثر الأمم التي أهلكناها قبل هؤلاء الكفار المفتخرين بما هم فيه من تفوّق مادي، هي أحسن منهم أموالًا، وأحسن منظرًا لنفاسة ثيابهم، وتنعّم أبدانهم. |
75 | قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا | قل -أيها الرسول-: من كان يتخبّط في ضلاله فسيمهله الرحمن حتى يزداد ضلالًا، حتى إذا عاينوا ما كانوا يوعدون به من العذاب المعجل في الدنيا، أو المؤجَّل يوم القيامة فسيعلمون حينئذ من هو شر منزلًا وأقل ناصرا، أهو فريقهم أم فريق المؤمنين؟ |
76 | وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا | ومقابل الإمهال أو لئك حتى يزدادوا ضلالًا، يزيد الله الذين اهتدوا إيمانًا وطاعة، والأعمال الصالحات المؤدّية إلى السعادة الأبدية أنفع عند ربك -أيها الرسول- جزاء، وخير عاقبة. |
77 | أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا | أفرأيت -أيها الرسول- الذي كفر بحججنا، وأنكر وعيدنا، وقال: إن متّ، وبعثت لأعطَينّ مالًا كثيرًا وأولادًا. |
78 | أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا | أَعَلِم الغيب فقال ما قال عن بينة؟! أم جعل عند ربه عهدًا ليدخلنّه الجنة، ويعطينه مالًا وأولادًا؟! |
79 | كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا | ليس الأمر كما زعم، سنكتب ما يقوله وما يعمله، ونزيده عذابًا فوق عذابه لما يدّعيه من الباطل. |
80 | وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا | ونرث ما تركه من مال وولد بعد إهلاكنا له، ويجيئنا يوم القيامة فردًا قد سلب منه ما كان يتمتّع به من مال ومن جاء. |
81 | وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا | واتّخذ المشركون لهم معبودين من دون الله؛ ليكونوا لهم ظهيرًا ومعينًا ينتصرون بهم. |
82 | كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا | ليس الأمر كما زعموا، فهذه المعبودات التي يعبدونها من دون الله ستجحد عبادة المشركين لها يوم القيامة، وتتبرأ منهم، وتكون لهم أعداء. |
83 | أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا | ألم تر -أيها الرسول- أنا بعثنا الشياطين، وسلطناهم على الكفار تهيجهم إلى فعل المعاصي والصد عن دين الله تهييجًا؟ |
84 | فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا | فلا تعجل -أيها الرسول- بطلب الله أن يعجّل هلاكهم، إنما نحصي أعمارهم إحصاء، حتى إذا انتهى وقت إمهالهم عاقبناهم بما يستحقّون. |
85 | يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا | واذكر -أيها الرسول- يوم القيامة يوم نجمع المتقين ربهم -بامتثال أوامره واجتناب نواهيه- إلى ربهم وفدًا مكرمين مُعَزَّزين. |
86 | وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا | ونسوق الكفار إلى جهنم عطاشًا. |
87 | لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا | لا يملك هؤلاء الكفار الشفاعة لبعضهم إلا من اتّخذ عند الله في الدنيا عهدًا بالإيمان به وبرسله. |
88 | وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا | وقال اليهود والنصارى وبعض المشركين: اتخذ الرحمن ولدًا. |
89 | لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا | لقد جئتم -أيها القائلون بهذا- شيئًا عظيمًا. |
90 | تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا | تكاد السماوات تتشقّق من هذا القول المنكر، وتكاد الأرض تتصدع، وتكاد الجبال تسقط منهدمة. |
91 | أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا | كل ذلك من أجل أن نسبوا للرحمن ولدًا، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا. |
92 | وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا | وما يستقيم أن يتخذ الرحمن ولدًا لتنزّهه عن ذلك. |
93 | إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا | إن كل من في السماوات من الملائكة والإنس والجن إلا يأتي ربه يوم القيامة خاضعًا. |
94 | لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا | لقد أحاط بهم علمًا، وعدهم عدًّا، فلا يخفى عليه منهم شيء. |
95 | وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا | كل واحد منهم يأتيه يوم القيامة منفردًا لا ناصر له ولا مال. |
