سورة طه وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة طه وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

فهرس سورة طه 

طه سورة مكية أم مدنية ؟مكية ما عدا الآيتان 130 و 131
عدد آيات سورة طه 135
عدد كلمات سورة طه 1354
عدد حروف سورة طه 5288
ترتيب سورة طه في القرآن الكريم20

فضل قراءة سورة طه 

ورد في الأثر عن فضل قراءة سورة طه الأحاديث التالية:

  • عَنْ عبدِ اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه- قالَ: “بَنِي إسْرَائِيلَ، والكَهْفُ، ومَرْيَمُ، وطه، والأنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنَ العِتَاق، وهُنَّ مِن تِلَادِي“. [صحيح البخاري l خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • عن أبي أُمامة الباهلي-رضي الله عنه- قال: “اسْمُ اللهِ الأعْظَمُ الذي إذا دُعِيَ بهِ أجابَ ؛ في ثلاثِ سُوَرٍ من القُرآنِ : في (البَقرةِ)؛ و(آلِ عِمْرانَ)؛ و(طه)”. [صحيح الجامع l خلاصة حكم المحدث: صحيح]

سبب تسمية سورة طه بهذا الاسم

سميت سورة طه بهذا الاسم موافقةً لمطلعها الذي ورد فيه لفظ طه في الآية الأولى منها، قوله تعالى: {طه}، وهو نداء لطيف من الله سبحانه وتعالى، لنبيه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.

سبب نزول سورة طه 

ورد في كتب التفسير عن سبب نزول سورة طه:

إعلان السوق المفتوح
  • قال مقاتل: قال أبو جهل والنضر بن الحارث للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّك لشقيٌّ بتركِ ديننِا”؛ وذلك لما رأياه من طول عبادته وشدة اجتهاده، فأنزل الله تعالى قولَهُ: {طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لمَن يَخْشَى * تَنزِيلا ممَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}.
  • وقد وردَ عن الضحاك أنّه قال: “لمَّا نزَلَ القرآنُ على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قام هو وأصحابه فصَلُّوا، فقالَ كفَّارُ قريش: ما أنزل الله هذا القرآن على محمد إلا ليشقَى بهِ، فأنزل الله تعالى قولَهُ: {طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}.

 سورة طه مكتوبة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48) قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135)}

اقرأ أيضاً:  فضيلة التسبيح

تفسير سورة طه 

رقم الآيةالآية الكريمةالمعنى
1طهوأما الحروف المقطعة في أوائل السور فالأسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها من غير مستند شرعي، مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثًا بل لحكمة لا نعلمها.
2مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىما أنزلنا عليك -أيها الرسول- القرآن ليكون سببًا في إرهاق نفسك أسفًا على إعراض قومك عن الإيمان بك.
3إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَىما أنزلناه إلا ليكون تذكيرًا لمن وفقهم الله لخشيته.
4تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى نزّله الله الذي خلق الأرض، وخلق السماوات المرتفعة، فهو قرآن عظيم؛ لأنه منزل من عند عظيم.
5الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىالرحمن علا وارتفع على العرش علوًّا يليق بجلاله سبحانه وتعالى.
6لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىله سبحانه وحده ما في السماوات وما في الأرض وما تحت التراب من مخلوقات، خلقًا وملكًا وتدبيرًا.
7وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَىوإن تعلن -أيها الرسول- القول، أو تخفه فإنه سبحانه يعلم ذلك كله، فهو يعلم السر وما هو أخفى من السر مثل خواطر النفس، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
8اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى الله لا معبود بحق غيره, له وحده الأسماء البالغة الكمال في الحسن.ولما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعاني من قومه الإعراض، جاءت تسليته بقصة موسى عليه السلام، فقال سبحانه:
9وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىولقد جاءك -أيها الرسول- خبر موسى بن عمران عليه السلام.
10إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًىحين عاين في سفره نارًا، فقال لأهله: أقيموا في مكانكم هذا، إني أبصرت نارًا لعلي آتيكم من هذه النار بشعلة، أو أجد من يهديني إلى الطريق.
11فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىفلما جاء النار ناداه الله سبحانه بقوله: يا موسى.
12إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًىإني أنا ربك فانزع نعليك استعدادًا لمناجاتي، إنك بالوادي المُطَهَّر (طُوَى).
13وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى وأنا اصطفيتك -يا موسى- لتبليغ رسالتي، فاستمع لما أوحيه إليك.
14إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِيإنني أنا الله لا معبود بحق غيري، فاعبدني وحدي، وأدّ الصلاة على أكمل وجه لتذكُرني فيها.
15إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىإن الساعة آتية لا محالة وواقعة، أكاد أخفيها فلا يعلم وقتها مخلوق، ولكن يعرفون علاماتها بإخبار النبي لهم؛ لكي تُجَازَى كل نفس بما عملته، خيرًا كان أو شرًّا.
16فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىفلا يصرفنّك عن التصديق بها والاستعداد لها بالعمل الصالح من لا يؤمن بها من الكفار، واتبع ما تهواه نفسه من المحرمات، فتهلك بسبب ذلك.
17وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىوما تلك التي بيدك اليمنى يا موسى؟
18قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىقال موسى عليه السلام: هي عصاي؛ أعتمد عليها في المشي، وأخبط بها الشجر ليسقط ورقها لغنمي، ولي فيها منافع غير ما ذكرت.
19قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى قال الله: ألقها يا موسى.
20فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىفألقاها موسى، فانقلبت حية تمشي بسرعة وخفة.
21قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى قال الله لموسى عليه السلام: خذ العصا, ولا تخف من انقلابها حية، سنعيدها إذا أخذتها إلى حالتها الأولى.
22وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىواضمم يدك إلى جنبك تخرج بيضاء من غير برص؛ علامة ثانية لك.
23لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَىأريناك هاتين العلامتين لنريك -يا موسى- من آياتنا العظمى الدالة على قدرتنا، وعلى أنك رسول من عند الله.
24اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى سر -يا موسى- إلى فرعون، فإنه تجاوز الحد في الكفر والتمرد على الله.
25قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِيقال موسى عليه السلام: رب، وسّع لي صدري لأتحمّل الأذى.
26وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وسهّل لي أمري.
27وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِيوأقدرني على النطق بالفصيح من الكلام.
28يَفْقَهُوا قَوْلِيليفهموا كلامي إذا بلّغتهم رسالتك.
29وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِيواجعل لي معينًا من أهلي يعينني في أموري.