96 | إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا | إن الذين آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحات المرضية عند الله، سيجعل لهم الله محبة بحبه إياهم، وبتحبيبهم إلى عباده. |
97 | فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا | فإنما يسرنا هذا القرآن بإنزاله بلسانك -أيها الرسول- من أجل أن تبشّر به المتقين الذين يمتثلون أوامري، ويجتنبون نواهي، قومًا أشداء في الخصومة والمكابرة في الإذعان للحق. |
98 | وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا |
سورة مريم فيديو وصوت
فهرس القرآن الكريم
ندرج فيما يلي فهرس ترتيب سور القرآن الكريم كاملاً:
رقم السورة | إسم السورة | عدد الآيات | مكية / مدنية |
1 | الفاتحة | 7 | مكية |
2 | البقرة | 286 | مدنية |
3 | آل عمران | 200 | مدنية |
4 | النساء | 176 | مدنية |
5 | المائدة | 120 | مدنية |
6 | الأنعام | 165 | مكية |
7 | الأعراف | 206 | مكية |
8 | الأنفال | 75 | مدنية |
9 | التوبة | 129 | مدنية |
10 | يونس | 109 | مكية |
11 | هود | 123 | مكية |
12 | يوسف | 111 | مكية |
13 | الرعد | 43 | مدنية |
14 | إبراهيم | 52 | مكية |
15 | الحِجْر | 99 | مكية |
16 | النحل | 128 | مكية |
17 | الإسراء | 111 | مكية |
18 | الكهف | 110 | مكية |
19 | مريم | 98 | مكية |
20 | طه | 135 | مكية |
21 | الأنبياء | 112 | مكية |
22 | الحج | 78 | مدنية |
23 | المؤمنون | 118 | مكية |
24 | النور | 64 | مدنية |
25 | الفرقان | 77 | مكية |
26 | الشعراء | 227 | مكية |
27 | النمل | 93 | مكية |
28 | القَصص | 88 | مكية |
29 | العنكبوت | 69 | مكية |
30 | الروم | 60 | مكية |
31 | لُقمان | 34 | مكية |
32 | السجدة | 30 | مكية |
33 | الأحزاب | 73 | مدنية |
34 | سبأ | 54 | مكية |
35 | فاطر | 45 | مكية |
36 | يس | 83 | مكية |
37 | الصافات | 182 | مكية |
38 | ص | 88 | مكية |
39 | الزُّمَر | 75 | مكية |
40 | غافر | 85 | مكية |
41 | فُصِّلَت | 54 | مكية |
42 | الشورى | 53 | مكية |
43 | الزخرف | 89 | مكية |
44 | الدخان | 59 | مكية |
45 | الجاثية | 37 | مكية |
46 | الأحقاف | 35 | مكية |
47 | محمد | 38 | مدنية |
48 | الفتح | 29 | مدنية |
49 | الحُجُرات | 18 | مدنية |
50 | ق | 45 | مكية |
51 | الذاريات | 60 | مكية |
52 | الطور | 49 | مكية |
53 | النجم | 62 | مكية |
54 | القمر | 55 | مكية |
55 | الرحمن | 78 | مدنية |
56 | الواقعة | 96 | مكية |
57 | الحديد | 29 | مدنية |
58 | المجادلة | 22 | مدنية |
59 | الحشر | 24 | مدنية |
60 | المُمتحَنَة | 13 | مدنية |
61 | الصف | 14 | مدنية |
62 | الجمعة | 11 | مدنية |
63 | المنافقون | 11 | مدنية |
64 | التغابن | 18 | مدنية |
65 | الطلاق | 12 | مدنية |
66 | التحريم | 12 | مدنية |
67 | المُلك | 30 | مكية |
68 | القلم | 52 | مكية |
69 | الحاقّة | 52 | مكية |
70 | المعارج | 44 | مكية |
71 | نوح | 28 | مكية |
72 | الجن | 28 | مكية |
73 | المُزَّمل | 20 | مكية |
74 | المُدَّثر | 56 | مكية |
75 | القيامة | 40 | مكية |
76 | الإنسان | 31 | مدنية |
77 | المرسلات | 50 | مكية |
78 | النّبأ | 40 | مكية |
79 | النّازعات | 46 | مكية |
80 | عَبَسَ | 42 | مكية |
81 | التّكوير | 29 | مكية |
82 | الانفطار | 19 | مكية |
83 | المُطَفِّفين | 36 | مكية |
84 | الانشقاق | 25 | مكية |
85 | البروج | 22 | مكية |
86 | الطارق | 17 | مكية |
87 | الأعلى | 19 | مكية |
88 | الغاشية | 26 | مكية |
89 | الفجر | 30 | مكية |
90 | البلد | 20 | مكية |
91 | الشمس | 15 | مكية |
92 | الليل | 21 | مكية |
93 | الضحى | 11 | مكية |
94 | الشرح | 8 | مكية |
95 | التين | 8 | مكية |
96 | العَلَق | 19 | مكية |
97 | القدر | 5 | مكية |
98 | البَيِّنّة | 8 | مدنية |
99 | الزلزلة | 8 | مدنية |
100 | العاديات | 11 | مكية |
101 | القارعة | 11 | مكية |
102 | التكاثر | 8 | مكية |
103 | العصر | 3 | مكية |
104 | الهُمَزة | 9 | مكية |
105 | الفيل | 5 | مكية |
106 | قريش | 4 | مكية |
107 | الماعون | 7 | مكية |
108 | الكوثر | 3 | مكية |
109 | الكافرون | 6 | مكية |
110 | النصر | 3 | مدنية |
111 | المَسَد | 5 | مكية |
112 | الإخلاص | 4 | مكية |
113 | الفَلَق | 5 | مكية |
114 | الناس | 6 | مكية |