30هَارُونَ أَخِيهارون بن عمران أخي.
31اشْدُدْ بِهِ أَزْرِيقوِّ به ظهري.
32وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي واجعله شريكًا لي في الرسالة.
33كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا لكي نسبحك تسبيحًا كثيرًا.
34وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًاونذكرك ذكرًا كثيرًا.
35إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًاإنك كنت بنا بصيرًا لا يخفى عليك شيء من أمرنا.
36قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىقال الله: قد أعطيناك ما طلبت يا موسى.
37وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ولقد أنعمنا عليك مرة أخرى.
38إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى إذ ألهمنا أمك ما ألهمناها مما حفظك الله به من مكر فرعون.
39أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِيفقد أمرناها حين ألهمناها: أن ارميه بعد ولادته في الصندوق، واطرحي الصندوق في البحر، فسيطرحه البحر بالشاطن بأمر منّا، فيأخذه عدو لي وله، وهو فرعون، ووضعت عليك محبّة منّي، فأحبّك الناس، ولتتربى على عيني وفي حفظي ورعايتي.
40إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَىإذ خرجت أختك تسير كما سار التابوت تتابعه، فقالت لمن أخذوه: هل أرْشِدكم إلى من يحفظه ويرضعه ويربيه؟ فمننّا عليك بإرجاعك إلى أمّك لتسرّ برجوعك إليها, ولا تحزن من أجلك، وقتلت القِبْطِي الذي وَكَزْتَه، فمننّا عليك به. نجائك من العقوبة، وخلصناك مرة بعد مرة من كل امتحان تعرّضت له، فخرجت ومكثت أعوامًا في أهل مَدْين، ثم أتيت في الوقت الذي قُدِّر لك أن تأتي فيه لتكليمك يا موسى.
41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِيواخترتك لتكون رسولًا عنّي تبلّغ الناس ما أوحيت به إليك.
42اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِياذهب أنت -يا موسى- وأخوك هارون، بآياتنا الدالة على قدرة الله ووحدانيته، ولا تضعفا عن الدعوة إليّ، وعن ذكري.
43اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىاذهبا إلى فرعون، فإنه تجاوز الحد في الكفر والتمرّد على الله.
44فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىفقولا له قولًا لطيفًا لا عنف فيه؛ رجاء أن يتذكر، ويخاف الله فيتوب.
45قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَىقال موسى وهارون عليه السلام: إننا نخاف أن يعجّل بالعقوبة قبل إتمام دعوته، أو أن يتجاوز الحد في ظلمنا بالقتل أو غيره.
46قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىقال الله لهما: لا تخافا؛ إنني معكما بالنصر والتأييد، أسمع وأرى ما يحدث بينكما وبينه.
47فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىفأتياه، فقولا له: إنا رسولا ربك -يا فرعون- فابعث معنا بني إسرائيل، ولا تعذبهم بقتل أبنائهم، واستحياء نسائهم، قد أتيناك ببرهان من ربك على صدقنا، والأمان من عذابِ الله لمن آمن، واتبع هدى الله.
48إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّىإنا قد أوحى الله إلينا أن العذاب في الدنيا والآخرة على من كذّب بآيات الله، وأعرض عما جاءت به الرسل.
49قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَىقال فرعون منكرًا لما جاءا به: فمن ربكما الذي زعمتما أنه أرسلكما إلي يا موسى؟
50قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىقال موسى: ربنا هو الذي أعطى كل شيء صورته وشكله المناسب له، ثم هدى المخلوقات لما خلقها له.
51قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى قال فرعون: فما شأن الأمم السابقة التي كانت على الكفر؟
52قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَىقال موسى عليه السلام لفرعون: عِلْمُ ما كانت عليه تلك الأمم عند ربي، مثبت في اللوح المحفوظ، لا يخطئ ربي في علمها, ولا ينسى ما علمه منها.
53الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى53 – عند ربي الذي صيَّر لكم الأرض مُمَهَّدة للعيش عليها، وجعل لكم فيها طرقًا صالحة للسير عليها، وأنزل من السماء ماء المطر، فأخرجنا بذلك الماء أصنافًا من النباتات مختلفة.
54كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىكلوا -أيها الناس- مما أخرجنا لكم من الطيبات، وارعوا أنعامكم، إن في ذلك المذكور من النعم لدلائل على قدرة الله ووحدانيته لأصحاب العقول.
55مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىمن تراب الأرض خلقنا أباكم آدم عليه السلام، وفيها نرجعكم بالدفن إذا مُتم، ومنها نخرجكم مرة أخرى للبعث يوم القيامة.
56وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىولقد أظهرنا لفرعون آياتنا التسع كلها، وشاهدها فكذّب بها، وامتنع أن يستجيب إلى الإيمان باللهِ.
57قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىقال فرعون: أجئتنا لتخرجنا من مصر بما جئت به من السحر -يا موسى- ليبقى لك ملكها؟
58فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى فلنأتينّك -يا موسى- بسحر مثل سحرك، فاجعل بيننا وبينك موعدًا في زمان معلوم ومكان محدد، لا نتخلّف نحن ولا تتخلف أنت عنه، وليكن المكان وسطًا بين الفريقين معتدلًا.
59قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًىقال موسى عليه السلام لفرعون: الموعد بيننا وبينكم يوم العيد حيث يجتمع الناس محتفلين بعيدهم ضحى.
60فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىفأدبر فرعون منصرفًا، وجمع مَكْرَهُ وحِيَلَه، ثم جاء في الزمان والمكان المحددين للمُغَالبة.
61قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىقال موسى يعظ سحرة فرعون: احذروا، لا تختلقوا على الله كذبًا بما تخدعون به الناس من السحر فيستأصلكم بعذاب من عنده، وقد خسر من اختلق على الله الكذب.
62فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىفتناظر السحرة لما سمعوا كلام موسى عليه السلام، وتناجوا بينهم سرًا.
63قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىقال بعض السحرة لبعضهم سرا: إن موسى وهارون ساحران، يريدان أن يخرجاكم من مصر بسحرهما الذي جاءا به، ويذهبا بسُنَّتكم العليا في الحياة، ومذهبكم الأرقى.
64فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىفاحكموا أمركم, لا تختلفوا فيه، ثم تقدموا مُصْطَفين، وارموا ما عندكم دفعة واحدة، وقد ظفر بالمطلوب اليوم من غلب خصمه.
65قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىقال السحرة لموسى عليه السلام: يا موسى، اختر أحد أمرين: أن تكون البادئ به. لقاء ما لديك من سحر، أو نكون نحن البادئين بذلك.
66قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىقال موسى عليه السلام: بل اطرحوا أنتم ما لديكم أوّلًا، فطرحوا ما عندهم، فإذا حبالهم وعصيهم التي طرحوها يُخَيّل إلى موسى من سحرهم أنها ثعابين تتحرك بسرعة.
67فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى
فأسرّ موسى في نفسه الخوف مما صنعوا.
68قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَىقال الله لموسى عليه السلام مطمئنًا إياه: لا تخف مما خُيِّل إليك، إنك -يا موسى- أنت المُسْتَعْلِي عليهم بالغلبة والنصر.
69وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىواطرح العصا التي بيدك اليمنى تنقلب حية تبتلع ما صنعوه من السحر، فما صنعوه ليس إلا كيدا سحريًّا, ولا يظفر الساحر بمطلوب أين كان.
70فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىفطرح موسى عصاه فانقلبت حية، وابتلعت ما صنعه السحرة، فسجد السحرة لله لما علموا أن ما عند موسى ليس سحرًا، إنما هو من عند الله، قالوا: آمنا برب موسى وهارون، رب جميع المخلوقات.
71قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىقال فرعون منكِرًا على السحرة إيمانهم ومتوعّدًا: هل آمنتم بموسى قبل أن آذن لكم بذلك؟! إن موسى لهو رئيسكم -أيها السحرة- الذي علّمكم السحر، فلأقطّعنّ من كل واحد منكم رِجْلًا ويدا مخالفا بين جهتيهما، ولأصلّبنّ أبدانكم على جذوع النخل حتى تموتوا، وتكونوا عبرة لغيركم، ولتعلمنّ عند ذلك أينا أقوى عذابًا، وأدوم: أنا أو رب موسى؟!
72قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَاالسحرة لفرعون: لن نفضّل اتّباعك -يا فرعون- على اتباع ما جاءنا من الآيات الواضحات، ولن نفضّلك على الله الذي خلقنا، فاصنع ما أنت صانع بنا، مالك سلطان علينا إلا في هذه الحياة الفانية، وسيزول سلطانك.
73إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىإنا آمنّا بربنا رجاء أن يمحو عنا معاصينا السالفة من الكفر وغيره، ويمحو عنا ذنب السحر الذي أجبرتنا على تعلمه وممارسته ومغالبة موسى به، والله خير جزاءً مما وعدتنا به، وأدْوَم عذابًا مما توعّدتنا به من العذاب.
74إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىإن الشأن والحاصل أن من يأتي ربه يوم القيامة كافرًا به أن له نار جهنم يدخلها ماكثًا فيها أبدًا، لا يموت فيها فيستريح من عذابها, ولا يحيا حياة طيبة.
75وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىومن يأت ربه يوم القيامة مؤمنا به قد عمل الأعمال الصالحات فأولئك الموصوفون بتلك الصفات العظيمة لهم المنازل الرفيعة، والدرجات العليّة.
76جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى تلك الدرجات هي جنات إقامة تجري الأنهار من تحت قصورها ماكثين فيها أبدًا، وذلك الجزاء المذكور جزاء كل من تطهّر من الكفر والمعاصي.
77وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ولقد أوحينا إلى موسى: أن سر بعبادي ليلًا من مصر حتى لا يشعر بهم أحد، واجعل لهم طريقًا في البحر يابسًا بعد ضرب البحر بالعصا، آمنًا لا تخاف أن يلحق بك فرعون وملؤه, ولا تخشى من الغرق في البحر.
78فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْفتبعهم فرعون مصحوبًا بجنوده، فغمره وغمر جنوده من البحر ما غمرهم مما لا يعلم حقيقته إلا الله، فغرقوا جميعًا وهلكوا، ونجا موسى ومن معه.
79وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىوأضلّ فرعون قومه بما حسّنه لهم من الكفر، وخدعهم به من الباطل، ولم يرشدهم إلى طريق الهداية.
80يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىوقلنا لبني إسرائيل بعد أن أنقذناهم من فرعون وجنوده: يا بني إسرائيل، قد أنقذناكم من عدوّكم، وواعدناكم أن نكلّم موسى بالجهة اليمنى من الوادي الواقع بجانب جبل الطور، ونزّلنا عليكم في التيه من نعمنا شرابًا حلوًا مثل العسل وطائرا صغيرًا طيب اللحم يشبه السمانى.
81كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىكلوا من المستلذّات ممّا رزقناكم من الأطعمة الحلال، ولا تتجاوزوا ما أبحناه لكم إلى ما حرّمناه عليكم، فينزل عليكم غضبي، ومن ينزل عليه غضبي فقد هلك وشقي في الدنيا والآخرة.
82وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىوإني لكثير المغفرة والعفو لمن تاب إليّ وآمن، وعمل عملًا صالحًا، ثم استقام على الحق.
83وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَىوما الذي جعلك تعجل عن قومك -يا موسى- فتتقدمهم تاركًا إياهم خلفك؟
84قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىقال موسى عليه السلام: ها هم ورائي وسيلحقونني، وسبقت قومي إليك لترضى عني بمسارعتي إليك.
85قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّقال الله: فإنا قد ابتلينا قومك الذين خلفتهم وراءك بعبادة العجل، فقد دعاهم إلى عبادته السامري، فأضلّهم بذلك.
86فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِيفعاد موسى إلى قومه غضبان لعبادتهم العجل، حزينًا عليهم , قال موسى عليه السلام: يا قوم، أَمَا وعدكم الله وعدًا حسنًا أن ينزل عليكم التوراة، ويدخلكم الجنة، فهل طال عليكم الزمان فنسيتم؟ أم أردتم بفعلكم هذا أن ينزل عليكم غضب من ربكم، ويقع عليكم عذابه، فلذلك أخلفتم موعدي بالثبات على الطاعة حتى أرجع إليكم؟!
87قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّقال قوم موسى: ما أخلفنا موعدك -يا موسى- باختيار منّا، بل باضطرار، فقد حملنا أحمالًا وأثقالًا من حُلِيِّ قوم فرعون، فرميناها في حفرة للتخلص منها، فكما رميناها في الحفرة رمى السامريّ ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل عليه السلام.
88فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ فأخرج السامري من تلك الحلي لبني إسرائيل جَسَدَ عجل لا روح فيه، له صياح كصياح البقر، فقال المفتونون منهم بعمل السامري: هذا هو معبودكم ومعبود موسى، نسيه وتركه هنا.
89أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًاأفلا يرى هؤلاء الذين فُتِنوا بالعجل فعبدوه أن العجل لا يكلمهم ولا يجيبهم، ولا يقدر على دفع ضر عنهم ولا عن غيرهم، ولا جلب نفع له، أو لغيره؟!
90وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِيولقد قال لهم هارون قبل رجوع موسى إليهم: ما في صياغة العجل من الذهب وخُوَارِه إلا اختبار لكم ليظهر المؤمن من الكافر، وإن ربّكم -يا قوم- هو من يملك الرحمة لا من لا يملك لكم ضرًّا ولا نفعًا فضلًا عن أن يرحمكم، فاتبعوني في عبادته وحده, وأطيعوا أمري بترك عبادة غيره.
91قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىقال المفتونون بعبادة العجل: لن نزال مقيمين على عبادته حتى يعود إلينا موسى.
92قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواقال موسى لأخيه هارون: ما الذي منعك حين رأيتهم ضلّوا بعبادة العجل من دون الله.
93أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِيأن تتركهم وتلحق بي؟! أفعصيت أمري لك حين استخلفتك عليهم؟!
94قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِيولما أخذ موسى بلحية أخيه ورأسه يسحبه إليه مستنكرًا عليه صنيعه قال له هارون مستعطفا إياه: لا تمسك بلحيتي ولا بشعر رأسي، فإن لي عذرًا في بقائي معهم، فقد خفت إن تركتهم وحدهم أن يتفرّقوا، فتقول: إني فرقت بينهم، وإني لم أحفظ وصيتك فيهم.
95قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ قال موسى عليه السلام للسامري: فما شأنك أنت يا سامري؟ وما الذي دفعك إلى ما صنعت؟
96قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِيقال السامري لموسى عليه السلام: رأيت ما لم يروه، فقد رأيت جبريل على فرس، فأخذت قبضة من تراب من أثر فرسه، فطرحتها على الحلي المذاب المسبوك على صورة عجل، فنشأ عن ذلك عجل جَسَد له خُوَار، وكذلك حسّنت لي نفسي ما صنعته.
97قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا قال موسى عليه السلام للسامري: فاذهب أنت فإن لك أن تقول ما دمت حيًّا: لا أَمَسّ ولا أُمَسّ، فتعيش منبوذًا، وإن لك موعدًا يوم القيامة تُحَاسَب فيه وتُعَاقَب، لن يخلفك الله هذا الموعد، وانظر إلى عجلك الذي اتخذته معبودك، وأقمت على عبادته من دون الله، لنشعلنّ عليه نارًا حتى ينصهر، ثم لنَذْرِينه في البحر حتى لا يبقى له أثر.
98إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًاإنما معبودكم بحق -أيها الناس- هو الله الذي لا معبود بحق غيره، أحاط بكل شيء علمًا، فلا يفوته سبحانه علم شيء.
99كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًامثل ما قصصنا عليك -أيها الرسول- خبر موسى وفرعون، وخبر قومهما نقصّ عليك أخبار من سبقوك من الأنبياء والأمم لتكون تسلية لك، وقد أعطيناك من عندنا قرآنا يتذكر به من تذكر.
100مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًامن أعرض عن هذا القرآن المنزل عليك فلم يؤمن به، ولم يعمل بما فيه؛ فإنه يأتي يوم القيامة حاملًا إثمًا عظيمًا، ومستحقًّا عقابًا أليمًا.
101خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا ماكثين في ذلك العذاب دائمًا، وبئس العمل الذي يحملونه يوم القيامة.
102يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًايوم ينفخ المَلَك في الصور النفخة الثانية للبعث، ونحشر الكفار في ذلك اليوم زُرْقًا لتغيّر ألوانهم وعيونهم من شدة ما لاقوه من أهوال الآخرة.
103يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًايتهامسون بقولهم: ما لبثتم في البَرْزَخ بعد الموت إلا عشر ليال.
104نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًانحن أعلم بما يتسارون به، لا يفوتنا منه شيء، إذ يقول أوفرهم عقلا: ما لبثتم في البَرْزَخ إلا يومًا واحدًا لا أكثر.
105وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًاويسألونك -أيها الرسول- عن حال الجبال يوم القيامة، فقل لهم: الجبال يقتلعها ربي من أصولها ويُذْرِيها، فتكون هباءً.
106فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًافيترك الأرض التي كانت تحملها مستوية لا بناء عليها ولا نبات.
107لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا لا ترى -أيها الناظر إليها- في الأرض من تمام استوائها ميلًا ولا ارتفاعًا ولا انخفاضًا.
108يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا في ذلك اليوم يتبع الناس صوت الداعي إلى المحشر, لا معدل لهم عن اتباعه، وسكتت الأصوات للرحمن رهبة، فلا تسمع في ذلك اليوم إلا صوتا خفيًّا.
109يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًافي ذلك اليوم العظيم لا تنفع الشفاعة من أي شافع إلا شافعًا أذن له الله أن يشفع، ورضي قوله في الشفاعة.
110يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًايعلم الله سبحانه ما يستقبله الناس من أمر الساعة، ويعلم ما استدبروه في دنياهم، ولا يحيط جميع العباد بذات الله وصفاته علمًا.
111وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًاودلّت وجوه العباد، واستكانت للحي الذي لا يموت، القائم بأمور عباده بتدبيرها وتصريفها، وقد خسر من حمل الإثم بإرادة نفسه موارد الهلاك.
112وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًاومن يعمل الأعمال الصالحة وهو مؤمن بالله ورسله فسينال جزاءه وافيًا، ولا يخاف ظلمًا بأن يعذّب بذنب لم يفعله، ولا نقصًا لثواب عمله الصالح.
113وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًاومثل ما أنزلنا من قصص السابقين أنزلنا هذا القرآن بلسان عربي مبين، وبيَّنا فيه أنواع الوعيد من تهديد وتخويف؟ رجاء أن يخافوا الله، أو ينشئ لهم القرآن موعظة واعتبارًا.
114فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًافتعالى الله وتقدّس وجَلَّ، الملك الذي له ملك كل شيء، الذي هو حق وقوله حق، تعالى عما يصفه به المشركون، ولا تسرع -أيها السول- بقراءة القرآن مع جبريل قبل أن ينهي إليك إبلاغه، وقيل: رب زدني علمًا إلى ما علّمتني.ولما ذكر الله قصة موسى وما اشتملت عليه من إعراض فرعون وغفلة بني إسرائيل, ذكر قصة آدم عليه السلام حثًّا على رجوع من نسي إلى طاعة الله فقال:
115وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًاولقد وصينا آدم من قبل بعدم الأكل من الشجرة، ونهيناه عن ذلك، وبيّنا له عاقبته، فنسي الوصية وأكل من الشجرة، ولم يصبر عنها, ولم نر له قوة عزم على حفظ ما وصيناه به.
116وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىواذكر -أيها الرسول- إذ قلنا للملائكة: اسجدوا لآدم سجود تحية، فسجدوا كلهم إلا إبليس -الذي كان معهم ولم يكن منهم- امتنع من السجود تكبرًا.
117فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىفقلنا: يا آدم، إن إبليس عدوّ لك وعدو لزوجك، فلا يخرجنّك أنت وزوجك من الجنة بطاعته فيما يوسوس به، فتتحمّل أنت المشاقّ والمكاره.
118إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىإن لك على الله أن يطعمك في الجنة فلا تجوع، ويكسوك فلا تعرى.
119وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىوأن يسقيك فلا تعطش، ويظلك فلا يصيبك حر الشمس.
120فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىفوسوس الشيطان إلى آدم، وقال له: هل أرشدك إلى شجرة مَنْ أكل منها لا يموت أبدًا، بل يبقى حيًّا مُخَلدا، ويملك ملكًا مستمرا لا ينقطع ولا ينتهي؟!
121فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىفأكل آدم وحواء من الشجرة التي نُهِيا عن الأكل منها، فظهرت لهما عوراتهما بعد أن كانت مستورة، وشرَعا ينزعان من أوراق شجر الجنة، ويستران بها عوراتهما، وخالف آدم أمر ربه إذ لم يمتثل أمره باجتناب الأكل من الشجرة، فتعدّى إلى ما لا يجوز له.
122ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ثم اختاره الله وقبل توبته، ووفّقه إلى الرشاد.
123قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى قال الله لآدم وحواء: انزلا من الجنة أنتما وإبليس، فهو عدو لكما وأنتما عدوان له، فإن جاءكم مني بيان لسبيلي: فمن اتبع منكم بيان سبيلي وعمل به ولم ينحرف عنه؛ فلا يضلّ عن الحق، ولا يشقى في الآخرة بالعذاب، بل يدخله الله الجنة.
124وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىومن تولّى عن ذكري ولم يقبله، ولم يستجب له فإن له معيشة ضيقة في الدنيا وفي البَرْزَخ، ونسوقه إلى المحشر يوم القيامة فاقد البصر والحجة.
125قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًايقول هذا المُعْرِض عن الذكر: يا رب، لم حشرتني اليوم أعمى، وقد كنت في الدنيا بصيرًا.
126قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىقال الله تعالى ردًّا عليه: مثل ذلك فعلتَه في الدنيا، فقد جاءتك آياتنا فأعرضت عنها وتركتها، وكذلك فإنك تُتْرَك اليوم في العذاب.
127وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ومثل هذا الجزاء نجزي من انهمك في الشهوات المحرَّمة، وأعرض عن الإيمان بالدلائل الواضحة من ربه. ولعذاب الله في الآخرة أفظع وأقوى من المعيشة الضنْك في الدنيا والبَرْزَخ وأدوم. 
128أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىأفلم يتبيّن للمشركين كثرة الأمم التي أهلكناها من قبلهم، يمشون في مساكن تلك الأمم المُهْلَكة، ويعاينون آثار ما أصابهم؟ إن فيما أصاب تلك الأمم الكثيرة من الهلاك والدمار لعبرًا لأصحاب العقول.
129وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّىولولا كلمة سبقت من ربك -أيها الرسول- أنه لا يعذّب أحدًا قبل إقامة الحجة عليه، ولولا أجل مُقَدَّر عنده لهم لعاجلهم العذاب؛ لاستحقاقهم إياه.
130فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىفاصبر -أيها الرسول- على ما يقوله المكذبون بك من أوصاف باطلة، وسبّح بحمد ربك في صلاة الفجر قبل طلوع الشمس، وفي صلاة العصر قبل غروبها، وفي صلاة المغرب والعشاء من ساعات الليل، وفي صلاة الظهر عند الزوال بعد نهاية الطرف الأول من النهار وفي صلاة المغرب بعد نهاية الطرف الثاني منه؛ رجاء أن تنال عند الله من الثواب ما ترضى به.
131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىولا تنظر إلى ما جعلناه لأصناف هؤلاء المكذبين متعة يتمتعون بها من زهرة الحياة الدنيا لنختبرهم، فإن ما جعلناه لهم من ذلك زائل، وثواب ربّك الذي وعدك به حتى ترضى خير مما متّعهم به في الدنيا من متع زائلة وأدوم؛ لأنه لا ينقطع.
132وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىوأمُرْ -أيها الرسول- أهلك بأداء الصلاة، واصطبر أنت على أدائها, لا نطلب منك رزقًا لنفسك ولا لغيرك، نحن نتكفّل برزقك، والعاقبة المحمودة في الدنيا والآخرة لأصحاب التقوى الذين يخافون الله، فيمتثلون أوامره، ويجتنبون نواهيه.
133وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىوقال هؤلاء الكفار المكذبون بالنبي – صلى الله عليه وسلم -: هلا يأتينا محمَّد بعلامة من ربه تدلّ على صدقه وأنه رسول، أَوَلم يأت هؤلاء المكذبين القرآنُ الذي هو تصديق للكتب السماوية من قبله؟!
134وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَىولو أنَّا أهلكنا هؤلاء المكذبين بالنبي – صلى الله عليه وسلم – بإنزال عذاب عليهم لكفرهم وعنادهم قبل أن نرسل إليهم رسولًا، وننزل عليهم كتابًا لقالوا يوم القيامة معتذرين عن كفرهم: هلا أرسلت -ربنا- إلينا رسولًا في الدنيا، فنؤمن به ونتبع ما جاء به من آيات من قبل أن يحل بنا الهوان والخزي بسبب عذابك؟!
135قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَىقل -أيها الرسول- لهؤلاء. المكذبين: كل واحد منّا ومنكم منتظر ما يُجْزيه الله، فانتظروا أنتم، فستعلمون -لا محالة- مَن أصحاب الطريق المستقيم، ومَن المهتدون: نحن أم أنتم؟

سورة طه فيديو وصوت

فهرس القرآن الكريم

ندرج فيما يلي فهرس ترتيب سور القرآن الكريم كاملاً:

اقرأ أيضاً:  تعليم صلاة قيام الليل
رقم السورةإسم السورةعدد الآياتمكية / مدنية
1الفاتحة7مكية
2البقرة286مدنية
3آل عمران200مدنية
4النساء176مدنية
5المائدة
120
مدنية
6الأنعام165مكية
7الأعراف206مكية
8الأنفال75مدنية
9التوبة129مدنية
10يونس109مكية
11هود123مكية
12يوسف111مكية
13الرعد43مدنية
14إبراهيم52مكية
15الحِجْر99مكية
16النحل 128مكية
17الإسراء111مكية
18الكهف110مكية
19مريم98مكية
20طه135مكية
21الأنبياء112مكية
22الحج78مدنية
23المؤمنون118مكية
24النور64مدنية
25الفرقان77مكية
26الشعراء227مكية
27النمل93مكية
28القَصص88مكية
29العنكبوت69مكية
30الروم60مكية
31لُقمان34مكية
32السجدة30مكية
33الأحزاب 73مدنية
34سبأ54مكية
35فاطر45مكية
36يس 83مكية
37الصافات182مكية
38ص88مكية
39الزُّمَر75مكية
40غافر85مكية
41فُصِّلَت54مكية
42الشورى53مكية
43الزخرف89مكية
44الدخان59مكية
45الجاثية37مكية
46الأحقاف35مكية
47محمد38مدنية
48الفتح29مدنية
49الحُجُرات18مدنية
50ق45مكية
51الذاريات60مكية
52الطور49مكية
53النجم62مكية
54القمر55مكية
55الرحمن78مدنية
56الواقعة96مكية
57الحديد29مدنية
58المجادلة22مدنية
59الحشر24مدنية
60المُمتحَنَة13مدنية
61الصف14مدنية
62الجمعة11مدنية
63المنافقون11مدنية
64التغابن18مدنية
65الطلاق12مدنية
66التحريم12مدنية
67المُلك30مكية
68القلم52مكية
69الحاقّة52مكية
70المعارج44مكية
71نوح28مكية
72الجن28مكية
73المُزَّمل20مكية
74المُدَّثر56مكية
75القيامة40مكية
76الإنسان31مدنية
77المرسلات50مكية
78النّبأ40مكية
79النّازعات46مكية
80عَبَسَ42مكية
81التّكوير29مكية
82الانفطار19مكية
83المُطَفِّفين36مكية
84الانشقاق25مكية
85البروج22مكية
86الطارق17مكية
87الأعلى19مكية
88الغاشية26مكية
89الفجر30مكية
90البلد20مكية
91الشمس15مكية
92الليل21مكية
93الضحى11مكية
94الشرح8مكية
95التين8مكية
96العَلَق19مكية
97القدر5مكية
98البَيِّنّة8مدنية
99الزلزلة8مدنية
100العاديات11مكية
101القارعة11مكية
102التكاثر8مكية
103العصر3مكية
104الهُمَزة9مكية
105الفيل5مكية
106قريش4مكية
107الماعون7مكية
108الكوثر3مكية
109الكافرون6مكية
110النصر3مدنية
111المَسَد5مكية
112الإخلاص4مكية
113الفَلَق5مكية
114الناس6مكية

مقالات مشابهة

معلومات عن أبو بكر الصديق

معلومات عن أبو بكر الصديق

كيف خلق الله حواء والإنسان والإبل

كيف خلق الله حواء والإنسان والإبل

الحجامة في رمضان

الحجامة في رمضان

متى ينتهي رمضان؟

متى ينتهي رمضان؟

هل يجوز الإفطار في صيام القضاء؟

هل يجوز الإفطار في صيام القضاء؟

دعاء الخروج من المنزل والدخول إليه

دعاء الخروج من المنزل والدخول إليه

سورة الليل وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الليل وسبب نزولها وفضلها مع التفسير